|
اقتباس: |
|
|
|
|
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطاف سالم |
|
|
|
|
|
|
|
السؤال الثامن عشر :
______________
هناك فن بديعي يسمى المذهب الكلامي أو المنطق
وقد تكلم عنه كثيرون من أهمهم المؤلف سيد قطب في كتابه التصوير الفني في القرآن الكريم
عرّف / ي هذا اللون , مع ذكر مثال عليه من القرآن
السؤال التاسع عشر :
______________
تحفل هذه الآية الكريمة قوله تعالى : ( ومن آياتهِ أنّكَ ترى الأرضَ خاشعةً فإذا أنزلنا عليها الماءَ اهتزتْ وربتْ إنَّ الذي أحياها لَمُحي الموتى إنه على كلِ شيءٍ قدير) .
بالكثير من المحسنات البديعية
عدد / ي بعضًا منها
|
|
|
|
|
|
جواب السؤال الثامن عشر
المقصود بالمذهب الكلامي هو أن يأتي المتكلم بحجة عقلية قاطعة لإثبات صحة ما يدعو إليه وإبطال دعوى خصمه على طريقة أهل الكلام, وبلاغة الأسلوب في هذه الحالة وقوة تأثيره يتناسب مع مدى قرب هذه البراهين من المنطق والعقل.
أو هو أن يأتي البليغ بحجة قاطعة، ليبرهن على ما يدعيه على طريقة أهل الكلام، بحيث أنتكون هذه الحجة مسلمة عند المخاطب، ولا تكون كذلك إلا إذا كانت بعد تسليم بالمقدمات المستلزمة للمطلوب.
" يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " - الحج:73
من ضمن الفوائد البلاغية التي يستفيدها المتأمل في هذه الآية الكريمة هي أنها من أقوى دلائل ( المذهب الكلامي ) الذي يعتبر أحد فنون علم البديع.
دعونا نتأمل المذهب الكلامي في هذه الآية الشريفة :
ابتدأ سبحانه وتعالى خطابه إلى الناس بصفة عامة والمشركين بصفة خاصة ببيان عجز تلك الأصنام المعبودة عن خلق هذه الحشرة الصغيرة حتى مع اجتماعها وتساندها وتضافرها.
ثم تحداهم بما هو أسهل من الخلق, وهو عجز تلك الأصنام عن مقاومة الذباب, حيث يسلبها ما وضع عليها من عسل ونحوه- حيث دأب المشركون على إغراقها بالعسل والزعفران والمسك – وهي لا تملك المقاومة, أو استرداد ما سلب منها, وفي هذا عرض لمشهد هزيمة تلك الأوثان أمام هذا الكائن الصغير الحقير
هذا التدرج القرآني في العرض يرسم حجة عقلية قاطعة عن ضعف تلك الأوثان, وتفاهة عقول من عبدوها.
القرآن الكريم مليء بشواهد على المذهب الكلامي, أذكر بعضا منها.
" لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " – الأنبياء : 22
" قال من يحي العظام وهي رميم. قل يحييها الذي خلقها أول مرة وهو بكل خلق عليم " - يس : 78- 79
تشير هذه الآية إلى دليل عقلي وهو أن الذي خلق الأشياء أول مرة يمتلك القدرة على إعادة خلقها بعد أن بليت وصارت رميما, حيث إن إعادة الخلق أسهل من الخلق الأول كمنطق عقلي.
" وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه " – الروم : 27
في هذه الآية حجة عقلية تتلخص في أن الله الذي خلق الأشياء لا من شيء كان قبلها, قادر على إعادة خلقها, فالإعادة أهون من البدء كمنطق عقلي.
" وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماء والأرض وليكون من الموقنين. فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين. فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين. فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون. إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين " – الأنعام 75- 79
المذهب الكلامي في هذه الآيات هو عرضها لأدلة التوحيد, من خلال رسمها لهذه الحجج العقلية التي أراد بها إبراهيم أن يوصل الناس إلى أصل التوحيد من خلال الاستدلال العقلي القطعي.
جواب السوال التاسع عشر
- الإبداع:
وهو أن يشتمل الكلام على عدة أضرب من البديع.
وقد اشتمل المثل على محسنات بديعية مختلفة. فهذه الآية التي لم تتجاوز عدد كلماتها الخمس عشرة كلمة، تضمنت هذا الكم من المحسنات البديعية التي لم تسهم في تزيينها، وتحسين الكلام فقط، وإنما أفادت معاني أخرى ، كإثبات البعث وتأكيده، وبيان قدرة الله، وغير ذلك مما أفادته تلك المحسنات.
ومنه قوله تعالى : }ومن آياتهِ أنّكَ ترى الأرضَ خاشعةً فإذا أنزلنا عليها الماءَ اهتزتْ وربتْ إنَّ الذي أحياها لَمُحي الموتى إنه على كلِ شيءٍ قدير{ (3) .
ضُرب المثل لإحياء الموتى بالأرض، لذا فقد استخدم فيه : الاستطراد، والمذهب الكلامي ، والطباق ، وغيرها من المحسنات ، إذ اشتمل على ضروب عدة ، منها :-
1- الطبـــــــاق:
بين ( محيي ، الموتى ).
2- الاستطـــراد :
فقد ذكر ـ سبحانه ـ قدرته على إحياء الأرض الميتة، ثم بيّن وأكد قدرته على إحياء الموتى ، فجاء بمعنى ومثل مُشاهد ؛ ليؤكد على معنى وقضية يُنكرها المنكرون ، وهي قضية البعث.
3- المذهب الكلامي :
جاء بمثل لبيان قدرته ـ سبحانه ـ على الإحياء، وهو إحياء الأرض، فمن يستطيع إحياء الأرض القاحلة الميتة قادر على إعادة الحياة للموتى الذين كانوا في السابق أحياء، فالإعادة أهون من النشأة الأولى . فأتى بمقدمات ، ومسّلمات ليصل بها إلى المطلوب ، وهو بيان قدرته على بعث الحياة بعد الموت.
4- حُسن الترتيب:
وذلك في قوله تعالى:}فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت{ ، فرتب الاهتزاز على الربو، ولفظ الربو على الإنبات.
5- ائتلاف اللفظ على اللفظ:
في قوله :}ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت{ إذ جاء بكلمة [خاشعة] بمعنى يابسة وخامدة، جاء بألفاظ تناسب لفظ خاشعة وهي: اهتزت وربت ، ولم يقل مثلا: اخضرت وأنبتت.
6- التذييل :-
في قوله تعالى :}إنه على كل شيء قدير{ ، إذ أكدت الجملة قدرته ـ تعالى ـ على كل شيء ، ومنها إحياء الموتى.
7- حسن النسق:-
جاءت الجمل مرتبة ترتيباً حسناً ، خالية من عيوب النظم ، وهذا في جميع آيات القرآن الكريم .