أحب بنيتي ووددت أنـــــــي
دفنت بنيتي في جوف لحــــد
فإما أن أزوجهـــــا غنيــــــا
وابقي عنده في ثوب عبــــد
وإما أن أزوجهـــــا فقيـــــرا
وتبقي عنده والهم عنـــــدي
وإما أن أزوجها سفيهــــــا
فيلعن أمها ويسب جـــــدي
سالت الله يأخذهــــا قريبـــا
ولو كانت اعز الناس عندي
قيل لأعرابي: من لم يتزوج امرأتين لم يذق لذة العيش والسعادة.
فتزوج من امرأتين علّه يحظى بالرعاية المزدوجة فكان نصيبه النكد والتعاسة المزدوجة والندم
وقد عبّر عن معاناته تلك بهذه الأبيات:
تزوجت اثنتين لفرط جهلــــــي .. بما يشقى به زوج اثنتيــــــــــن
فقلت:أصير بينهما خروفــــــــا .. أنعم بين أكرم نعجتيــــــــــــــن
فصرت كنعجة تضحى وتمسي .. تداول بين أخبث ذئبتيـــــــــــن
رضا هذي يهيج سخط هــــذي .. فما أعري من إحدى السخطتين
وألقى في المعيشة كل ضـــــر .. كذاك الضر بين الضرتيـــــــن
لهذي ليلة ولتلك أخــــــــــرى .. عتاب دائم في الليلتيـــــــــــــن
فان احببت ان تبقى كريمــــــا .. من الخيرات مملوء اليديــــــــن
فعش عزباً فإن لم تستطعــــــهُ .. فضرباً في عراض الجحفليــــن
لقد اعترف بجهله وما جرّه عليه هذا الجهل من شقاء وتعاسة، فالسعادة التي يحلم بها لم تتحقق والهدوء الذي كان يسعى إليه كان سراباً، فلم يجنِ من الزواج باثنتين إلا الشقاء، فالنعجتين أصبحتا ذئبتين والخروف المدلل أصبح نعجة ذليلة لا تلقى إلا السخط والعتاب والشجن وكل هذا سببه الغيرة بين الزوجتين
اشترى الحجاج غلامين أسود وأبيض ، وقال لهما : أريد أن يمدح كل منكما نفسه ويذم الآخر
فقال الأسود:
ألم تر أن المسك لا شيء مثله :::: وأن بياض اللفت حمُل بدرهم
وأن سواد العين لا شك نورها :::: وأن بياض العين لاشيء فاعلمِ
فقال الأبيض :
ألم تر أن البدر لا شيء مثله :::: وأن سواد الفحم حمُل بدرهم
وإن رجال الله بيضٌ وجوهُهم :::: ولا شك أن السُودَ أهلُ جهنمِ
من أدعية الأعراب
قال أحد العارفين إذا أردت أ ن تسمع الدعاء فاسمع دعاء الأعراب.
وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : ما قوم أشبه بالسلف من الأعراب، لولا جفا فيهم.
وقف أعرابي في موسم الحج فقال : اللهم إن لك حقوقا فتصدق بها عليّ ، وللناس عليّ تبعات فتحملها عني ، وقد وجب لكل ضيف قرى ، وأنا ضيفك الليلة ، فأجعل قراى فيها الجنة .
ووقف أعرابي بأستار الكعبة يدعو : سائلك عند بابك ، ذهبت أيامه ، وبقية آثامه ، وانقطعت شهوته، وبقية تبعاته، فارض عنه، وإن لم ترض عنه، فاعف عنه غير راض.
واخذ أعرابي يدعو : اللهم لا شرف إلا بفعال ، ولا فعال إلا بمال ، فأعطني ما استعين به على شرف الدنيا والآخرة يا رب العالمين .
وقال أعرابي في دعائه : اللهم إن أقواما آمنوا بك بألسنتهم ليحقنوا دماءهم فأدركوا ما أملوا وقد آمنا بك بقلوبنا لتجيرنا من عذابك فأدر بك منا ما أملناه يارب العالمين .
وسُُمِع أعرابي وهو متعلق بأستار الكعبة يقول :
اللهم إن استغفاري مع إصراري للؤم ، وإن تركي استغفارك مع علمي بسعة عفوك لعجز ، فكم تتحبب إلي بالنعم مع غناك عني ، وكم أتبغض إليك بالمعاصي مع فقري إليك ، يا من إذا وعد وفى ، وإذا أوعد عفا ، ادخل عظيم جرمي في عظيم عفوك ، يا أرحم الرحمين .
وحضر أعرابي مجلس ابن عباس ، رضي الله عنه ، فسمع قارئاًً يقرأ : [وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقدكم منها ] .
فقال الأعرابي : والله ما أنقدكم منها وهو يريد أن يرجعكم إليها .
فقال ابن عباس : خذوها من غير فقيه .
واخذ أعرابي يدعو ، وهو يطوف بالكعبة ، فقال : اللهم قد أطعناك في أحب الأشياء إليك شهادة أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، ولم نعصك في أبغض الأشياء إليك : الشرك فاغفر اللهم ما بين ذلك .
وعن الأصمعي : سمعت أعرابيا يقول في دعائه : اللهم إن ذنوبي إليك لا تضرك ، وإن رحمتك إياي لا تنقصك ، فأغفر لي ما لا يضرك ، وهب لي ما لا ينفعك.
ومات ابن لأعرابي فقال : اللهم إني وهبت له ما قصر فيه من برّي ، فهب له ما قصّر فيه من طاعتك ، فإنك أجود وأكرم.
عن الأصمعي : رأيت أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة رافعاً يديه إلى السماء وهو يقول : رب أتراك مُعذبنا وتوحيدك في قلوبنا ، وما أخالك تفعل ولئن فعلت لتجمعنا مع قوم طالما أبغضناهم لك.
كان الأعرابي يمزج بين الفطره والنيه الحسنه وحسن الظن والبلاغه مع بعضها...
قال أعرابي مخاطبا ربه..اغفر اغفر لزمن تغفر ان لم تغفر جنتك تصفر...قالها بحسن نيه..وتعني اللهم ان لم تغفر لنا فلن يدخل أحد جنتك..وقال أعرابي آخر مخاطبا رسول الله عليه الصلاة والسلام..لئن حاسبني لأحاسبنه..قال الرسول عليه الصلاة والسلام..وعلى أي شيء تحاسب الله يارجل..؟؟ قال..لئن حاسبني على بخلي لأحاسبنه على كرمه..ولئن حاسبني على معصيتي لأحاسبنه على مغفرته..ولئن حاسبني ....الخ..لأحاسبنه..حتى بكى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وسالت دموعه على لحيته الكريمه..وبقية الحكايه معروفه..
هذه القصة حدثت في زمن الأصمعي .. يحكي أن في يوم من الايام رأي الأصمعي فتي صغير من فتيات العرب وأراد أن يمزح معه فاقترب منه وقال له : يا بني هل تحب أن تمتلك مائة ألف درهم ولكن بشرط أن تكون أحمق ؟ هز الصبي رأسه بشدة وهو يجيب بدون تفكير : لا بالطبع لا أحب ذلك أبداً، فعاد الأصمعي يسأله من جديد : ولماذا ؟ أجاب الصبي في بساطة : لأنني أخاف أن يدفعني حمقي لأن أقوم بحماقة تبذر مالي وأخسره ويبقي علي الحمق وحده ،. انهي الصبي كلامه وسار مبتعداً تاركاً الاصمعي معجباً بفطنته وذكائه .