فتنة الزهور في فلسطين
نابلس1-2-2010وفا- جميل ضبابات
يسجل جهاز( (gpsالمربوط بالأقمار الصناعية (407 م )، ارتفاع قمة الجبل عن سطح البحر، وهنا في شمال الضفة الغربية، وفي كل فلسطين التاريخية تنمو الورود وتزهر حسب النظام المناخي.
الرياح نشطة جدا، لا اتجاه محدد لها، وغيوم سطحية في هذا الصباح، تلامس قمم الجبال إلى الشرق الجنوبي من مدينة جنين، وثمة عشرات من أصناف الزهور البرية تتحرك قممها النامية باتجاهات شتى كلما نشطت الريح وهبت.
ويمكن هنا إحصاء أعدادا غير بسيطة من الأزهار البرية ذات الموئل الشرق أوسطي(البحر المتوسط). ويمكن التعرف على صلابة عود كل زهرة من شدة الرياح في المنطقة التي تعتبر جزء من مناخ البحر المتوسط.
في فلسطين 3 آلاف صنف للأزهار البرية، وغيرها لم يكتشف حتى الآن، أزهر هذه الأيام معظمها. ويبدو الجبل القريب من قرية رابا الجبلية التي تحيطها الحرش مثل سجادة، وتظهر عند أقدامه القندول فاقعة الصفرة، وهي شجرة من أشجار العهد القديم المرتبط بتراث الفلسطينيين.
الناس هنا يربون الماشية، ويعلمون في الحقول وفي مهن أخرى، وبعضهم 'يعبد الأرض عبادة'، لكنهم لا يكترثون كثيرا لزهور شقائق النعمان التي نمت في معظم أنحاء الضفة الغربية، بالنسبة لهم إنها زهرة، لا يهم ما تقوله الأسطورة عنها ذلك إنها نمت من دماء سالت من شقيق النعمان بن المنذر.
ويقول كتاب صدر حديثا حول التنوع الحيوي عن جمعية الحياة البرية، إن نباتات فلسطين العضوية الطبيعية تتمثل في 128 عائلة نباتيه منها 14 من السرخسيات و124 من النباتات الزهرية.
ومعظم النباتات في الأراضي الفلسطينية تزهر في فترة الربيع الذي بدأ مبكرا هذا العام، إلا أن تأثير درجة الحرارة كما يشير الكتاب الذي أعده الباحث في التنوع الحيوي عماد الأطرش، واضح على موعد الأزهار، التي تكون قبلا بشهر في منطقة الغور.
لكن هناك فترة أزهار طبيعية طوال السنة، فحسب الكتاب، تزهر 9% من الزهور في كانون الثاني، و21% في شباط.
تبدو جبال شمال الضفة الغربية، مثل مزرعة طبيعية لتلك الأزهار، لكن لا احد يمكنه ادعاء ملكية هذه المزرعة، لذلك يمكن أيام العطل مشاهدة العديد من العائلات التي تستفيد من دفء الشتاء وهدأة الخلاء حيثما شاءت دون التدقيق في طبيعة هذا العائلات الوردية
لكن ماذا بالنسبة للأزهار الأكثر فتنة وجدلاً في فلسطين التاريخية؟
تقترن بعضها بأسماء دول مثل بلح الصحراء المصري(الزقوم)، والحلولو المصري وهي زهرة إلى جانب الحمحم جذابة للحشرات، ذلك أنها تنتج رحيق حلو عسلي المذاق.
كانت هذه الأزهار تجذب فيما مضى الأطفال الذي يرتشفون رحيقها.
ثمة بين كل آلاف من هذه الأصناف صنف (الهالوك)، لا يقوم بعملية التمثيل الكلوروفيلي. انه نبته متطفلة، زهرة تخرج من الأرض لا أوراق لها، تضم 5 ملايين بذرة تبقى في التربة لمدة 20 عاما، كما قال الأطرش.
في جبال وسهول شمال الضفة الغربية لم يكن بالإمكان مشاهدة هذه الزهرة في مثل هذا الوقت المبكر من السنة.
لكن، أمكن مشاهدة نبتة جاءت من الأرجنتين قبل 3 آلاف عام كما تقول الروايات، إنها نبتة الخطمية(عين البقرة)، التي قد ترتفع إلى 3 م، تتميز بألوانها المتعددة.
في كل موقع جبلي تقريبا نبتت هذه الأيام زهرة العفريت، وهي من العائلة الزنبقية
في سهول رابا ظهرت على وجه الأرض أوراق تفاح المجن، وهي نبتة أيضا يعود ذكرها إلى العهود التاريخية القديمة، ولها ارتباط بالتاريخ الديني في المنطقة، لكنها لا تزهر إلا في شهر آذار.
وعلى عكس الفكرة القديمة التي يحملها البعض عنها، إنها تجلب الجنون لمن يأكل ثمرتها، تبدو أوراق هذه النبتة الخضراء رقيقة وجميلة.
وتظهر في السفوح الشرقية شمال الضفة الغربية أعداد كبيرة من الزهور التي تفتحت، ويظهر جزء منها فقد أوراق أزهاره بسبب النمو المبكر واعتدال درجات الحرارة.
يورد الكتاب الجديد العديد من الأمثلة حول أزهار فلسطين، إلا انه يبتعد عن ذكر ارتباطاتها بالثقافة السائدة.
لكن من أكثر تلك النباتات شهرة وارتباطا بأذهان الفلسطينيين، تفاح البحر الميت وهو شجيرة تنمو في منطقة برية القدس، لها صفة سامة ويمكن أن تسبب العمى
ترتفع شجيرة تفاح البحر الميت عن سطح الأرض نحو مترين اثنين.
في الضفة الغربية، عندما تبدأ الخضرة بالتلاشي تدريجيا مع انخفاض ارتفاع الأرض عن سطح الأرض والانتقال من نظام مناخي إلى آخر، تظهر الزهور أكثر صلابة وقوة من غيرها الجبلية.
في جبال رابا المفعمة بالألوان الكثيرة، أمكن مشاهدة بعض الأزهار وقد سقطت أوراقها مخلفة رؤوس مدببة مكسوة بوبر نباتي هش، لكن قرب أريحا يمكن تفحص أزهار من صنف البصيلات أزهارها قاسية وألوانها فاتحة.
الأزهار في فلسطين فاتنة. لكنها أيضا ليست بعيدة عن السياسية إطلاقا مثلها مثل معظم مكونات الحياة، لذلك فان الأطرش يقول إن الإسرائيليين حالوا مرارا تسجيل بعض الأزهار الفلسطينية باسم إسرائيلي مثلما فعلوا بزهرة شقائق النعمان
فجولة في الأراضي الفلسطينية ذات المساحة الجغرافية الضئيلة في أول ثلاثة شهور من السنة تكشف عن طبيعة، التنوع الحيوي فيها أكثر تميزا من كثير من قارات العالم.