يحكى أن امرأة جاءت إلى أحد الفقهاء، فقالت له: لقد مات أخي، وترك ستمائة درهم، ولما قسموا المال لم يعطوني إلا درهماواحدا! فكر الفقيه لحظات، ثم قال لها: ربما كان لأخيك زوجة وأم وابنتان واثنا عشر أخا. فتعجبت المرأة، وقالت: نعم، هو كذلك. فقال: إن هذاالدرهم حقك، وهم لم يظلموك: فلزوجته ثمن ما ترك، وهو يساوي (75 درهما)، ولابنتيه الثلثين، وهو يساوى (400 درهم)، ولأمه سدس المبلغ، وهو يساوي (100 درهم)، ويتبقى (25 درهما) توزع على إخوته الاثنىعشر وعلى أخته، ويأخذ الرجل ضعف ما تأخذه المرأة، فلكل أخ درهمان،ويتبقى للأخت درهم واحد.
قال عون بن عبد الله : بنى ملك ممن كان قبلكم مدينة، فتفوق في بنائها، ثم صنع طعاما ودعا الناس إليه، وأقعد على أبوابها أناسا يسألون كل من خرج : هل رأيتم عيبا؟.. فيقولون : لا..
حتى جاء في آخر الناس قوم فقراء، وعليهم ثياب بالية غليظة، فسألوهم :
هل رأيتم عيبا؟.. فقالوا : نعم عيبين.. فأدخلوهم على الملك..
فقال : هل رأيتم عيبا؟..
فقالوا : عيبين..
قال : وما هما؟ قالوا : تخرب، ويموت صاحبها.
قال : فهل تعلمون دارا لا تخرب ولا يموت صاحبها؟..
قالوا : نعم دار الآخرة، فدعوه، فاستجاب لهم وانخلع من ملكه وتركه وتعبد معهم.
قال عمر بن عتبة لما بلغت خمسة عشر سنة قالت لي أمي : يابني قد تقطعت عنك شرائع الصبي فالزم الحياء تكن من أهله ولا تزايله فتبين منه ولا يغرنك من اغتر بالله فيك فمدحك بما تعلم خلافه من نفسك فإن من قال فيك من الخير مالم يعلم إذا رضي قال فيك من الشر مثله إذا سخطت فاستأنس في الوحدة من جلساء السوء تسلم من عواقبهم.
جاء شيخ كبير إلى مجلس الإمام الشافعى، فسأله: ما الدليل والبرهان في دين الله؟
فقال الشافعي: كتاب الله.
فقال الشيخ: وماذا أيضا؟.
قال: سنة رسول الله.
قال الشيخ: وماذا أيضا؟.
قال: اتفاق الأمة.
قال الشيخ: من أين قلت اتفاق الأمة؟.
فسكت الشافعي، فقال له الشيخ: سأمهلك ثلاثة أيام.
فذهب الإمام الشافعى إلى بيته، وظل يقرأ ويبحث في الأمر. وبعد ثلاثة أيام جاء الشيخ إلى مجلس الشافعي، فسلم وجلس.
فقال له الشافعي: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات، حتى هداني الله إلى قوله تعالى: ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا)). فمن خالف ما اتفق عليه علماء المسلمين من غير دليل صحيح أدخله الله النار، وساءت مصيرا.
فقال الشيخ: صدقت
يروى أن جماعة تذاكروا فيما بينهم آثار معن بن زائدة وأخبار كرمه ، معجبين بحلمه، فقام أعرابي وأخذ على نفسه أن يغضبه، فأنكروا عليه ذلك، ووعدوهمئة بعير أذا هو استطاع ذلك . فعمد الأعرابي إلى بعير فسلخه، وارتدى بجلده،واحتذى ببعضه، ودخل على معن، و أنشأ يقول: أتذكر إذ لحافك جلد شاة ٍ و إذنعلاك من جلد البعير قال معن : أذكرهولا أنكر فقال الأعرابي: فسبحانالذي أعطاك ملكاً وعلمك الجلوس على السرير فقال معن : إن الله يعز من يشاء ويذل من يشاء . فقال الأعرابي: فلست مُسَلّماً إن عشت دهراً على معن بتسليمالأمير ِ فقال معن :السلام خير، وليس في تركه ضير . فقال الأعرابي: سأرحل عن بلاد ٍ أنت فيها ولو جار الزمان علىالفقيرِ فقال معن :إن جاورتنافمرحبا بالإقامة، و إن جاوزتنا فمصحوبٌ بالسلامة . فقال الأعرابي : فجد لييا ابن ناقصةٍ بمالٍ فإني قد عزمت على المسيرِ فقال معن : إعطوه ألف دينار،تخفف عنه مشاق الأسفار، فأخذها وقال : قليل ما أتيت به، و إني لأطمع منك فيالمال الكثير فثنّي قد أتاك الملك عفواً بلا عقلٍ ، و لا رأيٍ منيرِ فقالمعن : ألفاً ثانياً، كي يكون عنا راضياً . فتقدم الأعرابي إليه وقبل الأرض بينيديه، و قال : سألت الله أن يبقيك دهراً فما لك في البريةِ من نظيرِ فمنكالجود ُ والأفضالُ حقاً و فيض يديك كالبحر الغزيرِ فقال معن :أعطيناه على هجوناألفين، فليعطَ أربعةً عى مدحنا . فقال الأعرابي : بأبي أنت أيها الأمير ونفسي ،فأنت نسيج وحدك في الحلم ونادرة دهرك في الجود، و إنك لعلى خلق عظيم . ولقد كنت فيصفاتك بين مصدق ومكذب . فلما بلوتك صغّر الخُبْرُ الخَبَرَ ، وما بعثني على مافعلت إلا مئة بعير جعلت لي على إغضابك . فقال له معن : لا تثريب عليك . ووصلهبمئتي بعير ، نصفها للرهان و النصف الآخر له.
روي عن سعيد بن العاص أنه كان يطعم الناس في رمضان فتخلف عنده ذات ليلة شاب من قريش بعدما تفرق الناس
فقال له سعيد: أحسب أن الذي خلفك حاجة؟ قال: نعم: أصلح الله الأمير . فأطفأ
سعيد الشمعة ثم قال ما حاجتك؟ قال: تكتب لي إلى أمير المؤمنين أن عليّ
دينا، واحتاج إلى مسكن . قال: كم دينك؟ قال ألفا دينار، وذكر ثمن المسكن .
فقال سعيد: خذها منا ونكفيك مؤونة السفر..
فكان الناس يقولون: إن إطفاء
الشمعة أحسن من إعطائه المال،
لئلا يرى في وجهه ذل المسألة.
إذا خاصمت فاعدل، وإذا قلت فاصدق، ولا تستودعن سرك أحدا، فإنك إن فعلت لم تزل وجلا، وكان بالخيار، إن جنى عليك كنت أهلا لذلك، و إن وفى لك كان الممدوح دونك.