ينقسم الفعل إلى مبني للفاعل، ويُسمَّى معلومًا، وهو ما ذُكرَ معه فاعله، نحو: حفِظ محمد الدرس. وإلى مبني للمفعول، ويسمى مجهولاً، وهو ما حُذفَ فاعله وأنيب عنه غيره، نحو: حُفِظ الدرس.
وفى هذه الحالة يجب أن تغيَّر صورة الفعل عن أصلها؛ فإن كان ماضيًا غير مبدوء بهمزة وصلٍ ولا تاء زائدة، وليست عينه ألفا- ضُمَّ أولُه وكُسرَ ما قبل آخره ولو تقديرًا، نحو: ضُرِب علىّ، ورُدَّ المبيع.
فإن كان مبدوءًا بتاء زائدة ضُمَّ الثانى مع الأولَّ، نحو: تُعُلِّمَ الحساب، وتقُوتِلَ مع زيد.
وإن كان مبدوءًا بهمزة وصل ضُمَّ الثالث مع الأول نحو: انطُلق بزيد، واسْتُخرج المعدن.
وإن كانت عينه ألفا قلبت ياء، وكُسر أوله، بإخلاص الكسر، أو إشمامه الضم، كما فى قال وباع واختار وانقاد، تقول: بِيع الثوب، وقيل القول، واخْتِيرَ هذا، وانْقِيد له. وبعضهم يُبْقي الضم، ويقلب الألف واوًا، كما فى قوله:
لَيْتَ وهل ينفعُ شيئًا لَيْتُ* ليتَ شَبَاباً بُوعَ فاشترَيْتُ
وقوله:
حُوكَتْ عَلَى نِيرَيْنِ إِذْ تُحَاكُ * تَخْتَبِطُ الشَّوْكَ ولا تُشَاكُ
رُوِيا بإخلاص الكسر، وبه مع إشمام الضم، وبالضم الخالص: وتُنْسب اللغة الأخيرة لبنى فَقْعسٍ وَدُبَيْر، وادَّعى بعضهم امتناعها فى انفعل وافتعل.
هذا إذا أَمِنَ اللبس، فإِن لم يؤمَن كُسِر أول الأجوف الواوىّ إن كان مضارعه على يفُعل بضم العين، كقول العبد: سِمت؛ أى سامنى المشتري، ولا تضمَّه لإيهامه أنه فاعل السَّوْم، مع أن فاعله غيره. وضُمّ أول الأجوف اليائىّ وكذا الواوىّ إن كان مضارعه على يفعَل بفتح العين، نحو: بُعتُ: أى باعنى سيدى، ولا يُكْسَرُ، لإيهامه أنه فاعل البيع، مع أن فاعله غيره، وكذا خُفْتُ بضم الخاء؛ أى أخافنى الغير.
وأوجب الجمهور ضمَّ فاء الثلاثىّ المضعف، نحو: شُدَّ وَمُدَّ، والكوفيون أجازوا الكسر، وهى لغة بنى ضَبَّة، وقد قُرِئَ {هذِهِ بِضَاعَتُنَا رِدَّت إلينا} {ولو رِدُّوا لَعَادوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} بالكسر فيهما، وذلك بنقل حركة العَين إلى الفاء، بعد توهم سلْب حركتها، وجوَّز ابن مالك والإشمامَ فى المضعف أيضًا حيث قال:
(وَمَا لِبَاعَ قَد يُرَى لِنَحْوِ حَبّ)
وإن كان مضارعًا ضُمَّ أوله، وفتح ما قبل آخره ولو تقديرًا، نحو: يُضْرَبُ عَلِىّ، ويُرَدّ المبيع.
فإن كان ما قبل آخر المضارع مدًّا، كيَقول ويبيع- قُلب ألفا، كيُقال، ويُباع.
ولا يُبْنى الفعل اللازم للمجهول إلا مع الظرف أو المصدر المتصرفين المختصين أو المجرور الذى لم يلزم الجارُّ له طريقة واحدة، نحو: سِيرَ يومُ الجُمْعة، وَوُقِفَ أمام الأمير، وجُلس جلوسٌ حسن، وفُرِح بقدوم محمد، بخلاف اللازم حالة واحدة، نحو: عندَ، وإِذَا، وسُبْحَانَ، ومَعَاذَ.
تنبيه: ورد فى اللغة عدة أفعال على صورة المبنىّ للمجهول، منها: عُنِىَ فلان بحاجتك؛ أى اهتمّ. وَزُهِىَ علينا؛ أى تكبَّرَ. وَفُلِجَ: أصابه الفالِج، وحُمَّ: استحرَّ بدنه من الحُمَّى. وسُلَّ: أصابه السُّل. وجُنَّ عقله: استتر. وغُمّ الهِلال: احتجب. وغُمَّ الخبرُ: استعجم. وأُغمِى عليه: غُشِىَ، والخبر: استعجم. وشُدِهَ: دَهِشَ وتحيّر. وامتُقِع أو انتُقِع لَونُهُ: تغيّر.
وهذه الأفعال لا تنفك عن صورة المبنىّ للمجهول، ما دامت لازمة، والوصف منها على مفعول، كما يُفهم من عباراتهم، وكأنهم لاحظوا فيها وفى نظائرها أن تنطبق صورة الفعل على الوصف، فأتَوا به على فُعِل بالضم، وجعلوا المرفوع بعده فاعلا.
ووردت أيضاً عَدّة أفعال مبنية للمفعول فى الاستعمال الفصيح، وللفاعل نادرًا أو شذوذًا، وهذه مرفوعها يكون بحسب البنية، فمن ذلك بهِتَ الخصمُ وبَهُت، كفرح وكَرُم، وَهُزِلَ وهَزَلَهُ المرض. ونُخِىَ ونَخَاه، من النَّخوة، وَزُكِمَ وَزَكَمَهُ الله، وَوُعِكَ وَوَعَكَه، وَطُلَّ دَمُه وَطلَّه، وَرُهِصَت الدابة وَرَهصَها الحَجَر، ونُتِجت الناقة ونَتجَها أهلُها.. إلى آخر ما جاء من ذلك، وعدَّه اللغويون من باب عُنِىَ.
وعلاقة هذا المبحث باللغة أكثر منها بالصرف.