التوبة
التوبة عودة إلى الاستقامة والنزاهة وحسن السيرة ، وهي باب من أبواب الهداية والاصلاح ، فبها يرجع الإنسان سوياً يستشعر الرحمة والطمأنينة ، فلا آلام ولا عقد نفسية ولا حجب ضبابية عن الاستقامة والاعتدال ، وبدون التوبة يبقى المذنب يعيش القلب والاضطراب والازدواجية بين الفكر والسلوك ، وقد يتمادى في ذنوبه وانحرافاته إن شعر بعدم علاجها إلى أن يصل إلى الانحطاط التام ، ولهذا جاءت التوبة لمحو الذنوب والعودة إلى الاستقامة باستشعار الرحمة والرأفة الإلهية.
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « التوبة تطهر القلوب ، وتغسل الذنوب » (1).
وقال عليهالسلام : « لا تيأس لذنبك وباب التوبة مفتوح » (2).
وقال عليهالسلام : « إن الندم على الشر يدعو إلى تركه » (3).
وللتوبة تأثير ايجابي على قلب الانسان وخلجات نفسه ، قال الامام جعفر الصادق عليهالسلام : « إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء ، فإن تاب انمحت ،
__________________
(1) تصنيف غرر الحكم : ص 195.
(2) تحف العقول / الحرّاني : ص 149.
(3) الكافي / الكليني : 2 / 427.
وإن زاد زادت حتى تغلب على قلبه ، فلا يفلح بعدها أبداً » (1).
والتوبة تغيير حقيقي نحو الأفضل والأصلح ، ولذا فهي تتم عبر مقومات ودعائم وأركان نابعة من جميع خلجات وجوارح الانسان ، قال الإمام محمد الجواد عليهالسلام : « التوبة على أربع دعائم : ندم بالقلب ، واستغفار باللسان ، وعمل بالجوارح ، وعزم أن لا يعود » (2).
ومن مظاهر التوبة البكاء من خشية الله تعالى ، وهو عامل ايجابي في التخفيف من القلق والاضطراب الناشئين من الذنوب ، وله دور في رقة القلب ، وله دور في اعادة الأمل للتسامي والتكامل والفوز بالنعيم الخالد.
قال الامام جعفر الصادق عليهالسلام : « إنّ الرجل ليكون بينه وبين الجنّة أكثر ممّا بين الثرى والعرش لكثرة ذنوبه ، فما هو إلاّ أن يبكي من خشية الله عزّوجلّ ندماً عليها ، حتى يصير بينه وبينها أقرب من جفنته إلى مقلته » (3).
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : « البكاء من خشية الله ينير القلب ويعصم من معاودة الذنب » (4).
ومن أروع ما في التوبة آثارها الايجابية ، فكفارة الذنوب تتجسد في أعمال وممارسات صالحة ونافعة للمجتمع.
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « من كفارات الذنوب العظام إغاثة الملهوف ، والتنفيس عن المكروب » (5).
__________________
(1) الكافي / الكليني : 2 / 271.
(2) كشف الغمّة / للاربلي : 2 / 349.
(3) عيون أخبار الرضا 7 / الشيخ الصدوق : 2 / 3.
(4) تصنيف غرر الحكم : ص 192.
(5) شرح نهج البلاغة / لابن أبي الحديد : 18 / 135.