رد: موت بعض استراتيجيات القرائية غير الموظفة في كتاب التلميذ
موت بعض الاستراتيجيات غير الموظفة في متون موضوعات كتاب التلميذ
(1)
يوجد انفصال بين محتوى موضوعات اللغة العربية ومتونها وبين بعض استراتيجيات القرائية ومسائل الوعي الصوتي.
كيف؟
إنْ قرأت نصوص موضوعات كتاب التلميذ في الصفوف الأولى فإنك لن تجد توظيفا لبعض الاستراتيجيات وبعض مسائل الوعي الصوتي التي يجب توظيفها حتى تتأسس في نفوس التلاميذ، ثم يزدادون في التدريبات والتطبيقات من خارج متون الموضوعات.
مثل ماذا؟
مثل التلاعب بالأصوات، والكلمات المتفقة في الوزن والأخرى المتفقة في الوزن والقافية، والمعاني المتعددة، وعائلة الكلمة.
لم هذه المسائل اللغوية؟
لأنها قابلة للاندراج داخل متون الموضوعات بسهولة ويسر من دون تكلف، فتتيح للمعلم أمثلة مستخرجة مما علمه للتلاميذ تؤسس معرفتهم بها، ثم ينطلق الجميع إلى القراءات الخارجية المكتبية وغيرها. ولأنها ذات طبيعةعلمية لا تجعل الإقبال عليها شديدا بخلاف مسائل الوعي الصوتي الأخرى مثل "التقطيع الصوتي، والدمج"، واستراتيجيات "خريطة الكلمة، وشبكة المفردات" واستراتيجيات الفهم القرائي.
أقول: خلت نصوص كتاب التلميذ من ذلك ، وكذلك الأدلة الإرشادية.
كيف؟
الأدلة الإرشادية تكتب مثلا داخليا ومثلا خارجيا، وقد تكون الأمثلة كلها خارجية.
مثل ماذا؟
مثل ما ورد في (الدليل الإرشادي للصف الثاني الابتدائي، الفصل الدراسي الثاني، ص27) فيما يتصل بالتلاعب بالأصوات:
{نشاط (5 ) أصوات: (التلاعب بالأصوات) الهدف: أن يكوّن التلميذ كلمات لها معنى من خلال التلاعب بالأصوات. التهيئة: سنمارس اليوم لعبة جديدة وهى تبديل بعض أصوات الكلمة بأصوات أخرى لتكوين كلمة جديدة. النموذج: ينطق المعلم/ة كلمة (صوت)، ويقول: سأستبدل صوت (صـَ) بصوت (مـَ) فتكون الكلمة (مَوت). الممارسة الموجهة: يخرج المعلم/ة ثلاثة تلاميذ، وينطق كلمة (قلم)، ويسمي أحدهما (قـَ) والثاني (لـَ) والثالث (مُ)، ثم يدخل التلميذ الأول ويخرج آخر ويسميه (عـَ) فتصبح الكلمة (عَلَمُ)، وهكذا كلمة (أَلَمُ). الممارسة المستقلة: يحدد المعلم /ة كلمة لكل مجموعة (سرور، حوار، جسم، صائم)، ثم يطلب المعلم/ة من كل مجموعة استبدال الصوت الأول الكلمة لتكوين كلمات جديدة. التطبيق: يطلب المعلم/ة من التلاميذ/ات الإتيان بكلمات جديدة، واستبدال بعض أصواتها لتكوين كلمات جديدة}.
ومثل ما ورد في الدليل نفسه ص 32-33 فيما يتصل بـ"المعاني المتعددة":
{نشاط (4) مفردات: (استراتيجية المعاني المتعددة) الهدف: أن يستخدم التلميذ/ة استراتيجية المعاني المتعددة في جمل جديدة (قراءة و كتابة). التهيئة: المعلم/ة : اليوم سنتعلم طريقة لتحديد معنى كلمة ذات معانٍ متعددة من خلال جمل معينة. النموذج: يكتب المعلم/ة على السبورة (ذكرى جميلة ) وأيضا جملة (ذكرى تلميذة مجتهدة)، ثم يقرأ المعلم/ة الجملتين ويركز في كلمة (ذكرى) فيهما، ثم يوضح أن كلمة (ذكرى) لها عدة معانٍ وأنهم سيتعلمون طريقة تساعدهم في تحديد المعني المقصود. ثم يشير إلى كلمة (جميلة) ككلمة مفتاحية تساعد في تحديد معنى الكلمة المستهدفة (ذكرى)، ثم يحدد المعني الصحيح لكلمة (ذكرى) وهو (حدث). ثم يكتب المعلم/ة الكلمة ومعناها على السبورة، ثم يشير إلى الكلمة نفسها في الجملة الثانية ويشير إلى الكلمة التي بعدها (تلميذة) ككلمة تساعدهم في تحديد المعنى المقصود، ثم يحدد المعلم/ة المعنى الصحيح لكلمة (ذكرى) وهو (اسم التلميذة). الممارسة الموجهة: يكتب المعلم/ة على السبورة جملة (أعلام مصر ترفرف) وجملة (أعلام مصر بارعون)، ويقرأ الجملتين بمصاحبة التلاميذ/ات ويركز في كلمة (أعلام)، ثم يوضح المعلم/ة بمصاحبة التلاميذ/ات أن كلمة (أعلام) لها عدة معانٍ وأنهم سيتعلمون طريقة تساعدهم في تحديد المعنى المقصود، ثم يشير بمصاحبة التلاميذ/ات إلى كلمة ( ترفرف - بارعون) ككلمات مفتاحية تساعد في تحديد معني الكلمة المستهدفة، ثم يحدد بمصاحبة التلاميذ/ات المعنى الصحيح لكلمة (أعلام) وهو (رايات) في الجملة الأولى و(شخصيات مشهورة) في الجملة الثانية. ثم يكتب المعلم/ة الكلمة ومعناها على السبورة ويكتبها التلاميذ/ات الكلمة ومعناها في كراستهم. الممارسة المستقلة: يكتب المعلم/ة على السبورة جملة (عيش، حرية، عدالة) وجملة (أحب عيش الحرية)، ثم يطلب من التلاميذ/ات قراءة الجملتين ويركز في كلمة (عيش)، ثم يطلب منهم توضيح معنى كلمة (عيش) في الجملتين لتحديد المعني المقصود. يقرأ التلاميذ/ات الكلمتين (حرية، عدالة - أحب، الحرية) ككلمات مفتاحية تساعد في تحديد معنى الكلمة المستهدفة، ثم يكتب التلاميذ/ات المعنى الصحيح لكلمة (عيش) وهو (خبز) في الجملة الأولى وفي الجملة الثانية بمعنى (حياة). التطبيق: يعرض المعلم/ة كلمة (المغرب) في جمل أخرى تعطي معاني جديدة مثل: (صليت المغرب في المسجد، وصديقي من المغرب). ثم يطلب تمييز معني كلمة (المغرب) في الجملتين.ثم يطلب المعلم/ة من التلاميذ/ات كتابة الكلمتين ومعناهما في كراستهم، ويطلب منهم تحديد الكلمات المفتاحية التي تساعد في تحديد معني الكلمة في كل جملة}.
ومثل ما ورد ص25 فيما يتصل بـ"عائلة الكلمة" باتباع النهج ذاته.
(2)
إنك إن تصفحت الأدلة فستتوهم أن هذه المسائل حية، لكنك في حصص الدراسة لن تفاجأ بموتها.
لماذا؟
لأن كتاب التلميذ خال أو يكاد يخلو من أمثلة لها في متن الموضوع أي أن مؤلف الكتاب لم يضع في دائرة اهتمامه تهيئة مادة لهذه المسائل حتى يلتزم المعلم والتلاميذ معا بفهمها والنسج على منوالها.
ما دليل ذلك؟
دليله أنك إن تصفحت موضوعات الصف الثالث الابتدائي للفصل الدراسي الأول فلن تجد ذكرا في المتن لـ"المعاني المتعددة"، لكنك ستجد أمثلة قليلة لـ"عائلة الكلمة" ولـ"الكلمات المتفقة في الوزن والقافية" ومثالا واحدا لـ"التلاعب بالأصوات".
كيف ذلك؟
في الوحدة الأولى "مواقف وسلوكيات" ذات الموضوعات الثلاثة ستجد في الموضوع الأول "حي الأشجار" ص 11 عائلة كلمة في السطرين السابع والتاسع مكوناتها "نزرع، المزروعة، لزراعتها" ولن تجد للبقية ذكرا. وفي الموضوع الثاني "معرض المدرسة" سنجد ص 16 و17 عائلة كلمة مكوناتها "عَرَضَ، غرْضها، ومعرض، نعرض"، ولن تجد للبقية ذكرا. وفي الموضوع الثالث "لغتي الفصحى" ص 22 و23 لن تجد شيئا من كل ذلك.
وفي الوحدة الثانية "وطني والحرية" ذات الموضوعات الثلاثة ستجد في الموضوع الأول "البلبل والملك" ص30 و31 أمثلة لكلمات متفقة في الوزن "جلست وفتحت، وجاء وناموقال"، ومثالين لعائلة الكلمة "تنم والنوم، ويغني وغناء"، ولا شيء وراء ذلك من البقية. وفي الموضوع الثاني "الطفل والسحابة" ص 36 و37 نجد أمثلة اتفاق الكلمات في الوزن "بحارا واسعة وجبالا عالية، وزرقاء وحمراء وبيضاء، وواسعة وساطعة، وجميل ونخيل" ولن تجد غير ذلك من البقية. وفي الموضوع الثالث "نشيد مصر" ص 42 و43 نجد اتفاقا في الوزن بين "الكرم والهرم، وحضارة ومنارة، والجميل والنخيل" وتلاعبا في "النخيل والنيل" ولا شيء غير ذلك.
وسارت الوحدة الثالثة بموضوعاتها الثلاثة سير زميلتيها السابقتين، وكذلك سارت وحدات الصف الثاني الابتدائي التي لم تختلف كثيرا عن نظيراتها في الصف الثالث كما سبق الذكر.
(3)
كما رأينا فإن المعلم سيجد وهو يعلم متن الموضوع أمثلة تؤسس فهم عائلة الكلمة والتطابق الوزني، لكنه لن يجد مثالا واحد لـ"المعاني المتعددة"، ولن يجد أمثلة كافية لـ"التلاعب بالأصوات"، وسيكون الانطلاق من أمثلة الدليل الإرشادي انطلاقا مما لم يألفه التلميذ الذي عاش مع موضوع الكتاب؛ فلم لا يجعل مؤلفو كتب الصفوف الأولى الذين يراعون أدب الأطفال مدخلا للتأليف ذلك لا سيما أن التأليف القصصي للأطفال يُشتهر فيه إنهاء الجمل بكلمات متفقة في الوزن والقافية حتى يستنتج الطفل الكلمة ويفهم معناها؟
إنهم إن فعلوا ذلك أسسوا هذه المسائل اللغوية المهمة في نفس التلميذ وعقله، وتكون أمثلة الأدلة الإرشادية والقصص الخارجي من مكتبة المدرسة أو خارجها- إثراء؛ فهل يتحقق ذلك في الطبعات القادمة؟
أدعو الله أن تضع وزارة التربية والتعليم هذا الشرط ضمن شروط منح ترخيص التأليف لكتبها في الصفوف الأولى لتساعد معلم اللغة العربية النشيط الذي يريد النفع والدفع على الجمع بين كتاب التلميذ والدليل الإرشادي، وأدعو الله أن ينتبه القائمون على أمر القرائية إلى ذلك حتى يكون لهم حق مراجعة نصوص الكتب للتيقن من وجود المادة القرائية باستراتيجياتها المختلفة فيها.