أنشأتُ صرحكِ أمَّ الخيرِ مشتاقا
كيما يظلَّ هواكِ العمرَ سبَّاقا
أنشأتُ صرحكِ ما ظلَّت تراودني
هيفاءُ عشقٍ تبثُّ الحسن خلاّقا
عاشت تصاحبني مُذ كنت مرتقبًا
جمال دجلة ، لاقى منك ما لاقا
دار السلام ، ومغنى كل ذي أدبٍ
أنت الرُّواء ، وكم عانقتِ عشّاقا
يا بنت قلبي : هل للذوق أشرعة
عساه يسعفني لو شمْت إغراقا
فأنت قِبلة دنيانا التي أنفت
معنىً سواك يردُّ الفكر ذوّاقا
دار الخلافة ، بل عزّي وحاضرتي
كوني لمن يرتجي العلياء آفاقا
هذي الأزاهير من خدّيك مترعة
تالله كونكِ للتأريخ ترياقا
يا بنت دجلة ، يا داري ومملكتي
لوما رقيت ، ليرقى القلب تواقا
أهديتكِ الشمس مذ جاءت مدوَّرةً
وأنت عنها بذلت النور أرزاقا
وأنت منها إشاراتٌ منمَّقة
كالروح تنشر للأجساد أخلاقا
أسوار مجدك أغشى البدر هيبتها
عمّرتُها فزهت جيدًا وأحداقا
لذا بنيتُ من الأبواب أربعةً
تحكي عن الزمن المزهو إشفاقا
لذا جعلتُ لواك الآن مرتفعًا
أمانةً بيد الأهلين خفّاقا
علّي أراهم وقد صانوا روائعه
وأسَّسوا لزمان الوصل ميثاقا
أو أن أرى للأماني الخضر رونقها
ونأتسي في الهوى وصفًا وإغداقا
شذاك أسرى ، فراح الفجر منتشيًا
يغازل القاع والجوزاءَ عبّاقا
ما مرَّ خلٌّ على الأفياء يحسبها
ظلّ الجنان ، وإلاّ ازداد إشراقا
وإلف ليلتنا لا زال منظرًا
لـــليلةٍ منك تروي الحبَّ إشراقا
بغداد : يا أرج الفردوس ضاحكةً
ناشدتك الله لا تنسين ميثاقا
تذكّرينا إذا شابت مراكبنا
واعشوشبت لغة الأحفاد إيراقا
تذكّرينا ، فلا زالت تذاكرني
تلك المجالس من عينيكِ أذواقا
-----------
**(( 2009 ))**