جلس يحدق في تفاصيل وجهها واستدارته الجميلة ، واللون الوردي المؤطر بغدائر من الشعر الفاحم ،كل شيء فيها يثير شبقه لامرأة مغناج حلم فيها منذ ريعان الصبا ، بالرغم من أنه متزوج وتجاوز الخمسين لكنها طبيعة الذئاب دوما تحلم بالخراف الطرية .
كانت ترتدي ثوبا أسود تماهى مع تضاريس جسدها المياس .
أربعينية قال في سره لاشك أنها متزوجة ، وعلائم النعمة بادية على لباسها ودخانها وخواتمها الذهبية ، والعقد الذي يطوق جيدها العاجي .
كان يتمنى أن يطول انتظاره ولا يناديه الطبيب ، فقد وجد دواءه في هذه الوصفة الجالسة أمامه .
رمقته بنظرة تبعتها بابتسامة عريضة ، أدخلته في دوامة من الفرح الطفولي ، لم تتلاش إلا عندما نادته الممرضة للدخول إلى الطبيب .
لم يعد يتذكر ماذا سأله الطبيب وماذا وصف له أو نصحه .
خرج على عجل لينتظر ليلاه إلى جانب سيارته الحكومية
طار فرحا عندما اتجهت نحوه وعلى وجهها ابتسامة عريضة ، فبادرها بتمنياته بالسلامة والصحة وعرض عليها أن يوصلها إلى المنزل بسيارته .
صعقته عندما عرضت عليه المشوار بسيارتها الفارهة ، تردد قليلا لكنه كفارس أحلام ركب إلى جانبها وراح يبدي إعجابه بها وبالسيارة .
لكنها قطعت عليه مزاده العلني بقولها : في عندي خزان مازوت بدي عبيه وباعتبارك ابن حكومة وصاحب رتبة أكيد الأمر سهل عليك .
تذكر ارتفاع الضغط ونصائح الطبيب ، شعر بالبرد فجأة ، تغيرت أحواله وغارت الكلمات في حلقه .
فسألته : خير في شي
أجاب : تعبان يرحم أبوكي نزليني هون
وكمن أكل صفعة على قفاه هرول باتجاه سيارته ليجد دولابها على الأرض
سرد ماتع وقفلة موفقة
تمنياتي بالتوفيق والنجاح
مع التقدير
التوقيع
روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟