بعض المداد
جفت دموعي فجفَّ المداد!
صديقي الذي لا ينتظر شيئًا كل صباح، ولا تعتريه الأحلام عند النوم، ولا يهمه إن أيقظته العصافير أم حُقْنَة ملائكة الرحمة، ولا يكترث أبدًا إن كان فنجانه مملوءًا بالقهوة أم بالدواء... بدا في الآونة الأخير أكثر حياة مني!
هل استسلمت للقهر الذي يحتل الشوارع والأرصفة، وفقدت إيماني بأن الغد هو: مظلة كبيرة تقينا عبثية المطر! وأن أشعاري بالماضي القريب عن الأمل، والتحدي، والصبر، واستيعاب الآخر كانت ضربًا من ضروب الهذيان، وأنني كنت أتقن السباحة في بحيرة من السراب؟
ألهذا أنا اختنقت قبل الآوان، وجفت الدموع في شراينني، وانسكب المداد أرضًا، وتبعثر في الطرقات؟ أم لأنني راهنت كثيرًا على النصر ولكن أحصنتي حبلت بالخسارة!
هذا الوطن الممدد على سرير الموت ماذا ينتظر؟ وهل يستطيع بعد اليوم أن يمدني بالحياة؟ هل يستطيع ان يعيدني إلى حالة البكاء التي كنتُ عليها عندما طال غيابك الأخير وكلَّت أقدامي من عناء الانتظار على الشرفات؟
وهل يستطيع أن يتلقف دموع الفرح كعادته حين كنتُ أمطره بها عندما كنتَ تأتيني خلسة عن عيون المساء، تحمل بين يديك ورقة مهترئة سكبتَ عليها بيتين من الشعر المقفى، والقليل من القهوة الجافة، وبعض المهدئات؟
ماذا يستطيع هذا الوطن أن يفعل في هذا الوقت الصعب... هل يستل سيفًا، أم يمتشق قلمًا ويبدأ بالنواح؟
هذا الوطن لم يعد قادرًا على قراءة سَخطِك طِوال الليل وأنت تلعن الغربة والغرباء، لم يعد قادرًا على لملمة الحيرة عن محياك إن رمقك الآخر بعلامة استفهام، ولم يعد قادرًا على ضمك إلى حضنه والمسح على رأسك بالمعوذات.
هذا الوطن جفت شرايينه كقلبي، وروحي، ودمي، وعقلي، وأشعاري. هذا الوطن تجمد الدمع في عينيه، والأكسجين في رئتيه، والصرخة الأخيرة معلقة بين شفتيه تراود نفسها على الانكماش عند أول طعنة توجه إليه.
هذا الوطن أمامك يا صديقي، احتسيه كما تشاء، تنفسه مع هواء الغربة، تناوله في فنجان الصباح، هدهده بين يديك كحلم عتيق، أنشده كلما شعرت يومًا بأنك غريب من رأسك حتى أصابع القدم... لكن أنا يا صديقي إمنحني فقط بعضًا من دموعك علني أرثيه ببعض المداد.
هذا الوطن جفت شرايينه كقلبي، وروحي، ودمي، وعقلي، وأشعاري. هذا الوطن تجمد الدمع في عينيه، والأكسجين في رئتيه، والصرخة الأخيرة معلقة بين شفتيه تراود نفسها على الانكماش عند أول طعنة توجه إليه.
هذا الوطن أمامك يا صديقي، احتسيه كما تشاء، تنفسه مع هواء الغربة، تناوله في فنجان الصباح، هدهده بين يديك كحلم عتيق، أنشده كلما شعرت يومًا بأنك غريب من رأسك حتى أصابع القدم... لكن أنا يا صديقي إمنحني فقط بعضًا من دموعك علني أرثيه ببعض المداد.
غصة تعتلي الروح بانتظار الفرج
وحرف لامس الجرح
ربما أستطيع في غربتي أن أروي مدادك بدموع قلبي
سيعود الوطن وتلتئم الجراح ويروي المداد إن شاء الله
اجمل شيء هو عندما ينبض الحرف للوطن ليلامس الروح
دمت بخير
محبتي
التوقيع
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 02-24-2019 في 11:57 AM.
كثيرة هي أوجاع الأوطان
وكثيرة الأمراض المزمنة التي أضعفت قواها
لكن الله عز وجل قال " إن بعد العسر يسرا إن بعد العسر يسرا"
حرف ماتع رغم المرارة التي تسكنه
زوبعة حزينة تهشّم الصمت في محراب التأمل
في نصّ تعتقت كلماته في خوابي الوفاء
ميساء البشيتي
أتوق دوما لهذا الحضور المتجذر في بلاغته
والمورق بأسما معانيه
يبقى الأمل بالله وحده
نسأله فرجا قريبا
.
.
الغالية هديل الدليمي
نحن يا غالية بانتظار الفرج دائما
لم نفقد الأمل ولكن الأمل أحيانًا يصبح بعيد المنال
شكرا لحضورك الجميل وتفاعلك الرائع مع نصي
وشكرا لك على التثبيت وعلى كل الجهد المبذول
لا حرمني الله حضورك البهي وذائقتك الشفيفة
ودمت بكل المحبة
سيبقى الوطن همنا وشغلنا الشاغل أبدا
يستحق هذا بجدارة لافتة بعزيمة حواسية لا تلين...
شكرا لكم أديبتنا الراقية لغتكم وتموسقكم بحبه
تقديري والاحترام
الشكر لك الأديب العزيز ألبير ذيبان
سنبقى بهذا الشقاء إلا أن ينعم الوطن بالرخاء والآمان
قد تكون المسافة بعيدة ولكن في النهاية لا بد أن نصل
كل الاحترام والتقدير أستاذي العزيز ونورتني