(1)
ما أسعدنا بالتخصص!
كيف؟
إنه يأتي بخير كثير.
كيف؟
إنه يضيق مساحة العمل والسير، فإذا سلك السالك، وألف هذا الضيق- انفتحت قبالته مساحات واسعة لم يكن يتخيلها من قبل.
كيف؟
كان السير قبل تضييق مساحة العمل بالتخصص الأقصوصي يشمل كل أجناس القص، فلم تكن المساحات داخل كل جنس تظهر ظهورا واضحا كاملا. فلما انحصر السير مع الأقصوصة بانت مساحات لم يكن ظهورها ممكنا قبل ذلك.
كيف؟
لقد أدى ذلك إلى محاولة استقراء التراث لمعرفة مدى غناه بنماذج السرد الأقصوصي، ومعلوم أن قصص التراث متفرع متعدد يشمل:
1- أقاصيص الأسواق.
2- أقاصيص الطرق.
3- أقاصيص العلماء.
4- أقاصيص اللغويين.
5- أقاصيص الأدباء.
6- أقاصيص المغازي.
7- أقاصيص مجالس الحكام والخلفاء.
8- أقاصيص المناظرات.
9- ... إلخ.
ويزداد التفرع ليشمل كل مناحي الحياة الإنسانية.
(2)
لكل السابق كان واجب قراءة التراث ذا فوائد كبيرة.
لماذا؟
1- لأنها تتلاءم مع المتخصص.
2- لأنها توقفنا على نوع جديد من الأقاصيص في مكان واحد.
3- لأنها تبين آداب أسلافنا في الفنون المختلفة وطرق تعبيرهم وألفاظ أدائهم.
4- لأنها تشيع فينا ما اندثر من تأثرنا بأسلافنا الكرام في مجالات يظنها الكثيرون وقفا على الغربيين لاختراعهم القالب.
5- ... إلخ
1- "لا أدري" نصف العلم
قال الزهري عن خالد بن أسلم: خرجنا مع ابن عمر نمشي، فلحقنا أعرابي فقال: أنت عبد الله بن عمر؟ قال: نعم. قال: سألت عنك، فدللت عليك، فأخبرني: أترث العمة؟ قال: لا أدري. قال: أنت لا تدري؟ قال: نعم، اذهب إلى العلمء بالمدينة فاسألهم!
(2) مقام العلماء العاملين
عن أبي عمرو بن حمدان قال: سمعت أبي يقول: كنت في مجلس أبي عبد الله المروزي، فحضرت صلاة الظهر، فأذن أبو عبد الله، فخرجت من المسجد، فقال: يا أبا جعفر، إلى أين؟ قلت: أتطهر للصلاة! قال: كان ظني بك غير هذا! يدخل عليك وقت الصلاة وأنت على غير طهارة؟
فضل العلم للدكتور محمد بن سعيد رسلان: ص449
أخرج ابن عبد البر رحمه الله بسنده عن عبد الرحمن بن مهدي قال: كنا عند مالك بن أنس، فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله، جئتك من ميرة ستة أشهر، حمّلني أهل بلدي مسألة أسألك عنها! قال: سل! فسأله الرجل عن المسألة، فقال: لا أحسنها! قال: فبهت الرجل كأنه قد جاء إلى من يعلم كل شيء. فقال: أي شيء أقول لأهل بلدي إذا رجعت إليهم؟ قال: تقول لهم: قال مالك: لا أحسن!
4- حفظ الإمام البخاري
هدي الساري لابن حجر العسقلاني ص501 عن فضل العلم للدكتور محمد بن سعيد رسلان: ص510
حدث حاشد بن إسماعيل قال: كان البخاري يختلف معنا إلى مشايخ البصرة وهو غلام، فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام، فلمناه بعد ستة عشر يوما، فقال: قد أكثرتم عليّ، فاعرضوا عليّ ما كتبتم! فأخرجناه، فزاد على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلها عن ظهر قلب، حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه.
5- استذكار
الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع عن فضل العلم للدكتور محمد بن سعيد رسلان ص507-508
عن ابن شهاب أنه كان يسمع العلم عن عروة وغيره، فيأتي إلى جارية وهي نائمة، فيوقظها، فيقول: اسمعي! حدثني فلان كذا، وفلان كذا. فتقول: ما لي ولهذا الحديث؟ فيقول: قد علمت أنك لا تنتفعين به، ولكن سمعته الآن ، فأردت أن أستذكره!