صدر للشاعر والناقد محفوظ فرج كتابه النقدي الجديد ( غرض العتاب في الشعر العربي الى نهاية القرن الرابع الهجري ) ويبين الكاتب في المقدمة ان العتاب لم يكن من الاغراض الشعرية البارزة في عصر ما قبل الاسلام ، فقد كان هنالك المديح ، والغزل ، والفخر ، والرثاء ، اما العتاب فكان غرضاً اخذ يتسع تدريجياً حتى صار غرضاً بارزاً في العصر العباسي ، اذ تنوعت بواعثه ، وتعددت موضوعاته ، ويبين الكاتب ايضاً مفهوم العتاب فهو : ذو مجريين شعري ونثري ، وهو في الشعر من الاغراض الوجدانية يلجأ الشاعر اليه حين يكون لديه احساس بالتحول عن المودة من المعتوب عليه ، فتدفعه بواعث متباينة الى غرض يتوسط فيه بين ان يلوم المعتوب عليه من ان يوجعه فينقلب العتاب الى هجاء ، وبين ان يطلب الابقاء على الود من غير ان يضع الشاعر نفسه موضع المتوسل والمستعطف .. ويبين الكتاب ان العتاب في عصر ما قبل الاسلام ، اخذ يظهر من خلال الموضوعات الوجدانية في شعر الحياة العربية ، ويستشهد على ذلك بالكثير من المعاتبات الشعرية كعتاب قريط بن انيف احد بني العنبر لقومه في قصيدة هي الاولى بديوان حماسة ابي تمام ، اذ قال :
لو كنت من مزن لــم تستبح ابلي*********بــــنو اللقيطة مـــــن ذهل بن شيبانا
اذاً لقم بنصي مـــعشر خشــــــن******** عنـــــــــــد الحــــفيظة اذ ذو لوثة لانا
لكن قومي وان كانوا ذوي حسب ********ليسوا من الشر في شيئ وان هانا
يجزون من ظلم اهل الظلم مغفرة******** ومــــــــــن اساءة هل السود احسانا
فليت لي بهم قوماً اذا ركبــــــــــوا *******شنوا الاغــــــــارة فـــــــرسانا وركبانا
ثم ينتقل الى تناول شعر العتاب في صدر الاسلام ، ويورد على ذلك امثلة كثيرة ، بعضها مستمد من امثلة عصر ما قبل الاسلام ، من ذلك ما عاتبت به قتيلة بنت النضر بن الحارث النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وكان قد قتل ابوها ، اذا تقول :
فليسمعن النضر أن ناديتــــــه *******أم كيف يسمع ميــــــت لاينطق
ظلت سيوف بني ابيه تنوشه *******لله أرحـــــــــــــــــام هناك تقطع
أمحمد ها أنت نجل نجيبـــــــة *******من قومها والفحل فحل معروق
ماكان ضرك لو مننت وربمـــــا *******من الفتى وهو المغيظ المحنق
فكان لهذه الابيات وقع في نفسه لأنها صدرت من وجدان أمرأة مكلومة دفعها الحزن الى قول ابيات صادقة فقال الرسول ( لو سمعتها قبل اليوم لما قتلته) ، ويشير الكتاب الى ان عبث الشعراء وسوء اخلاقهم قد يكون يكون باعثاً على العتاب بعد معاقبتهم بالسجن او النفي ، وعلى نحو ما نجد في عتاب الاحوص للخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز (رضي الله عنه) حين نفاه الى قرية من قرى اليمن لسوء اخلاقه فقال :
ألست أبا حفص هديت مخبـــــــري *********أفي الحق أن أقصى ويدني أبن أسلما
وكنا ذوي قربى لديك فأصبـــــــحت *********قرابتنا ثديـــــــــــــــــــــاً أجـــــــــد مصرما
وكنت وما أملت منك كبـــــــــــــارق *********لدى قطرة من بعد ما كان غيـــــــــــــــما
وقد كنت أرجى الناس عندي مودة *********ليالي كان العلم ظنا مـــــــــــــــــــرجمـــا
تدارك بعتبي عاتبا ذا قرابــــــــــــــة ********طوى لغيظ لم يفتح بسخط له فــــــــــما
ثم يتحول الكتاب الى شعر العتاب في العصر العباسي ، ويبين ان التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية في العصر العباسي أثرت في الشعر من حيث البواعث ، والموضوعات ، فقد بقي موضوع الشعر في هذا العصر كما كان مدحاً ، وهجاء ، ورثاء ، وصفاً ، وغزلاً ، الا انه جدد هذه الاغراض من غير ان تتبدل ، وشعر العتاب من الاغراض التي طرأ عليها التجديد ، والاتساع في موضوعاته ، وبواعثه ، فنجد ابا العتاهية يعاتب الخليفة لأنه سجنه حينما أمره ان يقول الغزل بعد توبته قال :
تذكر أمين الله حقي ، وحرمتـــــي ****وما كـــــــــنت تليني لعلك تذكر
ليالي تدني منك بالقرب مجلسـي ****ووجهك من ماء البشاشة يمطر
فمن لي بلعين التي كنت حــــــرة ****الى بها في ســالف الدهر تنظر
ثم يعرف الكتاب القراء بشعر العتاب ، ويورد أمثلة كثيرة على ما رددوا شعراء العتاب ومنهم البحتري ، وأبو تمام ، وعبدالله بن المعتز ، وأبو فراس الحمداني ، ثم يبين الناحية الفنية لقصيدة العتاب من حيث البناء ، أذ ترتكز على ثلاثة محاور اساسية :
1- تطرق الشاعر الى حالته النفسية .
2- التوجه الى المعاتب وهو المحور الاساس.
3- الحجة التي جاء بها الشاعر .
ثم يبرز الكتاب لمحات فنية عن شعر العتاب في الشعر العربي الى نهاية القرن الرابع الهجري معتمداً على مصادر مهمة منها آل وهب في العصر العباسي للدكتور يونس احمد السامرائي و الاصمعيات لابي سعيد عبد الملك ، والاعجاز والايجاز للثعالبي والاغاني لابي الفرج الاصفهاني والبيان والتبيين للجاحظ وغيرها موثقا للون من الوان الشعر العربي بمنهجية بحث رائعة واسلوب نقدي متميز . جدير بالذكر ان عنوان الرسالة التي حاز بها الكاتب على درجة الماجستير في الادب العربي كانت بعنوان : شعر العتاب والاعتذار في القرنين الثالث والرابع الهجريين .
ويقع الكتاب في 81 صفحة من القطع المتوسط وطبع على نفقته الخاصة
أجِلُّك أن يلمَّ بك العتابُ
وودُّك لا يداخلُهُ ارتيابُ
وأستعدي عُلاك على اختصارٍ
إذا ما عاد لي منك الجوابُ
وللإنصاف قُسطاسٌ قويمٌ
يبين به من الخطإ الصَّوابُ
أتطنِبُ في معانيها المعالي
بربعكُمُ ويختصرُ الكتابُ
ومن يُعطي الجزيلَ بلا حِساب
يكونُ لهُ على لفظ حِسابُ
دراسة موسعة أستاذ صباح نشكرك عليها ..تستحق كل التقدير
ليت الأستاذ محفوظ ينضم الينا كـــي نستفيد منه أكثر..
تعلم كلما قرأت مثل هذه المواضيع عن بعض أدبائنا العرب أجن ..فأغلبها لا تصلنا.
الأستاذ صباح نيسان الف شكرا
تحية ملء المساء
التوقيع
لايكفي أن تطرق باب الإنسانية لتحس بمجيئها نحوك , عليك أن تخطو تجاهها و التوقف عن الاختباء خلف الزمن,
أجِلُّك أن يلمَّ بك العتابُ وودُّك لا يداخلُهُ ارتيابُ وأستعدي عُلاك على اختصارٍ إذا ما عاد لي منك الجوابُ وللإنصاف قُسطاسٌ قويمٌ يبين به من الخطإ الصَّوابُ أتطنِبُ في معانيها المعالي بربعكُمُ ويختصرُ الكتابُ ومن يُعطي الجزيلَ بلا حِساب يكونُ لهُ على لفظ حِسابُ
دراسة موسعة أستاذ صباح نشكرك عليها ..تستحق كل التقدير ليت الأستاذ محفوظ ينضم الينا كـــي نستفيد منه أكثر.. تعلم كلما قرأت مثل هذه المواضيع عن بعض أدبائنا العرب أجن ..فأغلبها لا تصلنا. الأستاذ صباح نيسان الف شكرا تحية ملء المساء
الصديقة العزيزة مرمر القاسم ..
تحية كبيرة لكلماتك المعبرة ، وشكراً للأضافة الجميلة والراقية ، وسأنقل بأذن الله طلبك هذا الى الاستاذ محفوظ فرج ..
مبروك صدور الكتاب فهو من المؤكد سيثري المكتبة
العربية والأدبية وسيكون عونا للباحثين والدارسين
مع شكري وامتناني أخي صباح نيسان على القراءة
المضيئة لمحتوى الكتاب
تقبل تحياتي ودمت في رعاية الله وحفظه