الأستاذ حسين حسان
إسمح لي بهذه الإضافة الى هذا الإختيار الجميل
ونقل الموضوع الى القسم المختص
تحياتي وشكري
ولد المعري في معرة النعمان (في سوريا حالياً) وفقد بصره في الرابعة من العمر نتيجة لمرض الجدري.[2] ينحدر المعري من مدينة المعرة في سوريا الحالية (التي استمد اسمه منها). ثم ذهب للدراسة في حلب وأنطاكية، وغيرها من المدن السورية مزاولا مهنة الشاعر والفيلسوف والمفكر الحر، قبل أن يعود إلى مسقط رأسه في معرة النعمان، حيث عاش بقية حياته، وممارسة الزهد والنباتية, حتى توفي عن عمر 86 عاما ودفن في منزله بمعرة النعمان.
درس علوم اللغة والأدب والحديث والتفسير والفقه والشعر على نفر من أهله، وفيهم القضاة والفقهاء والشعراء، وقرأ النحو في حلب على أصحاب ابن خالويه ويدل شعره ونثره على أنه كان عالما بالأديان والمذاهب وفي عقائد الفرق، وكان آية في معرفة التاريخ والأخبار. وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة. ويمكن استطراداً اعتبار فلسفة المفكر روبير غانم مرحلة جديدة متطورة من مراحل الفلسفة العربية.
بلغ أبو العلاء السادسة والثلاثين من العمر ، وقد يمّم بغداد حاضرة الخلافة العباسية وقبلة الطامحين ومشرق النور والجمال وينبوع الفضل والكمال في أواخر سنة 398 هـ ، ففتن بها ومال إليها ، كما يقول :
كلفنـا بالعـراق ونحن شـرخ فلـم نلمـم به إلا كهـولا
يقول طه حسين (( وما أسرع ما أحبه أهل بغداد وخلطوه بأنفسهم وآثروه بمودتهم ، وما أسرع ما شهد أنديتهم الخاصة والعامة ، واختلف إلى مجالس علمائهم وأدبائهم وفلاسفتهم ، وشفى نفسه من حاجته إلى الحياة الاجتماعية العليا التي يتحدث فيها إلى الأدباء والنظراء ، ويسمع منهم فيفهم عنهم ويفهمون عنه . وشفى نفسه أيضاً من طموحه الطبيعي إلى الشهرة وبُعد الصيت وتسامح الناس به وتحدّثهم عنه . ولكنه في بغداد قلقاً بحسن الغربة ويجد الحنين إلى وطنه في الشام ، ويعلن ذلك في شعر رائع مؤثر حفظه الزند ، وأحبه البغداديون أنفسهم ... )) وبغداد في ذلك العهد زاخرة بالعلوم الشرعية والفنون اللسانية لا تضاهيها العواصم والبلدان . قصد أبو العلاء بغداد بعد أن لاقى من عناء السفر ومشقة الطريق ، حيث تربص له قطاع الطرق ونزل في الجانب الغربي من محلة الكرخ . وكانت بغداد حينذاك في حالة اضطراب وقلق حينما زارها المعري ، فكانت في الحضيض الأوهد من الارتباك والاضطراب ، خليفة حبيس في قصره وملك بويهي ديلمي مستبد في الملك ضعيف في العدل مضطرب الآراء وجند مشاغب لا ينتهي من فتنة إلا إلى فتنة وقد وصفها بقوله :
إن العراق وان الشـام مذ زمن صفـران ما بهما للملك سلطان
ساس الأنـام شيـاطين مسلطة في كل مصر من الوالين شيطان
وأهم شئ اعجب نه المعري في بغداد هو ذلك النور الوهاج نور المعرفة الذي كانت تفيض به معاهد العلم آنذاك . وقد جالس أئمة العلم وسادات الفضل كالشريف الرضى والمرتضى والشيخ حامد الأسفراييني كبير فقهاء الشافعية ، ومما بهره ذلك الكرم الفياض الذي شهده من البغداديين وان أبت عليه عزة نفسه أن يمدّ يده إلى شيء من ذلك .
وكم ماجدٍ من دجلـة خير ماءٍ لـه بارقاً والمرء كالمـزن هطال
واعجب بماء دجلة فذكره في شعره قائلاً :
وردنـا مـاء دجلـة خير ماءٍ وزرنـا اشرف الشجر النخيـلا
وزلنـا بالغليـل وما اشتفينـا وغـاية كـل شيء إن يـزولا
وقوله :
وماء بلادي كان أنجع مشربـاً ولو أن ماء الكرخ صهباء جريال
فيا برق ليس الكرخ داري وانما رمـاني إليه الـدهر منذ ليـال
فهـل فيك من ماء المعرة قطرة تغيث بهـا ظمآن ليس مبـال ؟
نعم لقد كثر أصدقاء المعري في بغداد وكثر الذين يتردد إليهم ويترددون من سادات الفضل ، وحسنوا له أمر الإقامة في بغداد ، وأن يتخذها مقّره الأخير، غير أن المقام لم يستقم به فيها ، فقد كان المعري أبي النفس ، كثير الاعتداد بشخصيته ، لم يتملق للرؤساء ،ولم يمدح أحداً منهم ،ولذلك لم يجد منهم التفاتاً وكان كثير التبرم في إقامته ببغداد ، وبينما هو يفكر في أمره ، إذ فاجأه كتاب من أهله يخبره فيه بمرض أمه ، فوجم أبو العلاء ، واضطرب باله وساءت حالته ، فلم يبق أمامه إلا عزم على الرحيل ، وهنا أندفع أبو العلاء يودع بغداد وداعاً يفيض وفاء ويتدفق حزناً ولوعة وفي ذلك يقول :
إذا نأت العـراق بنـا المطايـا فـلا كنـا ولا كـان المـطيُّ
على الـدنيا السـلام فما حياة إذا فـارقـتكـم إلا نـعـيُّ