فترة ما بعد الظهر ….في حرارة آب , الشهر الذي يوصف بشدة الحرارة في العديد من دولنا العربية المصونة , المحمية بأجهزة التكييف والشوارع ذات المرشات المائية والنوافير التي تم تثبيتها في البنايات الشاهقة الارتفاع و التي تلطف حرارة الجو اللاهب للمارة ولأصحاب المحلات القابعين بانتظار من يشتري منهم بضاعة كادت أن تبور من حرارة الصيف , ومن تعفف الناس عن الشراء لعدم الحاجة والاكتفاء الذاتي , في هذا الجو الرائع كان صاحبنا يمارس هوايته التي اعتاد على أن يمارسها بأوقات فراغه الممتدة من بداية الدوام وحتى ساعاته الخاصة بنفسه وخلوته فيها التي ترافق دائما ساعات ما بعد الظهيرة , حيث يكون الوقت الأروع لممارسة هوايته بالقيام بتلك الهواية التي امتهنها, منذ أن خطت تلك المحظوظة بذلك النقص المتوارث في شخصه عتبة بيته كزوجة تلهف حبا , وكاد أن يموت شوقا لاقتنائها في بيته , أقصد ليتزوجها , مع عدم وجود فرق واضح في الحالتين عنده , فقد كانت تستحق الاقتناء كقطعة نادرة التواجد في زمننا المعاش حاليا.
كان يحبها , ليس رأي شخص وإنما كان الجميع يعرف ذلك , فقد كانت تملك عيون لا يكاد يظهر فيهما تعبير عن حزن دفين أو عدم العيش بسعادة ! …ربما كانت تتقن فن التعايش بمنطقه المائل للتملك الحسي للأشياء حوله , فقد كانت سيارته ذات جودة عاليه ونوع مميز وكذا مكان سكناه بيت مريح وواسع , وكذا هي تمتاز أيضا بصفات تتفرد فيها عن باقي النساء . كانت تتقن فن تمثيل التعايش على أكمل وجه لدرجة أنها كانت تحسد على زواجها منه , ذلك الفارس المغوار .
كانت فترة ما بعد الظهر عنده مميزة جدا , حيث يستمتع بالجلوس معها تلك المنتقاة بعناية فائقة وبطريقة ذكية , تحسن هز الرأس بالموافقة على كل قراراته التي يتخذها بالنيابة عنها حتى ترتاح من عناء التفكير الممل , كان عطوفا ….هل سمعتم بهذا النوع من التعاون ؟؟ أن تجد من يفكر عنك ويتخذ القرارات بناء على ما يرى هو لا بناء على ما ترغب أنت أن تكون الأمور , كان هو ذلك البطل المتذمر دوما من سكوتها عندما يطرح موضوع يخصها , ربما لأنها لا تريد هدم عشه الجميل ولا أن تبعثر مقتنياته التي تكلف وقتا وجهدا في الحصول عليها , وربما أيضا لأنها جربت سابقا وبكل إصرار على أن تتخذ قراراتها بنفسها بعد أن تشاوره في الأمر ووجدته قد قام بتركيب حائط صد خرساني لا ينفذ منه أي مما كانت تقوله أو تنوي أن تتخذه من قرارات تخصها وحدها لا تنعكس عليه بأي ضرر ولا تؤثر على تواجدهما المشترك كمالك ومقتنى جميل .
كانت تختزن كل ما يقوم فيه ذلك المالك , أقصد زوجها المحب للفخامة , في عقلها وتحسن كتمه لولا بعض نوبات من صداع شديد كانت ترافق كل قرار تم اتخاذه عنها ووضعت بصمتها عليه كصاحبة ومالكة ومتخذه للقرار بكامل قواها العقلية , كانت النوبات تصيبها بنوع من الهستيريا , مما يدفعها للتفوه ببعض الكلمات أحيانا للمطالبة ببعض الحرية في أن تتخذ قرارا واحدا خاصا بها , ليظهر صاحبنا الحزن العميق ويبدأ في تعداد ما قام به من أجلها وأجل سعادتها التي هي همه الوحيد والأوحد حسب ما يدعي , وفي نبرة حزن قل أن تسمعها من أحد غيره , ويغير دفة الحديث ويتجه صوب مواضيع أخرى وسط إحباطاتها المتكررة , لتحاول الخروج من ذلك الجو بالذهاب لأي مكان أخر داخل البيت , تبتلع خيبتها التي تعودت أن تغص فيها على الدوام , وتدفن بقايا أمل في أن تتخذ قرارا واحدا لا يكون هو القرار الذي يطيح بعرش مملكته التي أتقنت بنائها والحفاظ عليها , وأتقن هو التعامل معها كمقتنى فاخر يناسب طريقة عيشه البرجوازية الفاخرة الظاهر , الهشة من الداخل .