الحبوبي شاعر الفقهاء وفقيه الشعراء:لم يكن الحبوبي مغمور الصيت كفقيه,ولا مطموس الأثر كشاعر,ولا مندرس الذكر كعالم جهبذ,فقد راح لايغرب عن بال أفذاذ الفقه والشعر في كل حفل وفي كل ناد.ولد في النجف الاشرف سنة 1266 هجرية
ديوانه الشعري:
طبع ديوان الحبوبي في بيروت عام 1913 ميلادي .
مختارات من شعره:
من موشحاته قال مهنئاً صديقه في اقتران ولده
ياغزال الكرخ واوجدي عليك ................... كاد سري فيك أن ينتهكا
هذه الصهباء والكأس لديك .................... وغرامي في هواك احتنكا
فاسقني كأساً وخذ كأساً اليك ..................... فلذيذ العيش أن نشتركا
أترع الأقداح راحا قرقفا ....................... واسقني واشرب أو اشرب واسقني
فلماك العذب أحلى مرشفاً ........................... من دم الكرم وماء المزن
وحميا الكأس لما صفقت ..........................أخذت تجلى عروسا بيديه
خلتها في ثغره قد عتقت .......................... زمنا واعتصرت من وجنتيه
من بروق بالثنايا ائتلفت .......................... في عقيق الجزع أعني شفتيه
كشفت ستر الدجى فانكشفا ........................ وانجلى الأفق بصبح بين
أكسبتنا إذ سقتنا نطفا ......................... خفة الطبع وثقل الالسن
أنت ياروح المنى روحي فداك ................... مسقمي حبي ومبدي سقمي
أتشكي لك من سيف جفاك ..................... لاتبح يا مانع الريق دمي
قد شربت الخمر لكن كلماك ...................... مارأت عيني ولاذاق فمي
لو به ابتل غليلي لانطفى ........................ لابدمعٍ حرّه أشعلني
كلما كفكفت منه وكفا ........................ فوق خدي وكيف المزن
قلما يفقد القارىء وصف الخمرة واحوالها في جل قصائد الحبوبي ولعمري ان الكثيرين ممن لم يحيطوا معرفة بتقوى الحبوبي وروحانيته خيل اليهم معاطاته للخمرة لدقة وصفه لها, وقد ترفع رحمه الله حتى من رؤيتها , فاسمعه وهو في معرض التهنئة حيث يقول
بيّ يا ساقي الطلا أبدأ أولأ ..................... وبي اختم دورها من قرقف
ألبستْ خدّيك منها شُعلا ...................... تسلبُ الليل رداء السدفِ
خمرة فاح شذاها بعدما ....................... فضح الارجاء بل أرّجها
هي من نار ولكن كلما ........................ نُضح الماء بها أجّجها
وحَباب المزج فيها انتظما .................... كثغور جلّ من فلّجها
وبدت فيها لآلٍ تُجتلى ..................... ما حكتهن لآلي الصدف
عقدت في نظمها عقد لولا .................... وصفه راق بماء الوطف
حربها حربي وسلمي سلمها ................. فأنا مغري بها مُستهترُ
من خدود الغيدِ يُجنى كرمُها ................. وبأحداق المها تُعتصرُ
فاذا ما فُضّ منها ختمُها ...................... في الدُّجى بات الدجى يَسْتَعِرُ
سكب الماء بها فاشتعلا ...................... وأبت شعلتها أن تنطفي
وهي في الحالين عند النُّبلا ..................... مُنْيَة المقتبِس المغترِفِ
ومن الغزل نماذج رائعة في شعره:
فقد بات شعر الغزل والنسيب بابا بلا بواب يلجه الشعراء دون تريث ولا حيطه اما الحبوبي فقد كان من عباقر شعراء الغزل حيث خلف فيه نماذج ذات معان شرودة لاتتاتى الا للمتمكنين منه والمتضلعين فهو القائل:
لُحْ كوكبا وامش غصنا والتفت ريما ............ فان عداك اسمها لم تَعْدُكَ السِّيما
وجهٌ أغرُّ وجيدٌ زانه جيدٌ ................... وقامة تُخجِلُ الخطى تقويما
يامن تَجلُ عن التمثيل صورته .................... أأنت مثلت روح الحسن تجسيما
فلو رأتكِ النصارى في كنائسها ..................... مصوراً ربَّعتْ فيكِ الاقانيما
في وجهه رسمت آياتُ مُصحفه .................. تُتْلى ولم يَخشَ قاريهن تأثيما
ذو النون حاحبه لو حاؤهُ اتصلت ................ في ميم مبسمه لم تَعْدُ حَاميما
شعره في صباه:
لم يكن الحبوبي شيخاً من شيوخ الشعر في شيخوخته وانما كان يتأتى له جيد الشعر ختى في ايام صباه . واليك شعر الحبوبي في صباه حين انشد مهنئا احد اساتيذه باقتران ولده
هل انعقدت آكليل الشعور ........................... على غير الاهلة والبدور
وهل سفرت براقع من شقيق ....................... على الوجنات من نار ونور
خدود بالجمال مورداتٌ .......................... وألحاظٌ فترن عن الثغور
فما أدري ثغوراً من عقود .......................... تفصل أم عقوداً من ثغور
فتاة تيمت قلبي ولبي .............................. فصَدّت شيمة الظبّي النفور
فقالت ما عليه فسوف يسلو ......................... لقد قالت ولكن قول زور
فلا هي قبل ذلك أنذرتني ......................... ولاأنا بعد ذلك بالصبور
لئن ملت دنوّي واستقلت ........................ فلست أمل راحلتي وكوري
وبعد فها ذا الحبوبي في بعض من جوانب شخصيته ليلتقي به قراء المنتدى الافاضل وأردنا بأن يطلع على مآثره وصفوة أدبه .................