تبدأ الرحلة من هنا ..... من بيتنا العتيق بحي الشيخ محيي الدين ، من موطن طفولتي المبكرة .
هناك .... بين الكتب ، و أنوار الثريا الكبيرة ، و الزوار الذين تغص بهم الغرفة الصغيرة ، و دخان السجائر المحلق في الهواء ، كانت البداية .
عرفت أول ما عرفت رائحة الكتب ، و لا سيما الطبعات القديمة ذات الصفحات السمراء ، و تلهفت أن أقلد والدي في صفها أمامه ، و التنقيب بينها ‘ و إغلاق أحدها و فتح آخر .
عشقت جلسته على أرضية الغرفة ، و سرحه في الكتب القديمة ذات التجليد الأسود الفخم ، و غضبه حين يمسك الكتب الحديثة ذات الأغلفة الملونة ، و انهياله أثناء قراءتها بعشرات الشتائم المقذعة .
عشقت شخصيته ، كانت مدار كل شيء لدي ، حبيبة إلي قدر ما هي غامضة ، قريبة مني قدر ما هي بعيدة .
ورثت عنه عبوسه الدائم ، و في صوري الأولى ، لا يغادرني العبوس و لا التقطيب ، أو النظرة الحزينة الغامضة التي أحار اليوم في سرها و هي ترتسم على وجهي الطفولي البريء آنذاك .
في بيتنا ، تنسمت رائحة القراءة ، فكانت معشوقي الأول ، و تشربت القسوة من والدي فخلتها الخير كله ، صرت قاسياً ، أنقم على الفتيات المدللات في المدرسة ، و على الأطفال السعداء في أفلام الكرتون ، و على كل ما هو ناعم ورقيق و لطيف ، يدفعني لذلك كله خشونة رهيبة في صدري ، لا أدري أأنا ولدتها ، أم هي مولودة فيَّ مذ ولدت .
لكنني على هذا ، عرفت العشق مبكراً ، عشقت زميلتي في الروضة ، أحببتها حقاً ، و كانت نيران تشتعل في صدري حين أراها ، غير أني لم أعرف كيف أعبر لها عن العشق المتقد في صدري ، فعشت الحب و أجواءه دون أن تعلم محبوبتي بي أو بما فيَّ .
أتراني لو أخبرتها حينها ، أكانت ستبادلني شعوري ؟؟ ، أكانت ستفهم ما أقول لها ؟
أحببت الحيوانات و أولعت بها ، عشقت منها ما لا يعشقه الأطفال ، لم أعشق الأرنب و لا الغزال و لا الطيور ، عشقت أشدها قبحاً في عيون الصغار ، وحيد القرن و فرس النهر و الفيل .
كنت غريباً ، فأحسني رفاقي غريباً و ابتعدوا عني ، هكذا ابتدأت انطوائيتي ، أحسستني وحيداً ، أحسست أن فيَّ شيئاً منفراً و مقززاً يدفعهم عني ، فبادلتهم الشعور نفسه ، و انتحيت ...
كانت تلك هي البداية ، لكن الكلام لم ينته بعد .
التوقيع
الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ
متابعين بشغف لطفولة تكشف لنا من هو عبدالله راتب
أرى هنا صياغة جميلة لاعترافات صادقة مغلفة بتجارب الحياة
ننتظر القادم
حتى ذلك الحين...لك أستاذي تحية بعطر الياسمين
"
"
الأمــل
متابعين بشغف لطفولة تكشف لنا من هو عبدالله راتب
أرى هنا صياغة جميلة لاعترافات صادقة مغلفة بتجارب الحياة
ننتظر القادم
حتى ذلك الحين...لك أستاذي تحية بعطر الياسمين
"
"
الأمــل
سلمك الله أيتها الكريمة ....
لا أكتمك أنني أصارح نفسي أول مرة ببعض ما سطرته هنا ....
فأنا معكم قارئ و كاتب !!!!
دمت بألف خير
التوقيع
الأديب هو من كان لأمته و للغتها في مواهب قلمه لقب من ألقاب التاريخ
رغم اللقاء القصير الذي جمعنا
وجدت نفسي أعرفك
فوجئت عندما قرأت فعبد الله قريب من القلب
طرح فيه من الألق والصنعة المتقنة والصياغة المتينة
مايشد القارئ ويجعله متفاعلاً مع الموضوع
ويرغب في المزيد من هذا الإبداع
دمت مبدعاً
رياض