اليوم تطرق ذكرى وفاة والدي رحمه الله عامها الثالث .. لم يختلف اليوم عن غيره سوى بالتاريخ .. فمن سكنوا الروح وشغاف القلب لا يمكن أن يحدده يوم أو رقم أو تاريخ ..
أحببتُ في هذه الذكرى أن تسمحوا لي نشر هذه الأبيات العطرة هنا في قسم الشعر.. هي قصيدة أهداها والدي لي رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه ..
فقد كانت وصية لي لم تصلني إلا بعد وفاته رحمه الله .. فعلقتها على ستار القلب .. وحفظتها أهدابي الدامعة ..
سفـــــانة جوهــــرة نــادرة الوجـــود
هبَّتْ رياح الشّرق واستمرائي = الله.. ما أحلى أديم فضائي!!
الله.. ما أنقى حرارة مُدْنَفٍ = يلُج النهار على مُنى عكّاءِ
ويجسِّد الأمل المضيء معانقاً = ما شاء من ألقٍ ومن أسماءِ!!
فإذا ضحى الأوراس في (سَفَّانَتي) =وإذا الجزائر في عبير سمائي!!
أَخْضَرُّ في كلِّ الحقول وأنْتَشي = أبداً.. وأستعصي على الأنواءِ!!
وأضيء من مقل الجزائر أمَّةً = لمّا تزلْ في ساحة الهيجاءِ
وعلى زناد وِصالِها نطق الهوى = في لهفةٍ.. جورِيَّةٍ.. عذراءِ
أَوَ ليس من سَفَّانَتي ميعادها = رغم الدّجى وبجاحة العملاءِ؟!؟
يتألَّق الزّمن البديل مُجَسِّداً = ريح الصَّبا في ثورة الشّرفاءِ
وتعود ذاكرة الصّباح أبِيَّةً = في أصْغَرَيَّ.. ويَنْتَخي أبنائي!!
أَوَما تزاحمّتِ الرِّياح وعرْبَدَتْ = في الخافقين شراهة اللّقطاءِ؟؟
وتَمَسْرَحَتْ خلف البحار عصابةٌ = هَمَجِيَّةٌ تغتال أيَّ ضياءِ
فعلى اسوداد الناطحات تمدَّدَتْ = يا (أمَّ أوْفى).. صَبْوَةُ (الحلفاءِ)!؟!
هُم والذي سوَّاكِ ناقلةٌ بَدَتْ = نفْطِيَّةً.. وتَأَدْلَجَتْ بذكاءِ
وتَعَوْلَمَتْ خلف الضّباب وأسْرَجَتْ = هَوَسُ الأنا.. وشراسة الضوضاءِ!؟!
تختال في (بوش الصّغير) وترتدي= حُلَلَ الدّجى في لحظة استثناءِ!!
نسيتْ عصابتهم بأنّ عراقنا = كالأمس مَهْدُ حضارَةٍ وعطاءِ
وبأنّه في أصغريْهِ جهنّمٌ = يَفْني العلوج بِعِزَّةٍ وإباءِ
وبأنّ من أسمائهِ سفّانَتي = وتظلّ فينا ألف ألفِ حُداءِ
أَوَ لسْتُ أدرك ما وراء جبينها = في (الوَنْشَريس)..وفي لظى حيفاءِ؟
أَوَ لم تكن أرض الجزائر ثورةً = عربيَّةً في بعدها الوَضّاءِ؟!
وتَنَفَّس الأقصى حرارة جَمْرِها = في الرّافدين.. وكَوْثَرَتْ أجوائي
فإذا الجليل على مَفارِقِ غزَّةٍ= وإذا (الحسين) يثور في البيداءِ
وإذا الخليج مُتَيَّمٌ بتطلّعي = ويجُزُّ رأس الليل والأمراءِ
وإذا الجزائر في ضمير ركابها = نطق الصّباح على ذُرى أمدائي
وإذا فلسطين الحبيبة مُهْرَةٌ = (طائِيَّةٌ) في كبرياء سنائي!!
أَوَ تسألين الآن يا سفّانتي = عن رحلتي في الثورة المِعْطاءِ؟!
أنا يا بُنَيَّةُ لم أزلْ مُتَحَفِّزاً = في الوَنْشَريس وأحتمي بوفائي
وعلى ضفائر صحوتي كَرَجَ الضّحى = في مقلتَيْكِ وغاص في اسْتِمْرائي
إنّي وحبِّكِ ما أزال كما أنا = وطن الهوى.. ومشيئة العلياءِ
الله أكبر في دمي وَقّادةٌ = دَوْماً.. وأعَبُر في خليج مَضَائي
تحتلُّ إحدى الحسنيَيْنِ دواخلي = في أمِّ أوفى.. والوِصال دمائي!!
سفّانتي أَزِفَ المَعَاد بُنَيَّتي = وعليكِ أن تستَوْعِبي إيحائي
وبأن تكوني في عيون جزائري = كالأمس أنثى الفجر والانْداءِ!!
جيجل في: 21-12-2006
هامش سفّانة ابنتي
سفاّنة = من أسماء الجواهر النادرة - لؤلؤة - درة نادرة الوجود
وهو اسم ابنة حاتم الطائي أجود العرب
" إبن الشاطىء "