(قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ)
لا يستوي الأعمى والبصير :أعظـم ما في العقل أن يميـز بين النـور والظلام ، بين الجنة والنار ، بين النعمة والعذاب.
وهكذا يثير القرآن العقول - المرة بعد الأخرى - إلى تلك الحقيقة الواضحـة ، والتي هي أصل معرفة حقائق كثيرة تغيب - عادة - عن وعي الناس ؛ تلك هي التمايز التام بيـن الظل والحرور ، بين الظلمات والنور ، وبين الأعمى والبصير . يقول اللـه تعالى : { قُل لآ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللـه وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلآ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ } (الانعام ).
ويتدرج القرآن الكريم من التمايز التام بين الأعمى والبصير ، لتذكيرنا بحقيقة التمايز بين الايمان والكفر . {وَمَا يَسْتَوِي الاَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلاَ الْمُسِيءُ قَلِيلاً مَا تَتَذَكَّرُونَ } (غافر ).
فالمسيء ( الكافر بعقيدته أو سلوكه ) هو الأعمى الذي ترك في الظلام ، بالرغم من وجود الضياء من حوله . بينما البصير هو المؤمن الذي اعترف بالحقائق ، وتعايش معها.
السيد محمد تقي المدرسي
حاول بعض الصوفيين تفسير الأعمى والبصير على أن المقصود هو عمى البصيرة لا البصر , وفق نظام رياضي :
فافترض أن الأعمى = س
و البصير = ص
وبما أن الأعور هو نصف أعمى
إذن هو نصف س
وهو نصف بصير أيضاً
إذن هو نصف ص
وبما أن الأعور يساوي الأعور
فأن
1\2 س = 1\ 2 ص
إذن
س = ص
وهنا أكَّد على أن لا فرق بين الأعمى والبصير عند الله.
والمقصود هو عمى البصيرة لا البصر.
والله أعلم.