واللهِ ما سَكِرَتْ بالعشـقِ أنفاسِـي
إلا ونجـواكَ في حاناتِ إحساسِي
في كلِّ طرفةِ عينٍ خفقةٌ نبضَتْ
فإنْ غفلتُ صحا في القلبِ وسواسي
وسواسيَ الذكرُ في نَفْسي وفي نَفَسي
يُطاردُ الإثمَ منْ أوزار ِ أرجاسي
من وظيفة الشّعر الرّاقية أن يعيد ترتيب قيّم الكون بعد أن عصفت بها الفوضى فتقهقرت وتدنّت
ويبدو هنا موقف الشّاعر جليّا في رفضه الى هذا العالم المتدنّي القيّم
فالقصيدة وعي اجتماعي ووعي دينيّ يقتضي التّأمّل والوقوف لترتيب الفوضى واعلاء القيّم
للناسِ ربٌّ ؛ ولكنْ لستُ أعبدُهُ
فالله رَبِّي ورَبُّ الناسِ للناسِ
ولستُ أعبدُ رب المال إن عبدوا
لاربَّ لي غيرُ ربِّ العرشِ ليْ وَاسِ
ربّي هو اللهُ في سمْعِي وفي بصَرِي
أراهُ في كلِّ أشهادي وجُلَّاسِي
ولستُ أنساهُ في لهوي ولا وَطَرِي
ولا أُداريهِ في غاباتِ أغلاسي
صورة تبدو ذات بعد يتسامى الى مراق تتجلّى بنور اللّه الذي قذفه في قلب الشّاعر فهو يدرك الله ببصيرته ولا ينسى ذكره حتى في لهوه وطربه
وددت غوصا أعمق في هذه الصّور التي ترنو الى نسق نوعي وخاص يلج مناطق دقيقة في وجدان الشّاعر....
خفت ألاّ أدركها فقلت أكتفي بهذا ...
مع جام التّقدير والإعجاب بما كتبت شاعرنا القديرد.نبيل قصاب باشي
أصبت يا أخت النجوى في كل ما غصت وفتشت ؛ ولعل الفطرة السليمة تهدي صاحب البصيرة إلى مكمن المعنى المغلف بغيبوبة البصر ، فيرى من خلال ضبابها نور الحقيقة التي تتجلى أحياناً من غفوة واعية ، مما توسوس له التسابيح وتهمس له خواطر وجداناتها ومواجيدها . ولم تتجنبي الصواب حين آثرت عدم الغوص في دلالات هذه النجوى ومرموزاتها ، خلف النص سطح عائم قد يغرق فيه غيرالعارفين الخائفين ، وأنا واحد ممن يتجنب دائماً الغوص في تأويل ما يكتب ، وليس ذلك غريباً ؛ فغيبوبة التشاعر قد لا تسعف شاعرها في كثير من الأحيان من إصابة التفسير ؛ لكن قد تسعفه أحياناً في تلمس بعض إشارات التأويل .. فعذراً لكلينا إن كنا أصبنا أو جافينا الصواب .....
سعيدة أن أكون قد لامست وقاربت مقاصد وجدان شاعر شبّه في أساطيرنا القديمة بطير فينق بطير عنقاء يتحوّل الى رماد ليخرج وينبثق في هيئة جديدة....
ولنتواصل سيدي فكلّ الكلام وكلّ الحروف وكلّ الكتابات جسور عبور نحو الآخر...
دمت متألّقا د.نبيل قصاب باشي
بوركت ياأخا الحرف ففيما ذكرت القول الفصل والحكم العدل .. هذا حال الناس في هذا الزمان ؛ ولعل أبافراس الحمداني كان قد شكا زمانه بمثل ما نشكو منه هذه الأيام منذ ألف عام حين قال :
لقد صار هذا الناس إلا أقلهم === ذئاباً على أجسادهنّ ثيابُ