أراد الله أن نعشق لما أوجد الحسنا
والقى الحــب في قـــــلبك اذ القاه في قلبي
مشـــــــــيئته...وما كانت مشـــيئته بلا معنى
فان احــــببت ماذنبـــــك او احـــببت ما ذنبي
دعي اللاحي وما صنــف والقالـــي وبهتانـــه
اللجـــــدول ان يجـــري وللـــزهرة ان تعبـــق
وللاطيـــاران تشــــتاق ايـــارا والـــــوانــــــه
وما للقلب وهو القلب ان يـهوى وأن يعشق
ا يليا أبو ماضي
الحب : هو إيثار المحبوب على جميع المصحوب . وموافقة الحبيب في المشهد و المغيب. وإيثار مراد المحبوب على مراد المحب . و استلاء ذكر المحبوب على قلب المحب
و الحب نار مقدسة تحرق في الوجدان دنس الشر ، تمحو من القلب حقده ، ومن النفس سأمها ومن الجسد خموله ، و لا يترك لهبها غير الخير و الأمل و الطهر و النشاط ... هو الميل الدائم بالقلب الهائم . ومنذ فجر التاريخ نرى شعر الشعر ابلغ تعبيرعن مشاعر الحبيب لحبيبه وإذا قرأنا التراث الإسلامي وجدنا من كبا ر أامة المسلمين و من التابعين وغيرهم من أحب وتغزل بحبيبته بأشعار تذوب لها القلوب رقةً وعذوبة وهذا ثابت في أشعارهم.
الحب فطرة فطرها الله تعالى في الإنسان. وبالحب قامت السماوات والأرض.و جائزومحمود و مأموربه في الإسلام و مطلوب في كل نواحي الحياة والاحاديث كثيرة ومتواترة تحض عليه إلا أن يؤدي هذا الحب إلى حرام .
علامات الحب عند ابن حزم الاندلسي :
للحب علامات يقفوها الفطن، ويهتدي إليها الذكي فأولها :
إدمان النظر، والعين باب النفس الشارع، وهي المنقبة عن سرائرها، والمعبرة لضمائرها والمعربة عن بواطنه. فترى الناظر لا يطرف، يتنقل بتنقل المحبوب وينزوي بانزوائه،ويميل حيث مال.
ومنها الإقبال بالحديث. فما يكاد يقبل على سوى محبوبه ولو تعمد ذلك، وإن التكلف ليستبين لمن يرمقه فيه، والإنصات لحديثه إذا حدّث، واستغراب كل مايأتي به ولو أنه عين المحال وخرق العادات، وتصديقه وإن كذب، وموافقته وإن ظلم، والشهادة له وإن جار، واتباعه كيف سلك وأي وجه من وجوه القول تناول
ومنهاالاسراع بالسير نحو المكان الذي يكون فيه، والتعمد للقعود بقربه والدنو منه، واطراح الأشغال الموجبة للزوال عنه، والاستهانة بكل خطب جليل داع إلى مفارقته، والتباطؤ في الشيء عند القيام عنه.
ومنها بهت يقع وروعة تبدو على المحب عند رؤية من يحب فجأة وطلوعه بغته.
ومنها اضطراب يبدو على المحب عند رؤية من يشبه محبوبه أو عند سماع إسمه فجأة.
ومنها أن يجود المرء ببذل كل ما كان يقدر عليه مما كان ممتنعاً به قبل ذلك، كأنه هو الموهوب له والمسعي في حظه، كل ذلك ليبدي محاسنه ويرغب في نفسه.
وهذه العلامات تكون قبل استعار نار الحب وتأجج حريقه وتوقد شعله واستطارة لهبه.
فأما إذا تمكن وأخذ مأخذه فحينئذ ترى الحديث سراراً، والإعراض عن كل ماحضر إلا عن المحبوب جهاراً.
ومن علاماته وشواهده الظاهرة لكل ذي بصر, الإنبساط الكثير الزائد والتضايق في المكان الواسع والمجاذبة على الشيء يأخذه أحدهم وكثرةالغمز الخفي والميل بالإتكاء والتعمد لمس اليد عند المحادثة ولمس ما أمكن من الأعضاء الظاهرة وشرب فضلة ما أبقى المحبوب في الإناء وتحري المكان الذي يقابله فيه. ويعرض للصادق المودة أن يبتدئ في الطعام وهو له مشته فما هو إلا وقت، ما تهتاج له من ذكر من يحب صار الطعام غصة في الحلق وشجى في المرء. وهكذا في الماء وفي الحديث فإنه متبهجاً فتعرض له خطرة من خطرات الفكر فيمن يحب والتقصير في حديثه، وآية ذلك الوجوم والإطراق وشدة الانفلاق، فبينما هو طلق الوجه خفيف الحركات صار منطبقاً متثاقلاً حائر النفس جامد الحركة يبرم من الكلمة ويضجر من السؤال .
ومن علاماته حب الوحدة والإنس بالانفراد، ونحول الجسم دون حدي كون فيه ولا وجع مانع من التقلب والحركة والمشي. دليل لا يكذب ومخبر لا يخون عن كلمة في النفس كامنة. والسهر من أعراض المحبين.
ومن علاماته أنك ترى المحب يحب آهل محبوبه وقرابته وخاصته حتى يكونوا أحظى لديه من أهله ونفسه ومن جميع خاصته.
والبكاء من علامات المحب ولكن يتفاضلون فيه، فمنهم غزير الدمع هامل الشؤون تجيبه عينه وتحضره عبرته إذا شاء، ومنهم جمود العين عديم الدمع.
ومن آياته مراعاة المحب لمحبوبه، وحفظه لكل ما يقع منه، وبحثه عن أخباره حتى لا تسقط عنه دقيقة ولا جليلة، وتتبعه لحركاته (انتهى )
ونستعرض بعض أشعار بعض الفقهاء من السلف الصالح قالوا أشعاراً عن الحب تذوب لها القلوب:
يقول كعب بن زهير في هذه القصيدة من التغزل واالتشبيب في محبوبته أبياتاً تذوب رقة وعذوبة منها الأبيات التالية :
وهذا القاضي الإمام الفقيه عبدالوهاب المالكي
يقول :
و نائمة قبلتها فتنبهت و قالت ……. تعالوا و اطلبوا اللص بالحد
فقلت لها إني فديتك غاصبٌ …….و ما حكموا في غاصب بسوى الرد
خذيها وكفي عن اثيم ظلامة…… و ان انتي لم ترضي فالفا على العد
فقالت قصاص يشهدالعقل …….أ نه على كبد الجاني الذ من الشهد
فباتت يميني وهي هيمان خصرها …..و باتت يساري وهي واسطة العقد
فقالت الم تخبر بانك زاهد ……فقلتُ بلى مازلت ازهد في الزهد.
وكذلك عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أحد فقهاء المدينة السبعة من كبار التابعين قال عنه الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز: لمجلس من عبيد الله لوكان حيا، أحب إلي من الدنيا وما فيها. وإني لأشتري ليلة من ليالي عبيد الله بألف دينار من بيت المال، فقالوا: يا أمير المؤمنين، تقول هذا مع شدة تحريك وشدة تحفظك؟ قال: أين يذهب بكم؟ والله إني لأعود برأيه ونصيحته ومشورته على بيت المال بألوف وألوف.
وكان الإمام الزهري يقول: سمعت من العلم شيئا كثيرا، فظننت أني اكتفيت حتى لقيت عبيد الله فإذا كأني ليس في يدي شيء! نراه. يقول هذه الابيات الغزلية الرقيقة :
شققت القلب ثم ذررت فيـه
هواك فليم فالتمامالفطور
تغلغل حب عشمة في فؤادي
فباديه مع الخافي يسيـر
تغلغل حيث لم يبلغ شـراب
ولا حزن ولم يبلغ سروري .
ويقول:
كتمت الهوى حتى أضر بك الكتمُ
ولامـك أقـوام ولومهـم ظلـم
ونمّ عليـك الكاشحون و قبلهـم
عليك الهـوى قد نم لو نفع النم
وزادك إغـراء بها طـول بخلها
عليك وأبلى لحم أعظمك الهـم
فأصبحت كالنهدي إذ مات حسرة
على إثر هند أو كمن سقي السم
ألا من لنفس لا تمـوت فينقضي
شقاها ولا تحيا حياة لهاطعـم
تجنبـت إتيـان الحبيـب تأثمـا
ألا إن هجران الحبيب هوالإثـم
فـذق هجـرها إن كنت تزعم أنه
رشاد ألا يا ربما كذب الزعـم
وكان يقول هذا الغزل والتشبيب ولم يكن يخفي ما في قلبه، بل كان إذا لقيه ابن المسيب فيسأله ماهذا الغزل والتشبيب يا عُبيد الله فيقول له لابد للمصدور أن ينفث.
وللشاعر الفقيه والعالم الشريف الرضي هذه الأبيات الغزلية الرائعة :
يا ظبية البان ترعى في خمائله
ليهنك اليوم ان القلب مرعاك
الماءعندك مبذول لشاربه
وليس يرويك الا مدمعي الباكي
ونرى القاضي سوار ( الأصغر) بن عبد الله من أ كبار فقهاء القرن الثالث يقول في محبوبته :
سلبـت عظامي لحمهـا فتركتهـا
عـوارى في أجلادهـا تتكسـر
وأخليـت منهـا مخّهـا فكأنها
أنابيب في أجوافها الريح تصفر
إذا سمعـت باسم الفـراق ترعّدت
مفاصلها من هـول ما تتحـذر
منعـت تحيتها فقلـت لصاحبي
ما كان أكثـرها لنـا وأقلها!
فدنا فقـال ، لعلهـا معـذورة
من أجل رقبتها، فقلت : لعلها
بلغ من إعجاب أبا السائب المخزومي لما سمعها حلف أنه لا يأكل بها طعاما إلى الليل!.ـ
وهذا من أروع الشعر وأحلاه، وهذا شعر شاعر لم ينطق بالشعرتقليدا، وإنما قال عن شعور، ونطق عن حب، فما يخفى كلام المحبين يقول :
قالت ( وأبثثتها وجدي فبحت به ):
قد كنت عندي تحب الستر، فاستتر
ألست تبصر منحولي؟ فقلت لها:
غطى هواك وما ألقى على بصري
يقول عروة بن أًذينة :
إذا وجدت أوار الحب في كبدي
عمدت نحو سقاء الماء أبترد
هبني بردت ببرد الماء ظاهره
فمن لحر على الأحشاء يتّقد!؟
و يحكى أن الإمام محمد بن داود الظاهري جاءته يوما فتيا مضمنها
يا ابن داود يا فقيه العراق ِ
أفتنـا في قواتل الأحداق
هل عليها بما أتت من جناح
أم حلال لهـا دم العشـاق؟
فأخذالورقة وتأملها طويلا ثم كتب خلفها
عندي جواب مسائل العشـاق
فاسمعه من قرح الحشا مشتاق
لما سألت عن الهوى هيجْتني
وأرقت دمعًا لم يكن بمراق
إن كان معشوقًا يعذب عاشقًا
كان المعـذب أنعم العشاق
قالت ( وأبثثتها وجدي فبحت به ):
قد كنت عندي تحب الستر، فاستتر
ألست تبصر منحولي؟ فقلت لها:
غطى هواك وما ألقى على بصري
ما أروع أن يكتنف السّتر الحبّ بين المحبين ....
وما أروع العذريّة والعفّة في الحبّ
شكرا لهذه الحدائق المزهرة في الحبّ والتي بثثتها هنا في انتقاء رفيع ورائع ...
تقديري با سودان الرّاقي
ياله من أندلسي عاشق
تحدث عن لسان كل القلوب
قال كل شيء نيابة عن مشاعرنا حتى آخر بحّة
دراسة متقنة تنم عن ذائقة مميزة
شكرا على الإختيار الأكثر من رائع
كن بخير