قال أبو صخر الهذلي
أما والذي أبكى وأضحك والذي ... امات وأحيا والذي أمرهُ الأمرُ
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يروعهما الذعرُ
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها ... فلما انقضى ما بيننا سكن الدهرُ
فيا حبها زدني جوىً كل ليلةٍ ... ويا سلوة الأيام موعدك الحشرُ
وإني لتعروني لذكراك روعةٌ ... كما انتفض العصفور بلله القطرُ
وإني لآتيها أريد عتابها ... وأوعدها بالهجر ما برق الفجرُ
فما هو إلا أن أراها فجاءةً ... فأبهت لا عرفٌ لدي ولا نكرُ
وأنسى الذي قد كنت فيه أتيتها ... كما قد تنسي لبَّ شاربها الخمرُ
ويمنعني من بعض إنكار ظلمها ... إذا ظلمت يوماً وإن كان لي عذرُ :
مخافة أني قد علمت لئن بدا ... لي الهجر منها ما على هجرها صبرُ
وأني لا أدري إذا النفس أشرفت ... على هجرها ما يصنعن بي الهجرُ
وقول ابن الملوح :
كأن على أنيابها الخمر شابها ... بماء الندى من آخر الليل عابقُ
وما ذقته إلا بعيني تفرساً ... كما شيم من أعلى السحابة بارقُ
يضم علي الليل أوصال حبكم ... كما ضم أزرار القميص البنائقُ
وماذا عسى الواشون أن يتحدثوا ... سوى أن يقولوا: إنني لك عاشقُ
أجل، صدق الواشون، أنت حبيبةٌ ... إلي وإن لم تصف منك الخلائقُ
قول الأقرع بن معاذ القشيري :
سلامٌ على من لا يمل كلامه ... وإن عاشرته النفس عصراً إلى عصرِ
فما الشمس وافت يوم دجنٍ فأشرقت ... ولا البدر وافى أسعداً ليلة البدرِ
بأحسن منها، أو تزيد ملاحةً ... على ذاك، أو راءى المحب ؟ فما أدري !
مضرس بن قرط بن حارثٍ المزني :
تكذبني بالودِّ سُعدى فليتها ... تحمل مني مثله فتذوقُ
ولو تعلمين العلم أيقنت أنني ... لكم والهدايا المشعرات صديقُ
أذود سواد العين عنك وماله ... إلى أحدٍ إلا إليك طريقُ
أهم بصرم الحبل ثم يردني ... إليك من النفس الشعاع فريقُ
وكادت بلاد الله ... يا أم مالكٍ بما رحبت يوماً علي تضيقُ
تتوق إليك النفس ثم أردها ... حياءً، ومثلي بالحياء حقيقُ
قال آخر :
أمزمعةٌ للبين ليلى ولم يمت ؟ ... كأنك عما قد أظلك غافلُ !
ستعلم إن زالت بهم غربة النوى ... وزالوا بليلى أن لبك زائلُ
وأنك مسلوب التبصر والأسى ... إذا بعدت ممن تحب المنازلُ
وقال آخر :
يقر بعيني ان أرى من بلادها ... ذرى عقدات الأجرع المتقاودِ
وأن أرد الماء الذي وردت به ... سليمى، وقد مل السرى كل واحدِ
وألصق أحشائي ببرد حياضهِ ... ولو كان مخلوطاً بسم الأساودِ
اللّه وللّه درّك يا فاضلنا باسودان فقد أمتعتنا بروائع الشّعر ومتونه القديمة ...
فما عدنا اليوم نعثر على هذه القصائد التي حفل بها شعر أسلافنا ...
القصيدة اليوم يا باسودان تلتحف الوجع والخذلان وما عادت تحطّ بنا على مرافئ الصباحات النّديّة...والوفاء وزغردة المشاعر والقلوب
سلمت با سودان فإنتقاءاتك دوما رفيعة الذّائقة.
أمزمعةٌ للبين ليلى ولم يمت ؟ ... كأنك عما قد أظلك غافلُ !
ستعلم إن زالت بهم غربة النوى ... وزالوا بليلى أن لبك زائلُ
وأنك مسلوب التبصر والأسى ... إذا بعدت ممن تحب المنازلُ
أروع ما قيل في الغزل ماقيل بعد
وإن كان ما نثرته عنوانا للروعة فيه
الغزل حقل الشعر النامي الممتد إلى أقصى تخوم الكينونة
حتى الرمق الأخير لقلوب
تدمن ارتشاف الحب رحيقا للروح ولونا للنبض
حييت وبوركت أيها الرائع
ويظل الغزل من الاغراض الشعرية التي تبرهن عن العلاقة الابدية بين الرحل والمرأة
ورغم تطور الاغراض تظل الاغراض التقليدية القديمة ذات نكهة خاصة ترسم لنا البيئة التي ولدت وترعرعت فيها
فعلاً يا أستاذة ليلى الغزل نبع الحياة، والود والمحبة
واعتقد الأدب العرب وخاصة القديم منه زاخر بشعر الغزل
لا اعتقد ان في آداب الأمم الأخرى شعر غزل كما هو في الأدب العربي.
العرب قديماً وحديثاً بتطبيعتهم ميالون إلى الغزل،
وقد تفوقوا على آداب الأمم الأخرى في شعر الغزل.
وهذا من رقة قلوبهم. كنت في بداية أمري معجبا
بقصيدة بدر شاكر السياب التي يقبول فيها :