عرض لي إشكال تقني في هاتفي المحمول ألزمني طريقة وحيدة في تحرير رسائلي قد لا يستسيغها من لا يعرف سببها.
ما الإشكال؟
إنه تعطل زر المسافة؛ لذا فالحروف كلها ستكون ملتصقة، وستضيع الفواصل بين الكلمات، وسيقتضي ذلك من المرسل إليه أن يَزيد وقته ويُحد تفكيره حتى يُنشئ نصا بديلا صحيحا لا تلتصق كلماته.
وما الحل الذي ألزمنيه هذا التعطل؟
إنه إنهاء الكلمات بالحروف التي لا تتصل بما بعدها في اللغة العربية.
ما هي؟
إنها سبعة أحرف هي "ـأ، د، ذ، ر، ز، و، ا".
هذه الأحرف تضمن لي ألا تلتصق الكلمات التصاقا يضيع معالمها وإن كانت ستلتصق التصاقا معناه انعدام المسافات بينها فقط.وقدعانيت الكثير من ذلك في البدء، لكن الإلف يجعل العسير يسيرا، وهو ما كان.
لكنني بعد الاعتياد تذكرت واصل بن عطاء الذي كان يعاني إشكال الراء، وكان يضطر إلى إخلاء كلامه منه. وتذكرت لزوميات المعري، وبدأت لا أقبل التعليل النقدي المشهور عن فعله ذلك.
ما هو التعليل؟
يقولون: إنه كان يُلزم نفسه ما لا يَلزم إظهارا لقدرته اللغوية والفنية.
لكنني بعد إشكال هاتفي بدأت أشك في ذلك، وبدأت أرجح وجود سبب في حياة المعري كان يُلزمه ذلك، لكن هذا السبب لم يصل إلينا، وينبغي البحث عن ذلك بحثا قد يظهر ما لا نتوقعه.
ولم تقتصر إحالات هذا الحدث على واصل والمعري بل تعدتهما إلى الصيحات المتعالية عن عزل النص عن قائله واقعا وحياة وعصرا، والاقتصار على استنطاق النص فقط كما تقول البنيوية.
كيف؟
كنت أقبل ذلك قبلا؛ لأنه جاء ردا على المغالاة في تحليل عصر الأديب قبل الولوج في عمله الأدبي، لكنني بدأت الآن أغير موقفي هذا.