دَمٌ طاهرٌ يَجْري ، ويَجْري ، وَمَا ترى
بَصيصًا من الآمالِ بالقُرْبِ حاضرا
فديتُكِ يا بغدادُ شابَ فؤادُنا
لهولِ الرَّدى ، والصَّبرُ باتَ مُحاذرا
هُنا أتلفَتْ ريحُ الحِمامِ منازلاً
وراحَ حَمامُ الدَوْحِ بالنَّوْحِ كافرا
تلفّتَ دمْعُ الجاهِ يرنو مَواسِمًا
بها يأتسي ، حتى استحالَ سَواترا
وَجَفّ فراتُ العِينِ ، والليلُ واجمٌ
ولا أحَدٌ يهوى العَطاشى مُصَابرا
تناهتْ خُطوبٌ والنّفاقُ يلزّها
لتستعرَ الأيّامُ شجْوًا مشاعرا
وتشتجرُ الآهاتُ ملءَ فضائِنا
تصارعُ أكبادًا هجرْنَ الزَّواهِرا
ويصفعُ خدَّ الحُسْنِ حَرُّ جَهالةٍ
يُبعثر ماضينا ، وينهَشُ حاضِرا
فما حلَّ سِرَّ الدينِ غيرُ مُغفّلٍ
يتيهُ على الأضغاثِ يشري السَّرائرا !
إذا شفّ طيفَ المنتدى باطنيّةٌ
فليسَ بعيبٍ أن تكون مُقامِرا
فِدًا لهوى بغداد جرحُ مشاعري
فيا ليتَ تبقى تبعثُ الوصفَ ساحرا
ويا ليتها الزَّوراء تقفو مباهجي
زهورًا ، وأحلامًا ، ونايًا ، وطائرا
مُعظّمُها يُوحي البشاشة مُغرمًا
وكاظِمُها بالحبِّ يجبر خاطرا
رعا اللهُ أحبابَ المُعلّقِ ما بدا
لدجلة ظبيٌ يمنحُ الصَّفْوَ آسِرا
ويا ربُّ : أدركْ ، يا كفيلُ مُعذّبًا
عِراق كبارِ القوْم يدعوك ناظرا
بأنْ يبتدي للأنسِ عهْدٌ ومعهدٌ
ومرْسى أمانٍ ليس يَنسى مُسافرا !