أقولُ والنارُ تسري في شعابِ دمي = وا حسرتاهُ على بغداد وا ألمي
وا لوعتي من سكاكينٍ تُمزّقُها = كي لا يُرى من عُراها أيُّ مُرتسمِ
ووا دماءَ العراقيين كم هُرقت = على أديمِ الأسى والنـــارِ والعدمِ؟
ووا بكائي ووا حُزني على بلدٍ = كان اسمُهُ عندما أتلوهُ ملءَ فمي
فهو العراقُ الذي كانت مضائفُه = تفيضُ أركانُها بالخيرِ والنعَمِ
وهو العراقُ الذي قد كان مِربدُه = يفوحُ بالشعرِ والإبداعِ والنغمِ
وهو العراقُ الذي ناحت لنكبتِهِ = عينُ الرجالِ وما نامت ولم تنمِ
ياسائلينَ دعوني أشتكي عطشي = فإن قلبي لأهلي في العراق ظَمـي
وإن قلبي حريقٌ ليس يطفئه = إلاّ قيامُك يا بـغداد فلتقُمــي
وفجري الأرضَ بركانا تموج به = أجسادُهم مثلَ موجِ النــارِ في الحممِ
ضاقَ الخناقُ عليهم فامنعي دمَهم = من أن يفرَّ كجنحِ الليلِ في الظُلَمِ
هاقد تدحرجَ في الأنقاضِ مُنكسِرا = بوشُ المخاتلُ حتى ديسَ بالقدمِ
مودّعاً بحذاءٍ صاغَ منتظرٌ = طريقَهُ نحو وجهٍ قُدّ من سُدُم
فكلّما مرّ قومٌ قال قائلُهم : = هذا الذي حينَ ولّى بالحذاءِ رُمي
هذا الذي تأنفُ الدنيا لطلعتِهِ = لأنه بائعُ للدينِ والذّمـمِ
هذا الذي كان في إيذائِهِ مرَحا = يمشي لشدّةِ ما يخلو من القيمِ
ألقى على أرضنا الشماء من دمهِ = جمراً وأمطرها سيلاً من الحممِ
يمور بالحقد لايُرضي فرائصَه = إلاّ عويلٌ وأشلاءٌ كمنتقـمِ
إلاّ بمشهد طفل صار يأكلُهُ = الفسفورُ فاحلولكت عيناهُ ثم عَمي
مبددٌ صوتُ أهلي ليس يجمعهم = قلبٌ ولا ولولت موصولةُ الرحمِ
إن نامَ شارونُ عن إيذائنا سِنةً = صوت الخيانة في الإيذاء لم ينمِ
لأنه راضعٌ من صدرهم لبنـاً = وشاربٌ خمرةَ الــــغازي فمًا لفمِ
صاروا بإيذائهم ناراً على علمِ = وقد أذابوا نثارَ السمِّ في الدسمِ
هم يدفعونَ عدانا كي تطيل بنا = قتلاً وكيما يشيعوا أبلغَ الألمِ
ولو تحريتَ عنهم قال قائلُهم = : بأنه قطُ لم يقعد ولم يقُمِ
مخاتلونَ تراهُم في حبائِلِهم = من شدةِ المكرِ بين الخَصمِ والحكَمِ
يُخفونَ في حجرِهم سراً خناجرَهم = ويدلفونَ بلا ظلٍّ ولا قدمِ
باعوا مآذنَ بيتِ الله في ضِعةٍ = واستبدلوا رايةَ الإسلامِ بالصنمِ
بكاءُ أهلي غناءٌ في حناجرِهم = وأدمعي نخبُهم في كلِّ مُضطَرَمِ
وآه بغداد يا أرضي ويا قِيَمي = يـا صبرَ كلِّ العراقيـين في شممِ
ما جئتُ أبكيكِ لا والله معذرةً = لم يعنِ دمعي بأني غير مُبتسـمِ
إني لأعلمُ أنَّ الأسدَ قد كسرت = ظهرَ العدو وأنَّ الغيَّ لم يـَـدُمِ
فالقادسيات مازالت ملاحمهــا = تقض مضجعهم في كل محتـدم
وجيشنا الفذ مازالت فصائلــه = تشيع بين الأعادي أبلغ الألم
ظنوا بأنهمو قد مزقوا إربـا = جيش العراق ، وأذكوا النار في القيم
وما دروا أن جيشا جل خالـالقه = لو زلزل الكون لم يغفل ولم ينـم
فأطفئَت كلَّ أحلامِ الغزاةِ وقد = فرَّ العدوّ بظهرٍ جدّ مُنقصـمِ
تضيء فرسانه الساحات تبصرهم = كبرا يصولون فيها صول مقتحم
لكن قلبي تشظّى عندما شهقت = أمٌّ لموتِ وليدٍ غير مُنفطمِ
وحين أبصرتُ في التلفازِ كوكبةً = من االبرايا بلا سقفٍ ولا خيـــــمِ
فعندها قد أصيبَ القلبُ بالصممِ = أحسستُ أن جناحَ الخافقينِ دُمي
أحسستُ أني سأمشي أدمعاً ودماً = زحفاً على الرأس لا مشياً على القدمِ
لكي أصلي لجذع يحتمينَ بهِ = وأفتديه بأولادي ونضح دمي
وكي أقيمَ من الأضلاعِ في جسدي = سدّاً يقيهُنَّ هَولاً جِدُّ مُحتــَدمِ
من أين لي
أن أستردَّ براءةَ الذكرى
بهاتيك السنين ؟
وبهاء كركرة لأنثى الماء
و هي تمدُّ خيطَ النار
بين عراء سرّتِها
و ثغر الياسمين ؟
**************
من أين لي
أن أغرقَ الانهار
بالعطشِ المقدَّسِ
والرياح أصمّها بتقطع الأنفاس
ثم أقيم بينهما صلاتي
من أين لي
أن أرتدي كفن القصيدة
كي أطهِّرَ ما تلبَّدَ
من غيومٍ في حياتي ؟
************
من أين لي
أن أشتري موتًا
يعيد لي الحياة
بلا صراخٍ أو أنين ؟
من أين لي
أن أوسعَ الأحبابَ
ضرباَ بالمودة و الحنين ؟
************
من أين لي
أن أشرئبَّ إليه في المعنى
و خاصرة الكلام
مثقوبة
و أصابع الرؤيا تماهت
حدّ أنْ سقطتْ من الأعلى
شواهينُ الغواية
في الظلام ؟
***********
من أين لي
أن أرتئي شجراَ
لمحراث الكنايه ؟
و نبال قبُّرة
أضاعتْ عشَّها
كي تستحيلَ
على الرمايه ؟
************
من أين لي
و حصاد ذاكرتي
ارتدى حطباَ
و ضيَّع مِنجلي
و العاصف السري
ألبس جثة البوح المجلجل
ساكنًا
من غير حنجرة
تبدَّد في الصدى
المتآكل ؟
*************
من أين لي
أن أشتري ألماَ يصيحُ
و ثغاء سوسنة
يكفكفُ دمعَها
عطرٌجريح ؟
***********
من أين لي
أن أقتني
حلمًا مريضًا ليس يشفى
و رذاذ جمرٍ فوق سطح الماء
أمحل ثم جفاّ ؟
************
من أين لي
أن أرتدي جسدي
و أحملُ قامتي
و أدورُ حولي
و أنا الذي قد جيء بي
و رُمِيتُ في الصحراء
حتى متًّ قبلي ؟
**********
من أين لي
أن أرسمَ الفوضى
بريشة كاهنٍ
لبسَ العراء
و فزَّزالأحلام
و ابتكر الطفولة
ثم نام
أو أن أجيئ إليه و هو يشد ّ
أطياف البنفسج
ثم يوغلُ في الزحام ؟
***************
من أين لي
أن أسرقَ التفاح َ
من كفِّ التي
تركتْهُ بين مضاربِ الغرباء
محتفيًا
بدمعته ينوح ؟
أو أن أقضَّ
مضاجعَ الكلمات
كي تصحو
فتمنحني خلاصةَ ما يبوح ؟
*************
من أين لي
أن أستجير بنار حزن
كان ضمَّخ وردتي السوداء
بالألم المفضض
و هو يهطلُ من رؤاه
أو أن أقبــّـــلَ صفوةَ الشعراء
مندلقين يلتقطونَ
أوراقَ البنفسج
و هي تسقط من أساه ؟
************
من أين لي
أن أمسكَ الضوءَ المبدَّدَ
و هو منزلقًا يسيلُ
على مرايا الروح
كي يفضي لمملكة السؤال
و بنات قافيتي
ارتدين من الأسى
ثوباَ من الأبنوس
أسود
ثم أطفأن الشموع
و سرنَ وحدانًا إليه
كأنهن إلى زوال ؟
**********
من أين لي
أن أنزلَ الطير المحلِّقَ
من سماه ؟
و أصابعي مبتورة المسرى
و قوس البوحِ أعمى
هل كان للصياد
إلاّ أن يصيرَ
لكل من أرخى
و شد ّ القوس
مرمى ؟
سراج
المحبة
عادل الشرقي
مهداة إلى روح الشاعر الفقيد
مصطفى جمال الدين
أسرجت في الأفق البعيد خيالي= لأراه يفترش المدى بــجلال
وأرى الآليء في يديه بريقها= درر من الكلم البديـــع يـلالي
هل للفتى الملتاع إلاّ أن يرى= بسنا الغدير سعادة الترحـــال
هل للمتيم فيه إلاّ أن يرى= بوحا تناثر من فم وخيــــــال
هوبوح سيدنا ونجم قصيدنا= صوت العروبة مصطفى بن جمال
يسعى لحيدر يستضيء بنوره= سعي المحب الوالـــــــه النهـــّال
ويقول يانفسي اشربي بمودة= من ماء كوثره الطهور الغـــالي
ولتنسجي الكلمات بين أصابع=المعنى وصولي صولة الخيــّال
لتََفززالأحلام من غفواتـــــــها= ويفك كاهلها من الأغــــــــلال
ويدار جنح الريح كي يهمي السنا= كسرا فيغدو الأفق بحر زلال
وليطلق الضوء المفضض في أتو=ن الليل غير مهادن ومبـــــال
ياسيد الأمواج ماهي حــــــيلتي= كي تحتويني ساحلا لرمالي
ها قد أتيت إليك مشتعل الخطى= والأمنيـــــات تنـــــــوء بالأثقال
فأريــــك دمعة شاعر قد أحرقت= من فرط شدة نارها آمالــي
ولئن فككت خطاي لفّت حبلها = حولي لتنسج ظلها بظلالي
ألأن جمر الماء مسّ أصابعــــــــــي=بلظاه فاشتعلت به أوصالي
أم أن هول الليــــــــل أشبع مهجتي=ألما ففجّ القلب بالأهــــــوال
هيأت أشرعتي وجئت مســــــــافرا=ووقفت مابيني وبين مآلــــي
وأقمت من فيض السراب لهجرتي =بيتا لأملأ بالفراغ سلالــــي
ونسجت من عريــــي رداء أتّقي= بعض انكساراتي به وهزالي
ياسيد الأمواج كان لقاربــــــــي =أن أتعب الشطآن بالترحال
فعلام أنكرت الأيائل رميتـــــي= وعلام غيبت الغيوم هلالـي
إمسح دموع أساي علّ طفولتي= تأوي وهدهدها يرقّ لحالـي
ولأن قبّرة الرؤى قد غادرت= عـشّ الكلام وكوثر التســآل
هادنت من رحلت قوافل حبهم =عني وأذكوا النار في أسـمالي
هم أنكروني حين كنت أخالهم= ظلاّ يسير حيالهم وحيالــي
فتسللوا مني إليّ نكايـــــــــــة=إذ قطـّعوا بالقرب حبل وصالي
الواهمون أنا وجلّ خطيئتي=أني أتيت إليّ من عذالــــــــــي
هم يكثرون عليّ أن أرث السّدى= أو أزرع الخطوات بالأدغــــال
فتفيئوا ظلي وناموا هجّعــــــــــا= وتقاسموا حلمي وفسحة بالــــي
يهمي القرنفل كلـّمـــا أبصرتهم= دمعا ليجرح بالأريج نصالـــــي
حتى لقد أعيى حمائم غربتـــي= بنشيجه وبدمعه الهمــّـــال
فوقفت مابيني وبين طفولتـــي= ومراكب المعنى تشدّ رحالي
نحوي فأوغل بالغياب لعلّني= أذكي انطفاء العمر بالإيغال
وأنا بلا جسدي حصاني خطوتي= ودليل أسرار الطريق سؤالي
أعوامي الخمسون صارت تحتسي= قلقي وصار بكاؤها موّالـــي
شاء الزمان لها بأن تستنطق= الألم المعبّأ في الفؤاد البالـي
لتشيخ بي لم أدر حين هجرتها=أضحت يميني أم غدوت شمالي
لم أدر هل كنا معا بفراقنا= أم ضاع لمح خيالها وخيالــــي
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 05-28-2018 في 05:33 AM.