أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل، قال: حدَّثنا محمد بن يعقوب الأموي، قال: حدَّثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدَّثنا يونس بن بكير، عن أبي مَعْشَرَ، عن محمد بن كَعْب، قال: كلمت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قريشٌ، فقالوا: يا محمد [إنك] تخبرنا أن موسى عليه السلام كانت معه عصا ضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عَشْرَة عيناً، وأن عيسى عليه السلام كان يحيي الموتى، وأن ثمود كانت لهم ناقة، فائتنا ببعض تلك الآيات حتى نصدقك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: أيُّ شيء تحبون أن آتيكم به؟ فقالوا: تجعل لنا الصَّفَا ذهباً.
قال: فإن فعلت تصدقوني؟
قالوا: نعم، والله لئن فعلت لنتبعنك أجمعين.
فقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يدعو، فجاءه جبريل عليه السلام وقال: إن شئتَ أصبح الصفا ذهباً، ولكني لم أرسل آية فلم يُصَدَّق بها إلا أنزلت العذاب، وإن شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: اتركهم حتى يتوب تائبهم.
يقول تعالى إخباراً عن المشركين أنهم أقسموا باللّه جهد أيمانهم أي حلفوا أيماناً مؤكدة { لئن جاءتهم آية} أي معجزة وخارق { ليؤمنن بها} أي ليصدقنها، { قل إنما الآيات عند اللّه} أي قل يا محمد لهؤلاء الذين يسألونك الآيات تعنتاً وكفراً وعناداً لا على سبيل الهدى والاسترشاد، إنما مرجع هذه الآيات إلى اللّه إن شاء جاءكم بها وإن شاء ترككم، قال ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال: كلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وصحبه وسلم قريش فقالوا: يا محمد تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، وتخبرنا أن عيسى كان يحيي الموتى، وتخبرنا أن ثمود كانت لهم ناقة، فأتنا من الآيات حتى نصدقك، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وصحبه وسلم: (أي شيء تحبون أن آتيكم به؟)
قالوا: تجعل لنا الصفا ذهباً، فقال لهم: (فإن فعلت تصدقوني)؟
قالوا: نعم واللّه لئن فعلت لنتبعك أجمعون، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وصحبه وسلم يدعو فجاءه جبريل عليه السلام، فقال له: ما شئت، إن شئت أصبح الصفا ذهباً، ولئن أرسل آية فلم يصدقوا عند ذلك ليعذبنهم، وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم.
فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وصحبه وسلم: (بل يتوب تائبهم)، فأنزل اللّه تعالى: { وأقسموا باللّه جهد أيمانهم} إلى قوله تعالى: { ولكن أكثرهم يجهلون}[2]
وقال اللّه تعالى: { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون}[3] الآية، وقوله تعالى: { وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون}، قيل المخاطب بما يشعركم، المشركون، وإليه ذهب مجاهد وقيل: المخاطب بقوله: { وما يشعركم} المؤمنون، ويقول: وما يدريكم أيها المؤمنون أنها إذا جاءت لا يؤمنون.
وقوله تعالى: { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة}، قال ابن عباس في هذه الآية: لما جحد المشركون ما أنزل اللّه لم تثبت قلوبهم على شيء وردت عن كل أمر.
وقال مجاهد في قوله { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم}: ونحول بينهم وبين الإيمان ولو جاءتهم كل آية فلا يؤمنون كما حلنا بينهم وبين الإيمان أول مرة، وقال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: أخبر اللّه ما العباد قائلون قبل أن يقولوه وعملهم قبل أن يعملوه، وقال: { ولا ينبئك مثل خبير}[4] جل وعلا { أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب اللّه} إلى قوله: { لو أن لي كرة فأكون من المحسنين} فأخبر اللّه سبحانه وتعالى أنهم لو ردوا لم يكونوا على الهدى، وقال: { ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون}[5]، وقال تعالى: { ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة}، وقال: ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا، وقوله: { ونذرهم} أي نتركهم { في طغيانهم}، قال ابن عباس والسدي: في كفرهم.
وقال أبو العالية وقتادة: في ضلالهم { يعمهون} قال الأعمش يلعبون، وقال ابن عباس ومجاهد: في كفرهم يترددون.
[1] أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي [2] قال ابن كثير: وهذا مرسل وله شواهد من وجوه أخر [3] الإسراء 59 [4] فاطر 14 [5] الأنعام 28