{ في قلوبهم مرضٌ} أي شكٌّ { فزادهم الله مرضا} شكا، وعن ابن عباس { مرضٌ} نفاقٌ { فزادهم الله مرضا} نفاقا، وهذا كالأول.
وقال عبدالرحمن بن أسلم: هذا مرضٌ في الدين وليس مرضا في الأجساد، والمرض الشك الذي دخلهم في الإسلام { فزادهم الله مرضا} أي زادهم رجسا.
وقرأ: { فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون. وأمّا الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم}[1]يعني شرا إلى شرهم، ضلالة إلى ضلالتهم وهذا الذي قاله هو الجزاء من جنس العمل { ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون} وقرئ يَكْذبون و ويُكَذّبون وقد كانوا متصفين بهذا وهذا، فإنهم كانوا كذبة ويكذبون بالغيب، يجمعون بين هذا وهذا، وحكمة كفّه عليه الصلاة والسلام عن قتل المنافقين، مع علمه بأعيان بعضهم ما ثبت في الصحيحين أنه صلى اللّه عليه وآله وصحبه وسلم قال لعمر رضي اللّه عنه: (أكره أن يتحدث العرب أن محمدا يقتل أصحابه)[2] ومعنى هذا خشيته عليه السلام أن يقع بسبب ذلك تغير لكثير من الأعراب عن الدخول في الإسلام، ولا يعلمون حكمة قتله لهم، وأن قتله إياهم إنما هو على الكفر، فإنهم إنما يأخذونه بمجرد ما يظهر لهم فيقولون: إن محمدا يقتل أصحابه.
وقال الشافعي: إنما منع رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وصحبه وسلم من قتل المنافقين ما كانوا يظهرونه من الإسلام مع العلم بنفاقهم، لأن ما يظهرونه يجبُّ ما قبله، وفي الحديث المجمع على صحته: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على اللّه عز وجل)[3]
ومعنى هذا أن من قالها جرت عليه أحكام الإسلام ظاهرا، فإن كان يعتقدها وجد ثواب ذلك في الآخرة، وإن لم يعتقدها لم ينفعه جريان الحكم عليه في الدنيا { ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله}[4] الآية فهم يخالطونهم في المحشر فإذا حقت المحقوقية تميزوا منهم وتخلفوا بعدهم { وحيل بينهم وبين ما يشتهون}[5] .
[1]التوبة 124-125 [2] هو جزء من حديث شريف أخرجه الشيخان [3] أخرجه الشيخان وهو حديث متواتر [4]الحديد 14 [5]سبأ 54