سأعلنها إلى كل الرفاق ِ
هوايَ اليومَ يا دنيا عراقي
*
وحُبي اليومَ يا –بغدادُ –لحنٌ
تردِّدُه البلابلُ للسواقي
حيّاك الله أيها الأصيل وهذا ديدن الأنقياء في الوقوف مع أشقائهم في الظروف الصعبة.
تثبّت
مع التقدير
وأعطر التحايا
بغداد في الصدور قبل السطور
بغداد تاريخ عز ومجد لنا كأمة
بانتصارها ننتصروبانكسارها ننكسر
سلمت بغداد والعراق وشعب العراق
شكرا أخي ماظم الطيب على روعة منثورك
وثبتك الله على الخير
سأعلنها إلى كل الرفاق ِ هوايَ اليومَ يا دنيا عراقي * وحُبي اليومَ يا –بغدادُ –لحنٌ تردِّدُه البلابلُ للسواقي * هوى الأرواح ِ مجدولٌ بقلبي ولا يقوى على نار ِ الفراق ِ * فلا والله ما لاحت ْ لعيني ولا خطرَتْ على بال ِ اشتياقي * يسافرُ طيفها في الروح ِ شهدا ً شهيَّ اللون ِ معسولَ المذاق ِ * تعالَيْ في المنام ِ بكاس عشق ٍ وفكي عن شراييني وثاقي * أحلِّقُ في سمائك ِ كلَّ يوم ٍ وأشربُ من شفاهك ِ والمآقي * حروفك ِ نبعُ دفء ٍ في عروقي وكفك ِ فوق رأسي خيرُ راقي * فيا عمري أحبكِ نهرَ عطر ٍ يخففُ مِن تباريح ِ احتراقي * فنامي فوق صدري واطمئني فعشقُ الروح ِ مقطوعُ العناق ِ ***************************
نرى الشاعر هنا يُبادرُ في مطلع قصيدته للبوح والتصريح في هواه ..وكأنّ تلك الأشواق الحبيسة في وجدانه ، لم يستطع كتمانها فترة أطول ...أليس في البوْح راحة ؟
وفي هذا يقول المتنبي :
الحبّ ما منع الكلام الألسنا
وألذّ شكوى عاشق ما أعلنا
ولكن ...
أيّ بوْح أراد الشاعر أن يبوح به ، أتُراهُ ما صرّح به وهو حبّه لبغداد ، أم حبّ من سكن بغداد ؟
وهل القصيدة فيها من البلاغة الدلالة الحاليّة ، وهي أن يذكر المكان ويريد الحالّين في المكان ...
ففي القرآن الكريم في سورة العلق قول الله تبارك في علاه في سورة الغلق : ( فليدعُ ناديه ) صدق الله العظيم ...وهنا ذكر المحل ( النادي ) وأراد الحالّين في المحل ( زعماء قريش ) ...
سأعلنها إلى كلّ الرفاق
هوايَ اليوم يا دنيا عراقي
الإعلان للرفاق وهم المقرّبون من نفس الشاعر ، وقد يكونوا رفقاء وهميين ، كما هو الحال عند الشاعر العربي في مقدمات قصائده حين يخاطب الخليلين أو الخليل ، فالشاعر في رحلته في الصحراء وما فيها من قسوة ووحشة كان يعمد لخطاب الخليل الوهمي مما يبعث الأنس في وجدانه ..........الخ .
ونرى أن الشاعر ذكر المحل ( العراق ) وأراد الحالّين فيه ، ولو أراد العراق لقال مثلا :
فقلبي قد تعلّق بالعراق ِ
ثمّ نراه يستدرك بوحه الإنفعالي في مطلع قصيدته ، فيخاطب الأنثى ( بغداد ) ، لماذا خصّها دون مدن العراق ؟ لو لم تكن بغداد هنا هي الأنثى التي تعلّق بها ..
وحبي اليوم يا ــ بغدادُ ــ لحن ٌ
تردّدهُ البلابلُ للسواقي
ثمّ نجد الشاعر يوضحُ طبيعة هذا العشق ، فهو عشق روحي ، تمكّن من قلبه :
هوى الأرواحِ مجدولٌ بقلبي
ولا يقوى على نار ِ الفراق ِ
جميلة هي الصورة حين صوّر لنا أن هذا العشق كما الجديلة التي تربط القلب ...وهذا الحب لا يستطيع مقاومة الفراق / الغياب ...فالعاشق رغم أنّ حبّه روحي لم يرق لدرجة الوصال المادي المحسوس ، إلا أنه لا يستطيع أن يتحمل البعد والتنائي ...
ويقدم العاشق قَسَماً ...
فلا والله ِ ما لاحت لعيني
ولا خطرت على بالي اشتياقي
ثمّ يؤكد أن العشق روحي ، فخيالها يمرّ في وجدانه كالعسل لجماله ، حلو المذاق ، لونه يجذب القلب والروح ...
يسافرُ طيفها في الروح ِ شهدا ً شهيَّ اللون ِ معسولَ المذاق ِ
ويتطلع لزيارتها له في منامه ، لأن الواقع يحرمه من لقائها ، ( ألا ليت أحلام المنام يقين ) ...
فلقاء في النوم مع شدة الحب يحمل متعة اللقاء كأنه حقيقة ....لقاء تتحرر فيه العروق والشرايين وتنبض بحبه ،
تعالَيْ في المنام ِ بكاس عشق ٍ وفكي عن شراييني وثاقي
وهو يستحضرها في خياله وتصوراته ، ويعانقها ...
أحلِّقُ في سمائك ِ كلَّ يوم ٍ وأشربُ من شفاهك ِ والمآقي
وطريقة رصده لها هو كلماتها ، وحروفها ، وهذه الكلمات مصدر الدفء لشرايينه وعروقه ...
حروفك ِ نبعُ دفء ٍ في عروقي وكفك ِ فوق رأسي خيرُ راقي
وهذا العشق الروحي قد نال منه ، ويواسي نفسه من خلال خطابه في خاتمة القصيدة ،وكأنها هي التي تعاني البعد والمسافة ...فيطلب منها أن تغفو على صدره حيث يقيم قلبه ، مذكراً نفسه من خلال توجيه الخطاب لها أن هذا الحب ما هو الا حب روحي ، لا عناق فيه ولا لقاء محسوس ....والشاعر في ختام القصيدة يوضح أن حبه ليس من طرف واحد صامت ، فهو عشق قد تمكن من قلبه وقلبها رغم انه روحي ...
فنامي فوق صدري واطمئني فعشقُ الروح ِ مقطوعُ العناق ِ