على ناصية الحرف : حوار جاد مع الشاعر العراقي الراقي عواد الشقاقي
على ناصية الحرف : حوار جاد مع الشاعر العراقي عواد الشقاقي
-----------------------------------------
على صفحات الماء المذهب يكون الإبحار ماتعا يطرز أشرعة المساء بنجوم الألق لتستيقظ الأقلام على مناجاة الحروف فتتبدى لنا اهتزازات المحابر حين ترقص مبتهجة لتروي فضاءات الحوار في جو دافئ يفيض من أخدوده المحبة و الود .. تبتلع الوجع المحنى بعذابات الوطن وتسحق روابي الهموم والانتظار مع أولى خطوات الأمل يُقبل هذا الأمل وفي قبضته أمانٍ وابتساماتٌ خجولة تداري خلفها مرارة الواقع .. تختال بين صفوف الجمع لترحب بضيف طالما شدّنا شذا قلمه فــ تتبعنا خطو حروفه المتدحرجة على
سلم المشاعر بانتظام والمتأثرة بهبوب الشرق الباذخة لنقطف معاً ثمار الألق المتدلي من عناقيد المعاني والصور لنا مع قلمه وقفات في كل مرة يرسل الإلهام جنوده لاقتحام وحدته و مشاغبة أفكاره ليثورالقلم ثوراته المبهرة و يتلو لنا آيات المشاعر في زمن تعاني منه القحط الأدبي فــ لقيمات الشعراء باتت لاتُشبع عقول القراء ولا نقير أقلامهم .. هنا سيكون اللقاء حتما مأهولا بهذه القامه الباذخة بحضورها وهو ضيفي الشاعر المبدع ابن العراق الشامخ عواد الشقاقي
عواد الشقاقي شاعر عراقي من مواليد بغداد – العراق ، عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق و عضو المجلس العراقي للسلم والتضامن ، و نشرت له العديد من القصائد و المقالات في الصحف العراقية الورقية و الإلكترونية وككل شاعر متألق سبق و أن شارك في العديد من المهرجانات كالمربد والمتنبي وحصل على شهادات تقديرية عديدة كما له العديد من الأناشيد الملحنة والمغناة ضمن فعاليات تربية محافظة بابل وله ديوان شعر صادر بعنوان ( أحلام باردة ) وآخر تحت الطبع . أهلا و مرحباً بك على ناصية الحرف شاعرنا الكريم ..
سفانة بنت الشاطىء
سأبدأ بسؤال غير تقليدي و أطلب من ضيفي الكريم أن يقدم لنا بطاقة تعريف من نوع خاصة بعيدا عن السيرة الذاتية فماذا تقول ؟
عواد الشقاقي
بداية أتقدم لك شاعرتنا المميزة سفانة بنت الشاطىء بالشكر الجزيل على هذه الضيافة الكريمة جداً بهذه المقدمة التعريفية الجميلة والتي وسمتني في الكثير من جوانبها بما لا أستحقه وأسعى دائماً لأكون فيه عند حسن الظن .. وعوداً على سؤالك فيمكنني التحدث عن عواد الشقاقي كإنسان فأنا غالباً ما أكون منزوياً مع نفسي في زاوية من زوايا البيت للمطالعة والكتابة صادقاً مع نفسي ومع الآخرين ممن حولي ولا أخشى في الحق أحداً وأتحدث بدون تكلف وبصدق تام وإذا صادف أن تعرضت إلى أي ظلم من أيٍ كان من المحيط العام ألجأ إلى الكتابة لأستعيد بها حقي وأنصف نفسي وكرامتي ، أما إذا تعرض غيري من الناس إلى أذى أو أي نوع من أنواع الظلم فاجدني عندها قد خرجت رغماً عن انزوائيتي المعتادة وهرعت إلى الصراخ حتى لو كلفني ذلك ثمناً غالياً
سفانة بنت الشاطىء
لكل مبدع خطوة أولى في حياته مع الإبداع ، كيف تبلورت هذه الخطوة مع شاعرنا و متى ولدت ؟ وهل لازالت الذاكرة تلوكها أم أحضان الورق الدافىء يدغدغها ؟
عواد الشقاقي
منذ تجاوزي مرحلة الدراسة الابتدائية وبداية عمر المراهقة بدأ يدب بين أناملي شعوري بالحاجة إلى قلم غير القلم الذي كنت أدون به واجباتي المدرسية ، قلمٌ يستطيع أن يستوعب ما هو أكبر من الكتابة لغيري ، قلم يشكل لدي كالمحرار الطبي ليدون مقدار درجات الحرارة المتولدة من خفقان القلب واختلاجات المشاعر والأحاسيس نتيجة الظمأ الروحي الحاد لاستيعاب كل الجمال في هذا العالم ومن ثم ليشخص الدواء المناسب بجرعات كبيرة من العاطفة والحب والاشتياق لإطفاء جذوة وحرارة هذا الظمأ ، في هذه الحقبة من حياتي ولدت أول خربشة غزلية بعثت بها لفتاة الأحلام ومنها اشتهرت بين أصدقائي بلقب ( الشاعر ) مما أضفت على حياتي الأدبية طابع الشعور بمسؤولية الكلمة والحرف في مضمار الشعر ، وتنامت لدي بعد ذلك الأفكار بسرعة عندما كانت رياح الحب والأشواق والجمال تعصف كياني بقوة فكانت أولى قصائدي المستوفية لشعريتها وبدعم وتوجيه ونصح من أساتذتي في مرحلة الدراسة الإعدادية وهي الآن ضمن ديواني بعنوان ( ترنيمة الذكريات ) بعد أن أجريت عليها بعض التعديلات أسوة بعدد من القصائد الأخرى التي تبعتها في تلك الفترة وهي أيضاً موجودة ضمن الديوان
سفانة بنت الشاطىء
أحيانا هنالك طقوس اعتيادية أو مجنونة ترافق الدفقات الشعورية للقلم هل للابداع الأدبي لديك طقوس خاصة ؟
عواد الشقاقي
الكتابة هي حاجة روحية ملحة لكل شاعر وبين الشاعر وبينها علاقة صميمية تشده بقوة سحرية لها إما للتعبير عن مناجاة الروح واختلاجات النفس أو بفعل تأثير ما من داخل النفس أو خارجها وفي كلا الحالين خارج حدود الزمان والمكان ، والإلهام هو أداة الكتابة وبدون الإلهام لم تكن هناك حاجة ولا لحظة كتابة ولا كتابة ، والإلهام هو حدث لاشعوري يأتي فجأة بتأثير عناصر الخصب في خيال الشاعر وأرضية الوجع اليومي والجمال وأحيانا يصنع الشاعر إلهامه من خلال عملية صناعة عناصر الخصب من الإنزواء مع الوحدة والقراءة والتأمل
سفانة بنت الشاطىء
للشعر ملهم و للشاعر خصوصية لا يعرفها إلا من يتقن الغوص في عمق الكلمات .. من يدفع قلمك الجميل أكثر لرسم أجمل اللوحات الشعرية ( الوطن - الأنثى ) ؟
عواد الشقاقي
كما ذكرت سلفاً إن الإلهام هو أداة الكتابة لدى الشاعر وينزل بتأثير عناصر الخصب في خياله المكتظ بها مشهده اليومي الحافل بنسيمات الوجع الساخنة ونسيمات الجمال الباردة التي تتلاقح في تيارات المشاعر والأحاسيس والعواطف المتدفقة عند الشاعر ليحدث الهطول الشعري ، فأحياناً يستلهم الشاعر من هذه الأنواء المناخية للشعر ومن هذا التلاقح الروحي في أرضيات الواقع وفي الحدث اليومي الذي يجري فيها ، والوطن هو واحد من أرضيات هذا الواقع وما يجري فيه يدفع الشاعر من خلال تفاعله مع الأحداث الجارية فيه وماتعكسه عليه من إرهاصات للتعبيرعن حاجاته لكتابة الشعر ، كما وأن الأنثى هي أيضاً واحدة من أرضيات هذا الواقع وبطبيعة الحال فلا أجد عواد الشقاقي متمرداً على هذا العرف الشعري الذي يستمد كينونته من أوجاع الوطن وجمال المرأة ، إلا أن الوطن تبقى له طقوسه الخاصة لدى الشاعر متمثلة بالوجع اليومي ، وتبقى المرأة هي الروح والكيان المليء بالعواطف والأحاسيس والشعر فيها له طقوسه الخاصة الأكثر بعداً من كونها طقوساً عامة لدى الشاعر فهي الروح الملتصقة في روح الشاعر
سفانة بنت الشاطىء
رضوخا لمبدأ أن الشاعر ابن بيئته " أين يجد القارئ معالما لبيئتك بين حروفك.. ؟
عواد الشقاقي
بشكل عام إن للبيئة أثرها ومقالها في كلام الشاعر وإن لها أثرها ودورها في تشكيل شخصية الشاعر وأسلوبه ، ولكل بيئة لها أدواتها وألفاظها المختلفة عن البيئات الأخرى والتي تمنح شاعرها تفرده في الأسلوب والكلام وهناك أمثلة وشواهد كثيرة من الشعراء منذ العصر الجاهلي وحتى عصرنا هذا ولعل أشهرها قصة الشاعر البدوي ( علي ابن الجهم ) عندما أراد مدح الخليفة العباسي المتوكل فكان أن مدحه بألفاظ قاسية في قصيدته التي مطلعها (أنت كالكلب في حفاظك للوُدّ == وكالتيسِ في قراع الخطوبِ ) وهذه الألفاظ مستنبطة من واقع البيئة وجغرافيتها الصحراوية على الرغم من رقة ورشاقة معانيها ومقاصدها ، وعلى الرغم من أن مسألة البيئة وتأثيرها على الشاعر يمكن استقراؤها من خلال كلام الشاعر ولغته وأسلوبه في قصائده وهذه يمكن للقارىء الكفء أو الأكاديمي فقط أن يكتشفها أما الشاعر فمن الممكن أن تأتي قصائده موحية بلغتها وألفاظها بأنها تنتمي لبيئة معينة ومحاكية لها في حين أن الشاعر ينتمي لبيئة معينة أخرى وهذه تحصل على أرض الواقع وعلى سبيل المثال أن هناك شاعر من بيئة مدنية يتغنى ويصور حالة حرارة الشوق بشوق الصحاري للمطر مع أنه من بيئة مدنية وليست صحراوية وهي حالة نسبية برأيي الشخصي من باب أن الشاعر يبحث عن فنية القصيدة أينما تكمن وأداته في ذلك مدى ثقافته ومعرفته وسعة خياله ومن الممكن أن يعيش في قصيدته بيئة غير بيئته ، والطبيعة من أهم العوامل المؤثرة في قريحة الشاعرالذي يتسم بأن روحه في قلبه وبالرقة والشفافية بغض النظرعن مكان وبيئة الشاعر الحقيقية .. ومن هنا يصح أن يوجه السؤال إلى القارىء حول معرفة بيئة عواد الشقاقي الشعرية
سفانة بنت الشاطىء
للقلب سطوته و كثيرا ما يحقق انتصارات على العقل فإلى أي ضفة يلجأ قلمك حين يعيش هذا الصراع ؟
عواد الشقاقي
في قصائدي أميل إلى العناية بالتمييز والاختيار لكل عناصر القصيدة لأحقق ما أبتغيه من فرادتها من ناحية الجودة ودقة المعنى ولغتها وبما أن الإختيار لايتم إلا من خلال العقل فلذلك أعتقد أن القارىء سيجد من خلال قراءة واعية وكاشفة لقصائدي من ناحية الصورة الشعرية والانزياح اللغوي والبلاغة الشعرية فيها بأن للخيال والشعور والعاطفة مساحة كبيرة في نسيجها البنيوي والفني لسبب أنني أعتبر أن إهمال الخيال والعاطفة عيباً على القصيدة والشاعر
سفانة بنت الشاطىء
يقال : الفشل .. لَوحَة مكتوب عليها ( لَيسَ مِن هَذا " الإتَجآه " ) لَكِن البعض يقرؤها " تـَوقـّف " ماهي فلسفة ضيفنا القدير مع الفشل ؟
عواد الشقاقي
الفشل هو عدوي اللدود وأتمنى أن أراه لأقتله ، وإذا كان ولابد أن أفضّل أحد الخيارين في السؤال فحتماً لن أكون مع التوقف ، لأن من أصعب المشاعر التي تنغص على الإنسان بشكل عام سعادته وتجعل حياته سوداء هو الشعور بالفشل والإحباط ، وإن كثيراً من الناس يشعرون بأنهم إذا أصيبوا بالفشل لمرة واحدة فسيفشلون في كل مرة ولن تبتسم الحياة لهم من جديد وهذا نابع من الضعف لدى الإنسان ، وعليه فلا بد من أن يكون الإنسان أمام حقيقة أن عليه الإيمان بالصبر أولاً كسبيل للنجاح والجد والمثابرة والتصميم وإذا تطلب الأمر حتى ركوب الخطر من أجل تحقيق أهدافه ، وحسبنا في ذلك قول الشاعر أبو القاسم الشابي :إذا الشعب يوماً أراد الحياة == فلابد أن يستجيب القدر
سفانة بنت الشاطىء
أين هي حدود قلم الشاعر عواد الشقاقي ؟
عواد الشقاقي
حدود قلمي هي آخر نقطة على حدود الحب والشوق والجمال غير المنتهية وحيث لاشيء بعدها
سفانة بنت الشاطىء
ماذا يقول ضيفي القدير عواد الشقاقي عن الساحة الأدبية عموما ؟ و العراقية خصوصا ؟
عواد الشقاقي
على الرغم من كوني لا أحب أن أطلق أحكاماً سريعة على حركة الشعر الواسعة سواء على الساحة العربية أو العراقية كما لا أحب أن أعمم ، وأن غالبية الأدباء اليوم يرون بأن هذه الحركة تمر بحالة من الإنزواء والترقب والإنتظار ، إلّا أنني أرى ومن خلال متابعتي لما ينشره ويُنشده الشعراء اليوم من نتاجاتهم يشتغل البعض منهم على فلسفة الكتابة للنخب وأن غالبية النخب اليوم أخذت تشترط على هؤلاء الشعراء بشكل مباشر أو غير مباشر نمط وشكل الكتابة وفق فلسفتها التي تنهل من موروث غير موروثنا العربي ووجع وجمال غير وجعنا وجمالنا ولذلك أخذ الشعراء يكتبون مالايدرون ويفهمون وأخذ الجمهور يتقهقر والمشهد الشعري يشعر بالخمول ولكن حتماً سيعود الشعر وينشط وستكون له وثبات نوعية من ناحية المستوى الفني وإقبال الجمهور عليه مع زوال عوامل عدم الإستقرار التي يمر بها حالياً
سفانة بنت الشاطىء
ماهو الدور الإيجابي الذي يلعبه الآن المثقف العراقي مع ما يحدث في وطنه ، و هل ترى أملا في التغير في المستقبل المنظور؟
عواد الشقاقي
إن سلطة المثقف والثقافة بشكل عام هي سلطة إبداعية محضة وليست سلطة سياسية أو اجتماعية وأن كل السلطات الأخرى هي منضوية بكل الأحوال ضمن سلطة الإبداع ، وعليه يجب على المثقف اليوم أن يسعى إلى أن لايكون جزء من مؤسسات الدولة السياسية بالوظيفة كما يفعل البعض اليوم للأسف لأنه بذلك سيفقد ما أتاحته له سلطة الإبداع العليا من مراقبة عمل السياسة ورسم السياسة العامة للبلد التي تضع مصلحة الشعب بعين الإعتبار ، ومتى أدرك المثقف أن سلطة الإبداع هي السلطة العليا وتفاعل معها بشكل عملي فعند ذلك يكون الأمل في التغيير على مرمى من طرفة عين
سفانة بنت الشاطىء
يقال : " إننا في زمن النفخ و التهويل " من برأيك السبب وراء كثرة الشعراء و الاصدارات مع شحة الإبداع و المبدعين ؟
عواد الشقاقي
السبب في كل ذلك هو المناخ الثقافي والأدبي غير المستقر القائم على أسس النقد السلبي غير الموضوعي ، وانعدام سبل التنافس النزيه الذي يعتمد على تهميش وإقصاء الآخر وعدم إنصاف الطاقات والمواهب الأدبية الحقيقية ، والركون إلى التعصب وكراهية الآخر ، وعدم تمسك المثقفين والأدباء بأصول العلاقات والحوارالأدبي البناء ، وعدم الابتعاد عن المجاملة القاتلة الهدامة ، وعدم وجود رقابة حقيقية لما يُنشر ويُطبع من نتاجات لاترقى أن يُطلق عليها منجزاً أدبياً ، وكذلك عدم وجود مراقبة لبعض وسائل الإعلام والفضائيات المزيفة من خلال حراكها غير الفاعل على الساحة الأدبية بتسليط الأضواء على فئات معينة من الأدباء وإقصاء فئات أخرى في أسوأ حالاتها تشكل حقائق أدبية .. كل هذه العوامل الموجودة اليوم في الوسط الثقافي والأدبي تعمل على نخر جسد الثقافة والأدب من الداخل وهي التي مَن وضعنا اليوم في دائرة زمن التهويل والنفخ وكثرة الإصدارات وقلة المبدعين
سفانة بنت الشاطىء
الربيع العربي وصف مطاطي لأحداث كبيرة وطويلة هل طرقت قناعتك هذه التسمية ، وهل كان لها أثر إيجابي على الإبداع من خلال متابعاتك ، أم نحن أمام توصيف مطاطي و قلم يحفر في أرض مهتزة ؟
عواد الشقاقي
الربيع العربي من وجهة نظري هو ثورة الشباب العربي الكبرى ضد كل أشكال الدكتاتوريات والظلم الذي تمارسه الأنظمة الحاكمة في بلداننا العربية ، ومانتج عنها من تغيرات في الساحة العربية السياسية شاهد على ذلك وإذا أذعنّا بأي حال من الأحوال إلى كونها ( وصف مطاطي ) فهي بكل الأحوال شكلت البذرة أو بداية المخاض الكبير لولادة الأنظمة العربية الديمقراطية في المستقبل المنظور .. أما فيما يخص أثرها الإيجابي على الإبداع فمن المفترض أن تترك أثراً إيجابياً على الأقلام العربية في حال افتراضية استيعاب هذه الأقلام لإيجابية هذا الربيع بعين الإنصاف وبقراءة واعية ومسؤولة لما تمخض وسيتمخض عنها من تغيرات إيجابية تصب في مصلحة الشعوب العربية وبناء مستقبلها المشرق وبالتالي ستكون هذه الأقلام قد نالت شرف تدوين التأريخ العربي المعاصر الجديد
سفانة بنت الشاطىء
يقول رولان بارت صاحب أروع مقالات النقد الحديث.( عليّ أن أعترف أنني لم أُنتج سوى محاولات والمحاولة جنسٌ لا يخلو من التباس) تواضع الشعراء أمام النقد ، متى يكون ؟ وهل نحن في مرحلة نقدية تستوفي شروط التواضع ؟
عواد الشقاقي
النقد الأدبي هو حالة صحية تقويمية وتقييمية للنصوص والنتاجات الأدبية بشكل عام عندما يكون الناقد قد نظر إلى النصوص الأدبية شعرية كانت أو نثرية بعين الكشف عن مواطن الجمال والقبح معاً معللاً لكل مايقوله بإدلة حقيقية تثير فينا الشعور بأن مايقوله هو حقائق أدبية وأن ما أشار إليه صحيح ، فقط عندما يكون ذلك نستطيع القول عندها بأننا أمام نقد أدبي حقيقي وبنّاء وعلى الشاعر والكاتب أن يُذعن لذلك ويتقبله بموضوعية عالية وأريحية إذا كان يروم حقيقة تسلق سلم الإبداع والنجاح ، وعكس ذلك من ناحية النقد والشاعر هو العبث
سفانة بنت الشاطىء
هنالك رحلة مع التيه تسمى " قصيدة النثر " هل أنت بداية مع تسمية الكتابات النثرية ب" قصيدة" ؟ و هل أنت مع أو ضد فرض هذا الجنس الأدبي ؟
عواد الشقاقي
بداية أنا مع الشعر إينما وجد في العمود أو التفعيلة أو النثر ، ومن خلال متابعتي لما يُنشر ويُنشد هنا وهناك خلصتُ إلى حقيقة راسخة هي أن ( ليس كل العمود شعراً كما ليس كل النثر ليس شعراً ) ومن هنا أستطيع القول بكل ثقة وموجهاً بذلك النصح لأخواني وأصدقائي الشعراء : بأن علينا جميعاً أن نعتز بما نكتبه سواء نثراً أو شعراً ونطلق عليه التسمية التعريفية الحقيقية بكل أريحية واعتزاز ودون خجل أو الشعور بالدونية أمام الآخر من الناحية الإبداعية لسبب مهم وهو أن لا أفضلية للشعر على النثر أو العكس سوى في الإبداع الحقيقي فيهما ومدى انجذاب القارىء للنص واندهاشه بما يحتويه هذا النص من عناصر الجمال والدهشة والشعرية الحقيقية ، مايجب الإهتمام به في كتابتنا للنصوص هو أن نلامس بشكل فعال ذائقة القارىء وتقبله لنصوصنا بنشوة واشتياق لا أن نجعله ينفر من نصوصنا ويرميها جانباً وذلك من خلال جعل النص واضحاً ومفهوماً وذا معنى واحد لايمنح مجالاً لأكثر من تفسير وغير قابل للتأويل وعدم شحنه بتراكيب لغوية تغريبية حوشية أساس بنائها هو الصناعة اللفظية وليس انزياحاً لغوياً بلاغياً ، أنا أعتقد أن لا أهمية للأسماء والتعاريف ، إنما الأهمية لجودة النصوص
سفانة بنت الشاطىء
ما رأي ضيفنا الراقي عواد الشقاقي في الشعر العامي ؟ و هل له نصوص فيه ؟
عواد الشقاقي
أحب سماع البعض الجيد منه وأتذوقه بنشوة ولكنني لا أسعى إلى كتابته لأنه ليس منطقتي الأدبية إلا أنني حصل وأن كتبت فيه أغنيتين ( انتهت وياك ) و ( اتركيني حبيبة ) لرغبة جامحة في ذلك لحاجة ماسة ، ولكن يحزنني تفوق الشعر العامي على الفصيح من ناحية الكم وأكثر مايحزنني في ذلك هو توجه طلبة الجامعات وتهافتهم لكتابته بشدة وإقصائهم للغتهم الفصحى على اعتبار أن لغة الشعر العامي هي لغة البلد السائدة التي يتكلمها كل الناس بمختلف ثقافاتهم ومن السهل كتابته من الجميع ومن المفترض أن يكون طلبة الجامعات من الطبقة المثقفة بمستوى عال ولغتهم هي الفصحى ويجب التركيز عليها والعناية بها لأنها اللغة الأم التي هي أساس إثبات شخصية الأمم وتأريخها وتقدمها وازدهارها الحضاري
سفانة بنت الشاطىء
هل لاقى شعرك اهتماما كافيا من النشر و النقد البناء و الانتشار ؟ أم عجلات الدفع باتجاه التميز معطلة وهل أنت راض عن مسيرتك الأدبية ؟
عواد الشقاقي
أبدأ من الشطر الثاني من السؤال فأقول : أنا لست راضياً بأي حال من الأحوال عن مسيرتي الأدبية لأنها مسيرة عرجاء ومتعثرة جداً وبالتأكيد ليس السبب في ذلك هو قصور إمكانياتي الأدبية والفنية إنما بسبب عدم إنصافي وإتاحة الفرصة لي كأن يكون في دعوتي للمهرجانات الكبيرة الداخلية والخارجية أو حتى في النشر في الصحف والمجلات الواسعة الإنتشار بدعوى تقليدية قصائد عواد الشقاقي وكلاسيكيتها وهذه بالحقيقة هي نظرة أمية غير واقعية وإقصائية تهميشية مغرضة تتعرض لها باستمرار كل الحقائق الأدبية من قبل القائمين على إدارة الإتحادات الفرعية وبصمت مطبق غير واضح وغير مبرر من الإتحاد العام للكتاب والأدباء في العراق ، وهناك أيضاً جملة من الأسباب في إقصائي وتهميشي تتعلق بعدم قدرتي على التملّق وإقامة علاقات مبنية على التزلّف والمجاملة التي تؤدي إلى الإنتقاص من شخصيتي وكرامتي وأدبي .. أما فيما يخص الشطر الأول من السؤال فبالطبع لما تقدم من إجابتي عن الشطر الأول منه وتوضيح أسباب تعثر مسيرتي الأدبية ، فإن شعري كتحصيل حاصل وكواقع على الأرض لم يلقَ اهتماماً كافياً من النشر والنقد والإنتشار
يمنحونني بالدرجة الأساس كيف أكون إنساناً حراً ومعارضاً ومحباً للحياة والجمال والفن ، ويبهرني الحلاج في مسألة نظرته للتصوف التي تقول : أن التصوف هو الجهاد في سبيل إحقاق الحق في المجتمع ويبرز في العلاقة بين الفرد والمجتمع وبين المجتمع والنظام السياسي الحاكم فيه ، وليس بين الفرد والخالق على اعتبار النوايا التي يعلمها الله ولايعلمها باقي الأفراد والمجتمع والتي يستقرئها التأريخ بأنها الضعف والانهيار
سفانة بنت الشاطىء
مع مرور فترة من الزمن تكون لنا وقفات مع ما سبق أن نثره القلم من حروف .. الى أي القصائد يشدك الحنين
عواد الشقاقي
دائماً أرغب أن أقرأ قصيدتي ( ترنيمة الذكريات ) فهي عصارة قلبي الأولى وكنت أنزف فيها أشواقي لأيام مراهقتي الجميلة الحافلة بعواد الشقاقي اليوم الذي يضج بترنيمة الذكريات ، على الرغم من أن الزمن الفاصل بين كتابتها وأيام مراهقتي وذكرياتي فيها ليس طويلاً إلا أن ذكرياتها كانت على أقل ما أقول فيها أنها أجمل خربشات حياتي
عندما أرى دمعة تسيل من عيني طفل يتيم وتستحيل إلى ابتسامة فرح عندما أرى ابتسامة ترسم ملامح الفرح والأمل في عينيه
سفانة بنت الشاطىء
اقتربت رحلتنا الأدبية المنوعة و الوارفة هذه الى الإنتهاء ولكن ليس قبل أن أضع نقطة الختام بين يديك وهي مساحة حرة لتعبرعما تحبه أو ربما فاتنا الحديث عنه
عواد الشقاقي
أعتقد أن أسئلتك أستاذة سفانة لم تترك منحى أو مفصلاً في حياتي الشخصية منها والأدبية وتوجهي فيها لم تتناوله بالتفصيل وعليه لم أجد ما أقوله سوى التعبير لك عن جزيل شكري وعظيم امتناني في هذا الحوار الرائع الذي أتمنى أن أكون فيه قد فتحت قلبي على مصراعيه وفسحت الولوج إليه من خلال إجابتي على أسئلتك الجادة والمثمرة والبناءة .. شكراً لك
سفانة بنت الشاطىء
الشكر لك شاعرنا الباذخ ولهذا الحوار الرائع
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 02-18-2015 في 09:44 PM.
رد: على ناصية الحرف : حوار جاد مع الشاعر العراقي الراقي عواد الشقاقي
لقاء ممتع مع شاعر رائع من شعراء بلاد الرافدين..
وريث المتنبي وابو فراس والزهاوي والرصافي والجواهري
هكذا اراه عذبا كالفرات،(برحي) في حلاوة شعره، مطعم بالحناء
فيه وشما بابليا ..في كل حرف...
شاعرا خلوقا، عراقيا ناصعا،عربيا عدنانيا...في جعبتي الكثير عنه
وهو يستحقها...
تحياتي وتقديري
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 02-19-2015 في 10:13 PM.
رد: على ناصية الحرف : حوار جاد مع الشاعر العراقي الراقي عواد الشقاقي
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصي المحمود
لقاء ممتع مع شاعر رائع من شعراء بلاد الرافدين..
وريث المتنبي وابو فراس والزهاوي والرصافي والجواهري
هكذا اراه عذبا كالفرات،(برحي) في حلاوة شعره، مطعم بالحناء
فيه وشما بابليا ..في كل حرف...
شاعرا خلوقا، عراقيا ناصعا،عربيا عدنانيا...في جعبتي الكثير عنه
وهو يستحقها...
تحياتي وتقديري
صديقي الحبيب الأستاذ قصي المحمود
شهادة كبيرة أفخر وأعتز بها وأوسمة ونياشين أعلقها على صدري حضورك هذا وكلمات الثناء العذبة
عاجز عن الشكر لك أستاذي الفاضل بفرط الحرج الكبير الذي أقعت به مفردات شكري وامتناني لك
رد: على ناصية الحرف : حوار جاد مع الشاعر العراقي الراقي عواد الشقاقي
سفانة بنت الشاطىء
عواد الشقاق
.........................
اقف بكل افتخار امام هذا الحوار الرائع ، بين الشاعرة القديرة سفانة بنت الشاطىء ، وشاعرنا المبدع الاخ عواد الشقاقي.
من خلال هذا الحوار ، يبرز للقارئ شخصية شاعرنا عواد الشقاقي من جهة ، وشخصية شاعرة تتميز بعمق التفكير ، والروعة في التعبير ، واعني الشاعرة والاديبة الرقيقة الاحساس: سفانة بنت الشاطيء .
تحية برقة عاطفتكما ، ودسامة اسلوبكما ، وعمق تفكيركما ، مع كيلو سلامات انثرها عليكما حبا ، وطيبا ، واخاء.
اخوكم ابن العراق الجريح : صلاح الدين سلطان