يبدو أن فكرة المزج الإيقاعي في بحور الشعر العربي التي ظهرت بوادرها في فارس بعد الفتح الإسلامي نحو القرن الرابع الهجري، منتجة أول بحر غير خليلي هو الدوبيت أو الرباعي، قد أصبحت هي الآلية الجديدة في توليد البحور بعد أن توقفت آلية الدوائر الخليلية عن إنتاج المزيد من البحور بعد المتدارك (فاعلن) الذي لم يستعمل في قصيدة عمودية إلا في أواخر العصر العثماني، أو بعد لاحق القرطاجني الذي استعملته نازك الملائكة في شعرها التفعيلي الجديد (مستفعلاتن)، وغير ذلك من البحور المهملة التي يحاول الشعراء بعثها من الكمون في دوائرها كل يوم جديد .
هذه الآلية الجديدة التي أطلقت عليها آلية المزج الإيقاعي بعثت من مرقدها في النصف الثاني من القرن العشرين عبر محاولات الشعراء على النظم على أكثر من بحر في قصائدهم التفعيلية، ومع ذلك فهي لم تتمكن من إثبات مقدرتها على الاستمرار في ترسيخ بحور جديدة إلا عبر الغناء ، كما بدا ذلك جليا في استخدام الششتري (668هـ) لهذا النسق الخبب-رجزي أو الرجز-خببي (مستفعلن فعلن فعلن) في أحد موشحاته، ثم أطل علينا بعد قرون طوال في شعر فصيح لأحد شعراء أبوللو وهو أحمد زكي أبو شادي في إحدى قصائده بينما تنافس شعراء العامية على استخدامه في أزجالهم وأغانيهم كما في أغنية (القلب يعشق كل جميل) لبيرم التونسي.
ولا أدري لماذا يخيل إلى أن هذا الشاعر الذي ابتكر وزنه المزجي الجديد، واستفتى في شأن صحته الدكتور محمد جمال صقر، على الرابط التالي : https://mogasaqr.com/?p=10257
ربما كان هو نفسه صاحب هذا الوزن المزجي الآخر الخبب-وافري: (فعلن فعلن مفاعلتن) كما على هذا الرابط: https://arood.com/vb/showthread.php?t=4538
هي إذن آليه جديدة في تطور أوزان الشعر العربي علينا أن نحاول التنظير لها بدلا من البحث عن فتيا تفسر لنا جدة الأوزان الدوبيتية، كما فعل أجدادنا في محاولتهم الفاشلة لإسباغ تفعيل شبه خليلي على الدوبيت، وذلك بعد أن اعترف به معظم العروضيين العرب لاحقا مدرجين له مكانا بين الفنون السبعة، وهو في رأيي ما نقضه عبد الصاحب مختار والدكتور عمر خلوف وغيرهما في تنبههم إلى خاصية المزج الإيقاعي في تأليفه بحيث أوجدوا له تفعيلا مغايرا يعكس طبيعة هذا المزج.
أخي وأستاذي الكريم أبا إيهاب
أتمنى أن يعجبك الرد من حيث مداه وعمقه.
وسيسرني ما سيظهره بيننا من اختلاف أو اتفاق. وأنا بالاختلاف أسعد. لأنه مصدر التعلم.
منهج الخليل لدي هو مصدر الحكم في كل القضايا العروضية ولا يستحق أن يدعى منهجا ما لم يغطّ كل القضايا.
كما لا يوجد في أي أمر منهجان صحيحان بل منهج صحيح واحد.