أذكرُ... عندما هئتُ لكتابةِ أولى رسائلي هنا، أنَّ المحارفَ كانت تباغتُني، وتفرُّ من براثن أحباريَ الواجمة! وأنَّ اضطرابَ أعماقي وتفاوُتَ إيحاءاتي، كان مدوِّياً على صفحاتٍ خبيئةٍ لا تُرى...! ربَّما لمح بعضُ القارئينَ تموُّجاتٍ ما، أحسُّوها بمَلءِ ذوائقهم الفارهة! * في رسالتي هذه، وإذ أضع النُّقاطَ على نواصٍ من تأمُّلاتٍ تجوبُ معالمَ بريدي كلَّهُ... وأحدِّدُ للسُّطورِ -وما بينها- مساربَ غاياتِها العمقيَّةِ البحتة، أحيطُها بعنايةٍ مشدَّدة، وأعلِّقُ عليها أمصالاً تودي بخيالي سكينةً مديدةَ التأثيرِ... أؤطِّرُ مراحِلها الضِّمنيَّةَ، فصولاً نفسيَّةً تقتفيها مآربي -ولو تاهت مرَّاتٍ عن مقاصدي- لبواعثِ الكتابة! أؤرشفُ سجلَّاتِها على رفوفِ ذاكرتي الدَّفينة -من الآنَ- عملاً بمتطلَّباتِ الأسلوب... وأعزمُ خَتمَها بمداديَ الأحمرَ عزوفاً عن افتتاحِ أبوابِها لعَودٍ ما في هذه الحياة. ** على كلِّ حال... كانت مرحلةً لافتةً أن أكتبَ رسائلَ من عصارةِ الوجدانِ، أدبِّجُها بتاريخٍ فصليٍّ معنويٍّ حياتِي، وأشتقُ لها عنواناً من "لك" إيذاناً بمتلقٍّ وهميٍّ جداً! أثبتت تجربةُ حياتي، ألَّا وجودَ له -أو لها- في عالمِ المحسوسات الدنيويِّ ذا! إنَّما كان الافتراضُ التَّصوُّريُّ فيها، باعثاً تحرُّريَّاً يقي شررَ الكتابةِ، ويُيسِّرُ اندفاقها هذي الصَّفحات... *** إلى "ألبيرَ" كتبتُ... ومنهُ... وعليهِ؛ حانُ موعدُ سُباتِ اليراعِ، وجفافِ الأحبارِ، ورفعِ الأقلام! آنَ أوانُ التَّحليقِ عالياً في سماواتٍ تحرُّريَّةِ الأجواءِ بجناحٍ نرجسيٍّ رفيف... **** سأشكرُ أشباحي وأرواحي وأطيافي على إيحاءاتِها البديعةِ التي أوحت وألمحت وألمَّت واحتفت... وسأشكرُ قرَّائي الأفذاذَ، الذين حضروا وتذوَّقوا وعلَّقوا وأناخوا في ظلالِ متاهاتي أمزجتهم الأديبة... ***** كانت هذه خاتمة سلسلةِ "أرسلتُ لك" على أملِ لقاء ما في رسائلَ أخرى... ****** دمشق- في العاشر من تموز/ يوليو 2019 لنبع العواطف الأدبية /حصرا/ *******