من سورة الأحزاب
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَاَ وكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ
الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10)
--------------------------------------------------------------
أقبلت قريش فى عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تبعهم من بنى كنانة وأهل تهامة وأقبلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد . ونقض يهود بنو قريظة العهد مع النبى ، وكانوا يسكنون فى العوالى أى فى الجنوب الشرقى من المدينة . ويعتبرون خلف المسلمين ويكونون أخطر على هذه الحال لأن الضربة من الوراء تؤثر أكثر حيث أن المسلمين منشغلون بأعدائهم الذين أمامهم . فى هذه الظروف العصيبة أرسل الله الريح على الأحزاب فهتكت القباب ، وكفأت القدور ، ودفنت الرحال ، وقطعت الأوتاد ، فانطلقوا لا يلوى أحدٌ على أحد . هذه هى الريح فأين الجنود التى ( لم تروها ) ؟
فى تأملى : تلك جنودٌ خفية توعز للمشركين بالهرب والابتعاد من ذلك المكان . وهى ما نسميها ، بالعوامل النفسية ، التى تلعب دورا كبيرا فى الحروب . تلك الجنود الخفية ملأت نفوس المشركين باليأس المرير ، فهاهم الآن وقد أمضوْا شهرا فى حصار المسلمين بالمدينة دون أى طائل ، بينما يدور همسٌ بأن اليهود فى المديتة وما حولها لا ضمان لهم وقد ينقلبون عليهم ويعودوا لمعاهداتهم مع المسلمين .. إلخ . وقد اشتاقت أنفسهم لأسرهم وأولادهم فى نجدٍ ومكة وما حولها . كل هذه وغيرها عوامل نفسية تفرّق شمل المشركين وتُبعدهم من الاتفاق لكرةٍ أخرى بعد هدوء العاصفة .