الحلقـــــــة الأولى
لبيك لبيك أيها الطائر العزيز ! ما زلت ساهرة أرقب مقدمك وأنتظر نداءك . وما كان ينبغى لى أن أنام حتى أحس قربك وأسمع صوتك وأستجيب لدعائك ، ألم أتعود هذا منذ أكثر من عشرين عاما !
لبيك لبيك أيها الطائر العزيز ! ما أحب صوتك إلى نفسى إذا جثم الليل وهدأ الكون ونامت الحياة وانطلقت الأرواح فى هذا السكون المظلم آمنة لا تخاف صامتة لا تسمع !
إن صوتك إذن لأشبه الأشياء بأن يكون صوتا لروح من هذه الأرواح ليذكرنى روح هذه الأخت التى شهدت مصرعها
معى فى تلك الليلة المهيبة الرهيبة وفى ذلك الفضاء العريض الذى لم يكن فيه من سبيل إلى أن يسمع الصوت فيه مهما يرتفع . ولا أن يجيب المغيث فيه لمن استغاث .
لبيك لبيك أيها الطائر العزيز ! ادن منى إن كان من أخلاقك الدنو ، وأنس إلىّ إن كان من خصالك الأنس إلى الناس ، واسمع منى وتحدث إلىّ ، وهلم نذكر تلك المأساة التى شهدناها معا وعجزنا عن أن ندفعها أو نصرف شرها عن تلك النفس الزكية التى أزهقت وعن ذلك الدم البرئ الذى سفك .
فلم نزد حينئد على أن بعثنا صيحات ترددت فى ذلك الفضاء العريض لكنها لم تبلغ أذنا ولم تصل إلى قلب . وإنما صعدت إلى السماء على حين هوى ذلك الجسم الممزق فى تلك الحفرة التى أعدت له إعدادا ثم هيل التراب وسويت الأرض . وأنت تدعو ولا من يستجيب وأنا أستغيث ولا من يغيث ، وامرأة متقدمة فى السن قد انتحت ناحية وجلست تذرف دموعها فى صمت عميق ، ورجل متقدم فى السن قد قام غير بعيد يسوى الأرض ويصب عليها الماء ويردها كما كانت ثم ينتحى قليلا ويزيل عن جسمه وثيابه آثار الدم والتراب . ثم يرتفع صوته آمرا أن هلم فقد آن لنا أن نرتحل .
ما أكثر هذه المواقف الأليمة التي ليس لنا بد منها
نصّ مؤثر عميق من جميل اختياركم
شكرا أيها العزيز
[COLOR="DarkGreen"]
======================================
إهداء
إلى صديقى الأستاذ الكبير عباس محمود العقاد
أنت أقمت للكروان ديوانا فخما فى الشعر العربى الحديث ، فهل تأذن فى أن أتخذ له عشا متواضعا فى النثر العربى الحديث ، وأن أهدى إليك هذه القصة
تحية خالصة من صديق مخلص .
طه حسين
====================================[/COLOR]====
وأنا بدورى أهدى الحلقة الثانية إلى شاعرتنا هدوولة الدليمى
الحلقة الثانية
منذ ذلك الوقت تم العهد بينك وبينى أيها الطائر العزيز على أن نذكر هذه المأساة كلما انتصف الليل حتى نثأر لهذه الفتاة التى غودرت فى هذا الفضاء ، ثم نذكر هذه المأساة كلما انتصف الليل بعد أن نظفر بالثأر ، ليكون فى ذكرنا إياها وفاء لهذه النفس التى أزهقت ولهذا الدم الذى سفك ، ورضا عن الانتقام وقد ألم بالآثم المجرم ورد الأمر إلى نصابه ، وأراح هذه النفس التى ما زالت تطلب الرى حتى تظفر بالثأر من الذين اعتدوا عليها.
لبيك لبيك أيها الطائر العزيز! إنا لنلتقى كلما انتصف الليل منذ أعوام وأعوام فندير بيننا هذا الحديث ، أفتدعنى أقص أطرافا منه على الناس لعلهم يجدوا فيه عظة تعصم النفوس الزكية من أن تزهق والدماء البريئة من أن تراق ؟!
========================================
وهذه الفقرة القصيرة المقتضبة مقتطفة خصيصا لصديقى القصاب الذى زارنا فى " دعاء الكروان " فأقل ما نكرمه به هو هذه الأسطر القلائل
آخر تعديل سرالختم ميرغني يوم 09-22-2021 في 07:22 AM.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عبد الحفيظ القصاب
تلك الدعوات تفيء إلى سراب!
أهلا بك في انتقاء الجميل
تحياتي والمحبة و
============================================
نكرم وفادة صديقى محمد عبدالحفيظ القصاب بهذه الأسطر القلائل
[SIZE="5"]لقد بعد صوت الكروان قليلا قليلا حتى انقطع ولم يبلغنى منه شيء ، وعاد الليل إلى سكونه الهادئ الثقيل ، فما أسمع إلا هذه الدقات المنتظمة تصدر عن الساعة غير بعيد وأنا آخذ بنفسى بالهدوء لئلائم بينها وبين ما حولها فلا أوفق لبعض ذلك إلا فى مشقة وعناء..وأنا امد عينى إلى المرآة أمامى...[/SIZE]