عندما يمدّ الفجر يديه ليزيح ستار الليل ويغزل شيئا فشيئا جدائل النهار،،،
يأتيني صوتك الدافئ تماما كدفء المطرِ في آيار
يمتطي أمواج الدهشة ويشب الغرق في أعماق نبضي
يخترق سقف ذاكرتي ويفترش حروفي المبعثرة في فضاءات سادس حواسي
ويجرّدني من كل أسلحتي إلا من وجه الصباح الباسم حدّ الوجع...وعينيك.
أرى وسادتي تمارس طقوس الكسل ولاتبرح تقاسيم وجهك الربيعي الموشوم عليها
فأسألني/ك: هل كتبتني رسالتي أم أنا التي كتبتها؟
،
،
أحيانا يقرر المكان عنّا ويقيّد الزمان حروفنا
ولكن الملل لا ولن يدب في عروق عشقٍ أزلي
لنا معه حكاية لاتشبه الحكايات
ورسائلنا تشهد لها الشمس الخجولة خلف الضباب
ويشهد لها رب الأرض والسماء أنها ليست ككل الرسائل
فـ الوجد فيها يسري والدم يبوح
والدم ياصاحبي لايكذب ولا ينام
كما عيوني التي تراك في الصحوِ والمنام....
،
،
أنسيتَ عهد نصفي المجنون بك ألّا يبكي إلا معك؟
أنسيتَ عهد نصفي الآخر التائه فيك ألّا يضحك إلا لك؟
وإني ياحبيبي حمّلتُ كاهل القلب أمانةً ألّا يكتب لسواك
وهذه حروفي
تركع في حضرة ضياء النجوم السابحة في بحر عينيك وتسربلني بنورك..
وإني أحلق على جناح قصائدك قبل ولادتها
و
أرصد بعد حينٍ... تمتمات فراشةٍ تائهة
تستغبيني وترقص ثملة حولك
حافية الشعورعارية السرور
مجردة إلا من حبرٍ غامقٍ وليلةٍ من ورق
وفجر نائم في زورقٍ من ورق
وأحلام تتسكع في حاناتٍ من ورق...
أكانت تظن أنك الفريسة القادمة وتعشق الغوص في أعماق بحرٍ من ورق؟
أم أنها كانت في غفلة من قلبي/قلب الأم عند اقتراب الخطر من صغيرها؟
لا عليك
إنني أهذي...
،
،
دعني ياحبيبي أكابر بحبك الأبعد من حدود الجنون
والخارج عن نطاق المعادلات الرتيبة والهذيانات المنمقة
والهمسات الأفلاطونية الهاربة من سراديب القبور
يالذيذ الهمس ورقيق الحسّ ياشاعري الإنسان
دعني أترك لك هناك على حافة الأمنية موعدا تنتظره منذ انتصف الحنين
ودعني هنا ألوذ قليلا بنكهة الغرور
وأحمل روحك بكلتا يديَّ وأحرسها من العيون اللئيمة
دعني...
ورب الحب أن حبك جديرٌ بالمكابرة والغرور والمغامرة
وكسر قيود الصمت المتواضع
والمجاملات المقيتة التي أكرهها..!!!
هلّا أتيت يا رجلا من نورٍ ونار
أشتقتك ياملاكي
يا كل دنياي وأملي وسرّ وجودي
،
،
ولرائحة الظلِّ عبق الجنون
أعود معك لدهشتي من جديد
إلى كلّ شيء جذبني لك في المرّة الأولى
كان هناك أكثر من صدفة ..أكثرُ من موعد ..أكثرُ من رغبة
كنتِ أنتِ ..
قمرٌ أخر يرسل ضياءه عند كل كلمة أقولها لك
تستمعين جيدا
فإذا بكلماتي كواكب تدور في فلكك
وكأنها ملتصقة بك ..
أعلمُ أنّكِ كنتِ قد أخفيتِ داخلكِ حُزنا عميقا
وأعددتِ نفسكِ جيدا للعتاب ...وللبكاء ..
لكنني كنتُ شاعرُكِ المجنون
الذي يعرفكِ جيدا ..
ويعرفُ كيفَ يدنو من ذاكرتك
ويوقظ فيها أشواق مشتعلة
كنتُ أعي تماما
أنَّ إبتسامة منك كفيلة أن تذيب جبالا من جليد الحزن
فقررتُ أن أحاصرك داخلك في دائرة مغلقة
كي تتنقلي في دائرة إشتعالي إلى الأبد
كيف يمكنني أن أوضّحَ لك حجم إشتياقي لك
كيف أخبرك أنني دائم الإنتظار لك
ثلثُ ساعة من الحديث أو أكثر
ربما كنتُ أحمقا بما يكفي لأتحدث أنا أكثر منك
ربما شعرتُ بالقهر فيما بعد
لأنني حين كنتُ ممسكا بزمام الكلمات
كانت ثمّة رغبةٍ تسكنني
لأستبقيك بالكلمات
ماذا لو منحتُكِ فرصة الحديث !!
ماذا لو استمعتُ أكثر لصوتك المرتعش
وتنهيدتكِ المسافرة إلى أعماقي
لكنني ...
أعترف لك أنَّ الحديث معكِ يُحرّكُ كلَّ شهيتي
للكلام ....
أعتدتُ أن أعيد قراءة رسائلك
في أوقاتٍ لا أملك إلا رسائلك
وطيفٌ بديع يشتهي جنوني
وصوتٌ يسكنني
يطرب أذن قلبي
يعشقني
يطعم بعثرتي حنينا
ويتفنن في تعذيبي
ما ألذّ عذابك يامحبوبي...
للحديث معك نكهة منفردة
يستمد منها الصباح نضارته
وعند المساء
تشرق ياسمينة على حافة الظلّ
وتركضُ إليَّ بعطرك
فترتعش نبضات قلبي ألفا
ترتعد أرجائي ضعفا
تتهيأ لك كل جوارحي
أبادلك شعورا يشبهني
أشاطرك عمرا ..
وأعيشك
كيف أمسك زمام الإنصات والحديث معا
أحتضن صوتك
أمنعه الهروب من نوافذ الرياح
عندما ترتجل الشعر في حضوري
ترشّني بـ زخات حلمٍ
تمنح ظلّي جناحين
وأنفاسي عبق الوجود
ولساني عقدة الصمت...
يا لتلك الدقائق الخرافية
في كل مرةٍ...تنزعني من وجع الغياب
تملؤني بهواءٍ نقي
أراني أفرح بك
كتلميذة صغيرة للتو لامست حقيبتها الجديدة كتفها
أذوب فيك
كمراهقة في أوج هذيانها للتو أكتشفت أنها أنثى
لا أدري هل أبحث عن مفاتيح الكلام
أم ألوذ في حضرة حروفٍ أربعة
تتطاير كالرذاذ الحلو من شفتيك
تشدو معها عصافير قلبي المهاجرة صوب الوطن
والكون رهن يديك
وكلما دنوتُ منك أكثر
كلما ذاب الكون أكثر
ما أروع الانصهار فيك ياشاعري المجنون
ما أروع التوحد بك
،
،
يتسللُ صوتكِ إلى نفسي ..يقتحمُ كلَّ جوانحي
أنامُ ..أصحو ..أجدني في كلّ حالاتي
أمارسُ الشوقَ لك ...أو يجذبني الحنين
تأخرَّ الحمامُ الزاجل ، وأخطأ ساعي البريد العنوان
فبكت الحروف ، وتمردت الكلمات ..
غاليتي ...
سأعيد طيور الشوق من جديد ، وأتركها تحلقُ فوق حديقتك
وتدنو من نافذتك ، ربما تنوب عني في الحديث ..
فأنا يا رفيقة الروح ، مُحاصرٌ في ذاتي ..في غفلتي وإنتباهتي
في الحضور والغياب ...
ها أنا هذا المساء ..أعددتُ أوراق الرسائل
وتأكدتُ من مداد قلمي ...وهيأتُ المكان جيدا
( صوت عبد الحليم ، لفافة التبغ ، فنجان القهوة ، وحديث الحنين )
وهناك أنت في مسائك الهاديء ... في تنقيبك عن ملامح الذكريات
وتفاصيل اللغة ... وثوبك الأصفر المسافر في دروب الجنون ..
يا امرأة من ريحان ونبض ... من ياسمين وزعتر ..كيف لي أن أخبرك
أنني اليوم أحبك أكثر ...
أنني أرسمك قمراً في سمائي ...وزيتونة في خاصرتي ...
هذا المساء ...
ستعودُ شمعتي من جديد ، تقدُّ العتمة من حولي
وتضيء لك خبايا الروح ... وتُعيد صياغة القصيدة التي
كنت دائما أحدثك عنها ...
أعترفُ لكِ أنني أحبكِ حدَّ الجنون
وأنّكِ متفردة في قلبي
وأنّك جميلة الجميلات
وأنّكِ وحدك من فتنتِ روحي
وسلبتِ كلَّ مشاعري
دعيني أقول لك
بعيداً عن غريب اللغة
وخفايا الأبجديات
وتفاصيل البلاغة والبيان
أحبك ...
دعيني أقول لك
ما أشاء وكيف أشاء
وأجددُ لك شوقي
ربما تسعفني لغتي
وتنقذني كلماتي الهاربة
من أعماقي صوب ذاكرتك
ربما أعيد ترتيب معزوفة عشق
لا تنتهي ..
وترانيم لحنٍ يُطربنا
غاليتي ...
دعيني أعيد صياغة الشوق ببساطة
دون تعقيد...
بعيدا عن تجاعيد غريبة
وتفاصيل عتيقة
بعيدا عن المساحيق الكاذبة
لك نبضي ...
يا التي تحفظني في حضوري وغيبتي
وتهمس لي كلَّ مساء
بلغةٍ لا يعرفها سواي
أنتِ قيثارةٌ وناي
أنت لحنٌ قد تّعمَّدَ في صباي
تأخر المطر..
تشقق جلد الأرض
بكتِ الحروف الغارقة في قعر كأسي المملوءة بالفراغ
وجسدي منهكٌ كالموت يميلُ إلى الإصفرار
باردٌ حد القشعريرة
والليل طويلٌ
والممراتُ هنا مقرفة داكنة
لا جسر عبور يصلني إليك...
كيف أحمل قطعة من ذاكرتي
وأترك ماتبقى منها يفترسها الفقدان
وأمضي إليك
كيف أصل إليك؟
وأتركُ خلفي عويل ذئاب العتمة
وأيدي تتظاهر بالرحمة
تعبثُ بآخر وريدٍ تمرّد
قالوا: هذا الوريد لا يحتمل الدم الغريب
أنه يأبى الرضوخ
قلتُ: أنه ملك الحبيب
وخطٌ أحمر لا يخترق حدوده إلّا الحبيب !!
ياشاعري ومشاعري
يا بقعة الضوء في عتمة نهاري
إخبرني كيف أصلُ إليك
تفتح لي باب الفجر على مصراعيه
تستعير من رائحة الظل لون فستاني
وعطر وجودي
تعيد هندسة مدائن الوطن...
وطنٌ يولد من جديد بين راحتيك الدافئتين
لأنسى وأنسى وأنسى كل ما يدور حولي الآن
يا من تسري في دمي يا أنت يا وطني
دعني أنسى الزمان والمكان وكل الأوطان
وأهمس في أذنك: أحبـــك
أعلم/تعلم
أعتدتُ أن أهديك مع كل صباحٍ
نبضة وابتسامة
وأترك على نافذتك الهادئة المنعشة قلبي وروحي
لتلتهب بي أوداج نهارك
ولأني أعتدتُ ألّا أكذب عليك
فأعذر روحي/ك
الـ كتبت رسالتها من خلف قضبان الغربة
وطوفان كأنه عاهد الرب ألّا يهرب من الغرق
ووحدك من ينتشل من تحت وسادتي المرهقة
حروفي النائمة
ووحدك من يوقظ بنات همساتي
لتهذي بك وترقص لك وتشدو إليك :
أحبك من أخمس دمي حتى نخاع ذاكرتي
،
،
لو كان بيدي
لشطبتُ كل تفاصيل الحزنِ في رسالتي السابقة...
كيف أسامحُني ؟؟
وقد تجرأتُ أن أترك غصّة على حافة قلبك وأمضي
وأنا التي عاهدتُ قلبي الأم
أن أحيطك كطفلي الوحيد بحناني
ترتشف مع كل إشراقة فجر جرعات جنوني
ولا تبرح ظلال الوفاء تحت خيمة إدماني
كيف لي أن أحزن يا ملاكي ...وأنت لي وأنا لك !!
تعال
لنغلّف هذا النهار بشرائط يقين
ونترك العنان لعصافير الروح تشدو
ستبقى الرسائل تعانق أنفاس الشروق
لا للغروب !!
تعال
فملامح وجه الروح تتوق للسفرِ صوب أغنيةٍ
تسكنني،،،تسكرني،،، بعذوبة تقتلني
وبذات العذوبة تحييني...
عقارب اللهفةِ تشيرُ إلى ماقبل النخاعِ بقُبلةٍ،،
ونصف قارورة اشتعال...!
تعال يا جميل المحيا ياشاعري الوسيم
لتوقظ شهوة الذاكرة في رأس قصيدة
أسطوريّة العنوانِ
فردوسيّة الأوزانِ
ملائكيّة الألحانِ
خرافيّة الألوانِ
سيتوسد القمر أصابعك
سيغفو الليل بأمانٍ بين راحتيك
ستبتسم السماء لزرقة الموج في مقلتيك
سيعانق المدى اخضرار روحك
وظلّ السفرجل في جنّة الأماني
وهكذا سأحترق
سأحترق
سأحترق
،
،