في ضيافتي \ مع الكاتب المسرحي المبدع قاسم فنجان

أستاذنا المكرّم المبدع الكبير قاسم فنجان تحايا عابقة بالتقدير والمحبة لشخصك وفكرك وحرفك ..
نتابع هذا الحوار الشيّق والذي يُعتبر مرجعا فكريا وأدبيا وثقافية ..
آملين من الله أن لا تطول فترة غياب سيدة المكان المحاورة القديرة الأخت سفانة ..
أتوجه بالشكر للجميع ومن ثم أبدأ بمداخلتي ..التي أطمح لها أن تنال رضى ذائقتكم وتشحذ همّتكم لإجابة موّسعة
يا سيدي من المعروف أنه في الربع الأول من القرن الماضي والسنوات الأخيرة من القرن ما قبل الماضي كانت السينما تُدعى السينما الصامتة ..وهي عبارة عن عرض أداء الممثلين وحواراتهم وكلامهم ليس مسموعا بل كان يُطبع على الشاشة ..
ورغم لا واقعية هذا الأمر إلا أنه لم يكن يثير استهجان أو استغراب الناس وقبلوا بغياب الصوت وأقتنعوا بنصف الحقيقة الواقعية أو جزء منها على أنها كاملة ..مضافا إليها بعض تأثيرات اصطناعية ..
وبعد سنوات ظهرت السينما الناطقة فتبين للناس أنهم كانوا في ضلال وتعرضوا لخدعة كبرى حين زعموا أن السينما الصامتة حقيقية وواقعية ..وبدأ الناس يسمعون صوت الممثل مع صورته وبعض أصوات الطبيعة من حوله مع موسيقى تصويرية ..وأقتنعوا أن السينما تداركت نقصها من تقديم نصف الحقيقة إلى تقديم الحقيقة الكاملة مع الصوت والصورة ..
وبدأوا يشاهدون الأفلام ويعايشوا أحداثها بإنفعال من يعايش الواقع فعلا..
أما السينما كانت ترى أن تطورها زيادة كسب وفرض هيمنة وتأثير أكثر على عقول وعواطف الناس وكانت دائمة البحث عن وسائل وتقنيات تساهم في استمراها وتجديد قدرتها على إيهام الناس بالحقيقة ..
( طبعا هنا يجب أن لا ننسى أنه حتى الصورة السينمائية بحد ذاتها ليست حقيقية بل هي وهم أو خيال صورة )
وبعد سنوات أيضا ظهرت للوجود السينما الملونة ... فضرب الناس على رؤوسهم وأهتزت قناعاتهم من جديد واستغربوا من أنفسهم كيف كانوا يتقبلون صورة العالم بلا ألوان ويقتنعون أنها حقيقة واقعية في حين أن العالم الحقيقي من حولهم يضجّ بالالوان ،
وبعد أن استفاقوا من صدمتهم فرحوا مجددا لأنهم في هذه المرة حصلوا على الصورة الحقيقية كاملة بالصوت واللون والصورة ..
وبعد سنوات من التطور واكتشاف بعض التقنيات .. عادت السينما لتقديم جرعات إضافية من الحقيقة الكاملة للصورة بهدف استمرارية إبقاء هيمنتها على الناس وهكذا قدمت لهم الشاشة العريضة والصورة المجسمة والصوت المجسم وطورت تقنيات اللون وبحثت عن مواضيع أكثر واقعية ولكن جميع هذه الجرعات لم تسلب عقول الناس كما كان يحصل في السابق لانتشار وسيلة جديدة في العالم هي التلفزيون ..
والآن أولا أعتذر لهذه الإطالة ولكن أحببت أن أسهب بهذا التسلسل تمهيدا لما سأطرح من أسئلة .
1- هل يعتبر قاسم فنجان المسرح هو الأكثر واقعية وحقيقية من التلفزيون والسينما .. وأنه سيبقى مستمرا مهما طغت التكنولوجيا على قناعات البشر ؟
2- لو كان الجواب بنعم على السؤال السابق .. ألا ترى يا سيدي أن المسرح أيضا يُقدم على إيهام الناس بالسينوغرافيا والإضاءة والمؤثرات الصوتية.. وأن الديكور من الجهة الخلفية عبارة عن ألواح خشبية وأعمدة ومسامير على عكس ما يراه
الناس ؟؟
3- سؤال مختلف كليا ..مستنتج من التمهيد السابق ..
نعود للحقيقة كماهية .. هل يرى قاسم فنجان أن الحقيقة لا بد لها من مسلمات مسبقة بنسبة ما ( تراتبية ثقافقة مسبقة) والنسبة الباقية تتكون من الاستنتاج والتفاعل الفكرو واقعي .. ؟
4-هل تستوي الحقيقة لشخصين بذات الوقت وبذات القيمة أم أن الحقيقة نسبية تبعا لكل شخص ورؤاه..
5- فيما لو كانت الحقيقة تقوم فقط على تفاعل الفكر مع الواقع فهل يمكن الوصول للحقيقة المطلقة ؟
أرجو أن تتحمل هذاني الجنوني أستاذنا القدير ..
ولك مطلق الحرية بطريقة الأجوبة ويمكنك أن تعتبر الأسئلة محرض للكلام في هذا الإتجاه فقط ..دون النظر لحرفيتها
لك محبتي وتقديري ..
وللجميع هنا شكري وامتناني ..

سيدي الشاعر الشاعر سمعون
واقعية المسرح وواقعية السينما والتلفزيون
في المسرح عراقة وتأريخ رشحته ليكون بحق أب لكل الفنون التي تلته في الولادة والتبشير،إنه المُمهد الأول والمثير الدائم و الجذر الأصيل لما تلاه من أجناس أدبية وفنية،صلة المباشرة وجها لوجه مع الجمهور إمتيازه الفريد الذي يسوغ له الأتصال بحميمية من دون اللجوء الى وسائل أو بدائل تعيق ولوبشكل بسيط هذا العطاء المباشر،أما إنفضاض جزء كبير من الجمهور عنه بسبب الأحلالات الفنيةالحديثة آنفة الذكر فلم يلغِ دوره كفن أصيل يحمل في طيات متونه العريضة روائع ماأحوجنا لنسّف منها روائح الحكمةو المعرفةالقديمة،إن المسرحيين وعبر تقادم العصور لم يغفلوا عواصف الأجتياحات المتكررة لذلك طوعوا كل ذلك و جيّروه ليضيف الى فضاء المسرح الرحب ألقاً مسرحياً جديداً يعلن من خلاله المسرح عن نفسه إنه فن تمتزج في كيانه الرصين عوامل العراقة و الحداثة معاً ،هذا ما يضفي على المسرح واقعية راسخة لن تتزعزعها التحولات أو التغيرات .

أما التوهم أو الوهم المسرحي
هنالك مبدأ في المسرح يدعى التعطيل المؤقت للصدق،حيث يشل العرض زمنيا عقل المشاهد ويوهمه بقبول واقع مزيف يجد المتلقي فيه نفسه مرغماً على قبول الوهم بوعي الحقيقة والعكس صحيح،انه سحر المسرح ياسيدي الشاعر و قد أجبت أنت عليه في متن السؤال ياسمعون الرائع.

الحقيقة و ماأثقلها
أسئلتك الثلاثة عن الحقيقة سأجيب عنها بإيجاز في جواب واحد،في طيات إجابتي الواحدة ستجد الأجابات الأخرى،ليس تقاعسا ولكن محاولة الدنو من حواف الحقيقة تحتاج الى تأشيرات للدخول لذا سأمهد للجواب بمقطّعة لشاعر عظيم من جنسك يسمى سركون بولص "من آدم و حتى الآن ليس هناك سوى ملحمة التراب"قالها هذا الشاعر على أنها حقيقة كونية تتهشم على مرارتها نظريات الفكر و الواقع وتتلاشى بموجبها المطلقات و النسبيات حيث كل شئ في الخاتمة يصير الى العدم،الأنسان و النبات و الحيوان وحتى الجماد سيؤول مع تقادم العصور الى محض ذكرى ستزول بلا أدنى أثر،في هكذا فناء منتظم ينبثق دائماً السؤال المحير عن الحقيقة و سأقرب ثانية لك الجواب بطراوة لجفاف السؤال،
بورخيس القاص الكبير إبان إحتضاره وهو بعمر شارف على القرن،سألته سكرتيرته الخاصة،هل تخاف الموت؟إبتسم وأجاب: لا ! لأنني قريباً سأعرف مَن أنا!
إن الحقيقة التي أراها نسبية كانت أو مطلقة بحث دائم في فضاءات ممنوعة ننبشها بالكتابة لنعبئ داخلنا المهزوم بنوع من الأطمئنان الذي يجعلنا نتقبل و لو بشكل واهم وجودنا وفنائنا معاً،إنه الأمان الذي نتعضد به حينما نواجه أخيراً حقيقة الموت الأكيدة،أما الوسيلة الواهنة فكلمات قالها قبلنا شكسبير كلمات لن تقوى على الصمود أمام الزوال القادم من الغيب البعيد،سينهار كل شئ و يبقى التراب وليس غير التراب ما سيتبقّى من أمم خلت و من أمم ستخلوا بعدنا .

شاعرتنا القديرة عواطف عبد اللطيف
حول التخيل و التأمل و الأستقصاء
أدوات ضرورية للكتابة لن يستطيع أن يتخلى عنها حتى كاتب الخاطرة،إنها مجسات تنغز بواطننا السردية لنرتبك بأعراض الكتابة و يحل المخاض مبشراً بمجئ النص،عطاؤها يتوقف على الموهبة و الثقافة و الحياة .


الفكرة أم الأسلوب
ما الأسلوب إلا وعاء غيبي يصب فيه الكاتب فكرته لتسيح بحكايتها متمثلة خطاً بيانياً يمثل تحولاتها من أجل الوصول الى الخاتمة ، الفكرة كانت في البدء و ستبقى .


هناك مَن يطالبني حتماً
كلما أصر على شئ تصر عليّ الأشياء ، في خضم هكذا مخاض أعمل على فك الأشتباكات بعد أن تحرضني الأوجاع و تحاورني من أجل خلاصها الذي هو خلاصي .

مرشدي الأغلى عمر مصلح
مأزق الأصالة والتغريب بين المرجعية العربية والمرجعية الغربية
تحرضني أسئلتك العصية على الأجابة على إستذكار الأنجازات السردية المهمة ومنها محاولات المفكر الدكتور عبدالله إبراهيم في فك إشتباك المركزيات بكتابيه عن المركزية الغربية و العربية التي تناول فيها المرجعيات عند الطرفين و لوّح للتلاقحات من خلال المؤثر والمتأثر،إن الكتابة في هكذا شأن شائك تمثل إنزياح وحضور في نفس الوقت لكثير من الملامح الحاضرة و الغائبة للمرجعيات المختلفةومنها العربية حيث تقف الأصالة و هي سمة أصيلة تتسم بها السرديات العربية لعراقة هويتها التاريخية،أما التغريب الطارئ الهجين الذي حّل تحت مسميات الحداثة ومابعدها فكانت له تداعيات مخيفة على السرد العربي،وشّت ملامحها بالجديد لكنها وشحت الأصالة برداء غريب جاء على حساب الأصالة،أعود الى المسرح وهو وليد غربي جاء به مارون النقاش الى الساحة الفنية العربية في بدايات القرن التاسع عشر،كان المناخ آنذاك موائماً لأستقبال التجارب الغربية لذلك حّط هذا الجنس الجديد بملامحه الغربية و جرى تطويعه من قبل منظرين عرب تعاقبوا على تجنيد خطابه بما يلائم الروح العربية،كانت شرارات "تعريب المسرح" إن صح لي هذا التعبير تتقد في المغرب العربي على يد الطيب الصديقي و عبد الكريم برشيد و في الشام على يد سعد الله ونوس و في العراق قاسم محمد،منبشة في ركام التراث الكبير عن معالم لمسرح عربي يختلف بكليته عن المسرح الغربي،نجحت تلك المحاولات وسرى عدواها الى أكثر من بلد عربي إلا أنها سرعان ما خبت بعد أن أخمدتها رياح العولمة العاصفة ليعود المسرح العربي الى طقسه الغربي من جديد لكنه يحمل في خطاب
الحكاية روحاً عربياً.

مسرحنا وهويته الجمالية
نعم للمسرح العربي سحر آسر يرشحه للجمال إذا إعتمد على إرث الجمال القديم ،إن العرب صنّاع حضارة قديمة منها تناسلت حضارات كثيرة مازالت تحمل في بعض ملامحها شئ من ذلك الأرث الرصين، منظوماتها الجمالية تتوزع في الفنون و الآداب ومنها الف ليلة و ليلة التي تاثر بها الكثير من الكتاب المشهورين و كذلك في الفلسفة و الطب و العلوم الأخرى،تركت ملامحها لتتوزع في ثنايا أي نص سردي ومنه المسرح مسبغة عليه مسحة الجمال التي تميزه بالأختلاف والأصالة .

الساردة القديرة سولاف هلال
الأنتماء
الأنسان كون صغير يتطاحن في داخله الكون الكبير ، هذه مفارقة التكوين المختلة التي جُبلت عليها و منها نشأت،لذلك أفيض بمالدي على الآخرين و من الآخرين أشكل كوني الصغير ،انني إنتماء لقلق ينتجه في كوني الهادئ الصغير هذا الكون الصاخب الكبير .

السينوغرافيا
المعنى العربي لها تصوير المشهد و هي قوة جمالية عاطفية تسهم في توحيد العرض،تعتمد التشكيل و التنسيق في الفراغ المسرحي بشكل متوازن و مدروس،انها حسب رأي أخراج بصري للمشاهد المتعددة يرتبها السنوغرافي بحرفنة و أبداع مزيناً الفضاء بالسحر و الأبهار لأستقبال الممثلين و حكايتهم،انها نتيجة لكل العناصر المسرحية المساهمة في بناء العرض ما خلا الممثل و الجمهور .

القدير أبدا .. سيد الحضور و الألق .. العميق الرؤى المتبصّر قاسم فنجان .. أسعد الله قلبك كما أسعدتنا بأجوبتك المدهشة والتي نكتسب منها قدرا كبيرا من الفائدة ..
وأتوجه بالشكر لجميع المداخلين والقراء الكرام ..
سأخرج قليلا من رتابة التقليدية والأسئلة التخصصية ..لسياحة قرائية في أعماق قاسم فنجان .. وسبر أغواره المليئة بالجمال والابداع والمعرفة ..
أما بعد :

**في رواق أعمال الفنان الشهير هنري ماتيس كتبت على الجدار مقولته الآتية:''أنني أشتغل بإحساسي، تصوري في رأسي وأستطيع إعادة استيعابه لكنني أعرف إلى حيث أريد أن أصل.
الصور التي آخذها أثناء الإنجاز تسمح لي بمعرفة إن كان استيعابي الأخير أنسب من غيره وإن كنت تقدمت أم تأخرت ''.
1 - إلى أي مدى يعرف قاسم فنجان إلى أين يريد أن يصل حين يكتب .. أم أن المزاج وأي حدث آني قد يغير مجرى الكتابة لتصب في بحيرة غير التي كان يقصدها في بداية الكتابة ..؟؟؟
2-هل ترتسم ملامح العمل الابداعي في مخيلة قاسم فنجان ومن ثم يبدأ بالكتابة وبلورة تلك الملامح ؟؟؟

قال العبقري هيجل :

''نتاج الإبداع أسمى من نتاج الطبيعة لأنّه من نتاج الفكر وبالتالي فهو نتاج الروح والمخيّلة ..''
1- مارأي قاسم فنجان بهذا القول ..؟؟
في إحدى المرات كنت في مرسم صديقي الفنان التشكيلي جورج شمعون فرأيته يرسم خلفية لوحة بإعجاز تكنيكي ولوني رائع وهي عبارة عن ورقة شجر مكررة آلاف المرات ولكنها لا تشبه أي ورقة شجر مطلقا وألوانها مختلفة فقلت له حيرتني .. لا أعرف إن كانت ورقة توت أو روقة عنب أوجوز فما نوع هذه الورقة ولماذا ألوانها لا تتطابق فابتسم وقال وما رايك أنت .. فقلت اراها كتفعيلة القصيدة وحدة إيقاعية متكررة ولكنها هنا وحدة شكلية لونية وليست زمنية .. فقال صدقت هذه ليست ورقة شجر هذه ورقة جورج شمعون .
1- ماهي البصمة القاسمية المميزة والتي يتفرّد بها قاسم فنجان .. لنقل العلامة الفارقة ..
2- هل تم الاشتغال عليها بقصد تكريسها وإيجادها .. أم أن هناك من التقطها وكتب عنها أو لفت نظرك إليها لوجودها في كافة أعمالك ..

نحن في زمان تصعب فيه العملقة والتفرّد ..
فلو كان القرن المنصرم القرن البيكاسوي وما قبله القرن البلزاكي .. فأنا أستحق من وجهة نظر جنوني.. أن يكون القرن الحالي.. هو القرن الكريمي السمعوني ..وأسعى وأطمح وأتمنى ذلك ...
1- هل . يسعى
......... يطمح
........... يحلم
........... يتوقع
أن يسمى هذا القرن .. القرن القاسمي الفنجاني ؟ مع التعليل لو سمحت ..

-قاسم فنجان ..
1-ما دور المرأة في إبداعك بشكل عام .. والملهمة بشكل خاص ..
وهل تعتبر الملهمة من مستلزمات الإبداع للمبدع .؟؟

تقديري الكبير وشكري سلفا لقامتكم سيدي الكريم ..
هذه الأسئلة تمهيدية لما سيأتي لإكمال رحلتنا في استنباط الجوهر المخزون والدر المكنون عند قاسم فنجان

الأنسان كون صغير يتطاحن في داخله الكون الكبير ،
هذه مفارقة التكوين المختلة التي جُبلت عليها و منها نشأت،لذلك
أفيض بمالدي على الآخرين و من الآخرين أشكل كوني الصغير ،
إنني إنتماء لقلق ينتجه في كوني الهادئ الصغير هذا الكون الصاخب الكبير .
قاسم فنجان

هذه أقوال خالدة .. حيّاك الله فلقد أدهشتني حقا

سيدي الشاعر سمعون
المرأة والأبداع
ما المرأة إلا حياة لابد منها للحياة،لن نقوى على تجرع كل هذا اليباب من غير نداوتّها،انها السطوة اللذيذة الخارقة،حطت في كل متوني تقريبا،توجّه بوجودها الجليل دفة الروي صوب العشق لتأتي النصوص مزحومة بفيوضات شعرية حلّت من أجلها،يالأنانيتها المراوغة إنها تحتكرنا ياسيدي بإحتكارنا لها،تتجلى لي في كل نص بإسم وتتعدد أسماءها وهي واحدة،تراوغني وتغيب وأقبض عليها متلبسة في الخيال،تنسج من وهم وجودها أنثى لشيطان تارة و لملاك تارة أخرى،أستدرجها فتظهر معلنة لي عن وجودها كحقيقة للحقيقة،ما أروعها تلك الأنثى و ما أحوج الكتابة اليها،إنها لذة سحرية تتقاطر من أرواحنا و تترسخ في قلب النص حتى يشع بالحياة،لأنها يا أيها السمعون الرائع الحياة التي لابد منها للحياة .

الطموح والسعي و الحلم في الكتابة
ساعترف في حضرتك وأعلن لك عن رقيب قاسٍ يقاسمني القرار،يشبه الى حد ما قريني الذي تعرفه،يقمع دائماً كل ماترنو له حياتي البسيطة،أخشاه كثيراً لأنني إختبرته مراراً و ليس في هذا أي غيب،يقيناً ياسيدي الشاعر إن أسئلتك الغريبة التي لم تشفع لها مقدمتي الفقيرة تزعزع ثوابتي و تدفعني لتصاريح أغرب،إني ياسيدي أنحني لكل شجرة تصادفني في الطريق،من عطائها الكبير أتعلم العطاء الصامت،لذلك لاهَم لي و لاطموح ولامسعى إلا بياض العطاء،انه الأمل الذي إرتكبني ولم أقترفه برغبتي،مكرهاً وجدت نفسي الأمارة بالطيب تعوم في هذا الفيض الصافي،لهذا جرجرت جسدي بعيدا عن كل ماهو رمادي وإنكفأت على روحي بعيداً عن الظلام،أشيد النصوص البيضاء واطلقها بوجه العتمات متناسياً آنَها و مابعد آنَها،لهذا أعلل إرتدادي الشديد الى داخلي مولياً ظهري لوجود قاتم لايهمني إن لوّح لي أم لم يلوّح .

علامتي الفارقة
لم أكتفِ في الكتابة بالخيال فقط بل أحرض الخيال الى التخيل،تصوّر أيها الشاعر الشاعر عندما يتخيل الخيال كيف تكون الصورة،هذه بصمة كرستها ذائقتك الحادة في بصيرتي و أعترف بها في حضرتك فقط .. بصمتي خيال يتخيل .

الفكر و الروح و المخيلة و الطبيعة و هيجل
لا أريد أن أزحزح ما هو ثابث في ذاكرة الآخر لذا أستميحك العذر بعدم الأجابة على هذا السؤال فقط .

الى أين نريد أن نصل حين نكتب
إننا نكتب لأننا يجب أن نكتب ولكن أغلب مانكتبه سيصبح ذات يوم في جعبة العدم،آنذاك سنكون في ضفة العماء و ماكتبناه سيكون في الضفة الأخرى للعماء،هذا حال العوام وأنا منهم أما الخواص وهم مَن يقارعون العدم بخلود إنجازاتهم فهم أقلية منتخبون سلفاً من السماء و أتمنى أن تكون منهم .

سيدي المبدع قاسم فنجان .. ألف تحية وانحناءة لقامتكم الشامخة وقدّكم الباذخ .. وجذوركم الضاربة القدم في عوالم الجمال والابداع والفكر والخيال ..

علامتي الفارقة
لم أكتفِ في الكتابة بالخيال فقط بل أحرض الخيال الى التخيل،تصوّر أيها الشاعر الشاعر عندما يتخيل الخيال كيف تكون الصورة،هذه بصمة كرستها ذائقتك الحادة في بصيرتي و أعترف بها في حضرتك فقط .. بصمتي خيال يتخيل .
نعم هذا الجواب كنت أدركه تماما منذ بدأت أقرأ قاسم فنجان .. فلقد لمست ذلك في ما ينتجه من إبداع مذهل .. ولو مر بي نص بين آلاف النصوص لك سأدرك تماما أنه لك لأن بصمتك فريدة .. خيال يتخيل .. لن أبد التسمية بأخرى سأدعها هكذا خيال يتخيل .. وأدرك تماما أنها أتت بتلقائية وبراءة ولكن نفسك الأمارة بالطيب عشقت هذا اللون فأبدعت منها ما يميزه ويجعله يتفرد بها ولها
تقديري الكبير سيدي ..


الى أين نريد أن نصل حين نكتب
إننا نكتب لأننا يجب أن نكتب ولكن أغلب مانكتبه سيصبح ذات يوم في جعبة العدم،آنذاك سنكون في ضفة العماء و ماكتبناه سيكون في الضفة الأخرى للعماء،هذا حال العوام وأنا منهم أما الخواص وهم مَن يقارعون العدم بخلود إنجازاتهم فهم أقلية منتخبون سلفاً من السماء و أتمنى أن تكون منهم .
فهم أقلية منتخبون سلفاً من السماء دعني أساكسك قليلا بهذا القول .. وأقول أنني أعارضك
وبالرغم من معارضتي لا أنكر دور الفطرة والموهبة وحتى المورثات البيلوجية لها دورها الكبير ..
ولكن أنا أعطي الدور الأكبر والأهم للبيئة الحاضنة وأيضا الظروف والأحداث التي نشهدها .. والعقل المتشكل من معرفة وغنى التجربة الإنسانية المباشرة .. والأهم من كل هذا العمل والإشتغال على الشخصية الابداعية ..
فلو جاز تحليل عبارتكم أنهم منتخبون سلفا أي تميزوا بإحساس مرهف وحواس مُتّقدة حيال الظواهر ورصدها وهذا يُنمي الخيال منذ الطفولة الأولى فأنا معك تماما بهذه العبارة .. ولكن معارضتي فيما لو كان تسليما مطلقا للقدر ..
سيدي القدير الشكر يعجز والكلمات تتوارى أمام قامتكم .. حقا ..

********************
قاسم فنجان كاتب مسرح ..
ولكنني أعتقد أن مخيلته الماسية لا بد أن تتقمص دور المؤدي لكل دور وحتى دور المتلقي أيضا ..
ولا بد أن قاسم فنجان متمرس بفنون الأداء وسيكيولوجيا فنون الأداء ..
1- كثير من الأحيان نجد أحد المؤدين ( الممثلين ) يقوم بالدور بتكلف وكأنه بكل حركة يعود ليذكرنا أنه يؤدي الدور وكيف حفظه ..
وكيف لقنه المخرج حركاته وووووو ..
ونجد ممثلا آخر يلبس الدور يتقمّص الدور بكل عفوية وبساطة حتى تقاسيم وجهه وحركات فمه بالنطق ويؤدي جزئيات صغيرة وبيسطة وكلما كانت بسيطة كلما ساهمت في منح مصداقية للعمل ككل ولأداء الفنان بشكل خاص .
وهنا الدور كالقصيدة .. إما أن تكون متكلفة فيها حشو وركاكة وكلمات دخلت قسرا وووووو وإما أن تأتي تلقائية لا اعتداء لشكلها على مضمونها ولا للغتها على شعريتها ..
ومن هنا أرجو أن تتكرم علينا بذكر العوامل التي تساهم في بناء هذه المواصفات في شخصية المؤدي ..
1- المصداقية
2- الحضور ( الكاريزما )
3-التلقائية
4-التخيّل (التهويم )
5-بؤرة الانتباه
6-التألق ..
وبعد هذا .. كم تمنح بالنسبة المئوية للنص المسرحي بإنجاح أداء الممثل بشكل فردي ..على الخشبة .
لك الشكر سلفا سيدي ..وأرجو أن لا تضيق ذرعا بأسئلتي ..
لك حبي المطلق

اقتباس: المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد الكريم سمعون     أستاذنا المكرّم المبدع الكبير قاسم فنجان تحايا عابقة بالتقدير والمحبة لشخصك وفكرك وحرفك .. نتابع هذا الحوار الشيّق والذي يُعتبر مرجعا فكريا وأدبيا وثقافية .. آملين من الله أن لا تطول فترة غياب سيدة المكان المحاورة القديرة الأخت سفانة .. .

ابني الغالي كريم
كل الشكر
على هذا المجهود المميز لمواصلة الحوار
مع تمنياتي للغالية سفانة بالصحة والعافية

صباح الخير والهناء
صباح السعادة والراحة

أتابع معكم هذا الألق

دمتم بخير
لكما الـ
تحياتي