شكرا جزيلا سيدتي لأنك ألقيت ذلك الضوء الباهر على شخصية أحب صديق لي..
بالطبع لن أفوت هذه الفرصة التي أتحتها لي..
سؤالي هو:
(ماذا يعني لك أني لم أجد في وجداني سؤالا يمكنني طرحه عليك يا عمر مصلح؟!)
تلعثمت كلماتي على عتبات أبواب هذه الضيافة الباذخة النبل والأناقة .. حتى احمرت وجنات الحروف , فانحدرت قطرات باردة .. معربة عن شكري وامتناني للأخوات والأخوة جميعاً .. حيث لم تسعفني إمكاناتي على نحت مفردات تكون لها أكثر دلالات , وأعمق توصل .. لذا سأحني هامتي , وأرفع القبعة.
وقررت السير بخطى حثيثة لأصافحكم في منتصف الطريق , لنصطف بعدها بنسق واحد , بموكب ملكي , وكل له خطوته.
ألأستاذة سفانة الراقية :
إسمي عمر مصلح .. دخلت النفق الخامس من الفقدانات , وبلغت من القهر عتيا .. عراقي مغترب في بغداد , ولدت في بيئة متشظية بين البداوة والريف , لكنها متزينة برداء مديني .. تمردت على مكتبة عائلتي الأحادية الثقافة , الملتزمة دينياً جداً .. حتى اتهمت بالميل لليسار , والوجودية , وحتى العدمية .. لكني مؤمن ولا أنتمي إلا لوعيي .. وعلامتي الفارقة ، أن الأنسان قيمة عظمى , وأن الأرستقراطية سلوك , ولعدم إجادتي لدور السماسرة , ولكوني لم أجبل على الخديعة , نبذت السياسة .. واتخذت من الكتابة , والفن التشكيلي , والمسرحي خيمة أستظل بها من هاجرة الوجع.
مشتبك أبداً مع ذاتي ، حتى صرت عاجزاً عن توصيف نفسي .. فأنا منظم كأي مجرم محترف .. ومشاكس كطفل عابث .. محموم بالحب حد الهذيان .. وهذا ما جعلني أعلق فوق رأسي ما قاله جاك بريفير ( كلنا نموت .. أنا , والملك , والحمار .. ألحمار من الجوع , والملك من التخمة , وأنا من الحب ).
ألمكان بالنسبة لي , يبتعد عن ما رآه باشلار .. كوني أراه حاضنة للزمن , والتجربة .. وهذا ما يجعل قلبي يخفق , كلما ذكرت ( جسر الحقلانية , وكهف وادي شعاب الشوك , وشارع الرشيد , والمقهى البرازيلية , وجونيا , وعكّار , وباب توما ) .. حيث نثرت ألواني وكلماتي , وزرعت زهوراً داستها أقدام النزق تارة , ولعنة عدم الوفاء أخرى , والحنين إلى بغداد .. وكلما داهمتني الذكريات .. ألوذ باللون أو القلم لأرسمني من جديد .. فلا أجد إلا ممحاة تغويني بمحو ذاتي , أو العودة إلى هناك .. فأعود إلى منفاي الذي أحب.
أما الأنطباع الأول الذي يحتلني , هو ما يعكسه الحس البصري المتماهي مع مشاعر الحب أو اللاحب .. وحينها أتخذ القرار بالمكوث أو المغادرة .. ولكني أحاول إسقاطه على خامة أو ورقة , ذات بوح.
وليس لـ باشلار تأثير على دائرة علاقات ذائقتي في تحديد جماليات المكان .
ألأستاذ محمد سمير المتألق :
ليس هنالك ثمة جدلية ديالكتيكية بين الشعر والرسم , كونهما لا يسعيان إلى تنظيم أو تمزيق .. فالشعر والرسم والمسرح .. إلخ. كلها فنون تتلاقح , وتتماهى , وتستفز الواحدة الأخرى جمالياً لابتكار صوراً جديدة .. فأرتِّل أو أحدو أو أنصهر حرفاً أو لطخة زيت .. علّها تكون ( swan song( .. وتوضع فوق شاهدتي , مع غصن آس , ويرش نعشي ببقايا زجاجة عطرها.
ألأستاذ رمزت عليا البهي :
ألوطن .. لا يرسم , ولا يوشم , بل هو نقش محفور على جدران الروح , أتلمس أخاديده كلما بالغت العتمة بأنويتها .. لأستدل على الطريق .. فالوطن هو دليل من ظل نفسه إلى المرايا .. وحين تهشمت بعض ملامح وطني , وصار شارع الرشيد مرتعاً لأولاد الغرف الرطبة , والشوارع الخلفية .. استصرخت دمعتي أن تسندني , فتخندقت تحت أقبية الكبت .. فلذت بامرأة مفترضة ونشيجي يقول .. إفترضتكِ وطني الذي كان , فكوني ملاذي .. عسى أن أرمم ما تبقى مني , لأمارس التحليق ثانية .. ببسالة طفل جريْ .. لكن الغصة لم تفارقني وصرت قيد الحشرجة حين رأيتهم يرفعون راية العراق ولكن ( بعد أن جردوا الله من رتبته ) .. صارت صلة القربى بين الشام وأرض الكنانة حلماً لا يتحقق إلا بقدرة إلهية.
حين أسمع أو أكتب بيتاً شعرياً أو مسرحية أو أرى مشهداً يومياً , يداعب شقيقات وجعي , أو يشاكس القبح بأناقة , أو يداعب بنات أفكاري .. أحاول تلوينه بأسلوب ما .. وليس مهماً أن يكون رمزياً أم واقعياً أم انطباعياً .. عدا أن يكون سريالياً .. لأن شوارعنا تكتظ بصورة سريالية فائضة عن حاجة الشيطان نفسه .. والذي لا يجيد لغة الجياع لا يمكن أن يكون فناناً مقنعا.
بوح خاص .. للأستاذ الشاعر السنجاري الرائع .. إستلفت من بعض قصائدك أنيناً سأسقطه على لوحة سأرتكبها ذات قلق .. فاسمح لي سيدي الكريم.
آخر تعديل سفانة بنت ابن الشاطئ يوم 10-10-2011 في 05:51 PM.
سعد سعيد أيها المعمد بالوفاء
حين ضغط القهر على الرقاب , كنا نفكر بصوت مسموع
وإذا بالتناص يكون القاسم المشترك الأعظم ..
ولكن الذي لا تعرفه هو أني , رسمت أول لوحة بخصلة شعر أنثى كانت , ومازالت عالقة بالذاكرة
وهي الفرشاة التي سأستخدمها برسم تصميم غلاف روايتك الجديدة ( فيجواليا ) ..
دمت صديقاً برتبة شقيق , يحتل أركان القلب
آخر تعديل سفانة بنت ابن الشاطئ يوم 10-10-2011 في 06:41 PM.
مساء جميلا أستاذ عمر
وشكرا للعزيزة سفانة لهذه المفاجئة الجميلة
مررتُ على عجل بالأمس وماكان هنالك متسع من الوقت والكتابة فأرجو المعذرة
في بداية كلمات العزيزة سفانة قالت بأنّ الهزيمة تسكنك ، رغم أني أجد في أعمالك -ومهما طغى عليها مذاق اللون الأسود- لكن هاجس الحب يضيء عتمة اليأس ولاأدري أن كنت ُ قد جانبتُ الصّواب ام ... مارايته هو مارأيته
مؤمنة بأن كل مبدع مالم يغترف حبره شيئا من نسائم ليالي بغداد ، يبقى إبداعه قلقا وربما مغتربا ... فماذا اضافت لك بغداد ؟
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟
ألسنجاري الرائع .. وجودك يزيد الأجواء بهجة وبريقا
ممتن جدا لهذا الترحاب , وهذه المشاعر الصادقة
وأتمنى أن أكون ضيفاً خفيف الظل بينكم
يسعدني تواجدك بعد غيبة أقلقتني.
لك محبتي أيها الأنيق.
آخر تعديل سفانة بنت ابن الشاطئ يوم 10-10-2011 في 09:50 PM.
ألأستاذ الفاضل يوسف الحَسَن .. أتشرف بك مبدعاً , وصديقاً كريماً
يبدو أنهم حين أسموك قد فاتهم تشكيل الأسم بالحركات .. حيث افترضت أن إسمك إسماً مركباً ..( يوسفُ الحُسنِ ) لما تمتلكه من لباقة , وأدب ثر .. تحياتي أيها الجميل.
آخر تعديل سفانة بنت ابن الشاطئ يوم 10-10-2011 في 09:56 PM.
سيدتي الفاضلة عواطف عبد اللطيف .. أدام الله عزك
نعم لقد كان تغييب الحياة بقصدية , حيث أحال الحس البصري الخراب إلى أعماق النفس فأعلنتها لوناً وحروفاً .. حيث غابت الروح الشفيفة عن مدننا منذهم.
للحروب أولاد وأحفاد خدَّج .. يترنحون على عتبات الحياة , ولا حاضنة .. والظلم يعوي , والشرطي قابع في الذوات .. ولا بد من طرده , كي نمارس لحياة بأناقة.
ألمرأة شاهد البقاء وعنصره الأهم , وأغلب الآلهة في كل الحضارات هي أنثوية , وهذا لم يأتِ من فراغ .. فهي الطائرة الورقية التي تتمايل غنجاً في سماء طفل بريء , وهي المطر في صحراء الروح , وهي العيدية التي توضع في جيب طفل يتيم .. لذا تجدينها حاضرة في كل أعمالي , وإن غيبت جسدها أو وجهها .. لكنها قُبلة الحياة التي تنقذني من الموت.
أللوحة الأولى أسميتها ( جديلة ) لأني رسمتها بفرشاة صنعتها من شعر ( جميلة ) .. كانت وستبقى أجمل الجميلات .. أسأل الله أن يسكنها فسيح جناته.
ألبداية .. هذا سؤال طالما سألت نفسي عنه .. ولم أجد نقطة انطلاق غير تلك الحادثة التي مازلت أذكرها , وكأنها البارحة .. ( كنت تلميذاً في الأبتدائية , حين رافقت والدي إلى مدينة الكاظمية , كي يزوّرني الأمام موسى بن جعفر , خشية الحَسَد .. ولم أشعر إلا ووالدي يمسكني من ياقة قميصي ويعاتبني بصوت متهدج .. لماذا تركت يدي , وجعلتني أبحث عنك في هذا الزحام ؟. بالحقيقة لم أجد رداً مناسباً إلا أن أشير له بعنقي إلى المحل الذي كنت واقف أمامه , حيث أدهشتني لوحات ذلك الرسام الأيراني الذي كان يتخذ من محله الصغير مشغلاً له .. فضحك , وقال .. هذا ما دار برأسي أول وهلة افتقدتك فيها ) .. ربما كانت هذه الأنطلاقة , إلا أنها ليست البداية.
آخر تعديل سفانة بنت ابن الشاطئ يوم 10-10-2011 في 10:00 PM.