قراءة في ثنائية إشراقة على وجه الخريف
بين المبدعين
شاكر السلمان و القديرة دزيريه سمعان
أول ما يشدّ الإهتمام هو العنوان والتّسميّة التي أطلقها المبدعان على ثنائيتهما
إشراقة على وجه الخريف
فأولّ ملمح يعترضنا هو أنها ثنائية الكهولة ورغم خريفها فإنّ قدرة المبدعين ستمنحنا استرجاع الأشواق وتألّق العواطف وتوهّجها .
وتأمّلوا ما استهلّ به السلمان
محظوظة حروفي وهي تنحني لجلالة بوحك
حين يبزغ البياض يا سيدتي بين خيوط الدجى وتتفتح خدود الصباح برشاّت من حنين الماضي يتوارى خلف العمر غسق الرحيل وتستدرجني رويداً رويداً خلجات ناعمة تفرزها آهات ملئى برائحة الحب المعتق
فتؤول إذ ذاك مرابعنا الى حروف سرور موشومة بنبع العواطف وألق ديزي
لتجيبه الديزي بشهقة الكلام
أتدركُ يا ساحري
كيف أيقظَ شعاعُ حرفكَ
بسمةَ الفجرِ ذاتَ صحوةٍ ؟
حتى حلـّقتْ فراشاتُ النّدى باسمةً
فوق شرفةٍ خِلتُها غارقةً بالحزن
فاستلقى الحلمُ بنشوةٍ
فوق رابيةٍ ملأى بإشراقةِ الخريف
وبهذا الجمال تنطلق الثنائيّة بينهما لتتحوّل كلّ شخصيّة منهما وعبر الكتابة الى قدرة فائقة على اتيانها كلّ منهما بيخصوصياته واقتداراته لتتكلّم على الأساس الذي هي محكمة به وفيه
يرضيكِ أن تتسمر الأحداق شاخصةً لذلك الوجه البلوري،
وأن ترتبك العبارات قبل خروجها
و تتسابق تأتآت النطق قبل أن يسعفها رمق الأبجدية
هل إن أوراق الأشجار تتساقط في الخريف فقط
أم أن آهاتنا عجنت بلوعة الروح قبل أن يجتاحنا هادم اللذات..
فعالم العشق والحب والحنين هو عالم مملوك وواقع تحت سلطتنا غير متصّل بأزمنة ولا عمر غير مقفر أبدا فتأملّوا طلوع الذّات العاشقة في قول ديزي هنا
اشتعلتِ القصيدةُ بالخافق
وعلى شرفةِ النّبضِ
زغردتْ طيورُ الشوقِ
حاملةً معها أحلامَ الصبا
وتذكرةً .. على بساطِ الرّيح
نجوبُ بها قفارَ المحبة
نختصرُ الزّمنَ
نشدُّ الرحالَ صوبَ صخبِ النّبض
نوغِلُ بدروبٍ غمرَتْها سيولُ البوحِ
فالذات العاشقة تجلّت مفاوضة شعورها العميق مما جعلها قادرة على الإنصات العميق للقدير شاكر وقادرة على انتاج المعنى بطريقة تواصليّة بامتياز
أيا أنثى
باقيةٌ هي أمنيتِكِ
قد لوّحتْها شمسُ الرّبيعِ الوردية
فلا تأبهي لسقوطِ الأوراق الصفراء
فحينَ تسافرينَ بأعماقِه
سيحملكِ نورُ عينيهِ لمدائن الفرح
وتمتزجُ أهازيجُ اللقاء
بصدى صوتِه الرنّان
رقيقة ...حالمة ...تمضي ديزي باثّة فينا كملاك أنيق جميل دفء الحبّ مشرّعة لمساحات وردية تدوس يبس المشاعر ...
وهي بهذا تفتكّ وتقتلع من شاكر أعترافاته المذهلة معلنا عن حلول إشراقة الخريف بما يمنحه الحلم والأمل وكأنّ مارد الحب قد احتواه وسكن روحه وقلب كلّ الموازين
وها أنذا أجيء هارباً ببعض أصابعي الملتهبة من وجعِ نصِّك الأول لأضع ما تبقى
من جِمارِ جسدي التي هيَجَّها ذاك الصباح
وليبكي جُلّ جسدي هنا على فواصل معاني تتزاحم على حدقات ترجمها حنينك الوارف
سننتظرُ بما سيتبقّى من خفقاتِ القلبِ حتى نرى ماتعسّرتْ به محارةٌ في قاع الفؤاد
وتنفتح مغالق الذّات للمساجلين شاكر وديزي لتتحوّل الثنائية بينهما الى عالم من الأحاسيس النبيلة خارجة عن وعيها بازمنتها وأمكنتها وخريفها وفصولها منفلتة خارج حدود ضيقها وانتكاساتها لتحلّق بمتلقيها في عالم رحب يهبنا الدّهشة ...
والمتأمّل في هذه الثنائية يلاحظ
1توفّق مذهل يجعل افتراض ما يدور بينهما على أنّه قد جرى فعلا وهو مغامرة فعلية تحدث في سياق حقّق مصداقيته وعفويته في نفس متلقيه
فاغمضْ عينيكَ .. مولاي
قبل أن يلفحَك هديرُ الرعود
وتتسارعَ دقاتُ القلب
وتعااااال .... نقيمُ بميناءِ الهـدبِ
مأدبـةَ بوحٍ
2بنية الأفعال المستعملة جاءت بصيغة الامر في أغلب الخطابات وهذا ما يجعلها في غاية التّأثير ...
فكلّ ما تعلّقه الكتابة في أفقها مرتهن بقوّة صيغ التخاطب بينهما وحسن انتقائها ...
فانظروا معي هنا صيغ التخاطب التي جاءت في كتابة السلمان
سأمكث هناك
جنْبَ أسْكُفِ عينيكِ
وحتى اشعالٍ آخر
أتوسّدُ ....
ولْتكن مأدبةُ بوحٍ
سأنزع عني ثوبَ الخريف وآتي ........
فقد يجتاحني الوجدُ من
رأسي حتى أخمص قلمي ...
فقد عملت الصيّغ المعتمدة في الثّنائية عملا فعّالا وسرّبت لذّتها ومتعتها في النّفوس
فقد عمد كلّ من السلمان والديزي الى محاكاة ومناجاة سخيّة تخترق أفق المتلقي وتجعله يعيد النّظر ويفتح نوافذه على افق يمنحه شحنة عاطفية متجددة
3الجنس التعبيري والمعجم اللّغوي المتفرّد الصّياغة وأحتفاء الأسلوب بالمحسّنات والصّور الشّعري’ المترعة جمالا ورقيّا وأبداعا والموشوحة بالوقار والرّفعة في العواطف
وقد أخرجتنا بعض العبارات من تجمّد المشاعر
وتأملوا معي هذه المفردات المتبادلة بينهما
ديزي
في إضاءةِ الشوقِ ستجدُني
على مرمى لهفةٍ
أتحسّسُ نبضا رسمتْه سنواتُ الغربة
انصهرتْ شمعتُه
السلمان
تعالي
فقد نقشت عناوينك في جميع مساماتي
وسأعيد ترتيب دفاعاتي
و شعرك الغجري
كي لا يقترب منّا الخريف
ديزي
ففي غفلةٍ من كل الخلايا النائمة
اخترقَ سهمُ لهيبك كل الحواجز
ودكّـتْ جيوشُ بوحِك كل الحصون
وفوق شواطئٍ تعجّ بالبوح الشهي
تكسرت أمواجُ الصمت
السلمان
وكأني به يرفع الرّاية ليعلن لديزي في جملة مشفّرة كم يصعب طمس تأثيرها...وكم هي فسيحة رغم ضيقها وكم هي معبرة عن كوامن وعوالم من الأحاسيس
الله يسامحك يا ديزي
ثم يطلق عليها أوصافا تهبها القداسة
يا أشِعَّةَ نبضي
ورئةَ الحب....
يا نخلة الروح
أريدُك تنبتين غُصْناً في جسدي
وتُزْهري في روحي الياسمين
خُذيني بأفْقكِ الذهبي وارتفعي
حتى تُريني مدارات السنين
يا نخلةَ الروح
تَعْالِي وَ كُونِي لصَدْريِ روضاً من زهر
فلازال جمَال وَجَهكِ يرشقني كالأمطار
تَدلي بيَنْ ذراعيّ لنعتليَ الحصن
وكل الأسوار
ديزي
4تحرّك الأحاسيس وانثياله
وكم كان تحرّك مشاعر ديزي مذهلا تعبيرية وجمالا فهي تواقّة لتناغم أرحب يلج أعماقها المرهفة الأنيقة لتصبح اللغة كاشفة عن انفتاح كوامنها الجميلة المتحرّرة فكم أطلقت العنان لقلبها الحالم
أتعلمُ يا شاعري
أني لا زلت أتعطشُ لهمسك
تفجرت منها ينابيعُ الآآآآه
فوق أرضكَ الخصبةِ بالحنان
لا تسلني لمَ تراقصَ البدرُ فرِحا
ولا كيف اشتعلتْ
ثوراتُ الحنين بالخافق
فدروبُ الليل قد عبقتْ
مساماتُها بنبيذِ الحرف
أجدني مثلكم تماما مذهلة في الوقوف على القيّم التّعبيرية التي حفلت بها هذه الثنائية المتميّزة والأسلوب المعتمد فقد أنتج هذان المبدعان رائعة تصنّف ضمن الرّوائع شكّل فيها التّحرّر الأنيق استقبال أحاسيس آية في الحسن ودلالات لحياة نابضةزعزع فيها البيان خريف عمر وترهلاته ومنح المتلقي زوايا قراءة ماتعة
الشاكر ...السلمان....
كم منحنا هذا القلب الذي خفنا يوما وهلعنا عليه...
فليبق قلبك يا عمدتنا مفعما من دفق أنثى الجمال والرّوعة
وقل لنبضه لا تخفت لا تضعف أبدا
ديزي الأنثى الرّقيقة
كم مسكونة أنت يا صديقتي بالجمال والرّوعة ونبل الأحاسيس
وكم أحبّ فيك رقّتك وأناقة روحك
لكما منّي فائق التّقدير فقد منحتما نفسي تحليقا بأجنحة طليقة ومفتوحة في عالمكما الفسيح بهذا المنجز الرّاقي
والى اللّقاء مع ثنائية
همس القرنفل ونشيد الياسمين
للرّائعين
وليد دويكات والرّقيقة ليلى أم أمين
لا أدري أين كنت ولِمَ لم أنتبه لروائعك يا دعد
حقاً وجدت في قراءتك ألذَ ما أشتهي
وقد أجدت تصوير ذاتي في ثنائيتي مع الرائعة المحبوبة ديزي
بوركت سيدتي المتألقة
أما عن قلبي فسيكون لي معه شأن ههههههه
التوقيع
[SIGPIC][/SIGPIC]
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 05-03-2014 في 12:28 PM.
الغالية دعد طاقة كتابية لا تضاهى
قراءة واعية للثنائيتين جعلتنا أحيانا نصل إلى أمور لم نصل إليها من خلال قراءتنا للنص قراءة متواضعة
أقف لشخصك وقفة تقدير واحترام لانك شخصية مميزة لا تتكرر
أنتظر بفارغ الصبر مرورك بحرفي علّي أكتشف سر ما كتبت بغير وعي وكان له صدى بذهنك المميز
محبتي
الغالية دعد
تحية تليق بك وأنت تغوصين بين ثنايا الحروف تقتنصين الجمال لتتحفينا بمثل هذه القراءة الراقية
في إشارة واعية إلى نجاح الثنائية فيما كنا نبغي الوصول إليه والحمد لله
وفقك الله
وأسعد أيامك
دمت بخير
مع شكري وتقديري
محبتي
الأخت الغالية دعد كامل
أحييك على هذا الجهد الرائع
حقاً
كانت الثنائيات الأخيرة مميزة بشكل لافت
فقد تألق الزملاء الكرام والأخوات الفاضلات تألقاً مبهراً
فأنتجوا لنا أدباً راقياً نعتز به
نتمنى التوفيق للجميع
وتحية خاصة لرواد ورائدات تلك الثنائيات
محبتي