السلام عليكم أهل النبع
سرني جدا ان اكون معانقا لهذا النص الكبير موضوعا ومعنى
وبعد مطالعته جيدا وولجت في تفاصيله وحاولت ان اكون في روح الشاعر بدأت في كتابة ما رأيت .. وحينما قرأت ما جاء به الشاعر الجميل في قصته لم أجد تباينا في الرؤية
فقد جاء ما كتبت عن القصيدة مطابقا الى حد بعيد لما جاء به الشاعر
واليكم تحليلي المبسط للقصيدة وقراءتها ...
يابدْرُ ودّعْني وَدَعْ أحْلامي
قصيدة مليئة بالشوق والحنين , تعبر عن مكنون نفس اوجعها الإغتراب
ولتكن بدايتنا تقليدية من اول سطر فيها وهو العنوان الذي جاء ايضا اول شطرفي اول بيت ليؤكد ان الشاعر كان وما يزال هاجسه الوطن وان الإغتراب هو الذي يتحكم في روحه وقلبه
يا بدر ودعني ...... ودع احلامي
وهذا يوحي بان الشاعر قد اصابه الرهق والأرق من شدة التفكير فيما سيأتي فيطلب من البدر ان يودعه " يا بدر ودعني " ويذهب بعيدا لكي يتسنى له النوم ويمارس مالا يستطيع الوصول اليه الا بالأحلام حين يقول " ودع احلامي " ففي ممارسة الحلم تحقيق لبعض ما يصبو ويبحث عنه
يا بَدْرُ وَدِّعْني وَدَعْأحْلامي
وَخُذِ النّجومَهَدِيَّةً وَسَلامي
ونراه يردف قائلا ومخاطبا القمر بعد ان طلب منه الغياب "وخذ النجوم هدية .. وسلامي" ان يأخذ معه النجوم لعلعه يرى فيها ما يزيد من أرقه ويمنعه من الذهاب الى احلامه ..ثم يقول له لك ان فعلت ذلك تحياتي وسلامي
وينتقل بعد ذلك للحديث عن احلامه التي يسعى اليها ومعاقرتها واصفا اياها في شعره باجمل وصف يمكن لشاعر ان يصفه خالعا عليها تعبيرا يجعلنا نزداد شوقا لمعرفة عن ماذا تتحدث حيث يقول
هِيَ نُورُأحْداقي وَزَهْرُ حَدائِقي
ويردف
ما كُنْتُ لَوْلاهاأَطُوقُمَنامي
فهي من تريح نفسه وقلبه بحيث يستطيع بعدها النوم
كثير من الأبيات باوصاف العاشق لمعشوقه وخالعا عليها صورا متتالية في غاية التعبير الذي يجعلنا نتفاعل معه ومعها ونتمنى ان نعلم لمن هذه الأحلام ..
ويتركنا الشاعر بعد هذا في حيرتنا حين يغير اتجاه حديثه ليتكلم عن هذا الذي يحلم به دون ان يخبرنا به مباشرة ليجعلنا في شوق لمعرفة ذلك ربما من السياق او ربما بالتصريح بعد ذلك فيأتي في كثير من الأبيات باوصاف لهذا الشوق وخالعا عليها صورا متتالية في غاية التعبير الذي يجعلنا نتفاعل معه ومعها ونتمنى ان نصل الى مراده فيقول :
قَدْ قدّتِالأشْواقُ ثَوْبَ قَصيدَتي
وَالْحَرْفُ فِيها حِيكَ مِنْآلامي
حَبْلُ الْحَنينِأشُدُّهُ فَيَشُدُّني
وَطَنيالْمُشَتَّتُ في جَحيم ِ خِيامِ
وها هو قد اوصلنا الى مراده ولم يتركنا في رهق التفكير كثيرا حين صرح به وقال " وطني " وهنا نراه يعني الأرض والإنسان حين ذكرنا بان الخيام هي مأواه فهو يقصد الإنسان الذي تم تشتيته بفعل فاعل واراد له ذلك ومع هذا نجده يستمر في وصف هذا الوطن الساكن في الروح ولا يمكنه مغادرتها لأن ذلك يعني ببساطة فقدان الروح فيقول واصفا كيف انه يسكنه :
لَوْ سِرْتُغَرْباً سَوْفَ تُشْرِقُ شَمْسُهُ
وَلَوِ اسْتَدَرْتُ رَأَيْتُهُقُدّامي
ثم يتبع ذلك ويفسر لماذا هو كذلك لا يستطيع النسيان بان ما ربطه به " جبل من الذكرى " ولهذا كان النسيان صعبا
جَبَلٌ مِنَالذِّكْرى على كَتِفِ النّدى
لَمْ يَرْفَعِ النِّسْيانُ عبْءَ غُلام ِ
ولصوره تتابع لا تكاد تخرج من صورة الا ويرسلك خلف صورة تؤكد احاسيسه وعشقة الامنتهي لوطنه فيقول
إنِّي رَسَمْتُ مِنَ الدُّموع ِشَواطِئي
وَالْبَحْرُ هاجَبِدَفْتَرِ الرَّسّام ِ
الْحُبُّ يَجْري في فُراتِقَصائِدي
ما جَفَّتِالأشْواقُ في الأقْلام
ويصل بهالحبه لوطنه الى القمة هين يقول وكانه يخاطب الكون حين يقول :
إنْ كانَ حُبُّكِ يا بِلاديتُهْمَةً
فاللهُ زادَعَلَيَّ في آثامي
وهنا وفيما بعد ذلك ينتقل متحدثا عن الوطن ونراه يريد ان يخبر من لم تصل اليه رسالته انه قد جعل نفسه وكل ما يملك للوطنمدافعا عنه
أشْهَرْتُ حُبَّكِ وَانْطَلَقْتُعَواصِفاً
الغِمْدُ قَلْبيوَالْغَرامُ حُسامي
ويبرر ذلك في توصيف حالة الوطن فهو يراة يرزح في سجن وظلام مما جعله يزداد حبا وشوقا
إنِّي رَأيْتُكِ وَالظَّلامُ مُخَيِّمٌ
في كُلِّ سِجْنٍزادَ فِيكِ هُيامي
ويعود ثانية الى ذاته محادثا وواصفا لها ولمن يستمع اليه ويتابعهبأن ذلك من قبيل الوفاء له اذ لا وفاء بدون حبويضع توصيفا لحالته ظاهرة جلية بين السطور ويرى ان الإنسان فيه لم يحصل على حريته ولهذا فهو يقودنا الى ان حرية الإنسان فيه منتهكة فمن سجن الى انتهاك حرية وكأنه يقول اين المنادون بحرية الإنسالن من تلك الدول التي جعلت شعارها ذلك .. ولهذا قام منفردا سائلا لهذا الإنسان حريته
إنِّي نَسَجْتُ مِنَ الْوَفاءِ خَرائِطي
بِشُعاع ِحَرْفِكِ قدْ مَسَكْتُ زِمامي
وَالْقَلْبُيَسْبِقُني وَيَهْتِفُ عالِياً
حُرِّيَّةُ الإنْسانِ جُلُّ مَرامي
يَتَوَهَّجُالْقَلْبُ الْمُتَيَّمُ بِالْهَوى
تَتَمَوَّجُ الذِّكْرى مَعَ الأنْسام ِ
في جَرّةِالْهَيْمانِ تَرقُصُ جَمْرةٌ
لا يَرْتَوي الصَّبُّ الْغَريقُ الظّامي
ويعود شاعرنا مرة اخرى الى الحديث عن ذاته والوطن فيتحدث عن ذلك الشوق الذي تملكه حتى العظام ولهذا لا يمكن اطفاء جذوته لأن الذكرى ما غادرته لحظة وكل ذلك يعيدنا الى العنوان الذي كان ومنذ البداية مرهقا ومتعبا لحاجته الى ذلك الحلم عن وطنه الذي يملأ كيانه رغم ما يعانيه من منفى وبعد عن الوطن
هِيَ شُعْلَةُالشَّوْقِ الّتي لَمْ تَنْطَفئْ
ما وَدَّعَتْهُ الْعَيْنُ هَبَّ أمامي
في الرُّوحِأوْطاني وَأيّامُ الصِّبا
فَلَها تُرَفْرِفُ أجْمَلُ الأعْلام ِ
ويقول متسائلا واظنه منكرا ان يكون المنفى قد اثر سلبا على عشقه لوطنه
هَلْ ذابَ فيالْمَنْفى فُؤادٌ عاشِقٌ
أَمْ قوّسَتْ نارُ الزَّمانِ سِهامي ؟
ونراه يعود مستذكرا بابيات مليئة بالجمال ومخاطبا المكان الذي يعيش فيه " المانيا " رغم ان المكان يحمل من الجمال المادي الشيء الكثير جدا فقد وصفه " بالصحراء " وان الحياة بها لا تعدو ان تكون غربة "" وفي هذا تأصيل الى موقع الوطن في داخله هو الأساس وكل ما عداه هو غربة مهما بلغ جمالها
وها هو يعود الى وطنه الم بذاكرته فيصف ما كان بها من الزنابق والبنفسج والياسمين ويرى بانها ما زالت تعيش معه وبغيابها عن عينه يتسائل هل انتهت وهل كل ذلك كان وهما ...
يا غُرْبةَالصّحْراءِ أيْنَ زَنابِقي
هلْ كانَتِ الآبارُ مِنْ أوْهامي ؟
أيْنَالبَنَفْسَجُ وَالْقَرَنْفُلُ وَالشّذا
هَلْ ماتَتِ الأزْهارُ في الأكْمام ِ ؟
وَالْيَاسَمينَةُهَلْ تَرَهّلَ ظِلُّها
كيْفَ اخْتَفَتْ في بُرْهَةٍ أعْوامي ؟
ويعود مكررا متألمامن عذاب الغربة وما صنعت به رغم ان حياته لم تغادر ترف العيش الا انه يحس بفقدالحياة وجمالها في غربته القاسية
كَمْ عَذّبَتْنيغُرْبَتي بِجَفائِها
عَضَّتْ بِأنْيابِ الذِّئابِ عِظامي !
إنِّي شَرِبْتُمِنَ الْمَنافي مُرَّها
يا بَدْرُ صُبِّ الفَجْرَ في أجْوامي
لَمْ أفْتَقِدْريشَ النّعام ِ وَإنّما
ضَوءَ الحَياةِ بِثَغْرِها البَسّام ِ
ويعود مخاطبا البدر وأظنه قد استعار البدرعن الوطن لقوله " أَنْتَالْمُعَذَّبُ أَمْأنا"او ان البدر هو القمر حيث يقول " حَلِّقْ لَكَالآفاقُ مِلءَ بَهائِها"
ما يزال هو مصدر الهامه في التعبير عن دواخله وفي كل الحالات نبحر مع معاني الشاعر وتصويره في ابيات رائعة مليئة بكل المعاني والصور الجميلة
أَنْتَ الْمُعَذَّبُ أَمْ أنا
أَمْ نَحْنُ يَجْمَعُنا الشّقاءُ بِظِلِّهِ الْمُتَرامي ؟
يا بَدْرُ إنّيقَدْ كَتَبْتُ وَصِيّتي
لَمْ يَبْقَ مِنْ عُمْري سِوى أيّام ِ
شُكْراً لِكُلِّ قَصيدَةٍ أهْدَيْتَني
لَوْلاكَ ما احْتَمَلَتْ رُؤايَ ظَلامي
حَلِّقْ لَكَ الآفاقُ مِلءَ بَهائِها
والْكَوْنُ يَعْزِفُ أَبْدَعَ الأنْغام ِ
يَتَلأْلأُ الإيقاعُ فَوْقَ سَمائِها
خَيْلُ الْقَصيدِ مُسَرّجٌ بِكَلامي
يا بَدْرُ حَلِّقْ في فَضاءِ بِلادِنا
في قامَةِ الأَجْرام ِ خَيْرُ مُقام ِ
علّقْ على غُصْنِ الْوَفاءِِ قِلادَةً
مِنْ قِيمَةِ الأوْطانِ كانَ مَقامي
وفيما يأتي من ابيات رأيت ان الشاعر انتقل الى شيء من الحكمة ليؤكد على كل ما سبق من معتقداته ورؤاه حيث نرى من خلالها رؤيته للحياة ومن يسيطرون على الوطن ومصير كل ذلك بصور ماتعة جميلة تؤكد على مقدرة فذة في عرض ما يريد لنا ان نصل اليه من معنى ومن رؤيا ويؤكد ان من يريد المجد لا يهاب من الولوج في دروبها
إنَّ الْحَياةَ تَسِيرُ وَفْقَ مِزاجِها
لا يُوقِفُ الأنْهارَ صَخْرُ لِئام ِ
النّارُ في فَمِهِمْ وَحُلْمُكَ صادِقٌ
لا تَكْتَرِثْ يا نَهْرُ لِلنّمّام ِ
وهنا أضيفما عنى الشاعربالبيت التالي ولم أصل الى معناه الا بعد قراءة مداخلة الشاعر وقال انه كان يعني
التفرقة العنصرية في الغرب حيث يقيم بأنهم يوا أنفسهم الأفضل لكون بشرتهم بيضاء اما الآخرون فجباههم بها سمرة
قُلْ لِلَّذي يَهْجو تَوَهُّجَ جَبْهَتي
إنَّ الثُّلوجَ تُداسُ بِالأقْدام ِ
ويتحول الشاعر الى مخاطبة كل من يطلب المجد والرفعة والسمو قائلا "
يا ناظِمَ الْكَلِماتِ خَفِّفْ وَقْعَها
فَحُروفُها أمْضى مِنَ الصَّمْصَام ِ
إنْ كُنْتَ تَبْحَثُ عَنْ نَياشينِ الْعُلى
فَالْعِلْمُ وَالأخْلاقُ خَيْرُ وِسام ِ
إنَّ الْحَياةَ مَواقِفٌ وَبُطولَةٌ
ما قِيسَ عُمْرُالْمَرْءِ بِالأرْقام ِ
لا يُحْرِزُ الأمْجادَ إلا فارِسٌ
لَبَّى النِّداءَ بِعَزْمِهِ الْمِقْدام ِ
ويعود شاعرنا مخاطبا كل متابع له بعد ما نثر من الحكمة قائلا ومنبها انك ايها المتابع عليك ان تقول كامل احاسيسك ولا تخش شيئا فانت على حق وحررنفسك من الخوف "فاصدح " "واحرق وثاقك "
فَاصْدَحْ بِشِعْرِكَ أنْتَ حُرٌّ في الْمَدى
يا صاحِبي لا تَخْشَ طَيْفَ نِظام ِ
حَرِّرْ مَجازَكَ مِنْ قُيودِ غُيومِهِ
أكْرِمْ عَلى الشُّعَراءِ بِالإلْهام ِ
وَاحْرِقْ وِثاقَكَ يا صَديقي وَانْطَلِقْ
لا تَرْتَدي الأقْمارُ أيَّ حِزام ِ
وهذا الحب والحنين الذي يحمله شاعرنا لا ينتهي ولا يفارقه فيقول لصاحبه الذي هو القمر, الريح , الفضاء الضوء , لكل ما في الكون ان يجمل شوقه الى تلك الأشياء التي ما زالت تملأ ذاكرته عن الوطن وهذه لا يحملها الا كل عاشق لتلك الأيام والذكريات المرج ,حقل الرعاة , الفقوس ,التين , الشمام , الرغيف , الأعمام , البيت العتيق , البئر ,و وماالى ذلك من ذكريات وضعها الشلاعر انها ما زالت مصدر الهامه بعد ان كانت غي ذاتها من علمته الشعر واجمل الكلام
وَاحْمِلْ حَنينَ النّهْرِ نَحْوَ مَصَبِّهِ
وانْثُرْ رَحيقيفي بِلادِ الشّام ِ
وَإذا دَعَتْكَ الرّيحُ نَحْوَ مُروجِنا
جُدْ بِالْمَحَبَّةِ سَيّدَ الإكْرامِ
سَلِّمْ عَلى " حَقْلِ الرُّعاةِ " وَأهْلِهِ
وَاكْسِرْ رَغيفَ الْخُبْزِ مَعْ أعْمامي
هَلْ ذُقتَ فقّوسَ البِلادِ وَتينَها
وَرَأيْتَ نورَالشَّمْسِ في الشّمام ِ ؟
عَرِّجْ على بَيْتي العَتيقِ وَبِئْرِهِ
فَهُناكَ بِالشِّعْرِ ابْتَدَأْتُ غَرامي
ما زالَ جُرْحُ الأَرْضِ يَنْزِفُ مِنْ دَمي
فَاضْغَطْ عَلَيْهِ بِقُوّةِ الإبْهام ِ!
وهنا ينقلنا الشاعر بعد طول شوق وحنين ووجع اصاب الأرض الى " الأمل " بغد مشرق معبرا عن ذلك
" اني ارى ضوءا " وهذا يذكرني بمقولة للمرحوم ياسر عرفات حين قال اني ارى ضوءا في آخر النفق وهذا الضوءهو الذي سيقود الى كسر القيود عن الأرض السليبة عن القدس وكامل التراب
إنِّي أرى ضَوْءاً يَشُقُّ سَبيلَهُ
أَمَلاً سَيَنْبُتُ مِنْ رُكام ِ حُطام ِ
اِمْسَحْ دُموعَ الْقُدْسِ في عَلْيائِها
بِشَذا النّدى بَلْسِمْ ثَراها الدّامي
وَأضِئْ بِسِحْرِكَ فوقَ هام ِ بلادِنا
قَبّلْ أيا بَدْرُ الْجَبينَ السّامي
اتمنى ان اكون قد وفقت في نقل الصورة التي رآها الشاعر اثناء كتابته لهذه الدرة الجميلة
كل الحب والتقدير لك ايها الحبيب وأسأل الله ان تعود الى بلدك / بلادك وارضك وان يحقق الله آمالك في انتشار الضوءالذي بشرت به .. خالص الود