ولممت من فوق الرصيف ظلالي = أبكي علي لخيبتي وكلالي
أبكي على حلم تكسر غصنه = حتى ذوى..أبكي على أطلالي
تبا لقلبي.. ما له لا يرعوي = فكأنه من مدمني إذلالي
عاتبته ..وبخته..خاصمته = من دون جدوى.. فهو غير مبال
قد جئت في الوقت الأخير فليس لي = إلا الرمادة والرميم البالي
يا آه..يا وجعي العميق ألا ارتحل = ما عاد لي صبر على الأهوال
الحلم ممنوع ويمنع لمسه = فهو السريع الغيظ والإشعال
يا قلب..يا مجنون..ما لك حيلة = إلا اللجوء إلى مكان خال
إن الحياة هنا غدت مغلولة = أطرافها مشلولة الأوصال
ماذا سأفعل والقصيدة في دمي = تغلي..تدك معاقلي وجبالي..؟
تأملات في دهاليز النفس ورحلة في غيهب الروح
تلكم هي سفانة الخير تتكئ على عكازة الحرف المضيئة باحثة عن الحقيقة في وضح الجنون
تبدو القصيدة لديها طقسا للفرح والحزن معا ..هذه الثنائية التي ساوى بينهما المعري في رثائه البشرية المعذبة:
وشبيه صوت النعي إذا قيس بصوت البشير في كل ناد
أبكت تلكم الحمامة أم غنت على فرع غصنها المياد
كما شممت رائحة طلاسم ايليا أبي ماضي وهو يردد بشجن :لست أدري
هي طفلة تعدو في طرقات الدهشة باحثة عن قطرة ضوء لظلامها المزمن فتعود بدمعة حزينة ونجم يسرح في خيالها المجنح
إنها الناي الذي امتلأ به الوجود في قصيدة جبران خليل جبران:
أعطني الناي وغن فالغنا سر الوجود
وأنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود
على الرغم من الشكل الكلاسيكي للقصيدة إلا أن سفانة أضفت عليها من روحها النابضة لمسة عصرية أخاذة فاختلط الطارف بالتليد في وحدة عضوية ونفسية تخلب الألباب:
فرسمت من دمعي..النجم في عبير خيالي..ناي مجهض الآمال..أهداب الليالي..السعادة تحبو..
حفل النص بالخيال الآسر من صور بيانية توضح وتجمل المعاني التي جاءت عفو الخاطر وتجعلها أعمق تأثيرا في نفوسنا المتلهفة للجمال في الحياة..
نص شعري سداه حروف رشيقة رشاقة فراشة ربيعية ولحمته نبض شعري يجذبنا إليه كحقل مغناطيسي ..
قال محمود درويش:
لا أعرف ما هو الشعر ولكن أعرف ما ليس شعرا
ما ليس شعرا هو الذي لا يهزني
ويقينا أن "مع النفس" تهز النفوس
لذلك هو من الشعر الذي ننعم بعطر نعمته منذ فجره حتى الهزيع الأخير من الروعة والجمال
سفانة الخير
سفانة الشعر
دمت في كنفيهما طفلة لا تجد جوابا على سؤالها
ببساطة لأن الشعر سؤال دائم
ولك كل التقدير