خمسون عاما ً مضتْ تجري بما فيها
من السنين التي شاختْ مراسيهـــــــا
وليس يدري بأيِّ القول يقنعُهـــــــــــا
وأيِّ معنى رقيق ٍ سوف يُرضيـهـــــا
وكم أتاها كبرق ٍ وهي باكيـــــــــــــة ٌ
لكي يكفكفَ دمعا ً من مآقيــــــــــــها
وكم أتاها ودودا ً كي يُضاحكهــــــــا
وجاء بالبحر كي يُرضي أمانيهــــــا
وكم أتاها نبيــــــــــــلا ً وهي مُنهكة ٌ
تصارعُ الموتَ مهموما ً ليُنجيهــــــا
لكنها وكمنْ يطوي جريدتــَـــــــــــهُ
كانت لأفعاله ِ الشمـّاء تطويهــــــــــا
وأصبحتْ بعد حيــــــن ٍ مثل مجمرة ٍ
تدبُّ في داخل ِ الأعماق ِ، تكويهــــــا
لواعجُ الحبِّ، أمرٌ ليس يؤنسهــــــــــا
وطيبة ُ القلب كانت ليس تعنيهـــــــــا
كانت إذا جاءها يبغي مودتهــــــــــــا
يحارُ في أيـِّما قول ٍ يحاكيهــــــــــــــا
جوفاءُ تمحو من الأشياء فتنتـَهــــــــــا
ولو مشتْ فوق هذي الأرض ِ تؤذيهـا
يقولُ لو أنها كانــــت بداخلهـــــــــــــا
مجنونة ً العقل ِ مما كان يؤذيهـــــــــــا
لهانَ في قلبه ِ ما كان يؤلمــــــــــــــــهُ
لكنهُ كل يوم ٍ كان يعطيهـــــــــــــــــــا
حتى مآقيه ِ لم يبخلْ بضوئهمــــــــــــا
إذ كان من دمعه ِ يسقي مآقيهـــــــــــا
عن أيـِّما لفتة ٍ كانت تـُحاسبـــــــــــــهُ
وكان في كل ما تبغي يـُجاريهــــــــــا
كأنها الآمر الناهي بعالمــــــــــــــــــه ِ
وهو المطيعُ الذي يـُرضي مراميهـــــا
عن كلِّ أسراره ِ كانت تفتشـــــــــــــــهُ
وتحشرُ الأنف في أقصى خوافيهــــــــا
هل المحبة ُ أن ينهارَ منتحبـــــــــــا ً
بحضنها ثم يبكي بين أيديهــــــــــــا ؟
أم أن يظلَّ ذليلا ً رغمَ قسوتهــــــــا
تـُميتهُ كلَّ يوم ٍ وهو يـُحييهـــــــــــا ؟
لم يدَّخرْ أيَّ شيء ٍ في محبتهـــــــــا
حتى مناديلهُ قد كان يُهديهـــــــــــــا
تبكي الحمائمُ من شكواهُ ناحبـــــــــة ً
إذ كان في كل ما يشكو يُناجيهـــــــا
ويُغرقُ النهرُ في المرسى مراكبَـــهُ
وتقشعرُّ الليالي من لياليهــــــــــــــا
ضاعتْ أمانيهِ وانهارتْ طفولتـُــــهُ
وكان بالدمع ِ في المثوى يواريهـــا
والقلبُ والعينُ لا يكفيهما نـــــــــدمٌ
فكلُّ أحلامهِ باءتْ بما فيهـــــــــــــا
شموعهُ مطفآت وسط ظلمتـــــــــــهِ
وليس من نجمة ٍ تأتي لتذكيهـــــــــا
والجمرُ يسري حريقا ً وسط مهجتهِ
والنار من شدة الآلام يـُخفيهــــــــــأ
وكلـَّما مرَّ منــــــــــــها في خواطرهِ
طيفٌ تذكـَّرَ ما كانت تقاسيهـــــــــــا
وتلكَ أخطاؤهُ يجني مرارتهــــــــــــا
لأن من يزرعُ الأخطاءَ يجنيهـــــــــا