ومضة حزن حبرٌ أنا ابتلعتْه أوراقُ الرّحيلْ.. حلمٌ تبخّرَ في الموانئ والجزرْ.. ماضٍ يسافرُ في ثنايا المستحيلْ.. ماضٍ بعودُ بلا حنينْ.. ماضٍ يتوقُ إلى غدٍ فقدَ الدّليلْ.. ماضٍ يشيّعني بناياتِ العويلْ.. فأسيرُ خلفَ جنازتي وأنا القتيلْ!
التلاشي عَلَى أَيِّ أَرْضٍ أَحُطُّ الرِّحَالَ، فَإِنّيِ مَلَلْتُ السَّفَرْ؟!! وَكُلُّ الْعَوَاصِمِ مَلَّتْ أَنِينِي ، وَحُزْنِي وَطُولَ السَّهَرْ... أَجُوبُ ..عَلَى كَاهِلِي وِزْرُ كُلِّ الْقُرُونِ، وفِي مُقْلَتَيَّ دُمُوعُ الْبَشَرْ.. تَعِبْتُ..وعُمْرُ الْأَسَى ..مُسْتَمِرْ... تُحَاصِرُنِي صَرْخَةُ الْأَبرِيَاءِ، وَشَهْقَةُ شَيْخٍ ..مُسِنٍّ.. وَرَعْشَةُ زَيْتُونَةٍ عَارِيَهْ.. تُطَارِدُنِيِ نَظَراتُ الشَّهِيدِ، يُوَدِّعُ أَهْلاً وَأَرْضًا .. وَفِي مُقْلَتَيْهِ يَضِجُّ السُّؤَالُ: مَتَى سَنَعُودُ..مَتَى سَنَعُودْ؟! أَجُوبُ الْعَوَاصِمَ..كُلَّ الْعَواصمْ.. أُفَتِّشُ عَنْ بُقْعَةٍ وَاحِدَهْ.. أَمَامِي عَوَاصِفُ حُزْنٍ .. وَرَائِي بِحَارٌ مِنَ النَّكَبَاتْ.. فَأَيْنَ الْمَفَرْ؟
الموعد المؤجّل ماذا ترى في حضرةِ الشّطآنِ؟ ...................ولَصورةٌ أقوى منَ الأوزانِ! أستعذبُ الآفاقَ لحظةَ دهشةٍ .......................فأصيبُ منها لذّةَ الإمعانِ صفوُ السّماءِ رسالةٌ أبديّةٌ ...................فاقرأْ رموزَ عجائبِ الأكوانِ فالبحرُ يحفَظُ سرَّ كلِّ دقيقةٍ .................. ويَفي بدفنِ متاعبِ الإنسانِ والوقتُ حرفٌ والرّمالُ صحيفةٌ .....................والبحرُ سيّدُ قوّةِ الكتمانِ وعقاربٌ مثلُ النّوارسِ حلّقتْ ..................فتشابهتْ في دورةِ الأزمانِ والسّاعة الحيرى يُغازِلهُا الحصَى ...............في لحظةِ الأشـواقِ والحرمانِ آثارُ أقدامٍ تجاورُ ساعةً ...............كالرسمِ وَشّى روعةَ الفُـستانِ قبلَ الظهيرةِ كانَ يرقبُ نبضَها ......................موجٌ يرتّل رقّةَ الألحانِ ظلّت تراقبُ موعدًا فتوقّفتْ ................ لماّ أضاعتْ معصمَ الولهانِ طالَ انتظارُ حبيبةٍ أو عاشقٍ .................. فغدتْ تكابدُ لوعةَ الأحزانِ هذِي قراءةُ شاعرٍ مستمتعٍ ..................... متخيّلٍ متفلسفٍ في آنِ في صورةٍ رسمتْ مفاتنَ لحظةٍ .....................كانتْ بريشةِ مُبدعٍ فنّانِ! الكــــــامل
اعترافات طاعن في الحزن الجلسة الأولى: (1) قَالُوا لَنَا زَمَانْ: بِتْرُولُكُمْ أَذَلَّكُمْ.. كُرْسِيُّكُمْ قَدْ مَلَّكُمْ.. أَنْتُمُ خَارِجَ الْمَكَانِ وَالزَّمَانْ.. قُلْنَا بِكُلِّ عِزَّةٍ : دَلِيلُنَا قَدْ جَاءَ فِي الْقُرْآنْ، بِأَنَّنَا قَدْ كُنَّا خَيْرَ أُمَّةٍ قَدْ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسْ! (2) لَمْ يُخْطِئِ الْقُرْآنْ.. بَلْ أَخْطَأَ الْحُكَّامُ ، حِينَمَا تَجَاهَلُوا كَرَامَةَ الْإنْسَانْ! وَكَبَّلُوا الْعُقُولَ وَالْأَقْلاَمَ وَاللِّسَانْ! وَأَخْطَأَتْ شُعُوبُنَا، لِأنَّهَا مَا أَحْسَنَتْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنْ !! (3) وَيَصْرُخُ الضَّمِيرُ فِي أَعْمَاقِنَا يَقُولْ: قَدْ أُغْرِقَ الرُّكَّابُ وَالسَّفِينَةُ مَعًا ، فَمَنْ نَلُومُ يَا تُرَى؟ السَّفِينَةَ؟ الرّبَّانْ؟!! أَمْ أَنَّنَا نُحَمِّلُ الْأَعْدَاءَ وَالزَّمَانْ؟ أَمْ.. إِنَّهَا الْمُؤَامَرَهْ.. فَنَضْحَكُ إِذَنْ عَلَى الْأَذْقَانْ؟! (4) إِلَى مَتَى نُوَرّثُ أَطْفَالَنَا الْأَحْزَانْ ؟! إِلَى مَتَى نُلَقِّنُ شَبَابَنَا الإِذْعَانْ؟! إِلَى مَتَى نُشَوِّهُ الْحَقَائِقَ، وَنَدّعِي بِأَنَّنَا فُرْسَانْ ؟! وَأَنَّهَا الْجُغْرَافِيَا..تُفَرِّقُ الْأَوْطَانْ؟! وَأَنَّنَا فِي دِينِنَا إِخْوَانْ؟! إِلَى مَتَى نُعَلِّمُ أَبْنَاءَنَا الْبُهْتَانْ؟! ********************** الجلسة الثانية: (1) أَسْأَلُكُمْ أَحِبَّتِي، وَإِخْوَتِي فِي الدِّينْ: مَنْ شَوَّهَ هُوِيَّتِي، مَنْ زَيَّفَ حَقِيقَتِي، مَنْ قَزَّمَ عُرُوبَتِي ، وَحَاكَ كَيْدَ فِتْنَةٍ وَخَالَفَ شَرِيعَةَ الْأدْيَانْ، فَاقْتَتَلَ الْإِخْوَانْ، وَضَاعَتِ الْأَوْطَانْ؟! (2) أَسْأَلُنِي ـ وَأَعْرِفُ الْإِجَابَةَ ، وَيَعْجزُ عَنْ لَفْظِهَا الِّلسَانُ وَالْبَيَانْ ـ : مَنْ غَيَّرَ فِي أُمَّتِي مَبَادِئَ الإِيمَانْ؟ كُنَّا وَكَانَتِ الْمُرُوءَةُ ، إِنْ غَارَتِ الْمَنَابِعُ، وَجَفَّتِ الْمَرَاضِعُ، نَسْتَفُّ تُرْبَ أَرْضِنَا، مِنْ دُونِ أَنْ نُهَانْ.. صِرْنَا قَطِيعًا جَائِعًا، نَبِيعُ كُلَّ شَيءْ .. دِمَاءَنَا، تُرَابَنَا.. وَإِنْ تَبَقَّ عِرْضُنَا، وَلَمْ نَجِدْ مَنْ يَشْتَرِي، نَعْرِضْهُ لِلْعَيَانْ !! (3) وَأَعْتَرِفْ.. أَنَا الَّذِي تَغَيَّرَ مِنْ شِدَّةِ الْأَحْزَانْ ! زَيَّنْتُ قُبْحَ حَاكِمٍ بِالْحَرْفِ وَالْبَيَانْ.. أَخْفَيْتُ فِي قَصَائِدِي جَرَائِمَ السُّلْطَانْ.. وَأَعْتَرِفْ.. أَنَا الَّذِي تَغَيَّرَ وَمَا تَغَيَّرَ الزَّمَانْ.. فَقَدْتُ نُورَ حِكْمَتِي، وَجَوْهَرَ قَضِيَّتِي، فَاسْتَوَتِ الْأَلْوَانْ.. (4) وَأَعْتَرِفْ.. الْحُبُّ فِي شِرْعَتِنَا ، لِلَّهِ وَالرَّسُولِ والْأَوْطَانْ.. إِذَا ابْتَعَدْنَا خُطْوَةً، عَنْ رَبِّنَا، وَعَنْ مِنْهَاجِ سُنَّةٍ، عَنْ وَطَنٍ، أَحْبَبْنَا ، بَلْ أَحَبَّنَا الشَّيْطَانْ.. ************************ الجلسة الأخيرة: (1) وَبَعْدَ كُلِّ مَا سَبَقْ، مِنَ اعْتِرَافِ طَاعِنٍ ، فِي الْحُزْنِ وَالْآلاَمْ، سَتُصْدَرُ الْأَحْكَامْ.. وَتُعْرَفُ النِّهَايَةُ، ويَخْتَفِي التَّسَاؤُلُ، وَتَرْحَلُ الْأَوْهَامْ.. فَالْاعْتِرَافُ سَيِّدُ الْأَدِلَّةِ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانْ ! (2) سَيَسْتَمِرُّ سِجْنُكَ، وَيَسْتَمِرُّ جَلْدُكَ، طوَالَ أَلْفِ عَامْ ! لِأَنَّكَ مُتَّهَمٌ ، بِأَنَّكَ تَعِيشُ مُنْذُ حِقْبَةٍ ، عَلَى هَوَامِشِ الزَّمَانْ.. وَجُرْمُكَ يَحْتَاجُ أَلْفَ حُجَّةٍ، وَقُوَّةِ بُرْهَانْ! (3) وَيَبْقَى رَغْمَ ذَلِكَ ، هُنَالِكَ أَمَلْ.. فَرُبَّمَا، سَيُطْلَقُ سَرَاحُكَ، ..مَتَى اسْتَعَدْتَ قُدْسَكَ ، وَدِينَكَ ، وَحَقَّكَ بِأَنَّك إِنْسَانْ.. (4) وَيَوْمَهَا، يَعُودُ كُلُّ أَهْلِكَ، إِلَى أَحْضَانِ أُمَّةِ الْقُرْآنْ.. وَتَشْمَخُ النُّفُوسُ وَالْأرْوَاحُ ، وَالرُّؤُوسُ وَالْأَعْلاَمْ.. وَيَوْمَهَا ، سَتَشْعُرُ حَقِيقَةً بِلَذّةِ الإِيمَانْ!! بِعِزَّةِ انْتِمَائِكَ لِأُمّةٍ ، ما خُلِقْتْ لِكَيْ تُقاد أو تُهَانْ.. والْحُكْمُ في النهايةِ.. لِخَالِقِ الْأَكْوَانْ..
براءة ووفاء ! اللّونُ زَهرٌ والقصيدُ سِلالُ ................ والجمعُ بينَ الصّورتيْنِ كَمالُ فالأذْنُ يُطربها البَيانُ بِسِحْرهِ ...................والعيْنُ يبهِرها سَنا وجَمالُ كم صورةٍ توحي إليك بفكرةٍ ...................فيشعُّ فيك تأمّلٌ وخيَالُ ! أصلُ الوجودِ تماثُلٌ وتمايزٌ ....................وكذا انحِدارٌ بيّنٌ وجَلالُ لولا النّهارُ لكان ليلُكَ سَرْمدًا .....................إنّ التّضادّ بِدايةٌ وزوالُ وبراءةُ الإنسانِ فِطرةُ خالقٍ ................فإذا تَوحّش فالعَداءُ خِصالُ نِعْمَ البراءةُ أنْ تكونَ سجيّةً ...............تزكُو بها نفسٌ طغَتْ وخِلالُ فالطّفلُ فيها للبراءةِ آيةٌ ................والكلبُ فيها للوفاءِ مثالُ في نظرةِ الطفلِ البعيدةِ حيرةٌ ................. وتأمّلٌ ومخاوفٌ وسؤالُ: أإذا كبرْنا تنتهي أحلامُنا ..........ويصيبُ أنفسَنا هوى وضَلالُ؟ ولمَ الكبيرُ وفاؤهُ سيخونه ..............وتموتُ فيه براءةٌ وجمالُ؟ فإذا خلا سرّ الحياةِ من الوفا .............ومِنَ البراءةِ فالحياةُ وبالُ.