الاديبة الراقية سمية......
عندما نكتب اوجاعنا تكون دائما من عصارة الألم المكتوم في أعماقنا
تلك الرسائل التي خططتها تحت شعاع باهت لقنديل.........
كانت قطعة من فيض وجداني
هي بوح هاجرتي
عصارة من الماضي والحاضر والمستقبل
مع توالي الرسائل تتضح الصورة
فنبتسم مرة
وتدمع العيون مرات
مع خالص مودتي
ملاحظة
لدي مشاكل في الحاسوب لوحة الحروف ليس بالعربية
وعملي على الكتابة في ظروف خاصة ...........تحرمني من اخراج نص خال من الخلل
وهكذا كانت غياب الهمزة وغيرها من التفاصيل الكتابية
لو تمكنت من اصلاحها لك شكري
الجرح الغائر ينزف ومن مداد دمي اكتب... إنّني .. أحلم بغد جميل من عمق القبو ... إذن لا زلت موجودا بحلمي وبين يديّ عرائش ورد وأمل
وعلى محيّاي الخشبي ابتسامة نصر وودّ لها ألف معنى..
<<<<<<<<<<
كانت السياط تلهبني وهي تطلق صراخها الصاخب قوف ظهري, تستنطقني لاصرخ فألوذ للصمت .. صمتي القاتل يقتلهم ويغيظهم
وتأوّهاتي الخفيظة تنبعث من اعماقي كغصّة حرّى......
أتألّم .. ألمي المكتوم رغم شدة وهج آلة التعذيب.. ومن لطائف المحن أنّ غفوة من النوم كانت تنتابني لتنتشلني من قهر اللحظة فأنتقل إلى نفحة الروضة .. احلّق بجناحي طائر في عالم الغيب والشهادة ........
هناك ألمح وجهها إنّه طيف أعرفه ... رفرفت بذلك الطيف في سماء احزاني.. ابتسمت لي ... فابتسمت لها..
صاح الحاج الكبيرـ ذلك الجلاد العتيد ـ في هستيرية ماجنة
ـ إضحك.. لأمّك.......
افقت من غفوتي.. أجل إنّني أبتسم لأمّي... ساخرا من الجلاد وقد تطهّرت منه وارتفعت فوق الجراح وكتمت الآهة في أعماقي......
لقد صبرت وصابرت وارتفعت فوق الألم لأرنو للأمل في بوارق من النور المحها قادمة من هناك .. من المكان القصي...
دائما في لحظات العنت والمقت تأتي الكرامة هذا اليوم ادركتني سنة من نوم .. رأيتني أمشي في رضراض من الارض العشيبة الخضراء الزاهية وفجاة لمحتهم كانوا في اثري يتعقبونني...
أطلق كبيرهم رصاصة من بندقيته فاستقرت في قلبي... حينها شعرت بفرحة غامرة وأخيرا لن ينبض القلب المفعم بالحب ..سأغاذر كما تمنيت واقفا ـ كالرجال ـ تموت الاشجار واقفة ولكن البهائم تلفظ انفاسها في الحظيرة متكومة في المكان القصي..
أ فقت من جديد على صياح الجلاد وقد انتزعني من عالم الغيب والشهادة وهوى بعصاه الغليظة فوق حسدي المكدود....
قال بصلف
ـ أدوووي......
والدويّ من النحل جميل له معاني سامية ولكن الجلاد يطالبني بان "أدوي" أي أن اعترف والاعتراف في المعتقل سقوط وانهيار ثم مزبلة التاريخ التي فتحت ابوابها للمتساقطين في طريق الدعوات والمبادئ
من بستان جنائن الورد والود قطفت رياحين اللطائف, ومن رحم المحن تنبثق المنن .. ومن عمق التاوهات هبت علينا ريح نسائم الرحمة.......
ارتفعت فوق جراح الجسد وقهره لاسمو في الخالدين
استباحوا طهر الجسد الذي ظل طيلة حياته متوضئا فتبوّلوا فوق اجسادنا الطاهرة ليدنسوها... و استباحوا البعض منّا فهتكوا عفة الطهر... المثلوم بقهر المرحلة.....
انهكوا الجسد ولكنهم لم ينالوا من صفاء المعتقد
فلا زلت صلبا كالجدار
صاح الجلاد بقوة ارتجت لها جنبات المكان
ـ متى عدت من البقاع..........
لذت للصمت محتقرا لحظة من هوان تمر بها بلادي التي تحولت الى خادم للعم سام تشيح بوجهها عمن يزور اسرائيل سرّا وعلانية بل وتباركه..... بينما العصا الغليظة جداا لريح الجنوب والمقاومة
انّه الهذيان والسخف المبير .. لن اتكلم لن تطيروا فوق سماء افكاري ولن تعيشوا بارض مبادئي وانتماء..
قال الجلاد
ـ أنت لست رجلا وطنيا
ـ إنّني لا أؤمن بالوطن ... إيماني بالأمة
لأمّتي أشدو وأروح وأغدو لها منّي جنائن الورد والود
اليوم منعوا عنّي الدواء .. محاولات الاحتواء والاشتمال متواصلة تمضي على قدم وساق..أتألّم من شدّة الاوجاع ..وأقلب وجهي في السماء لا ملجأ منه إلاّ إليه .. ثم ألوذ للركن الشديد لرب السمواتوالارض.. اناديه واناجيه... في شغف ورضا ـ إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ولست أبالي حين أسجنُ مسلما.. في أي سجن أو زنزانة كان عذابي وألميومقتلي.......... كان صوت عبدالرزاق يأتيني خفيضا وهو يئن .. ذلك الانين كان طاقة مضاعفة تزوّدني بالمقاومةفاقوم من فراشي متثاقلا وأطلّ من تلك الكوّة في بوابة الزنزانة واصيح بصوت هاذرترتج له ارجاء العنبر ـ ما خلقنالنهون... قد دخلنا ذيالسجون من أجل ربّودين حسبنا أنّنا دخلناهامسلمين........
÷÷÷÷÷
اليوم قال كبيرهم بعنجهيةزائفة ـ لا بد أن تلبس اللباسالجنائي حتى نعرضك على الطبيب ـإنّني معتقل رأي ولن البس لباس الحمار الوحشي قال بصلف ـ اذن تموت لادواء ولا طبيب غمغمتبحرارة وإذا مرضت فهويشفيني إنّني لا ريبميّت هنا قبورنا وهنامقابرنا........ اكثب رسائلي واناالدفين الحي , اغالب أوجاعي وأسقامي واسابق الزمن حتى لا اكتم شهادتي قبل انيجتاحني الموت لقد تعلمت أن ارسمعلى محياي بسمة المؤمن في وجه الردى اليوم انضاف ضغط الدم للائحة الاسقام مع ملامح لمرضالسكري قال الممرض ربما انت مصاببالسكري ثم اعطاني قفاهمضى......... ولكن لاشيء يهم .. نحن هنا لا لنعيش بل لنموت موتا بطيئا هكذا هي تعليمات العم سام........
كان جدّي رحمه الله رجل ذكر وعرفان يمسك مسبحته ويسترسل فيالأذكار طهارة للنفس والوجدان .. كم كان وجهه وضيئا رغم سنينه التسعين... كانتخلواته ذكرا متواصلا متناغما مع الفطرة السليمة وعندما يقطع خلوته لطارئ ما كانيقول والله إنّني عندما ألوذ للركنالشديد ترفرف الروح في الملكوت.. أمّا الجسد فتظل الخشبة في الحانوت لانها منتراب.... وكل الذي فوق التراب تراب.......... جسد العبيد بين ايدي الجلادين .. أمّا الروح فإن رفرفت فإلى روضاتهاوأفراحها والحور في ديباجها وحريرها وشاحها......... سأترك لهم جسد العبيد ليعملوا فيه مشرط الحقد... أمّاالروح فالى معراجها الابدي....... ـ إنّي مهاجر إلى ربي سيهديني مات منّا الكثيرون بكيناهم و لكننا ما نسيناهم....... هم في العمق في حفرياتنا وذاكرتناالجماعية...... سأمضي مستجيبا للهوللرسول أردد في عزّة وكبرياء من عمق القبو قوله تعالى ..... { الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْالْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَقَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْفَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌوَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمْالشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْكُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ { آل عمران: 172 ـ 175
واخضّبلحيتي بدموع الطهر لأجلو النفس بضياء ليس كأي ضياء وأحوّل القبو المظلم الى روضة من جنائن الوردوالود ان الصبح قد أزفت اشعتهالفضية والقنديل بيدي ينير ظلمةليل العبيد..............
آخر تعديل سيف الدين الشرقاوي يوم 08-04-2011 في 08:40 PM.
ذكرت اليوم شقيقاتي.. فاعتصر القلب من وهج الحزن والكمد, إنّها فوضى من الذكريات .. طعمها ملح أجاج , بل هي فوضى لا تعرف الفوضى.. وألم يسكن في رحم الامل.......
إلى شقيقاتي قرة العين ومهجة الفؤاد وريحانة الدار.. وحصن الامان في لحظة فزع ووحشة وحنين واغتراب... أكتب إليكن هاته السطور من مشاعر الطهر فاض بها الوجدان وقد هاضه الأسى وتتابعت عليه الاحزان وصهرته المحن وعركته الشدائد......
لقرة عيني شقيقاتي......
إنّه ليحزّ في نفسي أن ألمح في محاجركن دموع الحزن متحجرة في قهر واسى.. فلا تأسين ولا تأسفن , فإنّي ماض إلى ربي سيهديني..... طبن نفسا ولتقرّ أعينكن.. إنّني ما دخلت السجن سارقا ولا قاطع طريق بل دخلته
لاني كنت أحلم بغد جميل للحرية فيه تبزغ ملامح الفجر الوليد " إنّ موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب" مدرسة يوسف فتحت ابوابها وانتسبت لها .. كنت أول الواصلين اليها مع الدفعة الاولى. وفي رحاب هاته المدرسة أتقلب ما بين المحن والمنن والعواصف واللطائف واللفحات والنفحات...
ها هي السفينة تمضي تمخر عباب البحراللجي .. والأمواج المتلاطمة هي هزيج مريج من فتن كقطع الليل المظلم, ولكن القلبا لممتلئ طمانينة ورضا وسكينة حوّل العتمة لروضة بنور باهر لم أستشعر جلالها ولم أذق طعمها في حياتي...".اردد مقولة نفسية للامام المبتلى"
أنا جنتي وبستاني في صدري أينما رحت لا تفارقني ،أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة ،وإخراجي من بلدي سياحة...... إنّهالاستعلاء بالايمان وجنة الدنيا التي شغفت بها حبّا... هي جنتي التي في صدري ووجداني.. إنّها ليست جنة الشهوات ولا الشبهات.. هي جنة نفحة ربانية ومنّة إحسانيةولطيفة إيمانية.
هنا في القبو وجدتها... فأنارت ظلمتي بقنديل الضياءوالنور.....
÷÷÷÷÷÷
ذات يوم شغف القلب بحب أنثى....... كنت أحبّها حتى ملكت عليّ مجامع قلبي وعقلي..فأصبح الفؤاد فارغا إلا منها... لا أتبسم ضاحكا دونها.. من أجلها خاصمت وصالحت وواليت وعاديت وتألمت وعشت ليالي السهاد الطويلة وبحثت ونقبت وقطعت الوادي فتبللت.....كنت اردّد اسمها شغفاوحبا حتى أنّني أجدني أهذي باسمها في السر والعلانية والليل والنهار
كان صديقي عبد الحق يقول لي دائما
ـ أنت كأعمى لم يبصر قطّ... وعندما فتح الله عينيه للحظة فرأى لمح من الدنيا فأرا ... ثم أصيب بالعمى من جديد.. ولم يرى من الدنيا الا ذلك الفأر ...
و كلما سمع الناس يتحدثون عن شيء يقول ـ وهل هو مثل الفأر.......
كان يضحك ملئ أشداقه ويقول لي معاتبا
ـ وانت مثله اول ما عرفت من النساء كانت الحبيبة"....." ثم اصبت بالعمى فلم ترى في الوجود سواها تهيم بها... ككثيرعزة وهو يقول" اهيم بدعد ما حييت وان امت فيا ليت شعري من يهيم بها بعدي"
يصمت طولا ثم بقول في دعابته المعهودة
ـ يا اعمى ... إنّ النساء رياحين خلقن لنا
ولكننّي احببت فيها الطهر الذي عرفت وكنت صفحة بيضاء فتى لم يجاوز عقده الثاني ..قذف الله محبتها في قلبي فاستقرت في العمق كرصاصة قاتلة ان انتزعت من بين احشائي فارقت الحياة
احببت فيها نسائم الرحمة التي هبت من معدن اصيل .لمحت في عينيها بريقا لم اره في غيرهما...
لست طالب حضارة فانا طالب عمارةالانسان
أنا لست كالآخرين .. لاني فقط حزت درجة انسان ......
إننا امام تحدي كبير .. لاثبات انسانيتنا .. أن تكون انسانا ... تلك اغلى الامنيات ..............
للمرأة مكانة رفيعة في وجداني في البدء كانت سمائي ومهجعي ولباسي .. ولمّا أزف الرحيل وكانت الاخطاء والاذى.. صارت طيفا من الماضي والزمن الذي لن يعود .. ولكنها لم تزل في القلب ذكرى طيبة.. كنفحات ريح طيبة هبّت علي من هناك وأنا ثاو في القبو.......
آخر تعديل سيف الدين الشرقاوي يوم 08-04-2011 في 08:54 PM.
بين النساء نماذج من فيض الطهر ونقاء الوجدان وصفاء المبدأ... كانت لنا أخت فضلى من بنات الهدى.. سياحتها القرآن.. فيه تجد السكينة والطمانينة الكبرى... لم أرى أكثر منها نشاطا وحيوية واخلاصا للمبدأ وتفانيا في خدمة الآخرين...
مهما كان " الآخرون"..... لا شيء يمنعنا من التفاني في خدمة الغير..هكذا كانت تردد دائما في شغف طفولي.
لايهم لمن نمدّ أيدينا بيد العون... الأهم أن نتفانى في خدمة الناس للخير... إنه هو صبحنا وقنديلنا المنير والمشع بالضياء........
كانت ريحانة فيض نقاء يجسد الفطرة في ابهى مظاهرها......
إنّها نحلة ما بين الرياحين وجنائن الورد...
بل هي نخلة سامقة كلّها منافع .. وكذلك المؤمن...... في سموه وفطرته واصالة انتماءه........
مرت الايام بحلوها ومراراتها حت كان ذلك اليوم... كنت أقف في انتظار احد رفاقي وطال بي الانتظار... وقد كنت ولم أزل أمقت كل لحظة فيها انتظار ... يضيق صدري ولا ينطلق لساني ولكنني اضجر في صمت مكتوم... عندما جاء مرافقي قال لي بلسان رطب
ـ احمل لك رسالة سأبلّغك بها...
ران الصمت بيننا للحظات ثم همّ يالحديث واسترسل في ضرورة البحث عن الزوجة الصالحة ذات الدين والفطرة
ولمّا اطال ولمح السأم على محياي قال لي
ـتمهل يا اخي.....
أتعرف الأخت ريحانة
أومأت برأسي... وأمعنت في الصمت
قال صديقي
ـ إنّها إحدى قريباتي حافظة للقرأن ومن خيرة الاخوات إنّها ... إنّها
تلعثم بينما لذت للصمت
استطرد قائلا
ـ تريد الزواج بك...... إن قبلت
حينها مادت بي الارض أحسست بالعرق يتفصّد من جبيني
نظرت إليه في حزن وقلت له
ـ أنت تعرف أنّنا لم نخلق للزواج ولا للزوجة والاولاد
ما كان لمثلي أن يقرّ قراره والجرح في جسد امتّي ساريا وداميا
من كل ّ ناحية تصيح الدماء .....
كانت لريحانة مكانة لم تزل رفيعة في قلبي احترمها واقدرها .. فهي في مقام شقيقاتي......
وانا لا اصلح للزواج ... فلا زلت طريدا شريدا بلا مكان او وطن او هوية حتى جواز السفر سحبوه منّي ووضعوا اسمي على لوائح الممنوعين من مغاذرة البلاد
انا عصفور اغرد خارج السرب
ابتسمت من مفارقة المشهد ورددت بهدوء
ـ اخرجوا آل لوط من قريتكم إنّهم اناس يتطهرون...
لا زال بيننا الصمت كجسر محطم لا يصلح للعبور.. استطردت قائلا
ـ ألم تخبرها أنّهم هددوني بالقتل ان واصلت الكتابة
للكتابة تلابيب كما لحكاياتنا تلابيب للبوح
ـ إنني مسكون بما هو اكبر من لحظة اهجع فيها لبيت ومأوى
في قلبي زفرات تكفي كل المنكوبين
قال احد الملاحدة لقد دخلنا السجون ليأكل الشعب الخبز.........
أمّا نحن فدخلناه مرارا لاننا اردنا للناس ان يعبدوا رب العالمين
بدل عبادة الزعيم الملهم الصنم
انسسلت في صمت ودارت الايام ثم سمعت الزغاريد تعلو من تلك الدار لقد تزوجت ريحانة ثم سافرت الى بلاد شتى لم آسف عليها لانني لم أكن أهلا لها .. فقد كان قلبي ممزّقا,, وكنت طريدا انتقل من مكان لمكان بلا مأوى او وطن........
اليوم جائتني رسالة من رفيقي
قال فيها بحزن وأسى عميقين
ـ لقد ترجّلت ريحانة عن صهوة جوادها الاصيل ومضت الى ربها
ماتت هناك..... وظفرت بالشهادة اللون لون الدم والريح ريح المسك
تحجرت دمعتان يتيمتان في محجري فاثقلتا مقلتي
غمغمت بهدوء
ـ رحمها الله رحمها الله
<<<<<<<<
كنت ارنو لرسم ملامح فجر وليد واذا بقافلة المؤمنات ترسمه بثقة في الوعد وتفان في الاخلاص للمبدأ والفطرة
لا احسن تخيّل صورة للمرأة دون استحضار جلالتها بنقاء الفطرة
واذا بملامحها المضيئة تشرق كفجر جميل به ملامح من سيرة الفضليات منهن من قضت نحبها ومن لازالت تنتظر اللحاق بالقافلة
القاسم المشترك بينهن ... خلق فريد من فيض طهر الفطرة وحركتها في الكون والحياة.....
من تلك الاشراقة صورة رمزية لبنان رحمها الله وامينة قطب وام خالد ونساء لسن كأي نساء.. فهنّ نماذج للطهر وفيض من النور الذي اضاء دياجيرنا ونحن في ليل العبيد الطويل
شقيقاتي
عذرا فقد أطلّت دمعة حزن من محاجركن كانت ذات بريق ومعنى فلتحوّلن تلك الدموع الى شموع تنير الطريق وتزهر كوردة من جنائن الورد ووميض من قبس القنديل..........
آخر تعديل سيف الدين الشرقاوي يوم 08-06-2011 في 12:47 AM.
عذراُ... شقيقاتي
طال بي حديث الذكريات والنكش في اسفار الماضي .. ولكنني لا امتلك اليوم في وجداني غير الماضي الذي دفناه فقام من الاموات... ولاحقني بالذكريات.. أبوح بما في الوجدان من ذكرى لتكون لنا البشرى
الآن اتذكّر تلك اللحظة الاليمة إنّها لحظة فارقة في حياتي , لحظة ألم مهيض كطير مكسور الجناح....
عندما لمحت في محاجركنّ دمعة القهر وقد تحجرت في أسى جارح وجارف... انّه اقوى في وجداني من سياط الجلاد....
يعزّ عليّ ان ارى تراب الذل فوق الرؤوس وكيف لا والفرعون دائما دأبه استضعاف النساء وقهرهن.... إنّها هوايته المفضلة في كسر الارادة وتحطيم المعنويات وجرف المبادئ بجرافات القهر..
كنتن رهائن في قيضة الجلاد... لمحتكن والايدي مصفدة بالاغلال
فمادت بي الارض... تمنيت وقتئذ ان الفظ انفاسي الاخيرة في المقصلة قبل ان ارى هاته المشاهد الدامية..........
كانوا يبحثون عنّي وعندما ظفروا بي بعد مشقة حملوني على ذات عجلات وركبت عود الريح لأجد نفسي هناك في القبو وفي لحظة فارقة تحوّلت حياتي الى جحيم.. تذكرت القهوة السوداء التي كنت احتسيها قبل ان يختطفونني في واضحة النهار وكيف تبددت كفقاعات الهواء ,,,
ـ مات لا احد
كان زوار الفجر لا يفترون عن المجيء للبيت للبحث عني.. كنت حينها في قبضتهم ومع ذلك كانوا يقولون لكم في صلف
ـ لا بد ان يسلم نفسه فالامر خطير جداا
انها المصلحة العليا للوطن...........
لحظة فارقة جدا تلك التي وجدتني فيها داخل قيامة الدنيا.. نعم قيامة الدنيا.. القيامة بكل المعايير..
هناك كان الحاج الكبير يصيح فينا ونحن مقرفصين ارضا وتراب الذل قوف الرؤوس
ـ هنا دار الحق
من يعمل مثقال ذرة خيرا للوطن يراه
ومن يعمل مثقال ذرة شرا للوطن يراه
وانتم كلكم اشرار...
هنا القيامة والعذاب والصراط والجحيم وغسلين وغسّاق والشيفون والطيارة ونزاعة الشوى وكاسرة العظام والصعق الكهربائي والزبانية والشيفون ومرارت الحنظل القاتلة.....
داخل هاته القيامة سمعت اصواتكن فمادت بي الارض... أن يثلم الكريم في عرضه وحرماته إنّها اقوى من وطأة العذاب المرير جدا
تجرّعت من الغصص الحرار ما تشيب من هوله الولدان
بعد ايام ثقيلة على نفسي اكتشفت اللعبة القذرة ..كانوا يرفعون عبر مكبرات الصوت اصواتا لشقيقاتي في تسجيل مفبرك وهنّ يستغثن ويصرخن... كانوا يخضعونني لعذاب نفسي مرير ولكنني تحررت من قيد القهر عندما فطنت للحيلة وتعمدت ان اخبرهم بانّني كشفتهم قلت للجلاد بعد ا استجمعت قواي الخائرة
ـ لقد انتهى الدرس وفهم الغبي
قال باستفهام
ـ ماذا تقصد؟
قلت له فيما يشبه التحدي
ـ المسجلة .. تعطّلت قم لتغيير الشريط
عمّ الصمت للخظات
عندها ادركوا أنّني قد كشفتهم قال كبيرهم في غمغمة
ـ الخبيث ذكي
قال الآخر
ـ صطّيوه
والتصطية عندنا هي الجنون ... والهذيان المرير
داخل هاته القيامة دخلت جنّة الدنيا
كنت من قبل خبزيّا... إن احببت الانثى جاوزت في الحب حدود الوله والهيام والتتيم .. اردد قول الشاعر
طاف الهوى بعباد الله كلهمو ÷÷÷÷ حتّى اذا مرّ بي من بينهم وقفا
وفي تلك الغمرة نسيت الحب الحقيقي" والذين آمنوا أشدّ حبّا لله"
داخل العتمة الباهرة قهرا قرأتها بعمق ورددتها بشغف لا متناهي
" والذين آمنوا أشدّ حبّا لله" وكأنّي اسمعها لأول مرّة في حياتي
" أشد حبّا لله".......فاشتعلت داخل حذوة الحب السرمدي ولم تنطفأ
هناك تذكّرت رفيقي عبد الحق عندما كان يقسو علي وهو يقول
ـ تيقظ .. إنّ الحب والعاطفة تقصم ظهور الرجال ان استسلموا لها
يعم الصمت بيننا فالمح في الافق كلمات مضيئة ذات بريق
ـ كن ربانيا امنحك اعظم حب........
أن تكون ربّانيا... يعني انّك تمتلك المفتاح لتسلك الطريق في مدارج السالكين..... لرب العالمين
كان عبد الحق يحدثني يومها عن ابن القيم الجوزية وكتابه الماتع روضة المحبين ونزهة المشتاقين
وهو ...يهزّ رأسه قال
ـ" مساكين أهل العشق حتى قبورهم عليها تراب الذل من بين المقابر"
احتضنت الكتاب بقوة وعكفت عليه اياما طوالا.. فنزلت بي سكينة اللحظة والهيعة للحمى... والشهور بالامان...
ولكن هنا في القيامة المغربية... دخلت جنّة الدنيا,, فقد عرفت ربي لأوّل مرة أعرفه عن كثب قويّا جبّارا سميعا بصيرا مجيبا قريبا ودودا لطيفا... كنت اردد لساعات طوال في عمق جهنم" الله لطيف بعباده" فاشعر بالسكينة...و أفرّ إليه في وصلات الذكر الممتدة ...
هناك عرفت ربي لا تقوى الكلمات التي الكون كلها عن وصف الكرامات وكأن الغطاء قد انكشف فغدى بصيري حديدا... ألمح الكرامة من هناك.. واحتضنها في دفء ووقار
كانت الايام حبلى بكلّ شيء
ارادوا استئصال شأفتنا فرسخوا في اعماقنا يذرة الايمان فغدى قويا راسخا رسوخ الجبال الرواسي
ذلك اليوم وريح الصديد والقيح والنتن الذي عمّ المكان من دبق الدماء وتكلسها .. شممت ريح المسك.. بل شممناه جميعا كان قويّا متفردا نفاذا له عبق ولون آخر.....
كانت لحظة الامان بل ارنومة السكينة الخالدة في عمق الفزع وتأوّهاته الخفيظة والعالية....
هناك عرفت ربي......" يحبّهم ويحبّونه" نعم يجبّهم ويحبّونه
يا لها من كلمات ليست ككلّ الكلمات........
الآن ... يكسو الحزن صفحة وجهي المكدود كما يكسو الثلج الأبيض قمم الجبال, ومحيّاي الصخري يبدو جامد الملامح... نحتت فيه أيام المعتقلات تضاريسها...
لم يعد السجن سكني ومكثي فالسجن الذي أسكنه يسكنني ويسري في عروقي
كم كانت أيام التعذيب قاسية موغلة في الجرح... عذاب مرير متواصل الحلقات
ينتظر الجلاد سقوطي... وعندما أقاوم يرمقني بنظرة حقد جارف.....
ما يريده الجلاد هو أن أتهاوى" كجلمود صخر حطه السيل من عل"
يريد الجلاد أن يراني آكل نفسي بنفسي ويلتهمني الندم في مأدبة اللئام...
لم أكن في أي لحظة داخل الأقبية مسكونا بالندم....
فقد علمتني السنوات العجاف داخل الدهاليز عشرة فوائد ... لو انفقت الأصفرين وما بين يدي من سقط الدنيا ما حزت بركات هاته الفوائد
إنّها قلائد من الياقوت والمرجان..........
شقيقاتي
يؤلمني هذا الجحود القاتل الذي طالني منكن ... كنت أحسبكن دروعا فكنتن دروعا ولكن للأعادي .... أشمتم في العدى ... وتلك خناجرهم في كبدي وفؤادي
كل المصائب تهون على الفتى إلاّ شماتة الأعداء
كم إنتظرت مكن إطلالة واحدة لزيارتي في بطن الحوت... انتظرت وانتظرت ولكن لاحياة لمن تنادي..........
قد جثم الخوف على الصدور وأثقل برهقه القلوب... وربض في الكيان وكبّل العواطف الحميمية ليحولها إلى بيت للعنكبوت ... ما أوهنه من بيت... وما اوهنها من رابطة... قد تحوّل الدم لماء........
من يدنو من معتقل سياسي..........
تهمته الثقيلة جدااا........
تلابيب الكتابة.... يكتب في الممنوع..............
هكذا قالوا ولقد قالوا.............
والكتابة في الممنوع نهايتها السرداب...
في الزيارة الوحيدة واليتيمة التي جائتني فيها شقيقتي الصغرى ... كانت تبكي بمرارة والبكاء في السجن أول مشاريع الانهزام والسقوط.........
لقد رفضت في أعماقي تلك الدموع...
صحت فيها بحدة
ـ أنا هنا أسير ولست معتقلا
فرق شاسع بين المعتقل والأسير
استرسلت في البكاء... فجّرت الأحزان كلّها دفعة واحدة
قالت بحزن عميق
ـ رفاقك فروا ... واعتقلت أنت.....
ـ كان اعتقالي ثمنا لحريتكن
كنتن رهائن لديهم
ـ لماذا رفضت شروطهم... لماذا انتهيت الى نزيل في المعتقلات اصبحت وراء الشمس وكنت الفارس النبيل.........
قلت لها وقد استجمعت قواي
ـ إرفعي راسك عاليا..... ما دخلت السجن سارقا ولا قاطعا للطريق
فقد قمت افتح للنور الطريق وفي يدي القنديل وأنا أرقب الفجر " إنّ موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب"
دخلت السجن لأنني رفضت أن انضم للقطيع وأمارس المأمأة.... اقتفي اثر الصنم
لقد كفرت بالاصنام لانني آمنت برب العالمين.....
تطهرت من الجلاد ... لأركع لله في خشوع ........
لو اردت الدنيا فقد تزينت لي وقالت بدلال
ـ هيت لك
قلت ما عاذ الله
ذات يوم اتصل بي صحافي مرموق وطلب منّي مرافقته لإجراء حوار مع احد الوزراء... فرفضت استغرب وقال يلهث الكثيرون وراء هاته الفرصة بينما تعطيها ظهرك بلا اكتراث......
يومها قلت له
ـ رفضت لأنني انحاز لفسطاط المستضعفين
رفضت لأنني لا اتقن النفاق السياسي والاجتماعي
لم تهدّا من روعها وتتباعت حسراتها... ووضحت أمامي ندوب العمق
قالت يا شقيقي
ـ عندما اعتقلوك أحسست باليتم
ساد الصمت بيننا ... لكنني ابتسمت ابتسامة واثق بخيوط الإشراق........
ايها الابناء الموثقون بحبل القلوب ..و عقل العيون..و فتيل الاصابع..هل لي قدرة البكاء على احضانكم الصغيرة ماحضان القبرات مثلما لكم قدرة النوم على مهابط الغرق