الفرق بين لفظتي اليم والبحر في القرآن الكريم
من المتعارف عليه بأن البحر واليم يؤديان نفس المعنى في اللغة , ولكن في القرآن الكريم ذُكرت لفظة البحر بمعنى المكان الواسع المليء بالماء،
وقد ذُكرت لفظة البحر في القرآن 33 مرة, ودائمًا تأتي هذه ا...للفظة تذكيرًا بما أسبغه الله على عباده من النعم فنلاحظ في آيات انها أتت مع معاني جميلة مثل:
"الهداية"
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ ب...ِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}
"الكرامة"
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ}
"النجاة"
{قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}
وغيرها من المعاني الجميلة التي ارتبطت بلفظة البحر .
أما لفظة اليم فتعني المكان الغريق وذُكرت 8 مرات في القرآن , ولو لاحظنا بأن لفظة اليم دائمًا تأتي مع آيات الهلاك والعذاب ففيها نبذ وقذف والقاء ونسف.
"النبذ"
{فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ}
"الانتقام"
{فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ}
وغيرها من الآيات التي ارتبطت لفظة اليم بمعنى الهلاك والنبذ
،وايضا استخدمت لفظة اليم مع قصة موسى حين كان رضيعا صغير في قوله تعالى
{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي}
ذُكرت لفظة اليم في قصة موسى ليُبرز الله المعجزة بأنه سينجي موسى من هذا المكان الغريق حتى يأخذه فرعون, وأنه قادرًا على إنقاذه حتى لو أُلقي في اليم.
إذا في النهاية نرى.. بأن لفظتي البحر واليم متفقتان في المعنى العام والواسع, إنما في المعنى الخاص
نرى بأن لفظة البحر تُستخدم مع النعم أما اليم فتُستخدم مع النقم.
ورود لفظة اليم 8 مرات في قصة موسى ووردت لفظة البحر 8 مرات في القصة نفسها ووردت لفظة البحرين مرة واحدة؟(د.فاضل السامرائى)
القرآن الكريم يستعمل اليم والبحر في موقفين متشابهين كما في قصة موسى u مرة يستعمل اليم ومرة يستعمل البحر في القصة نفسها اليمّ كما يقول أهل اللغة المحدثون أنها عبرانية وسريانية وأكادية وهي في العبرانية (يمّا) وفي الأكادية (يمو) اليمّ وردت كلها في قصة موسى ولم ترد في موطن آخر ومن التناسب اللطيف أن ترد في قصة العبرانيين وهي كلمة عبرانية. لكن من الملاحظ أن القرآن لم يستعمل اليم إلا في مقام الخوف والعقوبة أما البحر فعامة ولم يستعمل اليم في مقام النجاة، البحر قد يستعمله في مقام النجاة أو العقوبة. قال تعالى (فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ (7) القصص) هذا خوف، (فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ (136) الأعراف) ، (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) طه) هذه عقوبة، أما البحر فعامة استعملها في النِعم لبني إسرائيل وغيرهم ،في نجاة بني إسرائيل استعمل البحر ولم يستعمل اليم. واستعمل البحر في النجاة والإغراق (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ (50) البقرة) استعملها في الإغراق والإنجاء (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر) أي أنجيناهم. اليم يستعمل للماء الكثير وإن كان نهراً كبيراً واسعاً يستعمل اليم ويستعمل للبحر أيضاً.
اللغة تفرق بين البحر والنهر واليم: النهر أصغر من البحر والقرآن أطلق اليم على الماء الكثير ويشتق من اليم ما لم يشتقه من البحر (ميموم) أي غريق لذلك تناسب الغرق. العرب لا تجمع كلمة يم فهي مفردة وقالوا لم يسمع لها جمع ولا يقاس لها جمع وإنما جمعت كلمة بحر (أبحر وبحار) وهذا من خصوصية القرآن في الاستعمال. كونها خاصة بالخوف والعقوبة هذا من خصوصية الاستعمال في القرآن.
أولا كلمة (يم) عبرية وسريانية (يما) وأكدية (يمو)
وقد ذكر ذلك اللغويون العرب وقد وردت كلمة اليم في القران الكريم ثماني مرات وكلها في قصة موسى
ولم ترد في غير هذه القصة وهو من لطيف الاستعمال فقد استعمل الكلمة العبرانية في قصة موسى وقومه وهم العبرانيون
أما كلمة البحر فقد استعملت في قصة موسى وفي غيرها من المواطن
قال تعالى : {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ } الشعراء63
وقال في فرعون: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ } القصص40
فلم ذاك ؟
قال تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ } البقرة50
وقال: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } النحل14
ومن الملاحظ في استعمال هاتين الكلمتين أنه لم يستعمل اليم إلا في مقام العقوبة أو الخوف ولم يستعملها في مقام النجاة
قال تعالى : {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } القصص7
وقال: {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي }طه39
وهذا في مقام الخوف:
وقال: {فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }الأعراف136
وقال: {فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ }طه78
وقال: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ }القصص40
وهذا في مقام العقوبة
أما البحر فقد استعمله عاما في النعم وغيرها في بني اسرائيل وغيرهم
قال تعالى: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ} البقرة 164
وقال: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }الأنعام97
وقال: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الْضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الإِنْسَانُ كَفُوراً }الإسراء
وقد استعمل في مقام نجاة بني اسرائيل البحر ولم يستعمل اليم
لقد استعمل البحر في النجاة أما اليم فاستعمله في الإغراق والخوف ولم يستعمله في النجاة
قال تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ }البقرة50
فاستعمله في النجاة
وفال: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ }الأعراف138
{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ }يونس90
وقال: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى }طه77
فاستعمل البحر للنجاة واليم للغرق
وقال: قال تعالى : {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ }الشعراء63
وقال: فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ{23} وَاتْرُكْ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ{24} الدخان