خطب خالد بن صفوان امرأةً فقال : أنا خالد بن صفوان ، والحسب على ماقد علمته ، وكثرة المال على ماقد بلغك ، وفيِّ خصالٌ سأبينها لكِ فتقدمين عليَ أو تدعين ، قالت : وماهي ؟ قال : إن الحُرةَ إذا دنت مني أملَتني ، وإذا تباعدتْ عني أعلتني ، ولا سبيل إلى درهمي وديناري ، ويأتي علي ساعة من الملال لو أن رأسي في يدي نبذته ، فقالت :قد فهمنا مقالتك ووعينا ماذكرتَ ، وفيك بحمد الله خصالٌ لانرضاها لبنات إبليس ، فانصرف رحمك الله .
كانت عليةُ بنت المهدي تحب أن ترسل بالأشعار من تختصُه ، فاختصتْ خادماً يقال له : (طَلَ) من خدم الرشيد ، فكانت تراسله بالشعر ، فلم تره أياماً ، فمشت على ميزاب وحدثته وقالت في ذلك :
قد كان ما كُلِفتـه زمنـاًياطلٌ من وجدٍ بكم يكفي
حتى أتيتك زائـراً عجـلاًأمشي على حتفٍ إلى حتفِ
فحلف عليها الرشيد ألا تكلم طلاً ولا تسميه باسمه ، فضمنتْ له ذلك .
واستمع عليها يوماً وهي تدرسُ آخر سورة البقرة حتى بلغت إلى قوله عز و جل : ( فإن لمْ يصبها وابلٌ فطلٌ ) وأرادت أن تقول : ( فطلٌ ) فقالت : فالذي نهانا عنه أمير المؤمنين . فدخل وقبل رأسها وقال : قد وهبتُ لكِ طلاً ، ولا أمنعك بعد هذا من شيءٍ تريدينه .
مرت امرأة بقوم من بني نمير، فرشقوها بأبصارهم وأداموا النظر اليها، فقالت: قبحكم الله يا بني نمير!, فوالله
ما أخذتم بقول الله تبارك وتعالى: قل للمؤمنين يغضّوا من
أبصارهم ويحفظوا فروجهم,, النور/30 ولا بقول الشاعر:
فغضّ الطرف انك من نمير*******فلا كعباً بلغت ولا كلاباً
خطب ثمامة العوفي امرأة. فسألت عن حرفته، فكتب إليها يقول:
وسائلة عن حرفتي قلت حرفتي مقارعة الأبطال في كل مازق
وضربي طلى الأبطال بالسيف معلماً إذا زحف الصفان تحت الخوافق
فلما قرأت الشعر، قالت للرسول: قل له : فديتك! أنت أسد، فاطلب لك لبؤة، فإني ظبية أحتاج إلى غزال.
كان الحجاج بن يوسف الثقفي جالسا في مجلسه بعد انتصاره على عبد الله بن الزبير, وقال لحُجَّابِه: علي بالمرأة الحرورية .
فلما حضرت قال لها : أنت بالأمس كُنتِ في وقعة (ابن الزبير ) تُحرضين الناس على قتلي وقتل رجالي..ونهب أموالي ؟
قالت: قد كان ذلك .
فالتفت الحجاج إلى وزرائه وقال لهم: ما ترون فيها؟
قالوا : عجِّل بقتلها .
وعندما سمعت المرأة ذلك ضحكت ضحكة مدوية أغتاظ لها الحجاج فقال لها: ما أضحكك؟
قالت: إن وزراء فرعون كانوا خيراً من وزرائك هؤلاء .
فالتفت إليهم الحجاج فرآهم خجلوا.
فقال لها: كيف ذلك؟
قالت : لأنه لما استشارهم في قتل (موسى) قالوا (أرجه وأخاه) (يعني أنظره إلى وقت آخر) وهؤلاء يسألونك تعجيل قتلي .
فضحك الحجاج ثم امر لها بعطاء وأطلقها .
دخلت عزة كُثير على عبد الملك بن مروان فقال لها: أنت عزة كُثير ؟
فقالت : أنا عزة بنت جميل .
فقال لها : أنت التي يقول لكِ كُثير :
لعزة نــارٌ مـا تبـــوح كأنَّــهــا إذا ما رمقناها من البعد كوكب
فما الذي أعجبه منكِ..؟
قالت : أعجبه مني ما أعجب المسلمون منك حين صيروك خليفة..!
فضحك عبد الملك بن مروان حتى بدت له سن سوداء كان يخفيها..!
تزوّج الحجاج امرأة اسمها هند بنت النعمان رغما عنها وعن أبيها وذات مرة وبعد مرور سنة جلست هند أمام المرآة تندب حظّها وهي تقول :وماهندُ إلا مهرةٌ عربيةٌ ... سليلةُ أفراسٍ تحلّلها بغلُ ، فإن ولدت مُهر اً فلله درها ... وإن ولدت بغلاً فمِنْ ذلك البغلُ
فسمعها الحجاج فغضب فذهب إلى خادمه وقال له:اذهب إليها وبلغها أنّي طلقتك في كلمتين فقط
ولو زدت ثالثة قطعت لسانك وأعطها هذه العشرين ألف دينار
ذهب إليها الخادم فقال: كُنتِ فبِنتِ"
كنتِ يعني كنتِ زوجته فبنتِ يعنِي أصبحتِ طليقته"ولكنها كانت أفصح من الخادم فقالت: كُنّا فما فرحنا ... فبِنا فما حزِنا
وقالت : خذ هذه العشرين ألف دينار لك بالبشرى التي جئت بها .
وقيل إنها بعد طلاقها من الحجاج لم يجرؤ أحد على خطبتها ، وهي لم تقبل بمن هو أقل من الحجاج فأغرت بعض الشعراء بالمال فامتدحوها وامتدحوا جمالها
عند عبد الملك بن مروان فأعجب بها وطلب الزواج منهاوأرسل إلى عامله على الحجاز ليخبرها له -أي يصفها
فلما خطبها وافقت وبعثت إليه برسالة تقول: أوافق بشرط أن يسوق الجمل من مكاني هذا إليك في بغداد الحجاج نفسه ، فوافق الخليفة فأمر الحجاج بذلك
فبينما الحجاج يسوق الراحلة إذ بها توقع من يدها ديناراً متعمدةً .
فقالت للحجاج : يا غلام لقد وقع مني درهم ٌ فأعطنيه
فأخذه الحجاج فقال لها : إنه دينارٌ وليس درهماً!
فنظرت إليه وقالت: الحمد لله الذي أبدلني بدلَ الدرهمِ دينارا
ففهمها الحجاج وأسرها في نفسه أي أنها تزوجت خيرا منه
وعند وصولهما تاخر الحجاج في الاسطبل والناس يتجهزون للوليمة فأرسل اليه الخليفه ليطلب حضوره
فرد عليه نحن قوم لانأكل فضلات بعضنا أو قال: ربتني أمي على ألا آكل فضلات الرجال !
ففهم الخليفة ، وأمر أن تدخل زوجته بأحد القصور ولم يقربها . إلا أنه كان يزورها كل يوم بعد صلاة العصر،فعلمت هي بسبب عدم دخوله عليها ، فاحتالت لذلك وأمرت الجواري أن يخبروها بقدومه لأنها أرسلت إليه أنها بحاجة له في أمر ما ! فتعمدت قطع عقد اللؤلؤ عند دخوله ورفعت ثوبها لتجمع فيه اللآليء، فلما رآها عبد الملك...أثارته روعتها وحسن جمالها ،وتندم لعدم دخوله بها لكلمة قالها الحجاج
فقالت: وهي تنظم حبّات اللؤلؤ....سبحان الله
فقال: عبد الملك مستفهما لم تسبّحين الله
فقالت: إنّ هذا اللؤلؤ خلقه الله لزينة الملوك
قال: نعم
قالت: ولكن شاءت حكمته ألا يستطيع صنعه عقوداً إلا الغجر !
فقال: متهللا .نعم والله..صدقتِ . قبّح اللهُ من لامني فيك
ودخل بها من يومه هذا فغلب كيدها كيد الحجاج