النص يتمحور حول القناعة بالاختيار في كل دروب الحياة ومدى قرب هذه الاختيار لذاتنا لأن بعد هذا يحدث الرضى عن مقدرتنا في تحقيق الاختيار الحقيقي القريب كليا الى ما نريد أن نصل فيه الى الحياة والتي تعيش داخلنا , فمنطقة الرضى داخلنا تشع في روحنا فرح كبير لأننا استطعنا أن نحقق الاختيار الجميل الذي يمثل القناعة بأننا على طريق الصحيح في هذا الاختيار و قد جاء من قدرتنا و نظرتنا الى الأشياء بالاختيار صحيح وهذا ما يجعل الثقة تكبر داخلنا الى حد الرضى عن أنفسنا , والشاعرة حققت رؤيتها الى أن اختيارها صحيح حيث حددت أكثر من اختيار وقد يكون هذا الاختيار في القيم والمبادئ التي نعيش فيها ضمن هذا .. لأن الإنسان لا نستطيع أن نحدد هويته الحقيقية إلا في حالة أن نعرف ما هي اختياراته في المعنى الذي يعيش وهذا طبعا ينسحب أو يظهر على كل شيء باختيارات هذا الإنسان , لأن منطقة الرضى لدينا حين نجد أننا لم نخطأ اتجاه نفسنا في كل الاختيارات وهذا ما يعمق احترامنا الى أنفسنا ويزيد من ثقتنا بأنفسنا وقد يحث هذا بعد مخاض في صحيح ما نقوم به من عمل , لأن في الكثير من الأحيان يحدث أرتباك في حياتنا يجعلنا نفقد القدرة على أن نرى أنفسنا في أي منطقة نكون وقد تكون الأسباب قهرية خارج أرادتنا لهذه الحالة ولكننا بعد تجاوز هذه الأزمة داخلنا ونشعر أننا في صحيح الاختيار ولن نبتعد عن قيمنا التي تمثلنا يأتي تقبيل أيدينا أمتنانا أننا في الدري الصحيح , فلو تدرجنا في العنوان هو( ثمن القيد ) نستطيع أن نفهم قيمة المعنى التي أرادت الشاعرة أن توصله الى المتلقي , لأن الاحتفاظ باختيارنا قد ندفع من أجله الكثير من التضحية ولا يأتي بكل بساطة أي أن ثمن أن نحافظ على أنفسنا بكل قيمها ( القيد) يحتاج منا التضحيات الكثيرة (قبلت ظاهر اليد قبلتين /وفي الباطن زرعت الورد /وضممت اليد /وكففت الدمع/المنهمر /ببناء السد ) حيث أن الشاعرة هنا أعطت الإشارة المعنوية بأحداث الأنزياح الفهمي في تركيب الجملة الصورية داخل النص , فبعد أن شعرت أنها اختارت الصحيح في دروب حياتها تعطي الإشارة أنها راضية عن حياتها فبقدر ما قبلت أيديها مسحت دمعها وهذا يدل على قيمة ومستوى الرضى التي شعرت به بعد الشك في قيمة أو الاختيار الذي أعاشته داخل كيانها , وقد بنت السد أي أنها حافظت على قيمها الحقيقة التي تنتمي إليها وما رمز السد إلا قيمة قدرتنا على التمسك بذلتنا وسط كل المغيرات في الحياة بأن لا نبتعد عن قيمنا ....
(وأقمت الليل في سرداب /يضم رفات المجهولين /المظلومين
و المقهورين /وتناهى لسمعي في السرداب عدة كلمات /الأول قال : لقد عاد إليها الرشد /والآخر قال: هذا جزاء التطاول على الأسياد ) وهنا أشارة واضحة لما قلت سابقا , فالليل هنا في السرداب إلا إيحاء حقيقي الى حلكة الأيام التي نعيش حين لا نعرف مدى قيمة تمسكنا بقيمنا , فالكثير منا قد يكون مظلوم أو مقهور لأن الآخرين لم يعرفوا ما مدة تمسكهم بقيمهم وهذا ما يجلنا نتألم على هولاء لأن الآخرين لم يفهموهم أو لم يدركوا ما كان يعيشوه من قيم وفكر الأكثر قربا من الصحيح والحقيقي , وهنا الشاعرة أوحت بخوفها بأن الناس قد لا تفهما مقل هولاء وتسقط كضحية مثلهم لأنهم تمسكوا بقيمهم لم يبيعوا حياتهم خارج هذه القيم , فنها نشعر أن هناك صوت داخلي لهذه الحالة ( والآخر قال : هذا جزاء التطاول على الأسياد ) أي أن قيم التي سعوا من أجلها هي التطاول على الأسياد أي التطاول على قيم المجتمع الثابتة والتي لم تتغير الى حد أصبحت كالأسياد ...
(وبقي القيد /بقي السرداب /نما الورد /فاحت بالجو روائح عطر/نما الورد بذات اليد /شكرت اليد /قبلتها بدل القبلة/عدة قبلات /أو ليس عطر الورد /
ثمن القيد؟؟ )
والشاعرة هنا توحي بإيحاء بأن كل ما مر بها ما هو الحياة الحقيقة التي تعيش فقد بقيت القيم البائدة(بقى القيد)لكنها استطاعت أن تحقق لذاتها وما تريد برغم التضحيات التي قدمتها ( وبقى السرداب ) أي بقت العتمة في ما موجد من قيم انتهت صلاحيتها في الحياة ولكنها حققت ذاتها من خلال أضرارها على القيم التي تراه هي الحياة وقد جاءتها الحياة ونما الورد وقد قبلت يديها لأنها احتفظت بحياتها الحقيقة وما كانت تسعى نحوه لكنها قدمت من أجل هذا الثمن والتضحية لكي تحافظ على قيمها في الاختيار ... نص رائع وعميق في أنيابية اللغة والموحية بالمعنى ضمن النص .. مع تقديري للجميع
[/QUOTE]
الأستاذ القدير عباس
قراءة بعين واعية، تلتقط الإنسانية لتكون منظورها حتى داخل الحرف مهما كان
لعمري أنك أبدعت وجملت الحرف حتى شككت بأن تكون هذه القراءة لنص " ثمن القيد "
بوركت وبورك حرفك
تحياتي وامتناني