كلمـة حـق تقـال بحـق عواطــف
الدكتورة ألحان الصقر
جاءت إلينا وكنا نتابع أخبار العراق عبر الصحف والمقالات على الإنترنيت، والكل يبديء رأيه ويحلل الأوضاع والإنفعالات تصل الذروة. جاءت إلينا ونحن بحاجة لمعرفة ما يحدث حقيقةً هناك. طلبنا منها أن ترسم لنا صورة للبلد المتعطش للهواء النقي والحياة الحرة الكريمة. أنا شخصياً أستبشرت خيرا للبلد عند رؤيتها، وهي بشعرها القصير وإناقتها. تتكلم عن النشاطات النسوية .
أستبشرت خيراً عندما كانت الأمور تبدو وكأنها تسير بطبيعية نحو الأفضل. عواطف تخطط للمشاركة في مؤتمر في كندا، وزوجها يخطط للذهاب إلى مصر. كنا نتبادل الأحاديث والمرح مع الأصدقاء في أوكلاند، نأمل بالمستقبل الجميل للعراق.
بعد أشهر قليلة، بدأت الأمور تسوء في عدة إتجاهات، وعلى مختلف الأصعدة. وعدنا كما أعتدنا على قراءة الصحف وأزدادت حماسة نقاشاتنا، وأحترنا بتحليل الأوضاع. أختلطت كثير من الأمور، وسمعنا خسارات البلد الكبيرة. بدأنا نلتقي في جلسات التعزية أكثر من قبل. أخ العزيزة أم فلان، أبن أخت العزيزة فلانة، والد الأخت، زوج وأبن الصديق، سمعنا بأنواع القتل، قتل للتصفية، قتل مع السرقة، قتل المرتزقة، قتل حسب المذهب، قتل الإنتقام، قتل المحررين للبلد بأسم الديمقراطية. والتفجيرات والرصاصات التائهة والموجهة تقتل الأبرياء.
لا أعرف متى ذاب أملي بالخير الذي أستبشرته بعواطف. هل في سنة 2004 أو 2005 ؟ كل ما أذكره أن سنتي 2006 و2007 كانتا من أسوأ السنين ( حسب ما أكدوه الأهل في العراق)، حيث كانت الناس لا تحسن حتى دفن موتاها لأنها قد تتعرض للقتل هي وموتاها.
جاءت عواطف مرة ثانية - حزينة كالعراق – لم تحصل على الهواء النقي والحياة الحرة الكريمة. كالعراق خسارتها كبيرة. وتاهت ما بين عمان وبغداد وأوكلاند ، بين أحمد ورُسل، بين الأهل والأحبة والأحفاد.
المرأة العراقية هناك محتارة أيضاً. أين الأمل؟ أين طاقة النور حتى وإن كانت بعيدة؟ الأحرار لا يتحملون الإنتظار، وعود ولكن بدون سقف زمني واضح.
بدأ الخوف على عواطف. ستنهار هذه المرأة يوما ما. إنها حزينة. حزينة جداً.
بدأ الخوف على المرأة العراقية هناك في البلد. كيف ستتحمل هذه الأحزان وهذه الأهوال.
التخريب في كل مكان, والبناء قليل لا يمكن أن يلاحظ وسط الخراب. يحتاج إلى نظرة تفاؤل من الصعب تواجدها في هكذا ظروف.
لكن الحياة مستمرة ولن تتوقف. لن يوقفها الكم الهائل من الحزن. المستقبل يأتي بأحداث حتمية كثير منها مفرح. المرأة العراقية تحملت عبر آلاف السنين، عليها أن تكمل رسالتها، وتعبد طريق آلاف السنين القادمة ( أو ما شاء الله ).
العراقية تعطي الآخرين وتنسى نفسها. تساعد تخدم وتحمي الجميع. كذلك فعلت أم أحمد، وساعدت العراقيين النيوزلنديين. ساعدت الجالية بكل حمية وصدق، وأعطت وقتها ولم تبخل من خلالهم كانت تتنفس عبير العراق.
بدأت عواطف تضع مشاعرها على الورق. وأصبح الحاسوب صديق تتحاور عبره مع الآخرين. الأصدقاء يزيدون ويزيدون. الأمل يبنى من جديد. وبأرجل وجلة وببطء بدأت تدخل عالم الأحداث المفرحة، وصرنا نتقابل مع الأصدقاء في أفراحهم. تخرج، نجاح، خطوبة، زواجات وولادات.
عواطف الآن قادرة على مواجهة الحياة بأمل وتفاؤل. المرأة العراقية هناك تخرج من قوقعتها، وجلةٌ لكنها لا تهاب التفجيرات، متسلحة بالإيمان فقط. المستقبل الجميل لها ولأولادها، وأخذت تفرح بأحداث حتمية ومفرحة أيضاً.
وها نحن اليوم نرى عواطف تفرح بما أنجزته بين الأصدقاء والأهل والأحبة.. ولها الحق ...
هل من مؤيد؟؟؟