[ ذُلٌ لَو أَجِدُ نَاصِرًا ـ لَو نُهيَ عَنْ الأولَى لم يَعدْ للآخِرَة ـ مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ ]
زعموا أن الحارث بن أبي شمر الغساني سأل أنس ابن الحجيرة عن بعض الأمر فأخبره به فلطمه فقال : ذُلٌ لَو أَجِدُ نَاصِرًا ، ثم قال : الطموه ، فقال أنس : لَو نُهيَ عَنْ الأولَى لم يَعدْ للآخِرَة فأرسلها مثلاً فقال زيدوه ؛ فقال أنس : أيها الملك مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ ، فأرسلها مثلاً فأمر أنْ يُكَفَ عنه .
زعموا أنّ قومًا تَحَمَّلوا وهم في سفر، فشدوا عقد حبلهم الذي ربطوا به متاعهم فلما نزلوا عالجوا متاعهم فلم يقدروا على حلّه إلاّ بعد شر ، فلما أرادوا أن يُحَمِّلوا قال بعضهم : يا حَاملُ اذْكُرْ حلاَّ فأرسلها مثلاً .
زعموا أنَّ كعب بن مالك بن تيم الله بن ثعلبة بن عكابة تزوج رقاش بنت عمرو بن عثم بن تغلب بن وائل ، وكانت من أجمل نساء الناس وأكملهن خلقًا فقال لها : اخلعي درعك فقالت : خَلْعُ الدِّرْعِ بِيدِ الزَّوْج ، ثم قال : اخلعي درعك لأنظر إليك فقالت : إنَّ التَّجَرُدَ لِغيرِ نِكَاحٍ مُثْلَة ، فطلقها فتحملت إلى أهلها ، فمرت بذهل بن شيبان بن ثعلبة فأتاها فسلم عليها وخطبها إلى نفسها فقالت . لخادمها : أنظري إليه إذا بال أيبعثر أم يقعِّر ، فنظرت إليه الأمة فقالت : يُقعِّر ، فتزوجته ، وعنده امرأة من بني يشكر يقال لها الورثة بنت ثعلبة ، وكانت لا تترك له امرأة إلاَّ ضربتها وأجلتها فخرجت رقاشُ وعليها خلخالان ، فقالت الورثة : بخ بخ ساق بخلخال، فقالت رقاش : أجل ساق بخلخال ، من نِحْلةِ خال ، ليسَ كخالكِ البخَّال ، فوثبت عليها الورثة لتضربها ، فضبطتها رقاش وغلبتها ، حتى حجزها عنها الرجال فقالت الورثة :
يَا ويحَ نَفْسِي؛ اليومَ أَدْرَكَنِي الكِبَرْ ـ أأبْكِي على نَفْسِي العَشِـيَّةَ أمْ أذَرْ
زعموا أنَّ زهير بن جناب بن هبل الكلبي وفدَ عَاشِرَ عشرةٍ من مضرَ وربيعة إلى امرئ القيس بن عمرو بن المنذر ابن ماء السماء فأكرمهم ونادمهم وأحسنَ إليهم ، وأعطى لكلِّ واحدٍ منهم مائةً من الإبل ، فغضب زهير فقال : قد تُخْرِجُ الخمر من الضَّنين ؛ فغضب امرؤ القيس فقال : أَوَمِنِّي يا زهير ؟ قال : ومنك ؛ فغضب الملك فأقسم لا يعطي رجلا منهم بعيرًا ، فلامه أصحابه فقالوا : ما حملك على ما قلت ؟ قال : حسدتكم أن ترجعوا إلى الحي من نزار بتسعمائة بعير وأرجع إلى قضاعة بمائة من الإبل ليس غيرها .
زعموا أنَّ عصام بن شهبر الجرمي كان أشدَّ الناس بأسًا ، وأبينهم لسانًا ، وأحزمهم رأيًا ، ولم يكن في بيت قومه ، وكان من صلحائهم ، وكان على عامة أمر النعمان ، قال قائل من الناس : وكيف نزل عصام بهذه المنزلةِ من النعمان وليس في بيت قومه وليس بسيدهم ؟ فقال عصام :
زعموا أنَّ الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب كانت تحته امرأة من بني القين ابن جسر بن قضاعة ، فولدت له نفرًا منهم يزيد وعقيل ، فتبنت كبشة بنت عروة بن جعفر عقيلاً ؛ وكانت ضرَّتَها ، فعرم بعضَ العرامِة على أمه ففرَّ منها فأدركته وهو يريد أن يلجأ إلى كبشة ، فضربته أمه ، فألقت كبشةُ نفسَهَا عليه ثم قالت : ابني ابني ، فقالت القينية : ابْنُكِ مَن دَمَّى عَقِبَيْكِ ، فأرسلتها مثلاً ، فرجعت كبشة وقد ساءها ما قالت القينية فولدت عامر بن الطفيل بعد ذلك .
زعموا أن النمر بن تولب العكلي كان أحبَّ امرأة من بني أسد بن خزيمة يقال لها جمرة بنت نوفل ، وقد أسنّ يومئذ ، فاتخذها لنفسه وأعجب بها ، وكان له بنو أخٍ فراودها بعضهم عن نفسها ، فشكت ذلك إلى نمر وقلت : إنّ بني أخيك ربما راودوني بعضهم عن نفسي ، ولست آمنهم أن يغلبوني ، فقال لها النمر : قولي لهم وقولي إن أرادوا شيئًا من ذلك ، وقالت جمرة : إنِّي سَأكْفِيكَ مَا كَانَ قَوْلاً ؛ فأرسلتها مثلاً ، تقول إنْ كان القول فأني سأكفيك القول .
وزعموا أنَّ ضرار بن عمرو بن مالك بن زيد بن كعب بن بجالة بن ذهل بن ملك بن بكر بن سعد بن ضبة أغار على كلب ثم على بني عدي بن جناب من كلب ، فأصاب فيما أصاب أهل عمرو بن ثعلبة أخي بني عدي بن جناب ، وكان صديقا لضرار بن عمرو ، ولم يشهد القوم حين أغير عليهم ، فلما جاءهم الخبر تبع ضرارًا وكان فيما أخذ من أهله يومئذ سلمى بنت وائل الصائغ ، وكانت أَمَة له وأمها وأختين لها ، وسلمى هي أم النعمان بن المنذر ابن ماء السماء ، فلما لحق عمرو بن ثعلبة ضرارًا قال له عمروا : أنشُدُكَ المودة والإخاء فإنك قد أصبت أهلي فارددهم علي ، فجعل ضرارُ يردُّهم شيئًا شيئا حتى بقيت سلمى وأختاها ، وكانت سلمى قد أعجبت ضرارًا ، فسأله أن يرُدَّهُنَّ ، فردهما غير سلمى ، فقال عمرو بن ثعلبة : يا ضرارُ :أتبِعِ الفرسَ لِجَامَهَا فأرسلها مثلا ، فردها عليه ومما زاده قوله: والدَّلوَ رِشَاءَهَا .
زعموا أنَّ شيخًا كانت تحته امرأة شابة ، فكانت تراه إذا أراد أن ينتعلَ قعد فانتعل ، وكانت ترى الشبان ينتعلون قيامًا ؛ فقالت : يَا حَبَّذَا الـمُنْتَعِلُونَ قيامًا فسمع ذلك منها فذهب ينتعل قائمًا فأرَاحَ وهي تسمع فقالت : إِذَا رُمْتَ البَاطِلَ أنجَحَ بِكْ أي غلبك ، فأرسلتها مثلاً .
زعموا أن مجاشع بن دارم بن مالك ببن حنظلة ، وكان خطيبا كثير المال عظيم المنزلة من الملوك ، وأنه كان مع بعض الملوك فقال له : إنه قد بلغني عن أخيك نهشل بن دارم خير ، وقد أعجبني أن تأتيني به فأصنع خيرًا إليه ، وكان نهشل من أجمل الناس وأشجعهم ، وكان عيي اللسان قليل المنطق ، فلم يزل ذلك الملك بمجاشع حتى أتاه بنهشل ، فأدخله عليه وأجلسه ، فمكث نهشل لا يتكلم ، وقد كان أعجب الملك ما رأى من هيئته وجماله ، فقال له الملك : تكلم ، قال : الشر كثير ، فسكت عنه ، فقال له مجاشع : حدث الملك وكلمه ، فقال له نهشل : إني والله ما أُحْسِنُ تِكْذَابَكَ وتَأَثَامَكَ ، تَشُولُ بِلِسَانِكَ شَولاَنَ البَرُوق ، فارسل : شَولاَنَ البَرُوق مثلا .
البَرُوق : الناقة التي تشيل ذنبها تُري أهلها أنها لاقِح وليست بِلاقِحٍ .