أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة
دراسة ونقد وتحليل / عطاف سالم
26/3/1424هـ
بحث علمي مقدم على حلقات
حق النشر محفوظ للناقدة فقط ويمنع نسخه للإستفادة منه بغير إذن
المقدمة
إن التجربة الشعرية في أساسها تجربة لغة ، فالشعر هو الاستخدام الفني للطاقات الحسية والعقلية والنفسية والصوتية للغة . ولغة الشعر هي الوجود الشعري الذي يحقق في اللغة انفعالاً وصوتاً موسيقياً وفكراً ، وهي مكوّنات القصيدة الشعرية ؛ من خيال ، وصور موسيقية ، ومواقف إنسانية بشرية .
والصورة الشعرية بمكوّناتها وأبعادها جانب من اللغة الشعرية([1])، ومهما قيل عنها من تعريفات ، إلا أنها باختصار كما عرّفها الشاعر الأمريكي إذزا باوند : " أنها تلك التي تقدم تركيبة عقلية وعاطفية في لحظة من الزمن " ، وهي لا تتقرّر بمحض الصدفة ، بل تولد من جهد الشاعر الفنان وفق انتقائية دقيقة تقررها الخصال الشخصية ؛ لأنّها عميقة الجذور في التجربة المحسوسة ، ولهذا استطاع الشاعر العربي الحديث أن يحقق خلال اعتماده على الخيال بناء وجود فنّي مستقلّ يستمدّ مكوناته من عناصر الصورة الشعرية التي هي أقرب إلى روح الشعر ، وألصق بمهوم الشعرية ؛ لأنّ المعادلة ما بين وضوح الصورة وجلائها وما بين تأثيرها تظلّ عكسية دائماً([2]).
ولقد وقع الاختيار على الصورة الشعرية في قصيدة (النسر) خاصة للشاعر عمر أبي ريشة ؛ لأنّ الحرية القومية هي ألصق بالوجه الإيجابي الذي يعبر عن إحساس الشاعر بقيم العزة والوطنية والانتماء ، والشاعر يحسّ إزاءها بأنّه يستطيع أن ينسى موقفه الوجداني من الحياة والناس ، ويسهم في قضية مشتركة تجمع بينه وبين أبناء وطنه دون أن يرتد عن مفهومه الجديد للشعر .
وكلّما اقترب الموضوع القومي من وجدان الشاعر زادت صورته الوجدانية وضوحاً فيما يستخدم الشاعر من معجم عاطفي ، وصور خيالية ، وتركيب جديد للعبارة على حين تقف وسطاً بين الكلاسيكية (الجديدة) والوجدانية إذا لم تتحول عند الشاعر إلى معاناة شخصية قريبة من معاناته في التجربة العاطفية .
والشاعر - مع ذلك - هو شاعرٌ وجداني ممن أجاد المزج بين التراث والأساليب الشعرية الحديثة ، وجمع في شعره بين رصانة القديم وطرافة الحديث([3]).
([1]) لغة الشعر العربي الحديث ، السعيد الورقي ، ص5 .
([2]) الاغتراب في الشعر العراقي ، محمد راضي ، ص99 ، بتصرّف يسير .
([3]) الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر ، عبد القادر القط ، ص309
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة
لمحتوى
تناول البحث ثلاثة عناصر رئيسة :
1- تمهيد إلى مفهوم الصورة الشعرية .
2- الملامح العامة لقصيدة (النسر) بعد عرضها ..
3- البناء التصويري لها .
.....
ثم الخاتمة وبها أهم نتائج البحث .
فقائمة بأهم المراجع .
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة
تمهيــد
الصورة في الشعر هي (الشكل الفني) الذي تتخذه الألفاظ والعبارات بعد أن ينظمها الشاعر في سياق بياني خاص ؛ ليعبر عن جانب من جوانب التجربة الشعرية الكاملة في القصيدة ، مستخدماً طاقات اللغة وإمكاناتها في الدلالة ، والتركيب ، والإيقاع ، والحقيقة ، والمجاز ، والترادف ، والتضاد ، والمقابلة ، والتجانس ، وغيرها من وسائل التعبير الفني ، والألفاظ والعبارات هما مادة الشاعر الأولى التي يصوغ منها ذلك الشكل الفني ، أو يرسم بها صوره الشعرية ، لذلك يتصل الحديث عن الصورة الشعرية ببناء العبارة وببعض المفردات من المعجم الشعري للشاعر([1]).
والحركة الرومانسية في الشعر العربي الحديث حاولت أن تستخدم مفهوماً جديداً للصورة الشعرية اعتمدت فيه على أن تكون التجارب خاصة هي مصدر هذه الصور الشعرية التي روعي فيها أن تكون على درجة عالية من الحيوية والإيحاء . وقد أدّى هذا بالشعر العربي الرومانسي إلى شبه إغراق في مجموعات الألفاظ ذات الإيحاءات والتهويمات الخيالية ، وعدد من الصفات المجازية ، لكنها عند الشاعر عمر أبي ريشة صور ارتبطت بتجارب من الحياة والمجتمع ، خاصة في هذه القصيدة ، ولم تكن تجربة ذاتية بحتة([2]).
والصورة تتداخل في إطار أوسع مع الخيال والمجاز لتشكل مااُصطلح عليه باللغة الشعرية التي تكون مشحونة بالتصوير بدءاً من أبسط أنواع المجاز وصعداً إلى المنظومات الأسطورية الشاملة العامة التي يلعب فيها الرمز دوراً حيوياً([3]).
فالرمز من أقوى البنى التصويرية في الشعر الحديث . وقصيدة عمر أبي ريشة قامت على هذا البناء ، واتخذت منه منطلقاً لبنائها التصويري مع بقية العناصر الأخرى المكونة هي أيضاً للصورة الشعرية العامة .
***********
([1]) الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر ، عبد القادر القط ، ص391 .
([2]) لغة الشعر العربي الحديث ، السعيد الورقي ، ص128 .
([3]) الاغتراب في الشعر العراقي ، محمد راضي ، ص99 .
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة
قصيدة النسر(1)
أصـبح الـسفح مـلعباً للنسور فاغضبي يا ذرا الجبال وثوري (2)
إن لـلجرح صـيحة فـابعثيها فـي سـماع الدنى فحيح سعير
واطـرحي الكبرياء شِلْواً مُدَمّى تـحت أقـدام دهـرك السّكير (3)
لملمي يا ذُرا الجبال بقايا النسر وارمـي بـها صدور العصور
إنـه لـم يعدْ يكحل جفن النجم تـيـها بـريـشة الـمـنثور (4)
هـجر الوكر ذاهلاً وعلى عينيه شـيء مـن الـوداع الأخـير
تـاركا خـلفه مـواكب سحب تـتهاوى مـن أفْـقها المسحور
كـم اكـبّت عـليه وهي تندي فـوقه قـبلة الضحى المخمور
هـبط السفح طاوياً من جناحيه عـلـى كـل مطمح مـقبور
فـتبارت عصائب الطير ما بين شــرود مـن الأذى ونـفور (5)
لا تـطيري جوابة السفح فالنسر إذا مـا خـبرته لـم تـطيري
نـسل الـوهن مـخلبيه وأدمت مـنـكبيه عـواصف الـمقدور
والـوقار الـذي يـشيع عـليه فضلة الإرث من سحيق الدهور
وقـف الـنسر جـائعاً يـتلوّى فـوق شِـلْوٍ على الرمال نثير
وعـجـاف البغاث تـدفعه بالمخلب الغض والجناح القصير (6)
فـسرت فـيه رعشة من جنون الـكبر واهـتزّ هـزّة المقرور (7)
ومضى ساحباً على الأفق الأغبر أنـقـاض هـيـكل مـنخور
وإذا مـا أتـى الغياهب واجتاز مـدى الـظن من ضمير الأثير (8)
جـلجلت منه زعقة نشت الآفاق حـرى مـن وهجها المستطير(9)
وهوى جثة على الذروة الشماء فـي حـضن وهجها المستطير
أيـها النسر هل أعود كما عدتَ أم الـسفح قـد أمـات شعوري ؟!
@@@
([1]) ديوان عمر أبي ريشة ، ص158 . انظر : نبذة يسيرة عنه في الحديث عن ملامح القصيدة .
([2]) السفح : عرض الجبل المضطجع ، أو أصله ، أو أسفله . القاموس المحيط ، باب الحاء ..............
الذرى - بالضم - : ذروة الشيء - بالضم والكسر - : أعلاه . السابق ، باب الألف ، فصل الذال .
([3]) شلواً : الشِّلْو - بالكسر - : العضو ، والجسد من كلّ شيء ، كالشّلا ، وكلّ مسلوخ أكل منه شيءٌ وبقيت منه بقية . السابق ، باب الواو والياء ، فصل الشين .
([4]) تيهاً : التيه - بالكسر - : الصّلَف ، والكبر : تاه . السابق ، باب الهاء ، فصل التاء .
([5]) عصائب : جمع عُصبة - بالضمّ - ، وهي من الرجال والخيل والطير : ما بين العشرة إلى الأربعين .. السابق ، باب الباء ، فصل العين .
([6]) البُغاث - مثلثة - : طائر أغبر . السابق ، باب الثاء ، فصل الباء .
([7]) المقرور : الذي أصابه البرد . ويوم مقرور ، وقَرٌّ : بارد . السابق ، باب الراء ، فصل القاف .
([8]) الغياهب : جمع غيهب ، وهي الظلمة . السابق ، باب الباء ، فصل الغين .
([9]) نشّت : النّشُّ : السَّوْق الرقيق . السابق ، باب الشين ، فصل النون .
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة
ملامح قصيدة (النسر)
لما كانت سوريا غائصة في ذلّ الاستعار الفرنسي واستعباده ، ولما كان الشاعر عمر أبو ريشة([1]) على هذا القدر من الإحساس الدافق بالعروبة والإسلام ، وهذا الالتحام الشديد بأمّته وتاريخها وطموحها ، مستشعراً آلامها وآمالها ، بل هي تنبض حيّة في نفسه ، وتؤرّقه أحياناً ؛ جاءت هذه القصيدة الثائرة الحادة ذات الزخم العالي من الكبرياء ، مؤكّدة أن هذه الأمة لن تعضد شوكتها الأحداث ، ولن يُقصّ لها جناح ، بل لن تلين وتخضع مهما عصفت بها الأيام ، وتكالبت عليها قوى اللئام .
ويصرخ الشاعر فيها من أعماق نفسه ، ويصيح بالحرية وبالطموح والمطالب الإنسانية السامية ، وترتفع نبرته في موجة تلو أخرى ؛ مما يعكس ضجره وجزعه ، لكن هذا لا يفضي به إلى تشاؤم قائم([2])، وهي قصيدة رمزية الموضوع ، أسماها (النسر) ، يرمز فيها بالنسر - في شيخوخته - إلى العزة الذاتية التي تأبى أن تقضي في مهاوي الحضيض ، فتنهض من شيخوختها نهضة أخيرة تحلّق في سماواتها القديمة ، ثم تهوي على ملاعبها الأولى فوق القمم بدل أن تموت في وهدة السفوح .
والقصيدة تتضمن طرفين متناقضين : ضعف البدن ، وعزة الهمة ، فكان طبيعياً أن يستدعي كلّ طرف ما يتصل به من أخيلة وصور . لكن التداعي هنا ليس تداعي ألفاظ ، بل تداعي معانٍ يجلب بعضها بعضاً ، ويرتبط بعضها ببعض ، فالسفح يرتبط بالجراح والكبرياء الدامي وبغاث الطير ، على حين تستدعي القمة صور الآفاق الرحبة والنجوم العالية والأجنحة الخفاقة . وما دامت الصورة مركبة على هذا النحو من جانبين متقابلين ، فلا بدّ أن يجسم الشاعر كلاًّ من هذين الجانبين حتى تكون المقابلة قادرة على إبراز تلك الانطلاقة الأخيرة للنسر بعد أن أدرك ما بين ماضيه من خلافٍ رهيب .
وفي القصيدة مزاوجة ناجحة بين إيقاع الشعر القديم وطرافة المعجم الشعري وحداثة الصور والمجاز([3])..
والقارئ حينما يتعمق في قراءة ملامح هذه القصيدة يشعر بعاطفة الشاعر القوية الصادقة التي تأخذه إلى قلق الشاعر نفسه ، وإلى ضيقه وضجره وما يقاسيه من آلام نحو أمّته ، وما تكتنفه من آمال محزنة لا يقرّ لها قرار ، فانظر إليه وهو يقول :
وبين جنبيه آمالٌ مبعثرةٌ
تكاد لولا بقايا الصبر تنتحر([4])
ثم كيف لا يشعر القارئ بهذا ولا تنصهر نفسه مع نفس الشاعر ، ويقدر فيه هذه الشاعرية وهذا الدفق العاطفي وهذا الاحتراق الداخلي على أمته وهو يستحضر قوله :
نجيك اليوم من أزرى الزمان به
وردّه عن مدى آفاقه الكبر([5])
وإذا كان الشاعر قد تضيق به الدروب كما يقول :
كلما أوغلت ركائبنا ضاق
على زحمة الدروب مدانا([6])
فإنه هو نفسه الذي يقول :
قد ترف الحياة بعد ذبولٍ
ويلين الزمان بعد جفاء([7])
([1]) ولد عمر أبو ريشة في منبج ؛ إحدى مدن سوريا ، من أسرة كان لها في عهد العثمانيين شأن ، انتقل إلى حلب ، وتعلّم في مدارسها الابتدائية ، ثم انتقل إلى الجامعة في بيروت . ذهب إلى باريس ليعيش أجواء الأدب الفرنسي ، لكنه سرعان ما عاد إلى حلب عام 1932م ليشترك في الحركة الوطنية في سوريا أيام الاحتلال الفرنسي . تولّى عدّة مناصب ، كسفير سوريا في عدّة دول .
([2]) دراسات في الشعر العربي المعاصر ، شوقي ضيف ، ص239 .
([3]) الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر ، ص359 .
([4]) ديوانه ، ص75 .
([5]) المرجع السابق ، ص75 .
([6]) المرجع السابق ، ص467 .
([7]) المرجع السابق ، ص515 .
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة
البناء التصويري للقصيدة :
رغم أن القصيدة ذات بناء رمزي ، إلا أن صور المجاز والتشبيه لبنة من لبنات هذا البناء .
وإذا كانت الصورة التقليدية من تشبيهٍ واستعارة وكناية هي أداة من أدوات التخييل ، فإنها عند عمر أبي ريشة ليست هدفاً ؛ وإنما هي تظهر ضمن الصورة الكبرى التي يرسمها بريشته ويرمز بها إلى معنى أكبر ..
يقول عن شعر بودلير : " إنه أشبه بلولب صور في حانوت رسام ، كيف ما حركته وجدت صوراً جديدة ، تختلف كلّ صورة عن أختها ، وفي كلّ منها رمز ينقلك من أفقٍ إلى أفق ، فلا تشعر بملل ، ولا تحسّ بتعب " .
وكأنما أحسّ عمر أنّ هذا اللون من الشعر هو الذي يسير على هداه ، فهو الذي يزخر بصور تنقلك من عالم الواقع إلى عالم الرؤى الخاصة بالشاعر ، وهي صور مركّبة ومتعاقبة تذكر بالفن التصويري في شعر أبي تمام وابن الرومي .
فالصورة الشعرية هنا في هذه القصيدة ذات طبيعة إيحائية تكثر فيها ألفاظ محمّلة بالدلالات والمشاعر والرموز .
ولما كانت الكلمة قد تستقل برسم صورة شاخصة تارة بجرسها الذي تلقيه في الأذن ، وتارة بظلّها الذي تلقيه في الخيال ، وتارة بالجرس والظلّ([1])، فإنّ الشاعر عمر أبا ريشة يعتمد في صوره الشعرية على تحريك مجموعة من الأفعال والأسماء في دلالتها وعلاقتها مع بعضها للتعبير عن موقفه الانفعالي .
وتبدأ الصورة الأولى في القصيدة على هذا النحو :
أصبح السفحُ ملعباً للنسور
فاغضبي يا ذرى الجبال وثوري
إن للجرح صيحة فابعثيها
في سماع الدنى فحيح سعير
واطرحي الكبرياء شلواً مدمّى
تحت أقدام دهرك السكير !!
لملمي يا ذرى الجبال بقايا النسر
وارمي بها صدور العصور
فلو أعدنا النظر في الصورة السابقة لوجدنا أن الشاعر قد اعتمد في صورته على عددٍ من الأفعال في صيغ الأمر ، وهي النسبة المسيطرة ، وسيعطينا هذا - بلا شك - إحساساً أكبر بصرخة الشاعر وتمرّده على الذل ، ورفضه للهوان ، وهو يرى أن السفح أصبح ملعباً للنسور .
وهذا الإحساس هو الذي يشكل موقف الشاعر الذي هو محور القصيدة كلحظة انفعالية ثائرة .
ومن خلال الاعتماد على تحريك الجمل الفعلية يلمح عنصر الزمن كأهمّ ما في الموقف .
فتبدأ صورة ثانية بزمنٍ آخر ، هو الحاضر أو الحال ، وإن قابله أحياناً بصيغة الماضي ، لكن صيغته هي الغالبة :
إنه لم يعد يكحّل جفن النجم
تيهاً بريشه المنثور
هجر الوكر ذاهلاً وعلى عينيه
شيءٌ من الوداع الأخير
تاركاً خلفه مواكبَ سحب
فتهاوى من أفقها المسحورِ
كم أكبّت عليه وهي تُندّي
فوقه قبلةَ الضحى المخمورِ
ويقول :
وقف النسر جائعاً يتلوّى
فوق شلوٍ على الرمال نثيرِ
وعجاف البغاث تدفعه
بالمخلب الغض والجناح القصيرِ
ويقول :
أيها النسر هل أعود كما عدت
أم السفح قد أمات شعوري ؟!.
هذا التداخل والتقابل بين هذين الزمنين يعطي إيحاءً بأن الشاعر وكأنه
يتحسّر على الزمن الماضي لأمته بقوله : (لم يعد ..) ، وبقوله :
(هجر الوكر ذاهلاً وعلى عينيه .: شيءٌ من الوداع الأخير) ، وهو في نفس الوقت يستحضر أمامه صور الحاضر الراهنة البائسة التي تمثل ما وصلت إليه أمته من الهوان والذلّ والانكسار .
وكم نشعر بغصص يتجرّعها الشاعر غصّة تِلو أخرى ، وهو شعور صوّرته بعض الأفعال المضارعة ، مثل قوله : (تتهاوى ..) ، (يتلوى ..) .
ففي (تتهاوى) بما احتوته من ثقلٍ وتعثُّر تُصوِّر سقوطاً للكواكب من عليائها ، والشاعر ينظر إليها يائساً لا محالة ؛ إذ لا سبيل إلى إرجاعها ، وهي تسقط بثقلٍ واضطراب !!.
وفي (يتلوى) بهذا التضعيف تشخيصٌ لمعاناة آلامه وهي ترزح تحت الاستعار ، وهذه العزة فيها هي التي تأبى أن تقضي في مهاوي الحضيض .
ثم تبدأ صورة ثالثة امتداداً لهذه الصور المتتابعة من المعاناة والحسرة والضجر والثورة والانفعال :
فتبادت عصائب الطير ما بين
شرودٍ من الأذى ونفور
فسل الوهنُ مخلبيه وأدمت
منكبيه عواصفُ المقدورِ
وصورة رابعة :
فسرت فيه رعشة من جنون
الكبر واهتز هزّة المقرورِ
ومضى ساحباً على الأفق الأغبر
أنقاض هيكلٍ منخورِ ..
حيث تعكس يقظة النسر أو عزة الأمة بعد لأيٍ ولأواء ، وبعد انطراحٍ وانكسارٍ مرير ، لكنها يقظة انتهت - كما يقول الشاعر - إلى :
وهوى جثةٌ على الذروة الشماء
في حضن وكره المهجورِ !
.................................................. ....................يتبع
([1]) الظاهرة الجمالية في القرآن الكريم ، لنذير حمدان ، ص24 .
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة
وفضلاً عما تصوره وتجسّده الأفعال بأزمنتها الثلاث ، إلا أن هناك ألفاظاً تدلّ على الصوت ، فتلعب دوراً هاماً في الكلمة الشعرية ؛ لأنّها فضلاً عما تمنحه القصيدة من تجسيد صوري ، ورنين إيقاعي ، فإنها تعكس عمق تجربة الشاعر الانفعالي بتكثيف شعوري ودلالي معاً ، وكأنّ هذه اللفظة قد انتقلت من مدلولها المادي إلى درجة عالية من الانفعالية ؛ إذ هي تستند على طاقة هائلة من الإيحاءات([1])، مثل قوله : فحيح ، صيحة ، اغضبي ، عواصف ، نفور ، سحيق ، زعقة ، جلجلت ، رعشة ...
وكأنّ هذه الألفاظ هي محاور الانفعال في القصيدة . وكما هو ظاهر ، فالقصيدة بنيت على لفظٍ محوري (نسر) ، لكنه لا يستدعي نظيره من الألفاظ ، بل ما يتصل به من المعاني والصور والأخيلة([2]).
وهذه الألفاظ تخدم تلك المعاني والصور والأخيلة ، وهي تصدح وتعطي بُعداً وغوراً أوسع إلى أعماق النفس ، فتستيقظ على صيحة الشاعر - الفذ - الصادقة .
وهي ألفاظ تشعّ منها قوى تومئ إلى النفس بالمعنى ومياً ، فتشعر به شعوراً عميقاً ، وتحسّ بجوّ الفكرة إحساساً عميقاً([3]).
ومن الصور الإيحائية :
كم أكبّت عليه وهي تُندّي
أيها النسر هل أعود كما عدت
فوقه قبلةَ الضحى المخمورِ
أم السفح قد أمات شعوري ؟!.
ففي كلّ من (كم الخبرية) والنداء بـ(أي) إيحاءٌ معيّن ، فالأولى تصف حجم تحسّر الشاعر وتألّمه ، والثانية توحي بانطفاء ألَمّ بالشاعر ، وهو يأمل في عودة النسر التي تمثل عودة الحياة بالنسبة له .
ومن الصور الحية المعبرة ذات الدلالة والمغزى غير تلك الصور التي رسمتها الألفاظ : صورٌ رسمها المجاز ، وإن كان الشاعر لا يرمي إليه ، لكننا نلمح له هنا خطوطاً من الاستعارات وألوانها وظلالها ، صوّر بها هذا الرمز تصويراً مثيراً أثر به في عواطفنا ومشاعرنا([4]).
فمن هذه الصور :
إن للجرح صيحة فابعثيها
.في سماع الدنى فحيح سعير
وهي صورة حية قويّة الإيحاء ، استطاع الشاعر أن يسكبها بانتقاء لفظتين ؛
هما : (صيحة) و (فحيح) ؛ إذ شخّص الجرح ، وأسمعنا صوت السعير المخيف كالفحيح .
فاغضبي يا ذرى الجبال وثوري
لملمي يا ذرى الجبال بقايا النسر
واطرحي الكبرياء شلواً مدمّى
فهذه صور ثلاث متتابعة شخّص الشاعرُ بها الجبالَ وكأنها كائن حيّ يعي ويسمع ويعقل ، فيخاطبها خطاب مَن يعقل أن تغضب ، وأن تثور .. بل إلى أن تتحرك ، فتلملم بقايا النسر ، وتطرح الكبرياء ، وفي داخل هذا التشخيص تشبيه بليغ للكبرياء ، كأنه جسدٌ تقذف به الجبال من علوّها ممزّقاً مدمّى .
ولقد أسهم التشخيص هنا في كشف ثورة الشاعر وغضبته :
تحت أقدام دهرك السكير !!
.وارمي بها صدور العصور
إنه لم يعد يكحّل جفن النجم
لقد استعار القدم للدهر ، والصدر للعصر ، والجفن للنجم ..
وهذه ثلاث استعارات ، كلٌّ منها ذات إيحاءٍ ودلالة معينة ..
.................................................. ..........................يُتبع
([1]) لغة الشعر العربي الحديث ، ص138 .
([2]) الاتجاه الوجداني ، ص359 .
([3]) الظاهرة الجمالية ، ص37 .
([4]) دراسات في الشعر العربي المعاصر ، ص234 .
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة
فالأولى تومئ بقسوة الزمن الذي هو زمن تلك الجبال الشمّ ، وهي تطرح الكبرياء ، غير مبالية به أو واعية له .
والثانية تومئ بامتداد الزمن وهيبة التاريخ ، وهي في نفس الوقت تومئ بعدم مبالاة الشاعر بالزمن مهما عصف ، بل هي تعكس غضبته عليه ؛ إذ يمتدّ بينما أمته ما تزال تئن وتتوجّع .
والثالثة تومئ بما كان عليه النسر من الشموخ والكبرياء والسيطرة ؛ إذ ما أن يفرد جناحيه متباهياً إلا ويغطي النجوم بسواد ريشه المنثور .. لكنه لم يعد كذلك .
كم أكبّت عليه وهي تُندّي
فوقه قبلةَ الضحى المخمورِ
فسل الوهنُ مخلبيه وأدمت
منكبيه عواصفُ المقدورِ
وهذه ثلاث صور شعرية حيّة نابضة تشخِّص مواكب السحب والضحى وعواصف المقدور ..
فالأولى تومئ بمعانقة السحب لذلك النسر ، فلكم حلّق عالياً هناك قبل أن يصبح السفح ملعبه .
والثانية تومئ بالحاضر المضطرب الذي يعيشه .
والثالثة تومئ إلى الظروف التي هدّت قواه وأوهنت عزائمه ، وأصابته في مقتل سلبته أسباب الحرية والتحليق ، ومما هو تجسيد للمعاني وتشخيص للصور ، وإتقان للصنعة غير المجاز التشبيه ؛ إذ هو نقل للشعور بالأشكال والألوان من نفسٍ إلى نفس ، وبقوة الشعر وتيقظه وعمقه واتّساع مداه ونفاذه إلى صميم الأشياء ، يمتاز الشاعر على سواه([1]).
ولا شكّ أن الشاعر قد ملك القدرة على التصوير بجميع مفردات الصورة الشعرية ؛ من لفظة ، وخيالٍ ممثل في المجاز والتشبيه ، واستطاع أن يوظفها في إطار الصورة الكبرى التي هي رمز لمعنى كبير في نفسه .
أصبح السفحُ ملعباً للنسور
فاغضبي يا ذرى الجبال وثوري
فرغم أن الصورة عادية تبدو مألوفة ، لكن الخيال فيه يمتدّ ويتحرك ، وهو خيال موحي يبعث في النفس الإحساس الشاخص بتلك النسور الكثيرة التي تتخذ من السفح ملعباً لها ، وتتحرك فيه هنا وهناك ..
هجر الوكر ذاهلاً وعلى عينيه
شيءٌ من الوداع الأخير
لقد استطاع الشاعر هنا أن يشكل الصورة تشكيلاً فنياً مؤثراً معتمداً على التخيّل الذي كشف الحالة النفسية للنسر ، وكيف أنه قد هجر وكره مرغماً ، عليلاً ، ذاهلاً لا يعي ..
ومما أعطى الصورة حياةً : هذه الواو الحالية ، فكأنّ عينيه تحملان الأسى والانكسار ، وكأن الوداع قد أبقى فيها شيئاً من سماته الحزينة .
فسرت فيه رعشة من جنون
الكبر واهتز هزّة المقرورِ
صورة نستحضر بها النسر وهو يرتعش لما سرى فيه جنون الكبرياء ، واهتزّ منتفضاً رافضاً أن يموت على السفح وفجاف البغاث ، تدفعه بمخلب غضّ وجناح قصير اهتزازاً مؤثراً ، كصورة مَن يهتزّ من البرد الشديد وينتفض .
ولا شكّ أنّ هذه الرعشة وهذا الاهتزاز لم يكن مؤثراً هذا التأثير الذي نشعر به إلا بملكة من الشاعر استطاع بها أن يوظف اللفظة والتمثيل لتكتمل هذه الصورة الشعرية الموحية . وهي بعض من الصور الشعرية التي تَمّ اختيارها من هذه القصيدة الحافلة بها ..
وإذا ما كان الرمز عنصراً أصيلاً في بنائها الفني ، فلم يكن ليسهم وحده في تشكيل الصورة الشعرية الرائعة لهذه القصيدة دون أن ينسجم مع بقية العناصر المصوِّرة ؛ من لفظةٍ ، ومجاز ، وتشبيه ؛ إذ تظلّ هذه الأخيرة من خصائص أيّ صورة شعرية .
لكن مع هذا ، فمن المسلّم به أن القصيدة تحمل قيماً إيحائية ورمزية ترتبط بالانفعال الشعري ، وقد تحولت في ظلّ هذه التجربة - التي عاشها الشاعر - إلى صور نفسية تموج بالألوان والأضواء والأصوات والرموز المتداخلة([2]).
ويكفي القول : إن عنوانها هو رمز لهذا الرمز الأثير عند الشاعر ، الذي يجسِّم معاني القوّة والعزة .
والعنوان - كما يقال - هو المفتاح الأهمّ بين مفاتيح الخطاب الشعري ، وهو المحور الذي يحدد هوية النصّ ، وتدور حوله الدلالات ، وتتعالق به([3]).
([1]) لغة الشعر العربي الحديث ، ص106 .
([2]) المرجع السابق ، ص155 .
([3]) قراءات في الشعر العربي الحديث والمعاصر ، خليل الموسى ، ص28 .
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة
الخاتمة
وبعد ..
لقد كشف سياق هذه الصورة الشعرية الرمزية لقصيدة (النسر) عن عدّة نتائج :
- أن هذا الشاعر شديد الإحساس بما في الحياة والمجتمع والطبيعة والنفس من مفارقات .
- أن صياغته جامعة إلى القوة والوحدة والحركة والخيال والموسيقى : وضوح التجربة ، وكان موفقاً في اختيار عنوان القصيدة .
- أن شخصية الشاعر تؤثر في الأسلوب ، فحيوية الشاعر - وهي من الجواهر الشخصية عند عمر أبي ريشة - ولّدت أسلوباً شعرياً قوياً مليئاً بالحركة والحياة([1]).
- أن توزع الشاعر بين الأدب الرومانتي والواقعي قد مهد لمرحلة الانتقال إلى دنيا الواقع والحياة ، وقد غنم الأدب منه هذه التجربة الواقعية ، فإذا هو يبذر الثورة على الاستعمار ويتغنى بالآمال الوطنية في صورة شعرية رائعة ومؤثرة ، وكشف السياق أيضاً عن دلالة بينة على قوة ملكة التصوير عند هذا الشاعر ، فهو لا يستطيع أن ينظم دون أن يحشد الأطياف والأشباح في شعره ، وهو يعرضها بمناظرها ومفاجآتها . والشعر عنده ليس فراغاً يُملأ بألفاظ ؛ وإنما هو مشاعر وأحاسيس وحياة لجبة صاخبة فيها قوة مثيرة ، وكأنه مجداف أهدته الطبيعة إلى سوريا ليحرك سفينتها ، ويقودها في محنتها([2]).
([1]) الشعر المعاصر على ضوء النقد الحديث ، مصطفى السحرتي ، ص223 .
([2]) دراسات في الشعر العربي المعاصر ، ص238 .
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم
رد: أبعاد الصورة الشعرية في قصيدة " النسر " لعمر أبي ريشة
المراجع
" الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر " ، د. عبد القادر القط ، دار النهضة العربية ، بيروت ، ط2 ، 1401هـ - 1981م .
الاغتراب في الشعر العراقي ، د. محمد راضي جعفر ، منشورات اتحاد الكُتّاب العرب ، دمشق ، 1999م .
دراسات في الشعر العربي المعاصر ، د. شوقي ضيف ، دار المعارف ، مصر ، ط7 ، د.ت .
ديوان عمر أبي ريشة ، دار العودة ، بيروت ، المجلد الأول ، 1998م .
الشعر المعاصر على ضوء النقد الحديث ، مصطفى السحرتي ، مطبوعات تهامة ، جدة ، ط2 ، 1404هـ - 1984م .
الظاهرة الجمالية في القرآن الكريم ، نذير حمدان ، دار المنارة ، جدة ، ط1 ، 1412هـ - 1991م .
قراءات في الشعر العربي الحديث والمعاصر ، د. خليل الموسى ، منشورات اتّحاد الكتّاب العرب ، دمشق ، 2000م .
القاموس المحيط ، للفيروزآبادي ، تحقيق : مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط2 ، 1407هـ - 1987م .
لغة الشعر العربي الحديث ، د. السعيد الورقي ، دار المعرفة الجامعية ، د.ت .
................. انتهى البحث , وأرجو من الأخوة القراء - إن أمكن - إبلاغي بأي خطأ طباعي أو نحوي إن وجد برسالة خاصة أو على بريدي الخاص , مع كل الشكر وخالص التقدير
والحمد لله رب العالمين أولاً و أخيراً وقبل كل شيء حتى يرضى ربنا وبعد الرضا وفوق رضاه عزّوجل .
التوقيع
ما أطيب الدّنيا إذا رفرفتَ ياشعرُ
تسري بكَ الأشياءُ من عيدٍ إلى عيدِ
الموتُ فيكَ فضيلةٌ تحيا إلى الأبدِ
والعشقُ فيكَ روايةٌ مبرودةُ الجيدِ !
/
عطاف سالم