نصف مجتمع
قابِضةً على نِصف الكون.. أغمضت عينيها مُسترسلة.. أقساط مدارس.. مُستلزمات للمنزل.. تأمين صحي .. البلد تغلي..
قابِضاً على ماتبقى من الكون.. توسدت ذراعهُ، قصيدةً في عقدها الثالث..
نصف مجتمع
قابِضةً على نِصف الكون.. أغمضت عينيها مُسترسلة.. أقساط مدارس.. مُستلزمات للمنزل.. تأمين صحي .. البلد تغلي..
قابِضاً على ماتبقى من الكون.. توسدت ذراعهُ، قصيدةً في عقدها الثالث..
فغلا ،لا أحد بستطيع أن يقبض على الكون ،الكون غير محدود ولا يدركه العقل ، فالكون الذي يتحدث عنه النص هو كون صغير صنع على قد هذه البطلة التي لا تستطيع أن تتنفس من ثقل مسؤوليات قد تساهم في بناء الحياة . ولكل واحد له كونه الخاص ومدارته الخاصة به يطوف فيها بحدود معروفة. رغم أن أكوان الأشخاص قد تتشابه وتتداخل ،كل واحد يتصرف في صناعة كونه /حياته بقدراته الخاصة وإمكانياته المادية والمعنوية ..
تكلم النص عن الحياة الداخلية للبطلة وما تعانيه في ظل واجبات التي تحولت إلى هموم مقلقة تنفر النوم وتستدعي مخاطبة النفس ومساءلتها ،فضمنيا تقول :ما هذه بحياة ..؟ لم تغفل الساردة بربط حياة البطلة الرتيبة بالحياة الخارجية بجملة سردية مختصرة / البلد تغلي.. / جملة دالة على عدم وجود استقرار اجتماعي يضمن سيرورة الحياة في أمان ،فالخوف والرعب والتشريد ... وغيرها عوامل مرتقبة في كل وقت وحين .
قابِضاً على ما تبقى من الكون../ ما نفهمه من هذه المتوالية السردية أن ما تبقى من الكون قد بدأ يتضاءل وينهار ،مما ينذر بعجز تام في مواجهة هذا النوع من الحياة .. فماذا كانت النتيجة؟ توسدت ذراعه / حركة تدل على الاستسلام وترك الأمور تصنع نفسها على مقاس قدرات هذه الأسرة المنهكة ماديا ومعنويا واجتماعيا. فلم يبق إلا التغني بحياة شبيهة بقصيدة شعرية تؤرخ للوقائع والأحداث ،ولم لا ؟ فكم من آلام كانت مصدرا للإلهام والإبداع .
صورة اجتماعية منتزعة من الواقع الاجتماعي ،خاصة المجتمع العصري الذي جر ويلات كثيرة على البشر ،فبقدر ما هو جميل بقدر ما جاء بمتاعبه وشروره .. فالحضارة والحداثة لهما ضريبة كبيرة على نفسية الإنسان ،فمن الصعب أن يعيش الإنسان في مجتمع متكامل الجوانب والاحتياجات ،فهو يبقى دائما نصف مجتمع وأقل من كون رحب يتسع للقلوب والذوات.
نص جميل وضع يده على أزمات اجتماعية داخلية وخارجة يعيشها كل إنسان بعيدا عن الآخر رغم أن هناك قواسم مشتركة بين أفراد المجتمع في المجتمع الواحد والمجتمع المختلف ..هكذا قرأت هذا النص العميق على المستوى الدلالي واللغوي ..
جميل ما كتبت وأبدعت المبدعة المتألقة عروبة ..
مودتي وتقديري