آخر 10 مشاركات
دستور القبيلة (الكاتـب : - )           »          الشاعر كيان مستقل بذاته (الكاتـب : - )           »          تأمّل في مبنى مجزرة البلدية (الكاتـب : - )           »          ظننت نفسي عاقلا (الكاتـب : - )           »          صداقة .. (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          علي أي جنب تنام نواياك ! (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          شعاع هارب (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          ***_ أطــالَ الحزن _*** (الكاتـب : - )           »          مَنْ قالَ لكِ ؟ مَنْ قالَ لكْ ؟؟ (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          أمومة مطحونة ! (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع التألق > مسابقات منتديات نبع العواطف الأدبية > مسابقات السرد

الملاحظات

الإهداءات
مصطفى معروفي من النبع : الله يكرميك أخي وصديقي العزيز عوض بديوي ،وأنا ممتن لك بهذا الترحيب الجميل بي****لا هنت مولانا**** عوض بديوي من الوطن العربي الكبير : رحبوا معي بشاعرنا و مبدعنا أ**** مصطفى معروفي بعد غياب طال؛ فحيهلا و غلا************ نورتم الأماكن عواطف عبداللطيف من صباح الجمعة : آل النبع الكرام جمعة مباركة وصباحكم إيمان ورحمة

موضوع مغلق
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 09-21-2011, 10:19 AM   رقم المشاركة : 1
المدير العام





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :نبع العواطف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي القصص المشاركة في مسابقة عبدالرسول معله للقصة القصيرة

القصة رقم (1)

سيأتى فى العيد


ياسمين طفلة جميلة هادئة، فى عينيها سؤال حائر.عندما ترى أترابها من صغار الحى يقفزون فرحا بقدوم العيد، يتباهون بملابسهم الزاهيه وأحذيتهم التى تعكس كل الوان الطيف ،النقود التى ينفقونها على الالعاب والمراجيح وشراء البالونات ،ضحكاتهم البريئه التى تختلط مع صريرالمراجيح القديمة قدم الساحة المسمى بسوق العيد. ياسمين تنظر حولها متوارية خلف أختها ختام لأنها ليس لديها فستان العيد. كان ترتدى فستان أختها عندما كبرت آل اليها. يتارجح جسدها النحيل داخل الفستان الواسع.أما الحذاء الكبيرتعالجه بإدخال قطعة قماش حتى تستطيع به السير دون ان يفلت من قدمها الصغير . عندما خرجت صباح العيد وجدت الاطفال بصحبة آبائهم فرحين ،وعندما مروا بها سخروا من هيئتها المزرية وضحكوا ورفضوا أنت تذهب معهم بفستانها القديم سوق العيد..
وجدت نفسها وحيدة هرولت الى داخل المنزل وتكورت فى فراشها داخل الحجرة الطينية، التى تفتقر الى النوافذ فقط تلك الفتحات مغطى ببقايا قماش قديم فى الأعلى يدخل منها ضوء النهار. والجدران الطينبه ثبت عليها المسامير تدلى منهاأسمالهم التى فقدت لونها وغزلها وأصبحت باهتة ،ولكنها ساترة لاجسادهن النحيلة. هرعت الأم الطيبه لمواساة صغيرتها . ووعدتها بالذهاب معها لسوق العيد وهى تعلم أنها لاتملك نقود تنفقهاعليهاهناك. صرخت ياسمين لماذا ياتى العيد...... أنا لا أحب العيد. نظرت الام بحسرة الى إبنتها وسرحت بعيدا واضعة يدها النحيلةعلى خدها الذى خط الزمن عليه الأخاديد مبكرا،فاصبحت مجرى لسيل الدموع .عندما تتذكر والد بناتها الأربعه الذى هجرها وتركها فى مهب الريح فى غرفةآايله الى السقوط عقابا لها. لأنها لم تستطع أن تنجب له ولدا يحمل اسمه ويسير خلف نعشه متقدما الجمع ليرفع رأسه وهو فى تابوته. بارك له الجميع زواجه الثانى. ولم يحاسبه أحد على هجرانه لام البنات التى أعياه الصبر والحرمان ،الفقر وغياب الزوج الطويل ونسيانه لبناته.كان العيد يشكل لها كابوسا مريعا وعبئا ثقيلا لضيق ذات اليد والسؤال الحائر المكرور عبر الأعياد .هل سياتى أبى فى العيد؟
فى ذلك الزمان كن النساء لايبحن بمعاناتهن .لايشتكين ويتظاهرن بالرضا التام عن حياتهن التعيسة ويمثلن الجهالة السعيدة يرضين بالقليل ويوقدن الشموع لازواجهن .
كانت أم البنات تخبرهن دائما أن والدهن يحبهن وسياتى فى العيد محملا بالهدايا والملابس ،وينتظرن بترقب وشوق وياتى عيد وياتى عيد....وياتى اخر وهو لايأتى. حتى يئسن،ولكن ياسمين الصغيرة كانت تنتظر على أمل أن ياخذها كبقية الاطفال لسوق العيد...ولكن فى هذا العيد نفد صبرها واصبح الاطفال يسخرون منها عندما تقول أنه سياتى فى العيد. تذ كرت جدها القابع فى حجرته لايدرى مايدور حوله فقد كان بمثابة الأب لحفيداته، عندما مرت السنون كبر وفقد جزء من حضوره .سمعت صوته ينادى طلبا للماء هرعت نحوه والسؤال الملح يطاردها ياجدى متى يعود أبى؟ نظر اليها كأنها لايعرفهاوقال متسائلا: بنت من أنت؟أنا إبنة إبنك عطا المنان. تمتم الجد وفتح عينيه على إتساعهما حتى كادتا أن تخرجا من جفنيه المنتفخين عند سماع الاسم . شخص ببصره سارحا ثم نظر اليها قائلا :هل هو على قيد الحياة؟ قاومت ياسمين الشعور البغيض الذى إنتابها حتى جدها لايستطيع مشاركتها أحزانها هرولت مسرعة من جحرته النتنه التى تبعث منهاالروائح العرق والبول وبقايا الطعام . لا يعرف العيد طريقه اليها .
كانت زهره الغجرية بائعة العطور والأوانى المنزلية والحلويات، تتنقل داخل الحى حاملة سلتها فوق راسها محملة ببضاعتها ،يستقر بها المقام عند أم البنات التى اتخذ تها صديقة. تعترف لها بمعاناتها وتهمس لها بمتاعبها وحرمانها وتعلم إن زهره الغجريه غريبة عن البلد لذلك صارت مستودع أسرارها ، لاتتحفظ فى الفضفضة تبوح لها بمكنونات قلبها، وحبها لزوجها الذى رفض أن يخبو مع الأيام. وظل عنيدا يراودها ويقض مضجعها البارد . كانت لزهره قلب من ذهب تستمع لإعترافاتها العاطفية ، تشفق عليها وتواسيها وتغرضها التقود وتعطيها من سلتها ماتيسر للبنات.
ظلت ياسمين فاقدة الأمان وعرضة دائمة لعبث الاطفال ومكايدتهم لها كلما خرجت لللعب تحت شجرة النيم الوارفة الظلال أمام المنزل التى تخرج من تحت ظلها كميات من الاطفال الذين كبروا يحملون زكرياتها .عندما أطلت ياسمين واقتربت من الظل هجمت عليها نوال وهالت عليها كميات من التراب فوق راسها وضحك الأطفال وصاح أحدهم: اخبرى والدك........
صرخت ياسمين وإرتمت فى حضن أمها التى لاتستطيع الدفاع عنها. ام نوال سليطة اللسان ستسمع منها مالا تود سماعه كتمت غضبها وغرست أصابعها داخل شعر ياسمين الاسود الناعم المسترسل الى منتصف ظهرها تزيل منه التراب ووهى تتمتم غاضبة لاتستطيع أن تجاهر به.
تراكمت الأحاسيس السالبة على نفس الصغيرة ياسمين، يئست من عودة الغائب ورفضت الذهاب الى المدرسه و اللعب تحت ظلال النيم. وحبست نفسها داخل تلك الحجرة المظلمة ذات الباب المتكىء منذ خروج الأب. يرسل طقطقات إحتجاج وصرير ا عاليا عند إغلاقه خوفا من زمهرير الشتاء الذى لايرحم . كبرت ياسمين وكبرت غصتها، واصبحت صامته ساهمة لايستطيع أحد الدخول الى عالمها الخاص وقد نسيها الجميع بعد أن يئست امها من علاجها بالقران فى خلوة الشيخ الصالح .تركتها تمضى مع الأيام .عندما يسمع صوتها أحيانا ثحدث أبيها. وتحملق فى الفراغ وتسأله لماذا لم تاتى فى العيد وتنخرط فى بكاء طويل.
سكنت هرة منزلية مع ياسمين فى الحجرة وكانت تتسلى بمراقبتها . أتى االهرة المخاض فانجبت أربعة هررة صغار داخل الصندوق التى تحتفظ فيه أم البنات باشيائها العزيزة رسائل زوجها القديمة عندما كان الحب موصولا ، تذهب بها متباهية لود بت الجابر المدرس ليقراءها وهى خجلة من سيل عبارات الحب التى كان يخطها لها قبل أن يقذف رحمها هذا العدد من الإناث.ولكن الآن لاتستطيع الا أن تخرجها سرا وتتحسس الكلمات بيدها عندما يعصف بها الشوق مختبئة حتى لايراها أحد متلبسة بحالة حب. يحتوى الصندوق أيضا على الحلى القديمه مثل العاج والسوميت وخرز وسكسك وعطور و طافور به بقايا دهن ، وبخور كانت تستخدمها فى تلك الليالى البعيدة حيث الحب محتفلا بوجوده .جاءت القطه ووضعت صغارها وخرجت تبحث عن قوتها بعيدا .
مدت ياسمين يدها متحسسه صغار القطة أخذت واحدا وأحكمت قبضتها حول عنقه فمات الهر الصغير أزاحت ستائر القماش القديم من النافذة والقت به فى الخارج. هكذا اصبحت تمارس هذة الجريمة حتى قضت على كل الهررة الصغار..
ذات يوم بعد أن نسى الجميع أمر ياسمين. خرجت من الحجرة مقوسة ظهرها تمشى ببطء وتنظر بعيدا فى عوالمها. دهشت الأم لخروجها وتوجست، فنادت على ابنتها الكبرى عائشه التى كانت فى غاية الجمال أهدتها الطبيعة من الجاذبية ساهمت فى توازنها. فاحبها الجميع كانت مساندة لامها ومتفهمه لغياب أبيها الذى أصبح لديه ثلاث من الابناء الذكور فقد حقق حلمه وإغتال أحلام البنات......
جاءت عائشه وشاهدت ياسمين تنظر بتمعن الى الدجاجة التى تتمخطر وخلفها رتل من صغارها يلهون .هجمت ياسمين على الفراخ وأخدت واحدة ولم تستطيع عائشه بكل قوتها أن تنزعها منها الإبعد أن عصرتها بيدها ورمتها هامدة .هجمت مرة أخرى وأخرى....... وعلا الضجيج والصياح ،خرج الوضع عن السيطرة. تقفز الدجاجة مدافعة عن صغارها .تصرخ الأم خوفا على ياسمين التى إنهارت كلية وصارت تصرخ بأعلى صوتها .جاء الجيران والمارة وكل من نسى وجودها تعاونوا على تهدئتها أدخلوها الحجرة المظلمة.
أشعلت ياسمين فانوس الجاز الذى ظل مطفئا منذ زمن بعد أن نفذ الكيروسين ولم يهتم أحد بإنارته تركوها فى ظلامها المزدوج . فوقع بصرها على قارورة دواء قديم، تناولتها ونظرت لمحتوياتها.... أقراص إبتلعت واحدو وتبعتها باثنين وثلاثة....و... حتى نفدت القارورة قذفتها بعيدا فاصطدمت بفانوس الجاز، تكسر زجاجه وتارجحت الشعلة ورسمت على الجدران الباهته ظلال تتحرك كالاشباح تلوح بيدها مودعة وظلت تتابع الظلال.متوسدة يدها النحيلة........عندما نادى الآذان فجرا للصلاة. كانت ياسمين قد حلقت روحها فى عوالم تكون فيها الروح منفردة لاتسأل فيها عن والد ولاولد . رقد جسدها المتعب بسلام. جاء والدها فى يوم رحيلها ولم ياتى فى العيد ابداً.........






 
قديم 09-24-2011, 05:24 AM   رقم المشاركة : 2
المدير العام





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :نبع العواطف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: القصص المشاركة في مسابقة عبدالرسول معله للقصة القصيرة

القصة رقم (2)

أتعرَّى بك


وصلتني بطاقة دعوة فاخرة مُطرّزة في مظروف ملوّن برّاق ، المظروف قبل الدعوة يُغريك بالحضور لأنّك تستشعر جمال الحفل وبهاءه ، حضرتُ كبقية المدعوينَ انتقائياً ، كان حفل توقيع مجموعتها الشعرية البكر رغم أنها كانت ثيِّباً وهي لم تتزوج بعدُ .
أقيم الحفل على قاعة أحد فنادق الدرجة ما فوق الأولى في العاصمة ، وفدَ المحتفون من كلّ أصقاع الدولة ، وجاراتها الجُنُب ، ومن شبه الجزيرة الإسكندنافية ، حضر معي أحد أصدقائي من الغاوين الذين يتبعون الشعراء ، لكنه مُنعَ من الدخول لأنّه لا يملك بطاقة دعوة .. كانت قاعة الفندق مرتّبة على هيئة موائد مستطيلة تتحلّقُ حول الواحدة منها ستة كَراسٍ فقط ، الموائدُ والكراسي والمكان بأكمله يغمرك بالفخر بمجرّد أن تجلس ، النُدُل كانوا يجوبون القاعة ما إن ترفع رأسك حتى تجد نادلاً ينحني قربك بهدوءِ وبلغة لطيفة قائلاً : هل تطلبُ شيئاً سيدي ؟ .
قلت في نفسي : حتى وزارة الثقافة والإتحاد العام للأدباء لا يستطيعان تنسيق هكذا حفل أنه يشمخ على الجواهريّ ويعربدُ على المربد .
وزعت على الجميع نسخ من المجموعة البكر للشاعرة الثيّب ، كان غلافها أسودَ تتوسطه صورة لامرأة عارية يسترُ شعرها الطويل المنسدل عورَتيها ، عنوانها : (أتعرَّى بك) .
كانت طريقة العرض للمنجز الأدبي حداثوية بعض الشيء ، وتمّ الإتفاق عليها مسبقاً ، وربما تـَمَرَّنا عليها (الشاعرة الجميلة وناقدها المأجور طبعاً) حتى وقت متأخر من الليل حتى تمرَّسا ومارَسا، الشاعرة تقرأ مقاطع من قصائد معينة بصوتها الطافح بالأنوثة ، والناقد يستكشف تفاصيل الإبداع المكنونة وراء الثياب ، أقصد ثياب الألفاظ ، قرأت مقطعاً يقول :
في خلوتي
أستعرضُ ملامحَ جسدي
أمامَ مرآتيَ العَزِبة
سطح المرآة يشتعلْ
علق الناقد : أن الكتابة عن الجسد مثل أن تمرّرَ يدك فوق الجسد .
قرأت مقطعاً :
أتعرّى بك
أنغمسُ في عاري
أفضحُ طهري المتهرِّئ
أتلصَّصُ على أخبيتي السرية المظلمة
علق الناقد : الأدب الآيروسي دعوة للتطهير وليس للتعهير ، ومن يُحلّلُ هذا النص المدهش ضمن النظرية النسوية لا النظرية الشاذة ، يعرف أن النص تجاوز الحرام الجنسي إلى فضاءات التحرّر والإنعتاق .
لا أعرف هل أنا الوحيد الذي لم يشعر بالاندهاش والإستغراب وإنما بالإنتصاب ، أم أنّ الآخرين مثلي .
قرأت مقطعها الحاسم (سأبدأ من نصفه متحاشياً أوَّله) :
.......................
هكذا أفضلُ لصحتي
وضعُ القولون طبيعيٌّ
معدتي مرتاحة
مزّقني كما شئت
كن طفلي
إملأني بالأطفال
كي ألدَكَ من جديدْ
علق الناقد : الفنّ عند المرأة والرجل مشابه للعملية الجنسية عندهما ، يتخذ شكلاً دائرياً عند المرأة ثم يتعرّج ليصبح لولبياً ، في حين أنّ الرجل لا يُغادر شكله الهرميّ .
الشاعرة هنا إلهة صغيرة (الكلام ما يزال للناقد) من آلهة التابو ، إنها ماردة متمرّدة ، فالمتمرّد من يكتب عن الجسد كمراهق .
لا أعرف ما الذي دعاني لاستذكار اللولب الذي تستخدمه النساء ، وتذكّر مراهقتي و........ أعاد أفكاري الشاردة تعليقٌ لشاعرٍ غارقٍ في العَرَق حتى أُذنيه ، قام مترنّحاً ، كاد أن يسقط ، صفق بيديه كمشلول ، أشار نحو الشاعرة بسبَّابته المرتعشة قائلاً : أنت مبدعة حقاً .. وضعك هذا لم أُشاهده حتى في أفلام البورنو .






 
قديم 09-24-2011, 01:21 PM   رقم المشاركة : 3
المدير العام





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :نبع العواطف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: القصص المشاركة في مسابقة عبدالرسول معله للقصة القصيرة

القصة رقم (3)

حب في زمن العولمة



تك تك تك
فزعت الاميرة قطر الندى حين سمعت ثلاث طرقات خفيفة على زجاج نافذتها
-انها ليست الساعة التي اتفقنا ان نلتقي فيها
فعادت الى النوم
تك تك تك
استيقظت هذه المرة وفتحت النافذة اذ بها ترى عندليبآ مبللآ وهو يرتجف من البرد
-آه ياعندليبي المسكين انك ترتجف من البرد ادخل قبل ان تمرض وتصاب بانفلاونزة الطيور فطالما كنت تغرد وتنشد ليلآ قرب نافذتي لقد كنت احس بانك تغرد لي وحدي وكان صوتك عبارة عن رسائل حب وهي تدخل بريدي الالكتروني دون استئذان وانا استمع اليك حين اسهر وحدي بانتظار مكالمة هاتفية او رسالة الكترونية لعلي اعثر على فارس الاحلام الذي سوف اكمل باقي العمر معه فكان صوتك يعطيني الامل بالحياة...
-وأخيرآ عثرت على فارس احلامي...
-آه ليتك تفهم ما اقول ايها الطائر الجميل

-أجل سيدتي اني أستمع اليك وافهم ما تقولين لكنكم انتم البشرمن لاتسمعون سوى اصواتكم ولاتفهمون ما يقوله غيركم وتضنون باننا كائنات بلا عقول ولا احاسيس وانتم فقط من يعرف الحب
ولكن ماذا افعل ياعندليبي الجميل فانا امراءة غير محظوظة في هذه الدنيا حتى من احبه حين اخبره عنك وعن صوتك الجميل كان يسخر مني
-فهو شخص عملي كما يدعي لايحب الامور الخيالية والعاطفية فهو عملي حتى في الحب وهذا هو الفرق بيني وبينه فانا امراءة
عاطفية حالمة احب الحياة والموسيقى والشعر لكن الحظ لم يبتسم لي يومآ
وقد احببت الحياة رغم كل قساوتها فالقت علي اثقالها وكل مصائبها حتى تطلقت من زوجي الاول بعد ان انجبت منه ولدآ وصدمت بالثاني ولا اعرف هل الثالث سيلحق بهم ام هو خير ما آختاره القدر رغم خبرتي بعالم الرجال الا انني احس بانني لازلت بحاجة الى من يقف بجانبي وخاصة في المواقف التي احس فيها بانني ضعيفة..
اراك هادئا ايها الطائر الجميل هل انت تصغي الي ام تستمتع بدفئ الغرفة ها ها ها

كلا يا سيدتي فانا استمتع بدفئ كلماتك وعذوبة صوتك لكني تذكرت نفسي فنحن نشترك بنفس الصفة واعني الحظ فقد هجرني منذ زمن بعيد وكم كنت اتمنى ان تكون زوجتي مثلك فهي تحب النكد والمشاكل حتى صرت اتآخر في العودة الى البيت لاقلل احتكاكي معها واعود متآخرا كي احافظ على اطفالي فعندي ثلاثة عنادل صغار لايجيدون الطيران
ولكنك كما ترى يا عندليبي الجميل بانني على درجة عالية من الجمال والانوثة المتدفقة وهذا ما يبحث عنه كل الرجال بالاضافة الى كل ذلك امتلك من الثقافة والاخلاق ما يؤهلني ان اكون مرغوبة لدى الجميع فهناك الالاف من اللذين يعرضون علي بضاعتهم الكاسدة وخاصة على هذه الاجهزة اللعينة في زمن العولمة فهذه الاجهزة تنقل الصورة والصوت ولكن لاتنقل المشاعر والاحاسيس...
فهل يوجد بينهم من اعجب بي واثرت فيه كل هذه المشاعر ليتقدم ام انهم كما في المحادثات الصوتية والبريد الالكتروني فقط لقضاء ساعات الفراغ اي كلام في كلام وهل هناك من يتحمل مسؤولية طفل ليس من صلبه

آه يا قطر الندى لقد صدق من سماك ندى فانت ندية كحبات المطرتطهرين
الارض الجرباء وندية ورطبة ورقيقة كالماء السلسبيل الذي يسيل في الاودية ويملاء الانهار والبحار فهو رمز الحياة
آه ياسيدتي لو تفهمين لغة الطيور فطالما كنت اقف خلف النافذة واراقبك وانت تكتبين له كيف انك تحبين الورود الحمراء لانها ترمز الى عنفوان العشق وكيف تهوين صوت البلابل والعنادل وكان يخالفك الرآي فهو يحب الورود البيضاء لانه لايعترف بالوان القوس قزح فالحياة بالنسبة اليه ابيض واسود وانه لايحب الموسيقى ولاصوت البلابل بل يحب الكلاب وهو يود ان يطعم كلابه لحوم الطيور مع كل تلك الاختلافات كنت تقنعين نفسك وتقولين بان الاختلاف لا يفسد للود قضية وكنت اود ان احذرك منه لاني كنت احس بانه من الرجال الذين يحبون التسلي واللعب بقلوب النساء وكنت اتآمل جمالك ورقتك وانوثتك ونضجك فكنت اسبح في خيالاتي نشوانآ وكم تمنيت ان اكون من بني البشر ولكن لا فنحن في عالم الطيور احسن من البشر بكثير
حسنآ لقد تآخرت على عائلتي واطفالي اظنهم ينتظرونني بشوق يجب ان اعود واترك اميرتي تسبح باحلامها وهي بانتظار فارسها اللذي اضنه لايستحق لقب فارس حتى وان كان فارسآ فالاميره ندى تستحق اميرآ مثلها بل ملكآ وحتى سلطانآ
ولكن لك كل الحق يا اميرتي فهذه الدنيا هي جميلة فقط للمحظوظين اما انت وانا...اجل انا ايضآ لست محظوظآ فقد تركت اهلي ووطني وهاجرت الى هذه المدينة مع الطيور المهاجرة

تك تك تك طرقت على النافذة لاعلمها باني اود الخروج فقد هداءت العاصفة
حسنآ ياعندليبي الجميل لاتنسى ان تغرد كل يوم وفي كل مكان لان صوتك يملاء الدنيا املا وحبآ وحياة
فتحت النافذة وخرجت وودعتها باعذب صوت واجمل لحن لم يسمعه احد قبلها فعادت وجلست تقلب بريدها الالكتروني الى ان تحين ساعة موعدها مع فارسها المزعوم
آه ياالله ما كان اجملها من ليلة كم كنت اتمنى ان يآتي اليوم الذي اتامل فيه جمال الحياة عن قرب واقراء كل المشاعر في عيون هذه الاميرة
آه ماهذا لقد عادت العاصفة من جديد لانزل قليلا او بالاحرى ان اقف قرب هذه النافذة فهنالك شخص خلفها لآقترب قليلا
آه ياللمصادفة الغريبة انه نفس الشخص الذي كنت اشاهد صورته على شاشة جهاز الاميرة لعله فارس احلامها انه يضع السماعة على اذنه لعله يتكلم مع شخص ما

آه ياحبيبتي لقد اشتقت اليك واتمنى ان يختزل القدر كل هذه المسافات والازمنة ونتزوج باسرع وقت ممكن
اجل انه يتكلم معها لانه وعدها بالزواج حسب ما سمعته آخر مرة عندما كنت اراقبها من خلف النافذة
اجل ياحبيبتي نادين..
يا الآهي انه مع امراءة اخرى






آخر تعديل نبع العواطف يوم 09-24-2011 في 01:29 PM.
 
قديم 09-26-2011, 01:22 PM   رقم المشاركة : 4
المدير العام





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :نبع العواطف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: القصص المشاركة في مسابقة عبدالرسول معله للقصة القصيرة

(القصة رقم 4)

من حكايات الليلة الثانية بعد الألف


سئمت ُ اشتياقي ، وحين تعبت ُ=من العشقِ واستعمرتني الجراح ُ
شممتُ الدروب ، وفوق ثراها =بهمس النبيين جاءوا وراحـوا
وكانت مبللة ً بالرحيـــل = فأمسكني دمعها والنــواح
فتبقى السماوات وقفا ً عليها=يطرزها عشقنا والجــراح
نوفل أبو رغيف


الظهور الأخير لأبي نؤاس البغدادي ( 1 )


صمت ثقيل جاثم على جنبات الرصيف ، والطريق الأسفلتي المتهدل وسط بقايا تمثال تهشمت ملامحه ، جسده يتفصد عرقا ً .. سأجف حتما ً قبل وصولي .. اعتصر واجهة عمامته ليمسح عرقا ً ضايق رؤيته وعاد ليتطلع إلى الملامح المبعثرة عند نهاية الرصيف المهروس .
- ما أبشع أن يتغير كل شئ هكذا .. !
قبل لحظات كنت متواريا ً في دثاري ، أنعم بنوم هانئ متوسدا ً ذراع جاريتي الجديدة التي أهداها اليّ نديمي الرشيد بعد غزوته الأخيرة في بلاد الفرنجة ، إلا أن كابوسا ً مرعبا ً أقض مضجعي ، وجعلني أغادر ايقاعات أنفاسها الدافئة على حين غرة .. اللعنة على الأحلام ، وما تجره على أصحابها من ويلات
رفع رأسه الى السماء مبهوتا ً ، غاضبا ً .. كانت سحابات سود تتوالد وترعى بهدوء .
- فـ ...ـآآآ ..سـ .. !
انتفض بشدة .. العقارب تتنزه في الليالي المتربة .. هكذا قالت جدته وهو صغير .. ذكريات بريئة تتواثب لتنقض على ما بقي في جسده المتعب.. كان يبكي عندما كانت تحكي له قصة لسعتها من قبل عقرب غادر .. لكنه كبر ولا يدري كيف انتقل سم الخوف من مرحلة الطفولة حتى مرحلة النضج.
انتفض لحركة لايعلم مصدرها إلا أنه أحس بدنو عقرب موت يتجه نحوه .
قبل قليل كان برفقة وزير الديوان ، وأخبره أن نديمه الرشيد سعيد بصحبته ، وأنه سيسر إليه بشئ لن ينساه طيلة حياته المقبلة ، لقد تحفز للقدوم مبكرا ً ليغرس مجساته في ناصية الوجع ويعود ليكمل تفاصيل بشارته مع صديقه المخمور.
- اللعنة على الأحلام ، وماتجره علينا من ويلات .. ألم تجد غيري كي تصطاد فرحته بسنارتها المزعجة ، وتحيل موائد الفرح المؤجل فيها الى مأدبة للعزاء
.. يالحظك العاثر ياأبا علي، لم تفترش يوما ً وسادة الفرح إلا وداهتمها دموع الكوابيس ، فما شأنك و تلك العربة المذهبة وبما تصطبغ به من ألوان قاحلة ، ترسم صورة موت مجعد مخفي بين عنق الحكاية ، وعنكبوت الزمن الجاثم فوق أوردة حلمك.
- الـ... فـ..ـآآآ..س..!
لم يستطع أن يرفع رأسه صوب السماء مرة أخرى ، وبخه شيخه في الكُتّاب على تبذيره حبر دواته وهو يحاول أن يتأمل نافذة كُتّابِهِ ِ المتهرئة ليخط من بين شعاع أجنحة حمامها الواقف عليها جملته الأولى
- ..ـلـ..ـب الـ..فآآآآآ .. س .. !
أكنت تظن وأنت تتفاجأ برؤية اسمك محفورا ً على حافة التمثال المقصوف ، أنك ستكون شخصاً مرموقا ً في المستقبل ، حتى تنتعل واقفا ً ما تبقى من حذاء الحكاية ، وتقف مكانه منتهزاً لحظة الفوضى التي عصفت بالموجودين حتى جعلتهم يتسابقون في صراع محموم لتهشيم أروقة بناياتهم الضخمة ، ونهب ما فيها من متاع وأثاث أتعبته يد من استهلكته مثلما هو واضح من آثار ماتقادم عليها من شروخ وخطوط ناعمة ، ثم ماهذا الذي كان يختبأ بين جنبات قدمه اليسرى .. هل كان صندوقا ً مذهبا ً موشوما ً بنقوش فضية .. لا أعلم .. فصرخات أحد الغرباء المتوسدين قطعهم اللاهبة فاجأتني حتى جعلتني أنفض مذعورا ً لأضيع وسط الجمع المتجمهر في وسط الطريق المحتقن
- ..جـ..ـلب .. الفآآآ .. س .. !
بعض بقايا ماتلفظ به هذا الغريب كان عصيا ً على الفهم ، حتى وأنا اتذكر بعض من مفرداتي الأعجمية التي كانت تتلفظ بها جدتي منذ صغري ، ولعل لفظة ( آي فاوند إت ) ذكرتني بأغنية فارسية الا أن لفظة( بوكس ) و (جاك ) الغريبتين ضيعت ما أردت أن أتذكره منها .. يا ترى ماذا كان يقصد ، وماذا كان يوجد في تلك العلبة المذهبة ...؟!
- إ..جـ..ـلـب الفأس ..!
وجه والده القابض على فأسه بكل قوة في حقل مولاه البصري كان يرمقه بوجع مسترسل ، مدفون بلهاث قافية موؤدة ... مات وهو يضع أنفاسه في الضربة الأخيرة
- اجلب الفأس .. !
الذبابة التي تجري في عروقه جعلته يدرك أنه سيسحق تماما ً تحت فأس القدر ، إذا هو لم يتحرك !
مخالفته لأمر والدته وهي تنهره ، وتأمره بالابتعاد عن والبة بن الحباب والجري وراء ملذاته الفانية .. شنيعة جدا ً
تحركت خطواته المعقوفة باتجاه إحدى الأشجار المعدنية ، المنتصبة على يسار الرصيف المهشم .. توقفت الحياة في داخله فجأة .. لايدري كم من الوقت مر ّ قبل أن تتدفق الدماء في عروقه كسيل هادر لتهدم سد الخوار من داخله
تراجع قليلا ً إلى الوراء .. اتكأ على بقايا الشجرة المعدنية التي لم يجد لها اسما ً ، نظر باتجاه قطعة الحجر التي أعثرته وأدمت كاحله الأيسر حتى جعلته يهدئ من خطوه مستسلما ً لعجلات صمته اللاهث .
قطب حاجبيه ... غير معقول .. وجه لأحد شخوص بني العباس
أحس بشئ يوهنه عن الوقوف ، إلا أن إرادة المفاجأة أذهلته وأمرته أن ينهض بالرغم من وطأة مايحس به من الآم ومشاعر متضاربة .. يتقدم صوب الرأس .. يتأرجح ماشيا ً ، حتى يتمكن من القبض على قطعة من فصّ عينه اليمنى ، تأملها بحذر ، ثم أخذ قطعة أخرى من عمامة الرأس ، المطعمة بنقوش طالما ألفها وتعودت عيناه أن تغازلها في كل سهرة ، حاول أن يتلمس بعضا ً مما أحاطها من تجاعيد وطيات متعجبا ً من دقة من قام بنحتها ، وكأنما صاحبها قد تم تحنيطه وتركه ليتحول مع ماتبقى من ملابسه وحليه إلى قطعة من الحجر .. دقة ماحملته من تفاصيل جعلته يغوص مع ذكريات أمسه ( القريب – البعيد ) متذكرا ً ألوانها وبريق الجوهرة المتربعة على أسفل الجبهة الموالية لغرة حاملها و......
- ماهذا ، هل هذه كلمات منقوشة على حواف الجوهرة .. أم أنها مجرد نقوش أخرى .. انها كلمات فعلا ً منقوشة بطريقة لايفهمها الا أهل ذلك الزمن .. ولكن ماذا جاء فيها : فأس ، كلكامش ، وحش .. ماهذا الكلام ..
مسح على ناصيته وأغمض عينيه قليلا ً ، ثم فتحهما بهدوء ، حاول أن يسترجع بعضا ً من أبجديات علومه التي برع فيها ، ليحاول أن يفكك جزءا ً من خيوط هذه الأحجية الغريبة ، وماهي الا لحظات حتى فغر فاه ، فالكلمات هنا –بالرغم من بعثرتها – واضحة ً جلية ، إنها تقول :- (( إذا كنت قد وجدت تمثال رأسي مهشما ً ، فأبحث عن الفأس التي غرسها كلكامش في عنق خمبابا وحش غابة الأرز ، قبل أن يُفتَح َ باب ٌ من أبواب الجحيم ويُنزل على هذه الأرض وحشا ً أعتى منه ، أو من ثور عشتار المجنح ، أو من كلب مردوخ الأعور ذي الرؤوس الثلاثة ، حارس بوابات الجحيم .. لا تتوجل ، فقد كُتِب َ كُل ذلك على ورق الغيب ، وطالعتنا إياه نجوم السماء من قبل أن ندق إسفين الحجر الأول لهذه المدينة ، وقد قمنا بتخبئتها هنا إلى أن يتمكن الشخص المسافر إلى أثواب الغيب من العثور عليه ، فإن كنت ذلك الشخص ، فلا تتردد في دك رأس هذه الشجرة التي ستنهض من أوردة البذور المخبأة تحت أقدام تمثالك ..أسرع ، قبل أن ينزل الغول الذي يظنه البشر ، أنه طعم الله الموشوم بحريته الموعودة على أيدي الأغراب القادمين من وراء البحر .. أسرع ولتحفظك كل قوافي الشعر ، وليالي السمر التي تنعم بالنوم في أعتاب ذاكرتك الصدئة ))
اندهش قليلا ً من عمق ما تفصح به هذه الكلمات الغريبة ، حتى اهتزت يده وأسقطت ما تحمله على بقايا فم التمثال القاحلة
فتح فمه قليلا ً ليتقيأ جزءاً من بخار الكلمات الصادحة بلعاب ما صادفه من متناقضات ، من لحظة نهوضه من أكتاف كابوسه وحتى سقوطه بين ثنايا فكوك خط استوائه .
حاول أن يتراجع لولا أن أصواتا ً أطلقتها حجارته الملقاة بين قدميه داهمت مسامعه .. لم يكن صوت ارتطامها بالأرض بل كان صوت آخر ، هل يعقل أن تكون معاقرته للخمر قد سلخت عنه الحكمة حتى تحول إلى إنسان لا يفرق بين صوت الارتطام والتأوه ، دس يده بين طيات عمامته عله ينزع من أذنيه بقايا ذلك الصوت ، حاول أن يهز رأسه ليطفئ طنينه من قطرات الودق المتساقط على هضبته المنبعجة .. لم يفلح
-آه يا الهي ماهذا الصوت الوافد على عذرية مسامعي .. من أين يصدر .. كفى أتركني ، أرجوك .. لم أعد أحتمل
حركاته الهيستيرية لم تمنع الصوت من مداهمة أذنيه بصفيره المدوي ، تتلاقح الأفكار في ذهنه وتتوالد هديرا ً ينتشر بسرعة عاتية ، ومحلقا ً فوق سماوات تشظياته ، تحتويه غمامة من الأفكار الهستيرية تلقيه عند بقايا الفم المثلومة شفته ، بسقوط لثامه
- ما .. ماهذا .. هل هذا هو مصدر الصوت ؟!.. يا الهي أنه يؤلم
ملازمته لمسك صيوانا اذنيه لم يمنع الصوت من اختراقه
- يا ألهي .. هل أنا أحلم مجددا ً أم أنني لا أزال ملقى خارج بوصلة حلمي الأول ؟ ، أنقذني يا الله ..


يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة=فلقد علمت بأن عفوك أعظم
أدعوك رب ِّ كما أمرت تضرعاً=فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
إن كان لا يرجوك إلا محسن=فبمن يلوذ ويستجير المجرم
مالي إليك وسيلة إلا الرجا=وجميل عفوك ثم أني مسلم


- ههههه من ماذا تستجير يا فتى ، فأنا الذي تألم من آثار إلقاء جوهرة عمامته على شفته ؟ !
- من .. من أنت ؟؟!
- أنا بقايا التمثال الجاثمة تحتك ألم تعرفني .. ؟!
- ما .. ماذا ، تمثال يتكلم ؟ .. يبدو أنني قد جننت فعلا ً ، أو أكاد أجن ههههههه .. لقد جننت ، لقد جن أبو نؤاس ، يا شماتة كل قوافي الشعر التي قلتها ، وكل كؤوس الخمر التي قبلتها ، يا فرحة شعراء الأمين بهذه اللحظة .
- توقف عن هذيانك يا فتى وأسمع لما أقول فلم يتبق لك الكثير من الوقت .
- ماذا اسمع ، وهل بقي من أذني شئ يستطيع أن يميز شيئا ً بعد الصوت الهائل الذي نفثته فيه .. ثم من أنت ، شكلك مألوف عندي إلا أنني لم أتشرف يوما ً بالتعرف عليك ؟
- الآن لاتعرفني ، أيها المولى الهجين ، لقد كنت تستمتع بمجالس السمر عند وريثي الرشيد ، وتتنعم ببذخ قصوره ، وتسألني الآن من أنا ؟
- الرشيد .. وأين أنا من هارون ، ومن قصره الذي أحيط بأسوار من أبنية وعمارة لم أألفها ، حتى ضيعت ملامح الطريق الذي كنت أحفظه عن ظهر قلب ، من أنت .. هل كنت من رواد مجالس مولاي أمير المؤمنين ؟
- أنا أبو جعفر ..عم والده و جد زوجته ( زبيدة ) ، وباني هذه المدينة العريقة ، وقد هشم المغول الجدد رأسي كما ترى ، وهم يحاولون أن ينفثوا سمومهم بما تبقى من رئتي على هذه الأرض .
- أها ..
- ما بك هذه الأرض التي تقف عليها جزء مني ، وكل ذرة من ترابها تُشكّل خلية من خلايا خارطة جسدي المتعب .
- وماذا تريد مني يامولاي ؟؟ ! .. أنا الآن ضائع وشريد ، خارج حدود زمني الذي أعرفه .. ولا أعلم ان كانت عيناي ستطالعني بشئ من مباهجه ، أم أنها ستقصيني كما أقصت رأسك الى موانئ الوجع الجريح
- أريد منك أن تتشجع ، وتسرع في انجاز الدور الذي وكلت به منذ الأزل
- دور أي دور .. عن ماذا تتحدث يا سيدي ؟
- لا تخف .. هدئ من روعك ، لقد أنتخبتك هذه الأرض لهذه المهمة من قبل أن تولد ، فأحطناك برعايتنا وكلائتنا إلى أن جاء الوقت الذي ترد فيه الجميل ، وتقوم بدورك الذي رسمته لك يد القدر
- يد القدر .. انتخاب .. مهمة عن ماذا تتحدث ، يبدو أن دوي الانفجار الذي بعثر رأسك قد طير ما تبقى من أبراج عقلك المنتهك
- تأدب يا فتى ، واستمع لما أقوله لك ، فلم يبق أمامك متسع من الوقت
- إلى ماذا أسمع إلى هذا الهراء .. آدمي يحدث حجرا ً ؟؟؟ هههههه
يهزه صوت الدوي مرة أخرى حتى يعود ليسقطه ذليلا بين ثنايا الفم المتهدل
- اسمع ... لقد وجدنا مخطوطة قديمة بين بقايا طوق كسرى ، الذي بنينا من حجارته هذه المدينة تخبرنا عن فأس مخبأة بين قصب الأهوار ، واعلمتنا عن ميزتها وعن من سيستخدمها ومتى فأخذناها وخبأناها حتى حانت اللحظة التي سيتم ايصالها الى حاملها ، فنفثنا في نفوس الحاقدين شيئا ً حتى يتجرَؤا ويحطموا هذا التمثال لنمكنه من الاستدلال عليها وتنفيذ ما رسم منه منذ الأزل
- لا تقل لي أنني هو الشخص المختار .. يالشماتة كل ماعلق في ذهني من علوم وفقه
- اسمع .. عليك أن تسرع ، فالشجرة التي سينبتها حفيد جاك من البذور المخبأة تحت قدمي تمثالك على وشك أن تنهض ... هل كنت تظن بأن هذا التمثال قد وضعناه عبثا ً هنا ، أم أنك كنت شيئا ً ذا قيمة في وقت لم يمجد شعرك إلا ماجنيك .. يا لك من شخص مضحك فعلا ً ههههه .
- ها .. لقد تعجبت فعلا ً ، حتى قلت في نفسي ، من هذا الذي يجرؤ على اذلال اسمي بوسم هذه المدينة الطاهرة بواجهة رسمي .. ولكن ، عن أي بذور ، وأية شجرة تتحدث .. لم أفهم هذا الجزء من كلامك ياسيدي .
- عن بذور الشعوبية التي وصمت بها بعد موتك ، وبذور الاباحية والزندقة .. لقد جاء العابرون من وراء الشفق ليعيدوا احياءها ويغذونها بكل ما اعتمل في جوارحهم ، من كراهية وحقد ، حتى يَسِموا أولاد هذه الأرض بأختام النخاسة على جباههم بحجة أنها (( حرية لديمقراطية موعودة ))
- (( ديمقراطية )) لا اعرف عن ماذا تتحدث ياسيدي ، هل نسيت أني من زمن آخر .!
- لا عليك ، فلايهم ان كنت تفهم جزءا ً مما أقوله أم لا ، المهم أن تبحث عن الأداة التي خبأناها تحت مفاصل عنقي كي تهشم بها ما يحاولون غرسه .. أسرع قبل أن يحصل المحذور وحينها لن نستطيع أن نفعل شيئا ً .
- أداة .. أي أداة ؟
- ما بك .. الفأس المذهبة التي قرأت عنها في الكتابة المنقوشة كطلسم حول جوهرتي .. أخرجها ولاتضع الوقت بسؤالاتك الفارغة ..ولكن احذر من أن تظهرها أمام أي شخص إلى أن تصل ، فهي شئ ثمين ، وقد يقتلك الواقفون حولك طمعا ً في قيمتها .
- أمرك ياسيدي
- أخرجها .. وأعلم أنك ستدخل حلبة التاريخ وتنال عظمة لم تنلها طيلة حياتك المزعومة في قصور أولادي
حاول أن يوقظ عيون أصابعه وهو يشرع بتقليب الأحجار المتكتلة على ضريح الرأس المهدم
أصداء صوت والدته وهي تحثه على الخروج من القبو المنعزل ، يخالط شبقه للعثور على عنق الفأس المدفونة
تطالعه غمامة سوداء تتشكل في منتصف المسافة بين تمثاله وقصر الخلد
يأمره الرأس بالإسراع .
تقع عيناه على عجلات مجنزرة مفتوحة ( الفوانيس ) في وضح النهار ، وعلى أشخاص مدججين بمعادنهم اللاهبة وهم يغرسون شيئا ً في رحم الأرض ويسقونها من جثث جماجم َ مشطورة من النصف ويرددون عبارات غريبة مصحوبة برقصات تشبه حلبات القرود
((- ما بالك ياأبا نؤاس لاتضحك .. الا ترى هذا الأعجمي وهو يرقص ويراقص قرده الأحمر
- أعذرني يامولاي ، لقد أهمني أمر جاريتي الحبلى ، وأنا أخاف أن تدهمها لحظة الطلق ولاتجد من يأخذ بيدها أو يسقيها شربة ماء
- لا تخف يا أبا نؤاس .. وأضحك فاليوم (( سمر )) .. وغدا ً (( أمر ))
- نعم يا خليلي اليوم سمر وغدا .....)) بدأت الأرض تهتز وصراخ الرأس له بالأسراع
ظهرت سيقان خضر سرعان مأصفرت حتى اسودت وبدأت تتسارع في الصعود كأذرع أخطبوط عملاق وهي تنث من بين مساماتها دخانا ً أسود ، انقطع الجمع عن الانسياق في هذياناتهم وبدأت العربات المصفحة بمغادرة المكان وهي تردد بأبواق تشبه الحلازين


Came to your Destiny
Came to your Freedom
Ha ha ha ha



وبين هذا وذاك تتسارع الأذرع الخشبية بالتصاعد نحو الأعلى وسط صرخات الرأس ، داعيا ً أبا نؤاس للأسراع في البحث عن الفأس الذهبية ليوقف نهم الغول في الهبوط ، ويفلح في إسقاط هوية الهبة الغريبة ، التي يحاول أن ينزلها الغرباء من أعالي قفصها السماوي المغلق.


******

هامش :-



( 1 ) جاء في مخطوطة ضائعة من كتاب ألف ليلة وليلة تم العثور عليها مدفونة في سرداب غرائبي عند باب الطلسم في بغداد مايلي:
{ فلما انقضت الليالي الألف جلس شهريار متضجرا ً كعادته التي دأب عليها منذ مايقارب الثلاث سنوات من ألعوبة جاريته شهرزاد ، ونادى على سيافه مسرور لينهي الأمر ويعود ليعدّ العدّة لزواج جديد ، الا أن فطنة شهرزاد الحكيمة باغتته بفكرة جديدة تحسم الأمر وتعيده إلى نصابها حيث راهنته على حكاية جديدة وغير مطروقة وعلى نوع لم يتعوده خلال الليالي المنصرمة واشترطت فيها ان كانت لا تتسق ومستوى الطروحات المعهودة في بقية الليالي فسيكون لها الحق في تولي عرش قلبه إلى الأبد ، وأن يطلّق فكرة زواجه وبطشه ببنات جنسها ويسرّح جلاده مسرور من خدمته وينقله إلى دار من دور رعاية العجزة في مملكته المترامية ، وافق شهريار بكل سرور مستمتعا ً بتوغله في هذه اللعبة التي لم يبدو أنها ستصل الى نهاية النفق من يوم بدأتها جاريته الحكيمة قبل ثلاث سنوات .
تربعت شهرزاد على ناصية كرسيها المدور الذي يتوسط غرفة نومها وجلس شهريار بجانبها ، وشرعت تردد لازمتها المشهورة التي عودتنا عليها مدى لياليها الألف وليلة واحدة
قائلة ً :
- { بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد } أن أبا نؤاس الشاعر رأى في منامه أنه واقف بجانب عربة مكتوب عليها لافتة (( كليري )) القدر، وأطلع على لوحة في الغيب لبغداد ..درة المنصور وجوهرة الرشيد مكتوب عليها غورنيكا بغدادية ولاحظ مافيها من تفاصيل مؤلمة وألوان غامقة فقام مفزوعا ً وشرع يلبس ثيابه ، وفتح بابه الذي أصابه الصدأ وأحاطت به حفنة من عناكب ذاوية ليذهب الى قصر نديمه الرشيد ، ويقص عليه رؤياه الغريبة في ليله العجائبي الا أنه تفاجأ بالزمن الذي انتقل اليه من زاوية مغلقة في سماء حلمه الدامي ، وبما رآه قد تجسد أمامه من قتل ودمار وسلب وخراب فأنبرى ليبحث عن قصر سيده في وسط الدخان والسنة اللهب المتصاعد من كل مكان ، وها هو يصول ويجول بحثا ً وتمحيصا ً حتى وصل الى شارع أبي نؤاس ووجد تمثالا ً مقصوفا ً يحمل إسمه فتعجب لوهلة من الزمن فهو لم يسمع بأن احدا ً مجد شعره قبل ماجنيه ليَسِّم احد شوارع مدينته بأسمه او نصب عربدته وسكره وماهي الا لحظات حتى وثب على ما تبقى من النصب واعتلى ناصيته وملأ كأسه بما تبقى في جعبته من خمر ذكرياته الجميلة وشرع ينشد ترنيمته الأخيرة :-


ياغارقا ًفي دُجى الفـَوضى بمنْ تثق ُ؟=والكـون ُحَولك بالأحقاد ِيَحتـرق
والظلم ُمنفلت ٌوالناس ُمُســــــرفة=إنْ لمْ تجد سببا ًللظلم ِتختلــــــق
وأُقصي الحَّقُ من دُنياك َفأحترقت=حتى استبدَ على شطآنــــها القلق
تقاذفتك خـُطـــــــى البلوى مُعربدة=وأمعنت ْفي بقايا الصَبر ِتخترق
حَملت َبينَ جفون ِالأمنيات ِقذى=فكيف َتهنأ ُأحلام ٌوتنعتــِـــــــق
تبيت ُتسْكِب ُفي سَمع ِالدُجى ألما=فيُولدُِ البُؤس ُلحنا ًهَدَه ُالطـَــلقُ
تسير ُفي طرقات ِالشك ِمنكفئا=يَلوكـُكَ الهَّم ُبالأحْشاء ِِيلتصـــق
كم ْمُجرم ٍبات َلا تخفيه ِأقنعة=ودَب َّبالموت كالإعصار ِيَنطلق
يريد ُأن ننحني قهرا ًلطاغــية=وأن يمزقنا عِلــْــــج ٌفنفترق
أنت َالقتيل ُوذِكرى الموت ِباقية=يا موطني طوحتنا بالأســى فِرَق
نغوص ُفي زمن ٍيلهو فيصرعنا=وفي سطــور ِالأماني يُثلِجُ الأرق
كلُ الترانيم ِبالأوجاع ِمثقــــــلة=يَحِفـُها الشؤم ُوالأشباح ُوالنزق
عَناكِب ُالشك ِما زالت ْمُعشعشة=وما تزال ُبها الأحلام ِتـُــسترق
ماتت ْعلى الرمل ِأصداءٌ تنادمنا=فكِدْت ُمن حَنق ِالأحداث ِأختنق
وحُطِمَتْ في زوايا الصبر ِمركبتي=ودَمدَمت ْأغنيات ٌجُلــُّـها الغرق
على شواطئ ِذكرانا قد ْإنقرضت=أحلامُنا وأستفاقَ الحزن ُوالقلق
تلبدت ْفي سَماء ِالعُمر ِقافيتــــي=فأعولي في دُروب الحُزن ِياطرُق

قاطعها شهريار قائلا ً:
- ها وماذا حدث بعد ذلك
فأجابته قائلة :-
ارتشف شيئا ً من نخبه المرير على أنخاب الألم المعتصر ، وقبل أن يفكر بوضعه جانبا ً
لاحظ وجود شئ يلمع تحت حافة القدم اليسرى للتمثال المهشم ، حاول أن يمد اليه يده لولا صراخ أحد الغرباء المتوسد لقطعة معدن لاهبة ، سَمِعَه ُ يصرخ (( وجدناه .. وجدناه .. هلمو الي هنا .. لقد وجدناه .. اين أنت ياجاك كي تحمل هذا الصندوق ، وتخرج حبات الشجرة المقدسة ، كي نعيد بعثها من بعد حين ))
فما كان منه الا أن هب قافزا ً وأنطلق يركض ويهرول بين الشوارع المكنوسة بنكهة الوجع وشبابها كما هم في هرج ومرج بين تهشيم واجهات لبنايات ضخمة وبين الاقتتال على حمل أكبر كمية ممكنة من الأشياء المتناثرة على واجهات الأرصفة والشوارع ، وبينما هو يركض تعثر بمقدمة وجه ِ تمثال مألوفة ملامحه شيئا ً ما ، ظل ينظر اليه ، فملامحه شبيهة بملامح أسياده من بني العباس .. أيعقل أن يكون أحدا ً منهم قالها في نفسه
ثم تقدم صوب الرأس بحذر وأخذ يقلب أحجاره المتناثرة هنا وهناك، حتى عثر على كتابة تعرف عليها حالما رآها ، مكتوب فيها (( اذا كنت قد وجدت تمثال رأسي مهشما ً فأبحث عن الفأس التي أودعها كلكامش في رقبة ثور عشتار السماوي قبل أن ينفتح َ باب ًٌ من أبواب الجحيم وينزل على هذه الأرض وحش ٌ أشد ضراوة من خمبابا ، وحش غابة الأرز وثور عشتار ، وتنين مردوخ الأعور ، لا تتوجل فقد كتب كل ذلك على ورق الغيب وطالعتنا به نجوم السماء من قبل أن ندق أساس الحجر الأول لهذه المدينة ، وقد قمنا باخفائهاا هنا الى أن يتمكن الشخص المسافر الى تخوم الغيب من العثور عليها ، فأن كنت ذلك الشخص فلاتتردد في دك رأس هذه الشجرة التي ستنهض من البذور المخبأة تحت أقدام تمثالك .. أسرع قبل أن ينزل الغول الذي يظنه البشر أنه طعم الله الموشوم بحريته الموعودة على أيدي الأغراب القادمين من وراء البحر .. أسرع ولتحفظك كل قوافي الشعر وليالي السمر التي تنعم بالنوم في أعتاب قصور ذاكرتك الصدئة ))
اندهش أبو نؤاس من هذه العبارة المكتوبة فحاول أن يقلب شطر الوجه المهشم تحت قدميه ، واذا بفم التمثال ينطق ويقول ، أسرع يا أبا نؤاس قبل أن يهشموا مدينتي وعاصمة ملكي مثلما هشموا تمثالي .. أما زلت هنا .. أسرع قبل فوات الأوان .
قفز أبو نؤاس من غشوته وانطلق يبحث عن الفأس المخبأة في عنق التمثال وبعد وقت ليس بالطويل ، عثر عليها فحملها بسرعة وأنطلق مسرعا ً باتجاه غمامة بدأت تتشكل في منتصف الطريق ، لاحظ أن أحد المدججين بالسلاح يسقيها من جمجمة مشطورة من النصف وهو يلوك عبارات غريبة ، بدأت الأرض تهتز فظهرت سيقان خضر سرعان ما أصفرت حتى اسودت وبدأت تتسارع في الصعود كأذرع أخطبوط عملاق وتنث من بين مساماتها دخانا ً أسود َ ، انقطع الجمع الواقف عن الانسياق وراء هذياناتهم وبدأت العربات المصفحة بالرحيل وهي تردد هلموا أيها المظلومين الى حريتكم المنتظرة ، وبين هذا وذاك تستمر الأذرع الخشبية بالتصاعد نحو الأعلى ، فأنبرى أبو نؤاس بالركض هنا وهناك وهو يحمل فأسه المذهبة ، فرآه الجمع الواقف وتسارعوا بالركض خلفه علهم يظفرون بالفأس منه بدلا ً من الجرار المهشمة وأثاث البنايات المنتهية
انطلق أبو نؤاس غير مبال ٍ بالجمع الزاحف نحوه ، وهرع يضرب هنا وهناك على اللحاءات المكسوة بلعاب بارودي أسود ، والجمع يتقدم نحوه
وبينما هم في غفلتهم ، اهتزت الشجرة ولمع برق نازف من مجاهيل الغيب
فأرتبك الجمع وانفض ُ وأبو نؤأس يضرب هنا وهناك حتى سقط عليه الجذع المنتصب دون أن يسمح بهبوط الهبة الغريبة التي حاول أن ينزلها الغرباء من أعلى قفصها السماوي المغلق






 
قديم 09-27-2011, 12:53 PM   رقم المشاركة : 5
المدير العام





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :نبع العواطف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: القصص المشاركة في مسابقة عبدالرسول معله للقصة القصيرة

القصة رقم (5)

فاجعة خلف القضبان



الساعات مضطربة وثقيلة في ليل بغداد ، قلوب كسيرة تترقب الأحداث في الهزيع الأخير ،وإعلام يلاحق أخباراً طازجةً بصفقات كبرى ،لجثث متناثرة ،هشيم مخيف،اعتقالات عشوائية ،قتل ، نكاية بالأمن والأمان إنها حرب ضروس على بني البشر.. في وقت تمد الشمس ظفائرها الصفراء على اكتاف الأفق البعيد..والنسائم تحمل رائحة البارود في أرجاء الازقة والأحياء بلا ملل او كلل ...
أبو سلام رجلٌ متواضعٌ في العقد الخامس من العمر يعيش الحذر الشديد والترقب من مفاجأة الليل البارد في اظلم حقبة تمرها العاصمة بغداد ....
الساعة الثانية بعد منتصف المساء وابوخطاب يتقلب تحت فراشه بأرق دائم وكانه ينتظر زيارة أجبارية من جهة ما ... لم تمض الا دقائق من هذا الوجل والخوف حتى يطرق ألباب بعنف محطماً النوافذ الزجاجية ليدخل رجال يفوق تعدادهم الخمسون شخصا انتشروا في الدار ،في الحديقة وصراخهم قد ملأ ألفناء الضيق والنتيجة إنهم يبحثون عن إرهابيين ...الجميل ان القوة مشتركة لانها لاتميز بين أسود وابيض "؟"
ضجيج كلمات انكليزية ،عربية لايفهم منها شيئاً ورائحة نتنة يصيبك القرف منها تلاحق هؤلاء الذين تاجروا بويلاتنا ... الموقف صعب للغاية اذ فزع الأطفال من نومهم بالصراخ ونساء الدار أشتد بهن الخوف ،نهض ابو خطاب مستعداً لإستقبال ضيوفه مرتديا ملابسه الشتوية ليعزر ويهان بشدة لتعصب عيناه وولده سلام ليقادا إلى جهة مجهولة والسرور في الأمر ان الجهة التي اعتقلت أمريكان واذناب دون غيرهم... القوة كبلت اليدين والأقدام بالحديد وبشكل فضيع ؟؟"مدنيون يرتدون ملابس مدنية ولثام" خرج ابو سلام وفي عينيه الف دمعة لاسيما ان طفلته الصغير ة خرجت تصرخ وتضرب بالقوة التي داهمت ولكن كفوفها الغظة حالت دون ان تتمكن من اطلاق حريته ...
خرج ابو سلام تاركا خلفه ثلاثة عشر فردا وهو المعيل لهم ( زوجتان وأطفال رضع ) في وقت لايقدر حراجته الا ذو لب حصيف وضمير ينبض من دماء الوطن،على هذا الحال قضى اشهر طويلة وهو يتنقل بين المعتقلات والمحاجر في بلاد الرافدين؟؟ ... لاقى وولده آهات كبيرة لايحتملها الا رجل صبور له قدر من الايمان، احيلا بعد ذلك الى (بوكا) مقبرة الاحياء تلك الرمال الباردة، الساخنة التي تبعث الحزن على نسائمها الموجعة ،ومن لم يسمع ببوكا سوى الأصم الابكم ومضى عليهما عام ونصف وهما بانتظار ان يعرفا الجريمة التي جاءا لاجلها ولكن :
قد اسمعت ان ناديت حيا لكن لاحياة لمن تنادي ...انقطعت المواجهة عن أبي سلام فكلما ذهب للمواجهة لا يجد احدا يزوره من ذويه فكثير ماكان يجلس بأحد زوايا السجن باكيا ..الهي انك على كل شئ قديرفافرق بيننا وبين من ملكتهم امرنا .. وتدمع عيناه من فيض أحزانه وهو متزملاً بشرشف خفيف .
كان جباراحد النزلاء الذين اعزوا ابا خطاب بالخدمة اذ تقدم اليه بعد عودته من انتظار الزيارة الخاسرة كعادتها ماسحا لحيته الكثاء التي تصاعد بها جبل الجليد مقبلا راسه ... قائلا اصبر فمن صبر ظفر ...فانينك لايعلمه الا علام الغيوب... ابو: سلام دوء وعناء ياعم لم يزرني احد من عائلتي ولم تصلني رسالة اطمأن بها ..
جبار: اصبر فالصبر مفتاح الفرج "الا ان هناك حقيقة كان يخفيها النزلاء عن ابي سلام"
على هذا الحال طال انتظارابو جبار وولده سلام شهرا تلو الاخر الا انهما لم يوفقا في ان يزورهما احد او يجدا نهاية لهذا الاسى القابع في صدريهما.
وذات يوم جاء موعد للمواجه وعاد ابو خطاب متكئا على عكازه بيده اليمنى ويتمتم مع نفسه وهو يدخل الى الزنزانة قائلا: ترى هل نسى أهلي انني حي ميت خلف القضبان قبل سنة ونصف بل ويزيد؟ وراح بخطاه المثقلة حتى جلس في زاوية حزنه بتنهدات الوجيع البائس فيسأله النزلاء ما لك ابي خطاب؟تحمل كل هذا الهم ؟صمت بلا كلام وبادر جبار :وضعه خاص اتركوه فقال له احدهم لا... لابد ان يعرف الحقيقة ياعم ابو سلام لقد توفت ام خطاب منذ ستة اشهر وقد اخفي الامر عليك ،لم يحتمل الموقف فسقط على الأرض هو وسلام وحملوهما الأمريكان الى المستشفى وبعد يومين أتوا وبدأت التعازي للتهوين على المصاب الجلل.
مضت أشهر وهو ينتظر من يزوره هنالك الا ان أمله كان على الدوام يبوء بالفشل فعد ذلك من احلام اليقظة .... وذات يوم دخل محني الظهر حاملا عكازه الحمراء بخطاه االمنحنية البطيئة فلم يكلم احد ودموعه تخضب لحيته بمطرها الغضير مستنجدا بتلك الزاوية التي خصصت لمحراب حزنه وفاجعته وبعد أكثر من ساعتين زاره زملائه الذين يعرفون سر أهله الكبير الذي لم يطلع عليه منذ عام ...
احمد يقول: هون عليك أبا خطاب فالدنيا امتحان صعب وعليك بالإيمان بالقدر خيره وشره ..
سعيد:انا مثلك ياعم بات لي اربعة اعوام ولم احاكم جاء بي المخبر السري ظلما وعدوانا..
علي :انا دخلت اليوم فكم ساقضي ولكن الحمد لله ..الامر ليس بيد احد الا ان شخصا قد تجاوز الأربعين من العمر بادر بشجاعة قائلا : يا عم كن قويا ولا تضعف"فالمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف" فربما تسمع عن اهلك ما لا تتوقعه فانتفض ابو سلام من فراشه غاضبا متعصبا قل لي بالله عليك هل سمعت شيئا لا اعرفه؟ طأطأ الجميع رؤوسهم إلى الأرض تذللا لصعوبة الموقف فرد عليه نعم فجميع عائلتك قد قتلوا من جهة مجهولة وحتى الرضيع..
اشرأب ابو سلام إلى الأعلى وسقط على الأرض ونقل إلى المستشفى لأيام صعبة جدا وعادوا به الى الزنزانة فلا يجرأ احد على مكاشفته حتى جاء جبار الذي قضى اسبوعين في المحجر لانه تشاجر مع الامريكان حد الضرب والشتم بسبب ماتعرض له ابوسلام،لقد كانت الدموع تسبق تحيته المجروحة فرد عليه بايماء يده"وجه اصفر وشفاه يابسة وجسد نحيل وعيون غائرة "....وراح في شهقة ملئت صدره.. مااعظم جرحي يا جبار لم يبق لي أحد(ام سلام – ام سامر – رقية – عصام – سحر – فاطمة – علي........)كلهم موتي رد جبار وصقيع الحزن يملأ الفضاء البائس ... اصبر أعانك الله فبكى جميع من حوله ...
صمت الجميع ثم استأنف إنهم تحت اطباق الثرى ليس لي أهل لا دار لا طفولة لا فضاء امام الدار انا في مقبرة الأحياء أهون لي من وجع الذكريات التي ستقتلني رغم انفي ،الذكريات التي اضحكتني يوما وابكتني باقي عمري - ثم بكى مرة اخرى.
وبعد مرور ثلاثة أشهر بات يعاني أمراضا عدة أرتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر وان حصوله على العلاجات فيه شيء من المعاناة المريرة..
ابو سلام – قضى اياما صامتا وبات يسال عن ألحادث الذي أودى بعائلته فأقسم على جبار أن يروي له الحكاية كما سمعها من أحد النزلاء ألجدد فأجابه :لقد خرجت أبنتك الصغيرة الى الدار المجاورة لكم وانفجرت ألدار وسقطت ألانقاض عليها وفارقت الحياة ، اذ انها لغمت من جهة مجهولة ...ولشدة حزن أم سلام عليها صاحت "آني أعرف من قام بهذا لعمل وسأخبر عنه "فقدت وعيها لان ابنتها تحت الانقاظ وبعد ليليتين من مراسيم الدفن دخلت قوة مسلحة قتلت جميع العائلة ....
صمت جبار وهو ينظر الى ابو سلام وابنه اللذان غرقا بالدموع ...امتد ابو سلام على فراشه،فاقدا وعيه ..حملوه الى الطبابة فراى سلام ابيه فأنهارت أعصابة صارخا بسكرة أبدية بانطواء نفسي سادلا لستار الحزين فوق جثمان والده "حيا ميتا "على فاجعة كبرى حطمت كل جميل في حياته .... وانتهى جبار قائلا. ليس المهم ان يحيا او يموت لكن الاهم تطبيق الديمقراطية العرجاء " أعانكما الله على مصابكما وانا لله وانا اليه راجعون ....وانفلق الصباح الجديد فلم يتغير شيء به بل ولم يسمع أحد حجم هذا الوجع ،ولكن الاعين لم تزل تغرس حديد نظراتها الى عمق السماء بانتظار بلل الامطار...






 
قديم 10-03-2011, 05:07 AM   رقم المشاركة : 6
المدير العام





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :نبع العواطف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: القصص المشاركة في مسابقة عبدالرسول معله للقصة القصيرة

القصة رقم (6)

نزف الروح


دائما أنت تقف فى مفترق الطرق... هى حياتك التى تحاول أن تحياها دون حياة... دائما تختار الطريق ... أى طريق... ما أن تسير فيه حتى تصفعك وجوه تألفها تماماً، ووجوه تتمنى أن تتقرب منها ، ووجوه لم تمر على ذاكراتك يوماً... تختار وجهاً بعينه ودائما ما يكون لأنثى ... تحبها وتحاول أن تنتزع من بين ضلوعها دقة قلب لك ، وتحاول أن تضغط على شفتيها وأسنانها لتشكل لك كلمة بحبك وتحاول أيضا أن تملأ حدقتيها حتى لا ترى سواك فى عينيها الجميلتين ... عندما تنجح محاولاتك المتكررة والتى لا تمل من تكرارها مع وجه واحد أو أكثر ... يصحبك الوجه معه باقى الطريق الذى بدأته بمطالعتة ذلك الوجه الذى غالباً ما يكون بريئاً، وعندما تحاول أن تسرق من شفتى هذا الوجه رشفة من رحيقها تجد نفسك قد عدت إلى نقطة البداية... هكذا أنت وستظل دائما ً أنت كما أنت . فى إحدى المرات- ولم تكن الأخيرة بالطبع- وأنت تتوسط ميدان روحك وتحاول أن تختار طريقاً قد يكون صحيحاً هذه المرة طرأت على ذهنك فكرة أن تجرب الطرق الأربعة دفعة واحدة علك تصل يوماُ ... إلى أين ؟ لايهم... المهم أن تصل ... لم تكن مفاجأة لك عندما أكتشفت أن الطرق الأربعة التى تشق روحك جميعها خطأ ولا توصل إلى شئ بل أنها جميعأ تؤدى بك إلى نقطة البدايةالتى تحاول الفكاك منها منذ زمن بأى وسيلة حتى ولو هربت روحك منك. أثنان وثلاثون عاماً وأنت تحاول وتفشل وتحاول وتفشل ، وتعود من جديد وتفشل أيضاً ... لكن اليأس لم يتسرب يوماً إليك بل تحاول من جديد . أخيراً لم تجد بداً من الأختيار بين طريقين لا ثالث لهما أما الغوص فى باطن الأرض أو الصعود إلى سابع سماء . كان لابد من الأختيار النهائى هذه المرة بدلاً من الدوران فى تلك المتاهة التى كتبت على جبينك منذ مولدك. فى يوم ميلادك الثانى والثلاثون أخترت بعد أن أستعصت عليك الطريقة الأولى لأنك لاتملك حيلاً تستطيع من خلالها أختراق الأرض ففضلت أن تخترق السماء علك تصل إليها روحك يوماً ما ... لم تندهش عندما هممت بتنفيذ ما أخترت بوجود عمود نورانى/ بللورى ينغرس عند قدمك يصل الأرض بالسماء ، ولم تنتدهش أيضاً عندما تحولت أنت إلى ذرات دقيقة تسبح داخل هذا العمود النورانى الذى كان يأخذ شكل الأسطوانه الرفيعة. عندما قابلت أحدهم بأجنحته النورانية الشفافة وعيناه الصافيتين وقلبه الذى يدق بنغمات روحية نقية والذى تشاهده بوضوح كلما أطلت النظر إلى صدره الخالى من أى شعر . لم تعبأ به أو بابسامته الرقيقة وأسنانه اللامعة بل فزعت عندما أنعكست صورة وجهك المكفهر على صفحة أسنانه البيضاء. تجاهلت كل شئ وواصلت تسربلك عبر العمود النورانى حتى قابلت الآخر بعينيه الناريتين والتى تتقد بالشر الأبدى ، وجهه غير محدد المعالم ، وفمه التى تفوح منه رائحة كريهة جداً ... تخلت عنك أرادتك هذه المرة تلك الأرادة التى كثيراً ما كنت تتفاخر بها أمام الضعفاء من بنى البشر على الأرض ... سحبت كرسياً وجلست على المنضدة التى أعدها لك خصيصاً كأنه يعلم تماماً يوم مجيئك إليه بل يعلم أيضاً بأنك سوف تأخذه بالأحضان المغلفة بأشواق غياب الأف السنين بينك وبينه – رغم عمرك الأرضى القصير- بلا مقدمات ذاب بينكما التكليف وأخذت تدعك فى كفيه بحنان غريب وتعاتبه على مايفعله ببنيك من البشر . لم تفاجئ بأجاباته المتكررة حين يقول لك:-
أننى أريد أن أثبت ذاتى وأشعر بوجودى فى هذا الكون المقيت.
- ولكن هولاء البشر ضعفاء – وأنا واحد منهم- لا حول لنا ولاقوة.
وهل أنا استطيع أن أفعل ما أفعل مع غيرهم ولم أفعل؟
ولماذا تفعل هذا من الأساس؟
كنت بين فينة وأخرى تعيد عليه سؤالك الأزلى الذى لم تمل من تكراره عليه ولم يمل من أجاباته المتشابهة ، فلم يمل منك وأنت أبداً لم تمل منه . تعاهدتما على اللقاء مرة اخرى ورغم أنكما لم تبرحا مكانكما بعد إلأ أنه قبل دعوتك له على أحتساء كوب شاى ثقيل معك على مقهى " أبو صيام" الذى تعشقه لكنه أعترض بشدة على المقهى لم تجد مشقة فى إقناعه بالجلوس على هذا المقهى بل وجدت مشقة أيما مشقة فى كيفية قضاء كل هذا الوقت الطويل معه ... كنت تحاول قتل الوقت باللعب معه دور شطرنج أودور طاولة محبوسة رغم أنك كنت تفضل عليهما لعب الدومينو أو الكوتشينة حيث أن أوراقهما من السهل عليك أن تخدعه فى لعبهما فسهل عليك أن تخبئ أوراقهما فى أطراف أكمامك الطويلة . كان يتهرب منك ومن اللعب معك بحجج واهية حيث دائما كنت تنتصر عليه ولم يفلح فى الفوز عليك فى أى لعبة تلعباها معاً . كنت تعلم أنه يخشى التبارى معك فىأية لعبة يلعبها معك . دائما هو مهزوماً معك لكنك كنت تستبعد بشدة بخله الشديد كدافع لعدم اللعب معك فهو كريم جداً معك فعلى الرغم من اتفاقكما على أن يدفع المهزوم الحساب على الرغم أنه كان دائماً المهزوم إلا أنه كان دائما يدفع لك حساب المشروبات حتى فى الجلسات التى جلستما معاً فيها دون لعب . كنت تستبعد أيضاً خشيته من حيلك والاعيبك فهو يمتلك منها الكثير والكثير ولكنك كنت تلمح فى عينيه نظرة خوف وفزع كلما تجولتما معاً فى شوارع "مطاى" الضيقة ، وعندما حاولت الترويح عنه بالذهاب إلى الريف الذى صدع دماغك من كثرة إلحاحه عليك لكى يزور الريف الهادئ أخذته إلى قرية " منشأة منبال" التى يسميها العامة " نزلة النصارى" وجدته يقف فجأة أمام عتبة منزل بعينه يقع فى مدخل القرية الشرقى وتحولت نظرة الفزع فى عينيه إلى رعب حقيقى لم تر مثله فى عيون كل من تعاملت معهم أو حتى رأيته فى عينيه هو نفسه من قبل ... كان يشير برعشة ملحوظة إلى التراب الذى يملأ الممر الضيق المفضى إلى المنزل الذى وقف أمامه قال لك بصوت كأنه صوت سحق عظام قديمة:-
- هنا تعيش....
- من؟
- روحك.....
- من؟
- الحبيبة.....
تندهش ويزداد أندهاشك كلما أعاد على مسامعك كلمة الحبيبة فقد كنت تظن أن أمثاله لايعرفون الحب وكيف يعرف الحب؟ وانت عندما أدخلت يدك خلسة إلى صدره لم تعثر له على قلب سألته عن الحب أجاب فى برود شديد:-
- الحب ... الحب
سألته عن قلبه ومكانه الخاوى فى صدره:-
- لقد القيت قلبى فى الجحيم حتى لايستعبدنى مرة أخرى... كفى مرة واحدة.
كنت تلاحقه بالأسئلة تلو الأسئلة :-
- هل هى سبب الخطيئة والسقوط؟
- عد إلى الكتب السماوية ... عد إلى جميع الكتب المنزلة وأنت تعرف.
- إذن هى سبب سقوطك وفقدك لمكانتك الرفيعة عند المولى عز وجل .
- هى كل شئ ... أقصد كانت كل شئ.
- والآن...؟
- هل تعرف أننى أول من عرف الحب فى هذه الخليقة وأول من فقد حبيبته؟
تعيد عليه السؤال طالباً بالحاح إجابة محددة:-
- والآن؟
- الآن ... أعطنى يدك.
تسلم له يدك فى استسلام لكى تعرف الحقيقة يضعها فى صدره ويحاول ان يعثر على الفتحة القديمة التى أدخلت يدك فيها من قبل لكنك تنتشلها بسرعة حتى لايهشمها ذلك الضجيج الهادرالذى يرج جسده المشوه كله والذى لم يكن موجوداً من قبل عندما أكتشفت أنه بلا قلب .
- لماذا تركتها إذن؟
- لماذا تركتنى إذن؟
- أيا كان السؤال لقد حدث الفراق فلماذا لم تحاول الأصلاح وتعيد ما كُسر؟
- لا ينفع الآن ... لاينفع الأصلاح.
- لماذا؟
لاينطق بشئ بل يكتفى بأن يوجه عينيه إلى السماء وعندما ينطلق منهما الشرر المتقد وقبل أن يسقط على الأرض يطل السماح والمغفرة من العلى القدير. ضقت به ... اخيراً ضقت به وبالجلوس معه بعد أن كنت تعاهده دائماً الا تضجر منه أو من مجالسته فدائماً كانت تؤنسك صحبته ودائماً كنت تحب الجلوس إليه لكن الملل تسرب إليك – رغماً عنك- حاولت أن تقتل الوقت مرة أخرى معه ولكن هذه المرة الوقت كان ثقيلاً جداً على روحك فكنت تتأمل جبينه العريض وتتأمل تلك الخطوط الغليظة التى كانت تشبه قضبان السكك الحديدة بكل صلابتها وضخامتها ... كان يغضب منك كثيراً عندما كنت تطيل النظر إلى جبينه فقد كنت تشعر أن كل أسراره يختزنها فى هذا الجبين الذى يملأ مساحة كبيرة من تلك المنطقة الحساسة من جسده البغيض ... عندما كنت تحاول مرة أخرى كان ينتهرك بعنف ويتوعدك بأن يحدث بك ما لاتشتهى لنفسك على الرغم من قوة وشدة العلاقة الطيبة بينك وبينه... الآن تستطيع أن تتأمل بعمق أكثر من الأول ليس جبينه فقط بل كل جسده المسجى أمامك فى ترهل غريب. يعاودك الملل مرة أخرى تتركه ملقى على أرضية السماء وتلقى بنفسك مباشرة فى العمود الأسطوانى/ النورانى فتجد نفسك قد سقطت مباشرة فى نقطة البداية التى لم تبرحها بعد لكنك لم تجد الميدان أو الطرق الأربعة المحيرة أو الوجوه التى تصفعك تألفها أو الوجوه التى تتمنى ان تتقرب منها أو حتى تلك التى لم تمر على ذاكرتك مطلقاً ، ولم تجد ذلك الوجه الذى أخترته بعناية فى أخر مرة أختيار لك وكان وجه أنثى تعرفها تماماً لكى يصحبك حتى نهاية طريقك الذى لاينتهى... وأخيراً لم تجد ر....و...ح.... ك.






 
قديم 10-09-2011, 01:05 PM   رقم المشاركة : 7
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة : عواطف عبداللطيف متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: القصص المشاركة في مسابقة عبدالرسول معله للقصة القصيرة

قصة رقم (7)

بركة التمنيات


روما العظيمة الفخمة والشامخة العريقة لم أكن أدري كيف وصلت اليها نعم قادتني قدماي الى هنا ‘ وسرت في شوراعها معلنة استسلامي امام تلك الرغبات التي تستعر في دواخلنا ونحن على عتبة الشباب في أن نرى كل شيء ونفهم كل شيء ‘ ذلك الفضول الطفولي الذي تعلق بمخيلتنا متحديا الكثير من الاشياء ومنها حقيقة الحياة ‘وهل كنا نفهم تلك الحقيقة في تلك السن الصغيرة ؟ القيت بحقيبتي الثقيلة على الارض ووقفت امام بركة التمنيات ؟ البركة الفيروزية في الساحة الجميلة المحاطة بالورود الزاهية والتماثيل الرخامية الضخمة ؟ بين الصخور التي كستها تلك الخضرة الطحلبية والتي تجعل المكان اكثر حميمية أتأمل السواح المتجمهرين حولها والكل يلقي بقطع النقد الصغيرة ويحلم بالوصول الى امله المستحيل.. كنت انا مثلهم احلم ولدي امل كبير اكبر مني بكثير‘ اخرجت قطع النقد والقيت بها ‘ غير اني كنت ابكي لان ذلك الحلم لن يتحقق أبدا‘اعرف هذا ‘والبركة تعرف ايضا ‘ومع هذا كنت أنتظر وأنتظر دائما ان أصل اليه وأقابله وأحدثه وأخبره كم أنا أحببته دون أن يدري كأن الكاتب زفايج كان يرافقني حين كتب رسالة من أمرأة مجهولة : إنظر ألي يا زفايج ستيفان أنا تلك المرأة المجهولة ‘ أنظر إلي لا تشح بوجهك عني أنا هي ..

كان وجهي ينعكس على صفحة الماء الشفافة كم كانت شفافة لأني كنت أرى النقود بوضوح كبير ورأيت كيف تدحرجت نقودي وأنضمت الى تلك القطع القديمة تحت وأنا واقفة اتأمل وجه الماء ولا استطيع إيقاف الدموع التي كانت تنساب من عيني غير مهتمة بالاخرين هناك .. أنا أحببت ه أنتم لا تعرفون كم أحببته ’ لا بحجم هذه البركة بل بحجم كل بحار الارض ‘وليس بيدي ان أفعل شيئا هل أستطاع فرتر أن يفعل شيئا أمام عظمه عشقه لحبيبته شارلوت ؟ وقفت وقفت وأرتسمت كل ملامحه امامي‘ كان جبروت مشاعري كبيرا كبيرا جدا لا احد يستطيع ان يغير الحقيقة ‘للحقيقة أحيانا مرارة لا نستطيع ان نتجاوزها فنظل في مكاننا نجترها للنهاية .. كنت صغيرة على هذه العذابات التي لم اكن أقدر ان أشرحها لأحد ‘كانت دائما ترافقني في تجوالي‘ في صباحاتي ومساءاتي‘ في الليل حيث لا احد يراني لأبكي بهدوء غريب خافت‘ كنت أعد الايام التي أراه فيها واللحظات التي أجده أمامي والاحلام التي كثيرا ما خدعتني وقادتني الى جزر خيالية .. أنا أحلم غير أني أتعثر وأستيقظ .
لأجد نفسي خارج الحلم تماما .. أحببته دون أن يعلم ‘ لكنه كان يعرفني ويعرف اسمي ويراني لا أكثر ‘ وكنت أعلم انني كنت جميلة وألفت أنظار الرجال .. نظرت الى البركة الساحرة وأنا أسمع أصوات الذين يحيطون بي‘ صخبهم ‘صياحهم ‘حركاتهم الغير متزنة ‘ شعرت بحجم الفرق بما احمله من مشاعر عظيمة تجاه هولاء التافهين الذين جاؤوا من مختلف انحاء العالم ليلقوا بنقودهم ويضحكوا ويتسلوا ويمارسوا التقبيل علانية
تمنيت لا انكر هذا .. تمنيت ان ابقى احبه حتى يكتشف وجودي ويحبني في ذلك العمر الذي لا يتجاوز اصابع يدي العشرة مرتين ‘ كان لدي الوقت للتأمل والانتظار كان هناك الوقت الكافي لذاك العمر‘ ماكانت تهمني السنين ولا الزمن الذي لا يتوقف ابدا ! كيف كنت اتجاهل تلك الحقيقة المرة والتي كانت تزداد مرارة كلما مضت الايام ؟ ذلك العمر الذي لا نخافه لا نقلق منه ‘ كل شيء بمتناول اليد حتى الحب ‘ الحب للآخر الذي نحلم بامتلاكه‘ كنا نثق بقدراتنا الشبابية ‘و نستطيع‘ لا مستحيل تحت الشمس لقد مضيت بآمالي أكثر مما يجب ولم يحصل اي شيء او يبادلني ذلك الحب الخفي . نظرت الى البركة هي أيضا ستساعدني ربما
الصيف‘ والجميع بملابس ملونة خفيفة‘نظرت الى فستاني ‘ آه كم تمنيت ان يراني به نسير معا يمسك يدى‘ وبهذا الفستان كم ذهبت الى مكان دراسته كي التقيه كي يراني واأراه بهذا الفستان الذي صنعته بنفسي بلون البنفسج ‘وضعت به الكثير من روحي ‘ لبسته درت حول نفسي في المرآة سرحت شعري الطويل تركته منسدلا رفعته الى الاعلى‘ ايهما الاجمل مع الفستان ؟ ولم يحصل شيء ولم نلتق ولو مرة واحدة في موعد جميل...
اليوم وبجانب البركة كنت أرتدي نفس الفستان غير أن حزنا ملك أعماقي لماذا نظرت الى هذا الجمع من الناس؟ كان الحب يدور بينهم كانت الأيادي متماسكة و العيون متناجية .. آه لو كان بجانبي نتأمل عمق البركة يغوص في أعماقنا .. كلانا لايجد ما يقوله للآخر غير ما تنطق به العيون ونحن ننظر لبعضنا تذكرت عينيه السوداوين والوجه الأسمر الذي يحمل كل سحر الشرق كنت أريد دائما ان يعرف فقط بمكنون قلبي وليفعل ما يريد‘ ولكن لم تصل رسالتي الخرساء اليه . صورتني صديقتي صورا جميلة أنا والبركة وثوبي البنفسجي وشعري ‘ وحتى خيالاتي رأيتها في الصورواضحة ‘ كانت تلك الأبتهالات العميقة التي لا يسمعها احد .
ثلاثون عاما تمر والصور هذه أقلبها بيدي وامام أسرتي كلها كل شيء قد تغير: أنا‘ والرجل الذي ارتبطت به‘ ونمط حياتي ‘والاولاد الذين رزقت بهم ‘ وتخيلاتي ‘والحب ذاك الحب البعيد القتيل وهو ما زال حيا.. !
حين رفعت سماعة الهاتف جاء صوت ابنتي الجميل وهي تصف لي بركة التمنيات
أمي تصوري اننا نقف قربها ‘كأنني أراك في نفس المكان منذ أن رأيتها في صورك التذكارية, تمنيت ان أزور بركة التمنيات هنا في روما وها نحن الان نقف قربها تصوري يا أمي لم نكن نحمل قطع نقد صغيرة احترنا في كيفية الحصول عليها هنا أعطاني أحدهم اثنتين ورميتها ثم تمنيت‘ ضحكت لأني نسيت ان أتمنى قبل ان أرميها أتذكرك جدا يا امي هنا وقفت وقرب الصخرة ذاتها ومن هنا رميت النقود ولكن ماذا تمنيت يا امي ؟ لم أسألك يوما هذا السؤال ماذا تمنيت ؟
لم أجبها ولم أستطع ان اقول شيئا غير انني أجهشت بالبكاء.












التوقيع

 
قديم 10-14-2011, 10:36 PM   رقم المشاركة : 8
المدير العام





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :نبع العواطف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: القصص المشاركة في مسابقة عبدالرسول معله للقصة القصيرة

القصة رقم (8)

وتستمر الحياة


دمعت عيناها لدى سماعها سؤال غير متوقع من ابنها الصغير , لماذا ليس لي اب ككل الأطفال يا أمي ؟
تذكرته عندما وقف في آخر يوم له في الحياة , صباح ذلك اليوم الجميل من شهر حزيران , والبساتين من حولها مزهرة اشجارها وافرة ظلالها , شمسها الحانية لطيفة رقيقة , هوائها ينعش الالباب , كانت على موعد مع الاهل لتمضية سحابة ذلك اليوم في المنزل الريفي الذي تألق بحدائقه الغناء , ذلك الصباح وقف مزهوا يتأمل إبنه الصغير إبن العام ونيف يلهو بألعابه وإبنته الحديثة ولادة في مهدها ثم ألقى نظرة على والدته الشيباء المنشغلة بتصليح ثوبها وانتبه أخيرا إلى زوجته التي حدجته بنظرة حيرى فودعها بابتسامة وغادر البيت .
أخذت صغيرها بالأحضان وشدته بقوة الى صدرها الذي يشتعل نارا , استذكرت ذلك اليوم الذي قلب حياتها رأسا على عقب وباتت ايامها وسنين عمرها حزينة داميه ومؤلمه , بل البالغة الحزن والأسى .
عند خروجه من المنزل , كان كطير يرفرف سعيدا محلقا في الفضاء , يستعرض قوته في سماء صافيه , ذلك اليوم التقى بأصدقاءه وسط البلدة في لقاء رتب له بالأمس , في لحظة صمت سمع الأصدقاء صوت الصفير ينطلق تباعا ويتردد صداه في كل مكان . ـ الصفير هو دلالة على دخول جند الاحتلال البلدة ـ سارع الأصدقاء لنجدة شباب الإنتفاظة وملقاة الجند عند الطرف الشمالي للبلدة التي وصفها الإحتلال أنها كقنينة ليس لها إلا مدخل واحد , وبدأ جند الصهاينة يطلقون الرصاص نحو الشباب الأعزل, وحولق الشباب حولهم يرمونهم بالحجارة المقدسة بواسطة المقاليع .
إخترقت رصاصة صدره فخر مغشيا عليه , حمله الأصدقاء على الأكتاف وسط زوبعة من النيران وهم يحاولون ايصاله الى وسط البلدة ونقله الى المدينة لإسعافه .
سمعت الزوجة ما هالها من خوف ورعب الذي يسيطر على كل الأمهات عند دخول جند العدو البلدة ـ ذلك أن الشباب يسارعون إلى التصدي لهم ويستمتعون بضربهم ـ صعدت سطح المنزل مستطلعة الخبر , وهز كيانها موجة من كهرباء سرت في جسدها النابض بالحياة , وأصاب القلب وخزات متلاحقه تنذر بوجود أمر جلل , ففي الصباح تصرف زوجها على غير عادته , وكأنه يودع العائلة والبيت والدنيا بأسرها , كان منشرح الصدر تغشاه سكينة غير معهوده , لم تسأل الزوجة عن سر إندفاعه في يوم لم يكن لديه عمل .
هناك في وسط البلدة تجمهر السكان في هرج ومرج وحال الجميع يتساءل ما الذي جرى . ساعة مضت وإذا بالقرية كأنها خلية نحل تدوي في أرجائها أصوات التكبير ونبرات التهديد والوعيد بالإنتقام .
في وسط البلدة كانت سيارة الحاج علي في الإنتظار فحملوه فيها واخترقت السيارة وسط البلدة الى مدينة الخليل لإسعافه , لكن الأمر لم ينتهي بعد , كانت سيارة العدو تتربص بطرف القرية لتمنع السيارة من مواصلة السير وإسعافه , بل لتتأكد من موته , هناك في مدخل البلدة الغربي لفظ أنفاسه الأخيرة , وانكب الأصدقاء عليه يبكوه ويودعوه , ثم عادوا به إلى البلدة بقلوب ملئها الأسى والغضب, عادوا به إلى بيته , إلى زوجته وأمه ,وصغيريه .
عاد الى منزله يقطر دما , عاد مبتسما كما خرج , لكنه عاد محمولا على الأكتاف ,
رأته الزوجة فكادت عيناها تخرجا من محجرهما من هول المصاب فوقعت أرضا مغشيا عليها , وصعقت الأم صوتا مدويا هز أركان البيت وقلوب الناس من حولها ووقعت عليه تبكيه وتقبله بعنف وتتوسل اليه ان يفيق , وساد البيت الذي تهادى إليه كل أهل البلدة من كل صوب وحدب , ظلام الظلم وقسوة الحياة بفقدان رأس البيت وعمود خيمته .
ساعة من الزمن مرت كأنها دهرا , البكاء والحزن والتكبير والتهليل والوعيد بالإنتقام من العدو ,ثم حمل إلى مقبرة البلدة ودفن فيها عند من سبقوه من الشهداء والأهل , لكن الزوجة التي أحبته ساد ربيع حياتها شتاء عاصف ورعود حطمت أساس حياتها , ورأت أن الحياة لا قيمة لها بغيابه, وخفف عنها صغيريها وحب الناس من حولها . فيما بعد عرفت الزوجة والأم وكل أهل البلدة أنه كان قائدا في تنظيم فدائي .
ثم بدا لهم من بعد ما رأو تشتت الأبناء أن من مصلحة الزوجة والصغار أن تزف الى أخيه الأصغر وهكذا تم الأمر بعد عام من المصاب الجلل , وبالرغم من ذلك بقي الشهيد شمعة تضيء درب حياتها وتعيش على ذكراه .
الآن , مضى عام على تخرج الأبن من الجامعة , بالأمس القريب تخرجت الإبنة من كلية الطب وتزوجت هذا اليوم 23/8/2011 م .
وتستمر الحياة .






 
قديم 10-18-2011, 11:13 AM   رقم المشاركة : 9
المدير العام





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :نبع العواطف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: القصص المشاركة في مسابقة عبدالرسول معله للقصة القصيرة

القصة رقم (9)

الحدباء




واحدٌ وثلاثون وأربعمائة، تسابقوا على الرمال يوماً كي يزرعوا الشمس، فاخضرت حقول (*الحدباء)!
أتت تجسُّ أمرهم، تسأل مَنْ إلى جوارها يقف بهيئةٍ صارمة:
- كم عدد هؤلاء ؟
حاول تحاشي الإجابة عن سؤالها، ولمّا أعادته، قال ممتعضاً :
- واحدٌ وثلاثون وأربعمائة.
- هجست إلى نفسها ... لعلهم طلاب أو ... ربما؟
تفرّست في وجوههم حيث كانوا متراصّين، ويزدحم المكان بهم، أكبرهم لم يتجاوز العشرين، شاخصةً أبصارهم نحو غيمةٍ متحركة، في سماءٍ اختطِفت زرقتها، على عتبات الفراغ تتكسّر ابتساماتهم، ويحاصرون زائرتهم بعيونٍ زائغة.
أبداً ... لم تصادف حزناً طاغياً كحزنهم !!
"واحدٌ وثلاثون وأربعمائة"
رقمٌ سريٌّ في سجلاتٍ منسية في قبوٍ بعيد!

سوّت نظارتها وأخذت تدوّن بعض إجاباتهم عن أسئلتها، لكنّ الهمسَ فيما بينهم يأتي كالطنين، والرجلُ الصارمُ يشير إليهم بالصمت، واضعاً إصبعه على فمه....
- قالت: انتخبوا متحدثاً عنكم، فاختاروا شاباً أحدبا !
كم أدهشها تحدّب مسار النهر وهي في طريقها إليهم، مثلما أدهشتها المنارة المنحية عند المسجد الكبير، وكم بدا رائعاً قوس الألوان عقب الأمطار الخفيفة!!
- لكن لماذا انتخب هؤلاء الشباب (الأحدب ) متحدثاً عنهم ؟
أصابتها حيرة، ثمّ سرت رعدةٌ في أوصالها حينما شعرت كأن المكان - وليس فقط (الأحدب) - يرجمانها بالعداوة وبوابلٍ من الشكّ والاستنكار.
رغم أنها مبعوثةٌ إليهم، وجاءت من أقصى الدنيا لأجلهم، إلاّ أنّ نظراتهم تشي بالشك في أنها ستكون لهم ظهيرا..............!
شبك ذراعيه خلف ظهره، وأخذ يمشي نحو يمينها تارةً، وإلى يسارها تارةً أخرى، كما لو أنّه يؤدي دوراً على خشبة مسرح ... قال:
- " وحده الاستغفار هو الخلاص "
- أنا (ذو النون) ....أنا مَنْ ركب الفلك المشحون، مَن أُلقِيَ خارج السفينة فالتقمه الحوت، أنا ابن (نينوى) التي آمنت بربها قبل أن أعود، أبحث عن حقلٍ تنبت فيه أصابعي، عن فضاءٍ فسيحٍ لنوارسي، عن فرحٍ مدهشٍ يكفيني ألف عام، ثمّ سقط باكيا ...
كان الوقت أحدبا، والمكان بكاء..!

حتى هي كادت تبكي، لكنّها تماسكت، فالدور المهنيُّ المنوط بها يفرض مقاساً محدداً للمشاعر، هدهدت حزنهم، وعدتهم بحزمة ألوان، ثمّ سارعت بالرحيل، ركبت سيارةً صُمّمت للسير على الرمال، قادتها بالسرعة القصوى، مخلفةً وراءها مارداً من الغبار، ومارداً من القلق.

هالةٌ رماديةٌ تغلّف هذا الكون الأحدب.
حاولت تذكر العدد ...
- "واحدٌ وثلاثون وأربعمائة" ؟

بُعيد رحليها شرب الحوت البحر، والسماء أمطرت قبل غياب الشمس بقليل فازدادوا، ازدادوا تسعا، ثم ازدادوا، وأُُلحِقَ بهم ألف أسير دون العشرين!
ضوء المنارة المنحنية يأتي قوياً من بعيد، وعلى ضفاف النهر المتحدّب لم ينحني النخيل...
* الحدباء اسم ثاني لمدينة نينوى العراقية






 
قديم 10-20-2011, 11:43 AM   رقم المشاركة : 10
المدير العام





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :نبع العواطف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: القصص المشاركة في مسابقة عبدالرسول معله للقصة القصيرة

القصة رقم (10)

الأنسان الالي


كان يتحرك.. يبتسم... يأكل كأنه انسان آلي مبرمج لتحطيم كل شئ جميل، وعلى الرغم من انها لم تكن ضمن خططه السابقة، ولم يكن مقدرا له ان يلتقي بها، لكن الصدف شاءت ان يحدث ذلك، فكان لقاؤهما من عبث الاقدار ، فهو كالنجم التائه الذي فقد مداره فاما ان يجد شمسا اخرى يدور حولها او ان يصطدم بكوكب آخر ويتفتت، وعجبا كانت هي ذلك الكوكب. ذلك الجسد الهامد الذي بعثت به الحياة اليا فاقد الاحساس بكل شئ.
- متى توقفت حياتك, عند اية نقطة دفنت احساسك واودعت مشاعرك.
- لا ادري فقد توقفت عند عدة محطات، عندما ودعت وطني ووقف احبائي خلف الاسوار يعانقونني بعيونهم لآخر مرة، وعندما فقدت عزيزا وعرفت ان احبابي قد احتضنتهم الارض وعندما كنت اريد الحصول على امنية عزيزة فلا تتحقق الا بعد ان تصبح ذكرى، لاتساليني لا ادري متى مت فقد تحولت تدريجيا الى آلة بعد ان فقد جسمي خلاياه واحدة بعد الاخرى فاصبح حزني وفرحي وجوعي وشهوتي في حالة توازن لا تعرف التطرف، وكأني فجرت كل ينابيع حزني مرة واحدة فنضبت.
- الا يوجد ادنى امل في تحريك دمائك من جديد.
- ينبغي عليك ان تعيدي الحياة الى الخلايا واحدة بعد الاخرى ولا اعتقد ما تبقى من العمر يكفي ، ولا تغريني التجربة بالعودة الى الحياة فقد اخذت منها ما يكفي، لقد توقفت حياتي كما يتوقف الشريط السينمائي عند لقطة معينة وينتهي ويصبح قديما في الذاكرة وانت تريدين الان تحريك الشريط من حيث انتهى بدون حساب فرق الزمن، هذا محال.
- لكني لم اخذ منك ما يكفيني واريدك حياً.
رشف دموعها برقة وقبلها بقوة وقد تحولت امامه كطفلة حائرة عنيدة فقدت الامل باعادة الحياة الى موميائها.
- كيف تقرنت احاسيسك وغطت هذه الحراشف مشاعرك، لنبدأ بنزعها.
- لن يفيدك ذلك فلن تجدي اي شئ سوي الجسد المتعفن، لكنها كانت تعرف انه يداري ويغالط اذ لمحت مرة ترقرق الدموع في عينيه عندما حدق بالخارطة وارتسم اسم مدينته البعيدة في جبهته وتذكر حياته السابقة، والموتى لايبكون لذا قررت ان تثبت له انه حي.
احضرت نصلا حادا جاهز للقتل وفي غمرة نشوته مغمض عينيه راسما ابتسامته الحالمة المبرمجة كعادته ، عندها أغمدت النصل في موقع القلب. تفجر الدم احمر.. فتح عينيه فزعا.. سألها ملتاعا وهو يلفظ انفاسه.
- لماذا؟
حدقت بالجسد الهامد غارقا بدمائه والوجه المتقلص الما وعرفت انها فقدته الى الابد.






 
موضوع مغلق


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مسابقة عبدالرسول معله في القصة القصيرة (المسابقة الثالثة لمنتديات نبع العواطف الأدبية) نبع العواطف مسابقات السرد 15 10-16-2011 10:54 AM
النصوص المشاركة في مسابقة القصة القصيرة الثانية لمنتديات نبع العواطف الأدبية عواطف عبداللطيف مسابقات السرد 19 10-28-2010 05:19 AM
مسابقة منتديات نبع العواطف الأدبية الثانية للقصة القصيرة عواطف عبداللطيف مسابقات السرد 19 10-20-2010 02:47 AM
نتائج مسابقة نبع العواطف الأدبية الأولى للقصة القصيرة عواطف عبداللطيف مسابقات السرد 38 03-23-2010 01:12 PM
مسابقة منتديات نبع العواطف الأدبية الأولى للقصة القصيرة عواطف عبداللطيف مسابقات السرد 28 03-01-2010 12:35 PM


الساعة الآن 11:39 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::