آخر 10 مشاركات
: يوم الجمعة .. (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          حين تظلم السماء (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          نسائم الإيحاء (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          سجل دخولك بنطق الشهادتين (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          صباحيات / مسائيـات من القلب (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          اللَّهمَّ صلِّ على سَيِّدِنا محمد (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          تقويـم (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          ارقب عصفورا (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          حبة القطائف (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )           »          كان من الأصحاب (الكاتـب : - آخر مشاركة : - )



العودة   منتديات نبع العواطف الأدبية > نبع الأدب العربي والفكر النقدي > السرد > القصة القصيرة , الرواية,المسرحية .الحكاية

الملاحظات

الإهداءات
منوبية كامل الغضباني من قسم اللإشراف : مرحبا بدفقكم وبكتاباتكم المنسابة كنهر رقراق****************فقط رحاء انزالها تباعا حتّى يتسنّى لنا التّفاعل معها ************ولكم ك المحبّة يا أهل نبعنا الجميل

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
 
قديم 10-13-2018, 06:43 AM   رقم المشاركة : 1
أديبة





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :د. ريمه الخاني غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
Oo5o.com (4) قًبلة ُ الحياة

قًبلة ُ الحياة
د. ريمه الخاني


لو تعلمين كم أحبك..وأحب الأرض التي تمشين عليها، أعنيها ولاأكذب...هل تسمعينني؟
مازلت فخورا بحبكِ وعطائك للفقراء، لن أنس بسمتك وسعادتك كلما تعودين من عملك الغيري هذا سعيدة، تغطين البيت بروح الحياة الحقيقية، وطعم التفاؤل،، حتى أنني فخور أيضا بتطوعك في تعليمهم مجانا، نعم أحب عينيك السوداوين، الصغيرتين، اللتين كانتا تحكيان بلا حروف حكايات كثيرة، أفهمها وحدي ولاأبوح، كحكاياتك عندما كنت صغيرا جدا،ولكن.. لماذا كففت عن روايتها لي ؟هل نسيتِها؟.
ربما لأنني بلغت الخامسة عشرة من عمري، لكن هذا لايعني أنني لست بحاجة لحنانك وحبك وعطفك..هل اعتبره سبباً مقنعا لكي لاتقبّلينني أبدا ؟ تقرفين من ملابسي؟، فأغسلها وحدي!!؟..
وأنظف كأسي وحدي، وطبقي وكأنني جرثومة معدية في هذا البيت البسيط؟.
تنظرين إلي نظرة ازدراء قاتلة، تحرق كل ماتبقى لي من عقل، تثير ألف تساؤل، أشعرها كتصغير ودونية...تحاولين تجنبي وكأنني مصاب بالجرب!...وكلما قبلتِ إخوتي، وعانقتِهم أمامي، أتحرق شوقا لصدرك الحنون..للتعرف على السبب!.
أشعر بالحرمان يصفعني على وجهي، ويمد لي لسانه شامتاً، واشتعلت نيران الغيرة عالية لافحة، فلاأملك سيطرة على نفسي...فهي تحرق ماتبقى مني، لأجد نفسي أقفز على أثاث المنزل مناديا في قلبي:
-أنا هنا..مازلت أحبكِ جدا ...انظري إلي..انظري نظرو واحدة فقط..
لكنك لم تعيرينني انتباها ...تودين لو تضربيني ، فتكفي ولاأدري لمَ أيضان تهربين مني كل يوم..تهزمني نظرتك الغاضبة.
آه لو تعلمين كم أنا متفوق في مدرستي ياغالية، فقط لأرضيكِ، ولاتتكلفين عناء إلقاء نظرة واحدة على ورقة محصلتي النهائية...أخيرا فهمت ..كانوا يقولون عندما نجتمع بأقرباء لنا في كل شهر:
- كان سبباً في موت أبيه..
أبدا والله العظيم، من قال هذا؟!!، لم أكن أنا، لماذا تقولون ذلك؟ لماذا تتهمونني ؟، كيف تفكرون؟.
هل فعلا هذا هو السبب الذي جعلك تكرهينني؟.
ماكنت لأفعلها وهو أبي.. ماكنت أبدا، لقد كانت النيران تأكل مستودع الوقود البترولي في أعلى المنزل، وماكنت لأعرف كيف أتصرف، كنت حينها في العاشرة من عمري، وإخوتي صغارا لايعرفون عن هذا الأمر بحال ، عندما دق باب المنزل ونبهنا الجيران لذلك الأمر، ركضنا سويا لسطح الدار، ليأكل نصيبه من رصاصة طائشة على صدغه...عندها صرخت بأعلى صوتي:
-لقد قتلوا أبي...قتلوه بطيشهم وجنونهم، ماذا أفعل؟؟، إنه أبي..ناس همج أغبياء يقتتلون بلا سبب. مهم..من كانوا؟ لاأدري حقيقة ...لكن مؤكد هم حثالة البشر، لأنهم يقتلون الأبرياء...يتقاتلون ويخربون بيوتهم بأيديهم، لذا سيبقون مقتتلين لأنهم لايتعلمون أبدا من أخطائهم وخطأهم أبي...
عندها عانقته مناديا أحدا ليسعفَني، وماسمعني سوى جارتنا في الطابق السابق لسطح البناء، والتي أخبرَتكِ فصعدتِ، وقد صعقتك المفاجأة مثلي...ورغم محاولات المسعفين المحليين ، لكنه كان قد فارق الحياة سريعا ، هاربا من دنيا أعيته في بلوغ أدنى درجات الرزق، قائلا بسرعة :
-لاتنسى أمك وإخوتك فأنت الكبير...
نعم سوف أترك المدرسة كرمى لك، كانت نظراتكِ تذبحني كل يوم ألف مرة، وكأنك تصوبين رصاصة أبي نحو صدري أنا..
وكلمات معلم المدرسة تخفر في أذنيّ أخاديدا عميقة:
-قال أحد العارفين :
إذا بدأ والدك بمداراتك وإنتقاء كلماته معك خوفا من إنزعاجك فأنت ولد عاق .
-لا لست أنا، هم فقط...إنه يثق بي تأكدوا...
مازلت أغسل ملابسي وحدي، وأزدرد بقايا الطعام، وكم سعدت عندما اصطحبتني أمي يوما، إلى طبيب نفسي بسبب شغبي المستمر، كنت أحسبه دلالا وعناية، كنت أذكر تماما صراخي بحجة الغناء، وأنا كنت أناديك في عمق ذاتي إنذارَ استغاثة الملهوف، لقد شخّص الطبيب الداء بأنني أعاني التوحد وأمراض أخرى مضحكة، ، وأنا أدرى بنفسي، لا لست متوحدا البتة، بل أنا متوحد بكم...
تناولت العقاقير المخدرة لأنام وأريحك مني، فشعرت بالخبال الحقيقي، أشباح تلوح في الأفق شامتة كل شيء كان يتأرجح في نظري حتى عقلي، فأقع كلما حاولت الوقوف...، ولم أعد أشعر برغبة بالدراسة، حتى أسعفتنِي وتوقفتِ عن إعطائي إياها...كان إنجازا..نعم كانت المرشدة النفسية مؤخرا لطيفة جدا في الجمعية الخيرية التي تساعدنا، عندما قالت لأمي:
-العلة فيكِ أنتِ وليست فيه، لعلك لاتقبّليه ولتعانقيه، أعطيهِ حبك ولو قليلا وسوف يتوقف عن المشاغبة والأذى...لكنكِ لم تصدقينها بداية، وصورة والدي التي كنتِ ترينها معلقة على جبيني...فتتهمينني بقوة حتى في وجدانك.
كل يوم وكل لحظة.. تفصح عيناك اتهاما وتهمة جديدة ملحقة بالأولى...حتى كدت أصدق أنني لاشيئ، أنك أقوى من ذبذبات الأخبار الكاذبة والمحبطة!.
لااااا لايمكنني قتل أبي أبدا ..كيف تصدقين الحكايات وتكذبينني؟، لست أو ديب الروايات....ليتني لم أقرأها في عينيك ، لقد تقزمت تلك القصص ومسخت في صدري، وصارت شبحا له ألف عين وعين..لاداع لتذكرها الآن...
ومرت أمامي يوما ما، ليلا ونهارا سيارات مكشوفة تحمل الناس وحاجياتهم من حولنا، فهناك خطب ما مؤكد في الحي ..خرجت وتأكدت أنهم قد قطعوا الكهرباء والمياه قاصدين، لنرحل عن ديارنا، والسبب لاأدري، ربما تربتنا الحمراء أغرتهم بإشادة علب الكرتون من أسمنت، لتحرق الزرع والضرع، وآن أوان الرحيل، وياسمينتي الجميلة التي زرعتها بيديّ ، مازالت تغمزني...أن ابق معي..لاتتركني، فبيننا أحاديثَ أودعتها التراب..لذا لن تمحى..
سمعتِ ندائي من جديد، وتقبلت مني لهفتي، وخرجنا نبكي معا لأول مرة بصوت واحد، نعم لأول مرة نبكي معا.. ونتلفت من حولنا وكأننا متهمين في استقرارنا ورضانا ...وهدمت الأبنية من ورائنا والبيوت أمام أعيننا ، غبار الألم يحيط بنا ونحن بقربها نستنشقه ألما، ننظر من نوافذ الأهل القريبين والأقرباء، نكلمهم بلا حروف، دوركم التالي، فهل نعود يوما ما؟...كنتِ ترينها من بعد وتنظرين إلي نظرة الحكايات القديمة...قلتِها أخيرا وكأنك تجمعين قطع زجاج محطم:
-شكرا لأنك أنقذتَنا..وشكرا لأنك حملت معنا كل محصولنا الزراعي المتبقي..كشك وملوخية وبامياء يابسة فول ودبس الرمان وو..
-شكرا؟؟.
عانقتها بحرارة جدا، عانقتها بقدر غيابها عني تلك السنوات، عانقتها بروحي وليس بذراعيّ عانقتها بقدر العمر الذي فات، بكيتُ بقدر ماضاع مني، نعم مكثت بحجميَ الكبيرعلى حضنها الدافئ طويلا جدا ، لم تعد تقول لي:
- هناك كهرباء تأتيني منك عند اقترابكَ تؤذيني وتفصلني عنك، فتصيبني بحرارة حارقة... كانت تجمع في حبها الآن، كل الأعوام المنصرمة التي فقدتها ، وجدتني أقول فجأة:
-رجاءً لاتتزوجي غير بابا.... فهذا سؤال صعب صعب جدا عليّ، دفعت ثمنه سنوات من عمري..فربما...
نظرتْ إلي..ونظرت لصورته في هاتفها النقال...وقالت:
-أنت سيد البيت الآن ياعدنان ...هل كنت تشك في ذلك يوما ما؟..

30-7-2018






آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 10-15-2018 في 08:28 AM.
  رد مع اقتباس
قديم 10-14-2018, 02:51 AM   رقم المشاركة : 2
أديب وناقد
 
الصورة الرمزية عوض بديوي





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :عوض بديوي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: قًبلة ُ الحياة

سلام من الله و ود ،
نص متمكن من أشياء القص الجميل ؛
فشكرا للجمال...
مرور أولي للاحتفاء بكم و بما أرويتم به الذائقة ...
أنعم بكم وأكرم ...!!
محبتي













التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  رد مع اقتباس
قديم 10-14-2018, 10:18 AM   رقم المشاركة : 3
عضو هيئة الإشراف
 
الصورة الرمزية ألبير ذبيان






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :ألبير ذبيان غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: قًبلة ُ الحياة

شكرا لكم القصة الجميلة والهادفة أختي الأديبة
حفظكم المولى ورعاكم ولكل نقي أبقاكم
تقدير والاحترام













التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس
قديم 10-15-2018, 08:43 AM   رقم المشاركة : 4
روح النبع
 
الصورة الرمزية عواطف عبداللطيف





  النقاط : 100
  المستوى :
  الحالة :عواطف عبداللطيف غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: قًبلة ُ الحياة

قصة فيها الكثير
فبعض العلاقات تبنى على أمور ليس لها من صحة لتجعل القلوب قاسية حتى مع أقرب الناس
الحمد لله الذي جعلها تثق به من جديد بعد طول تعب

دمت بخير
تحياتي

همسة
ربما تحتاج مراجعة
من عملك الغيري
لمَ أيضان تهربين












التوقيع

  رد مع اقتباس
قديم 10-22-2018, 11:28 PM   رقم المشاركة : 5
أديبة
 
الصورة الرمزية ليلى أمين





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :ليلى أمين غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: قًبلة ُ الحياة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. ريمه الخاني نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  
قًبلة ُ الحياة
د. ريمه الخاني


لو تعلمين كم أحبك..وأحب الأرض التي تمشين عليها، أعنيها ولاأكذب...هل تسمعينني؟
مازلت فخورا بحبكِ وعطائك للفقراء، لن أنس بسمتك وسعادتك كلما تعودين من عملك الغيري هذا سعيدة، تغطين البيت بروح الحياة الحقيقية، وطعم التفاؤل،، حتى أنني فخور أيضا بتطوعك في تعليمهم مجانا، نعم أحب عينيك السوداوين، الصغيرتين، اللتين كانتا تحكيان بلا حروف حكايات كثيرة، أفهمها وحدي ولاأبوح، كحكاياتك عندما كنت صغيرا جدا،ولكن.. لماذا كففت عن روايتها لي ؟هل نسيتِها؟.
ربما لأنني بلغت الخامسة عشرة من عمري، لكن هذا لايعني أنني لست بحاجة لحنانك وحبك وعطفك..هل اعتبره سبباً مقنعا لكي لاتقبّلينني أبدا ؟ تقرفين من ملابسي؟، فأغسلها وحدي!!؟..
وأنظف كأسي وحدي، وطبقي وكأنني جرثومة معدية في هذا البيت البسيط؟.
تنظرين إلي نظرة ازدراء قاتلة، تحرق كل ماتبقى لي من عقل، تثير ألف تساؤل، أشعرها كتصغير ودونية...تحاولين تجنبي وكأنني مصاب بالجرب!...وكلما قبلتِ إخوتي، وعانقتِهم أمامي، أتحرق شوقا لصدرك الحنون..للتعرف على السبب!.
أشعر بالحرمان يصفعني على وجهي، ويمد لي لسانه شامتاً، واشتعلت نيران الغيرة عالية لافحة، فلاأملك سيطرة على نفسي...فهي تحرق ماتبقى مني، لأجد نفسي أقفز على أثاث المنزل مناديا في قلبي:
-أنا هنا..مازلت أحبكِ جدا ...انظري إلي..انظري نظرو واحدة فقط..
لكنك لم تعيرينني انتباها ...تودين لو تضربيني ، فتكفي ولاأدري لمَ أيضان تهربين مني كل يوم..تهزمني نظرتك الغاضبة.
آه لو تعلمين كم أنا متفوق في مدرستي ياغالية، فقط لأرضيكِ، ولاتتكلفين عناء إلقاء نظرة واحدة على ورقة محصلتي النهائية...أخيرا فهمت ..كانوا يقولون عندما نجتمع بأقرباء لنا في كل شهر:
- كان سبباً في موت أبيه..
أبدا والله العظيم، من قال هذا؟!!، لم أكن أنا، لماذا تقولون ذلك؟ لماذا تتهمونني ؟، كيف تفكرون؟.
هل فعلا هذا هو السبب الذي جعلك تكرهينني؟.
ماكنت لأفعلها وهو أبي.. ماكنت أبدا، لقد كانت النيران تأكل مستودع الوقود البترولي في أعلى المنزل، وماكنت لأعرف كيف أتصرف، كنت حينها في العاشرة من عمري، وإخوتي صغارا لايعرفون عن هذا الأمر بحال ، عندما دق باب المنزل ونبهنا الجيران لذلك الأمر، ركضنا سويا لسطح الدار، ليأكل نصيبه من رصاصة طائشة على صدغه...عندها صرخت بأعلى صوتي:
-لقد قتلوا أبي...قتلوه بطيشهم وجنونهم، ماذا أفعل؟؟، إنه أبي..ناس همج أغبياء يقتتلون بلا سبب. مهم..من كانوا؟ لاأدري حقيقة ...لكن مؤكد هم حثالة البشر، لأنهم يقتلون الأبرياء...يتقاتلون ويخربون بيوتهم بأيديهم، لذا سيبقون مقتتلين لأنهم لايتعلمون أبدا من أخطائهم وخطأهم أبي...
عندها عانقته مناديا أحدا ليسعفَني، وماسمعني سوى جارتنا في الطابق السابق لسطح البناء، والتي أخبرَتكِ فصعدتِ، وقد صعقتك المفاجأة مثلي...ورغم محاولات المسعفين المحليين ، لكنه كان قد فارق الحياة سريعا ، هاربا من دنيا أعيته في بلوغ أدنى درجات الرزق، قائلا بسرعة :
-لاتنسى أمك وإخوتك فأنت الكبير...
نعم سوف أترك المدرسة كرمى لك، كانت نظراتكِ تذبحني كل يوم ألف مرة، وكأنك تصوبين رصاصة أبي نحو صدري أنا..
وكلمات معلم المدرسة تخفر في أذنيّ أخاديدا عميقة:
-قال أحد العارفين :
إذا بدأ والدك بمداراتك وإنتقاء كلماته معك خوفا من إنزعاجك فأنت ولد عاق .
-لا لست أنا، هم فقط...إنه يثق بي تأكدوا...
مازلت أغسل ملابسي وحدي، وأزدرد بقايا الطعام، وكم سعدت عندما اصطحبتني أمي يوما، إلى طبيب نفسي بسبب شغبي المستمر، كنت أحسبه دلالا وعناية، كنت أذكر تماما صراخي بحجة الغناء، وأنا كنت أناديك في عمق ذاتي إنذارَ استغاثة الملهوف، لقد شخّص الطبيب الداء بأنني أعاني التوحد وأمراض أخرى مضحكة، ، وأنا أدرى بنفسي، لا لست متوحدا البتة، بل أنا متوحد بكم...
تناولت العقاقير المخدرة لأنام وأريحك مني، فشعرت بالخبال الحقيقي، أشباح تلوح في الأفق شامتة كل شيء كان يتأرجح في نظري حتى عقلي، فأقع كلما حاولت الوقوف...، ولم أعد أشعر برغبة بالدراسة، حتى أسعفتنِي وتوقفتِ عن إعطائي إياها...كان إنجازا..نعم كانت المرشدة النفسية مؤخرا لطيفة جدا في الجمعية الخيرية التي تساعدنا، عندما قالت لأمي:
-العلة فيكِ أنتِ وليست فيه، لعلك لاتقبّليه ولتعانقيه، أعطيهِ حبك ولو قليلا وسوف يتوقف عن المشاغبة والأذى...لكنكِ لم تصدقينها بداية، وصورة والدي التي كنتِ ترينها معلقة على جبيني...فتتهمينني بقوة حتى في وجدانك.
كل يوم وكل لحظة.. تفصح عيناك اتهاما وتهمة جديدة ملحقة بالأولى...حتى كدت أصدق أنني لاشيئ، أنك أقوى من ذبذبات الأخبار الكاذبة والمحبطة!.
لااااا لايمكنني قتل أبي أبدا ..كيف تصدقين الحكايات وتكذبينني؟، لست أو ديب الروايات....ليتني لم أقرأها في عينيك ، لقد تقزمت تلك القصص ومسخت في صدري، وصارت شبحا له ألف عين وعين..لاداع لتذكرها الآن...
ومرت أمامي يوما ما، ليلا ونهارا سيارات مكشوفة تحمل الناس وحاجياتهم من حولنا، فهناك خطب ما مؤكد في الحي ..خرجت وتأكدت أنهم قد قطعوا الكهرباء والمياه قاصدين، لنرحل عن ديارنا، والسبب لاأدري، ربما تربتنا الحمراء أغرتهم بإشادة علب الكرتون من أسمنت، لتحرق الزرع والضرع، وآن أوان الرحيل، وياسمينتي الجميلة التي زرعتها بيديّ ، مازالت تغمزني...أن ابق معي..لاتتركني، فبيننا أحاديثَ أودعتها التراب..لذا لن تمحى..
سمعتِ ندائي من جديد، وتقبلت مني لهفتي، وخرجنا نبكي معا لأول مرة بصوت واحد، نعم لأول مرة نبكي معا.. ونتلفت من حولنا وكأننا متهمين في استقرارنا ورضانا ...وهدمت الأبنية من ورائنا والبيوت أمام أعيننا ، غبار الألم يحيط بنا ونحن بقربها نستنشقه ألما، ننظر من نوافذ الأهل القريبين والأقرباء، نكلمهم بلا حروف، دوركم التالي، فهل نعود يوما ما؟...كنتِ ترينها من بعد وتنظرين إلي نظرة الحكايات القديمة...قلتِها أخيرا وكأنك تجمعين قطع زجاج محطم:
-شكرا لأنك أنقذتَنا..وشكرا لأنك حملت معنا كل محصولنا الزراعي المتبقي..كشك وملوخية وبامياء يابسة فول ودبس الرمان وو..
-شكرا؟؟.
عانقتها بحرارة جدا، عانقتها بقدر غيابها عني تلك السنوات، عانقتها بروحي وليس بذراعيّ عانقتها بقدر العمر الذي فات، بكيتُ بقدر ماضاع مني، نعم مكثت بحجميَ الكبيرعلى حضنها الدافئ طويلا جدا ، لم تعد تقول لي:
- هناك كهرباء تأتيني منك عند اقترابكَ تؤذيني وتفصلني عنك، فتصيبني بحرارة حارقة... كانت تجمع في حبها الآن، كل الأعوام المنصرمة التي فقدتها ، وجدتني أقول فجأة:
-رجاءً لاتتزوجي غير بابا.... فهذا سؤال صعب صعب جدا عليّ، دفعت ثمنه سنوات من عمري..فربما...
نظرتْ إلي..ونظرت لصورته في هاتفها النقال...وقالت:
-أنت سيد البيت الآن ياعدنان ...هل كنت تشك في ذلك يوما ما؟..

30-7-2018

سردية رائعة بحجم معاناة بطل القصة ،قصة واقعية من رحم مجتمعنا
والسؤال المطروح :هل كان البطل فعلا مريضا نفسيا وفي اعتقاده الغكس وهل فعلا همّشنه أمه أم كان صادقا حين اعتقد بهروبها من حبه ضنّا منها انه السبب في موت والده
أرى في القصة نكثيف
تحياتي
همسة:انتبهي لما لون بالاحمر













التوقيع

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

  رد مع اقتباس
قديم 10-25-2018, 10:40 PM   رقم المشاركة : 6
أديب
 
الصورة الرمزية قصي المحمود





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :قصي المحمود غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 اعلان
0 نتاجي الجديد
0 مسمار في جدار الصمت

قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: قًبلة ُ الحياة

نص هادف وفكرته رائعة
نتمنى التفاعل والتشاركية مع باقي النصوص
تحياتي وفائق تقديري








  رد مع اقتباس
قديم 10-26-2018, 09:55 AM   رقم المشاركة : 7
عضو هيئة الإشراف
 
الصورة الرمزية محمد فتحي عوض الجيوسي






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :محمد فتحي عوض الجيوسي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 يا سادة الجفاء
0 عندما تكون سؤالا
0 تاريخ حضاري

افتراضي رد: قًبلة ُ الحياة

قصه متقنه بكل تفاصيلها من حيث ادوات القص واللغه والتركيب والموضوع اعجبتنس حقا
لك شكري













التوقيع

لا تركن للريح تضلك
أنت الربان فلا تيأس

  رد مع اقتباس
قديم 11-03-2018, 08:41 AM   رقم المشاركة : 8
عضو هيئة النبع
 
الصورة الرمزية ناظم الصرخي






  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :ناظم الصرخي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
 
0 حنـــــــو
0 تاجُ اللغاتِ
0 نتاجي الجديد

قـائـمـة الأوسـمـة
افتراضي رد: قًبلة ُ الحياة

قصة ماتعة سلطت الضوء على بعض الحالات النفسية التي يعج بها مجتمعنا.
تقديري لنبض يراعك
تحياتي وبيادر الياسمين













التوقيع

  رد مع اقتباس
قديم 12-16-2018, 08:07 AM   رقم المشاركة : 9
أديبة





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :د. ريمه الخاني غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: قًبلة ُ الحياة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عوض بديوي نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
   سلام من الله و ود ،
نص متمكن من أشياء القص الجميل ؛
فشكرا للجمال...
مرور أولي للاحتفاء بكم و بما أرويتم به الذائقة ...
أنعم بكم وأكرم ...!!
محبتي

شرفني مروركم الجميل استاذ عوض، وشكرا لأنها أعجبتكم.






  رد مع اقتباس
قديم 12-16-2018, 08:08 AM   رقم المشاركة : 10
أديبة





  النقاط : 10
  المستوى :
  الحالة :د. ريمه الخاني غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي
افتراضي رد: قًبلة ُ الحياة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألبير ذبيان نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
   شكرا لكم القصة الجميلة والهادفة أختي الأديبة
حفظكم المولى ورعاكم ولكل نقي أبقاكم
تقدير والاحترام

أستاذ ألبير، لك شكري وامتناني لمرورك العذب، دمت بخير و صحة وعافية.






  رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
قًبلة ُ الحياة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ملح الحياة كيرا مبرك إنثيالات مشاعر ~ البوح والخاطرة 9 12-02-2018 11:07 AM
لحن الحياة .. منية الحسين شعر التفعيلة 32 10-02-2016 01:55 PM
صور الحياة أحمد مانع الركابي الشعر العمودي 18 03-20-2016 09:58 AM
ذات الحجاب اسامة الكيلاني الشعر العمودي 11 07-01-2013 10:23 AM
تجربة الحياة فيصل يونس نبع عام 1 11-28-2012 01:27 PM


الساعة الآن 06:19 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
:: توب لاين لخدمات المواقع ::